الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كورونا والمستقبل بقلم محمد عبد الكريم يوسف

تاريخ النشر : 2020-06-03
كورونا والمستقبل
بقلم محمد عبد الكريم يوسف

لقد أحدث وباء كورونا من دون أن ندري الكثير من التغيرات التي سنصادفها في المستقبل ولا نشعر بها الآن . بدءا من العلاقات والنظافة والاقتصاد والحب والرؤية المستقبلية للغد . 

فما الدروس التي نتعلمها للغد من الوباء الجديد؟ 

كان التكيف مع الواقع القائم لوباء كورونا كوفيد -19 في الأسابيع القليلة الماضية مقيدا ومربكا ومثيرا للقلق بشكل متزايد . هناك العديد من التغيرات التي تطرأ على حياتنا دفعة واحدة ونحن تحت الحجر المنزلي متباعدون ومعزولون عن التواصل الاجتماعي ونحاول ما بوسعنا التكيف مع التحولات المفاجئة من الدروس التقليدية إلى الدروس عبر الإنترنت ومحاولة العمل عن بعد . يشعر الناس بانعدام التواصل والتفاعل الإنساني مع الأحباب والأصدقاء لأن قرار الاختلاط مع الأسرة والزملاء أصبح مسألة حياة أو موت . وليس هناك من يخرج من البيت إلا أولئك الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم الحاجات الإنسانية الأساسية من أغذية وطبابة . 

عندما يعاني الناس من الدمار الناجم عن الكوارث الطبيعية من أعاصير وأوبئة وحرائق وتسونامي أو من الأزمات التي يصنعها البشر مثل الحروب ، فإنهم يرغبون في العودة إلى حياتهم الطبيعية فقط واستعادة ما فقدوه ونسيان الكوارث والأهوال بأقصى ما يمكن من سرعة . أما في حالة وباء كورونا من المحتمل أننا لن نعود كما كنا قبل الوباء  بسبب الاتجاهات التكنولوجية المعاصرة التي رافقت انتشار المرض وأوجدت الحلول التي تتأقلم مع الفيروس التاجي وظروف انتشاره . فما الجدول الزمني الذي يمكن أن يسير به انتشار المرض والعودة إلى الحياة بعد انتهاء الجائحة ؟ بالتأكيد لا أحد يعلم . يمكننا فقط التنبؤ بالرؤية المستقبلية لما قد يجري في المدى المنظور . 

كيف يمكننا العودة للحياة الطبيعية بعد انقضاء الفترة الاستثنائية لجائحة كورونا ؟ هناك اختلافات كبيرة جرت خلال مدة قصيرة من الزمن . فالعالم بدأ ينظم نفسه بكفاءة عبر الانترنت من خلال التسجيل الإلكتروني والتعليم الإلكتروني والتسويق الالكتروني والنشر الإلكتروني وقد أحدث الحد من النشاطات البشرية وتوقيف الأعمال الكثير الفوائد البيئية للحياة والطبيعة . فما هي التحولات الرئيسية التي ستترسخ في حياتنا مع الوضع الجديد في المستقبل المنظور . 

العمل :

هناك اتجاهات قومية لدى بعض الشعوب بأن يتم العمل عبر الانترنت من المنزل ، وقد وجد هذا الاتجاه لنفسه متسعا   خلال السنوات القليلة الماضية لكنه غير مقبول لدى بعض المجتمعات التي تعتمد العمل التقليدي والتي تتأخر في اللحاق بركب التكنولوجيا . هناك ما يقارب من 45% من الأمريكيين يعملون عن بعد من المنزل على الأقل ويستمر هذا الرقم بالارتفاع يوميا في بعض دول العالم ويلاحظ الكثيرون أن العمل من المنزل يمكن أن يكون منتجا للغاية لأن الشركات تتخلص من المكاتب وتبعاتها المختلفة من إنارة وخدمات وورق وأقلام ومصنفات وصارت تدير عملياتها عبر  الإنترنت . يتنقل الأمريكيين في المتوسط ساعة باليوم ويتنقل حوالي 10% من الأمريكيين أكثر من ساعتين في اليوم وهناك رغبة شديدة لدى المواطنين الأمريكيين لاستبدال الدوام التقليدي بالعمل من المنزل لأسباب عديدة منها توفير الوقت . 

السفر لغاية الأعمال : 

يساعدنا إلغاء جميع المؤتمرات في اعادة التفكير  فيما إذا كان من الضروري عقد هذه المؤتمرات واللقاءات أصلا . تقتضي المؤتمرات  السفر البري والجوي إلى مدن اللقاء ويسبب ذلك  أضرارا لا يمكن إصلاحها للبيئة المحيطة. يمكن استبدال المؤتمرات واللقاءات التقليدية بالمؤتمرات الافتراضية على الشبكة خاصة عندما تكون التكنولوجيا مبتكرة وجيدة  . لقد فرض علينا كورونا ضورة التمييز بين السفر الضروري وغير الضروري لحضور الكثير من الاجتماعات التي تكون غالبية الأحيان روتينية وغير ضرورية .

الرعاية الصحية 

لدينا حاليا الكثير من المرضى والأطباء والمعالجين الفيزيائيين والعاديين والعملاء الذين يتواصلون حاليا مع بعضهم البعض عن بعد . وتقوم شركات التأمين العالمية بالتعويض للمستفيدين من هذه الخدمات الافتراضية . وقد تنتشر مثل هذه الخدمات إلى خارج الأقاليم الحكومية وحدود الدولة وعند التعود على الخدمات الافتراضية  من سيتحمل الانتظار ساعات طويلة في عيادات الأطباء المكتظة بالجراثيم مقابل رؤية الطبيب لعشرة دقائق؟

التعليم : 

لقد فرض فيروس كورونا على المعلمين والأساتذة في جميع أنحاء العالم إعادة النظر في طبيعة التعليم التقليدية  والبحث عن التعليم الافتراضي عبر الإنترنت . يوفر التعليم الافتراضي فرصا جيدة للتعلم من المنزل عبر الانترنت وتفليل الزحام والتخفيف من أعباء النقل والاقامة والسكن الافرادي والطلابي . وقد ارتفعت في السنوات الأخيرة شعبية التعليم عبر الانترنت في مستويات التعليم العالي حيث تصل نسبة الطلاب الذين درسوا عبر الانترنت إلى حوالي 35% من الطلاب على مستوى العالم منوهين أن حولي مليار ونصف طالب وما يقارب 60 مليون مدرس تأثروا سلبيا بإغلاق المدارس في جميع أنحاء العالم  الأمر الذي دفع لتوفير بيئة جيدة وحاضنة لاستخدام فضاء الانترنت كمنصات للتعليم  نظرا لأن التعليم الافتراضي أقل كلفة على جميع المستفيدين منه . 

يسمح لنا التفكير بأهمية العمل والسفر والصحة والتعلم على نطاق واسع وتقييم حالتها وأهمية وجودها بالفعل ومقارنة العمل الحقيقي بالعمل الافتراضي والسفر الحقيقي بالسفر الافتراضي وهكذا دواليك . ونسأل أنفسنا السؤال المعتاد حول المزايا والكفاءة والفعالية التي تمنحنا إياها التكنولوجيا خاصة وأن الايجابيات تأتي دائما بثمن باهظ . التواصل الاجتماعي الافتراضي جميل ولكنه غير حقيقي ولكننا نتوق دوما للتواصل البشري مع أناس حقيقيين في أوضاع حقيقية للضحك والمزاح وتناول الوجبات والعمل معا . ونتشوق لمغادرة المنزل والعودة إليه. 

بعبارة أخرى ، ندرك نحن كبشر أكثر من أي ومضى أهمية العلاقات الأساسية التي تتضمن وجودا حقيقيا ماديا ملموسا . على سبيل المثال، لا يتعلق الأمر فقط بمفاهيم التعلم والحقائق العامة فالتعليم عبر الانترنت يتم بالتشارك بالأفكار والمفاهيم عبر الشبكات الذكية ولكن هذه المشاركة لا تكون كاملة إلا بلقاء المعلم والمشاركة الوجاهية وارتكاب الأخطاء وتصحيحها والتعلم منها للحصول على الأفكار الحقيقية والابداع . ومثال آخر يوضح الحالة وهو أننا لا نذهب للطبيب للحصول فقط على التشخيص الجيد أو الدواء المناسب ، بل نذهب للقاء الطبيب لسؤاله عن الحالة التي نمر بها والحصول على بعض الدفء والتعاطف والدعم النفسي. 

قد يكون أهم خصائص التباعد الاجتماعي هو إدراكنا لأهمية اللقاء والتفاعل البشري وليس اللقاء على الشاشات في الحاسوب أو الهاتف الذكي . وفي نهاية المطاف ، يجب أن يبحث المجتمع عن التوازن الصحيح في حاجات الروح والجسد وهو نهج قديم وعريق ومختلط  لحماية شخصياتنا من الانجراف نحو أوان واحدة من الحياة في العمل والمدرسة والجامعة والمنزل مع ابقاء التكنولوجيا على نفس التطور والزخم حين نستخدمها . 

هناك حنين لدى الناس للعودة إلى الازدحام على الصرافات الآلية والأفران وطوابير تنفيذ المعاملات الحكومية اليومية و مراكز التصاريح في المطارات وينسى الناس التفكير في المستقبل وقضاياه بعد كورونا . أنا شخصيا أشك في إمكانية تأمين عالم افتراضي أكثر تعقيما من حياتنا الواقعية . وفي ذات الوقت هناك من يفكر جديا في الاستفادة من تجربة التباعد الاجتماعي في أزمة كورونا للتفكير في المستقبل وتحويله إلى مستقبل رقمي يتم كل شيء عن طريق التكنولوجيا  المذهلة التي نشهدها حاليا . 

فهل سنكون عبيد التكنولوجيا الجديدة بكل ما لها وما عليها ؟
وهل سنتعود إلى الحياة بعزلة  وانفصال عن بعضنا البعض؟ 
وهل يصبح الشك بسلامة الآخر هو الأساس في عالم غياب اليقين ؟   
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف