قصة قصيرة: ليلة أغتيال الوريد
تنويه: في زمن المتاجرة بالخيانة وألأهواء والأوهام وتسرق فيه الشمس، وحتى ظلام الليل وتمجيد الرداءة. صار من نافلة القول" الشريان يغتال الوريد"
(1)
الوريد والشريان شقيقان توءمان، فبلإضافة لأواصر التاريخ والجغرافيا ،هناك المصير المشترك، فكلاهما نهران معذبان يتناوبان على تحمل أعباء جسيمة.أحدهما يتدفق فيه إكسير الحياة وهو المسؤل عن إستمرار تدفقه من مصبه إلى مكبه، وألأخر يعتني بحمل إكسيد الحياة من مكبه إلى مصبه. إنهما كالشمس والقمر كل في فلك يسبحان. لم يوجد تناقض بينهما. كلاهما يخضع لنواميس ثابتة. ولم يعرف أن الشريان يخاصم الوريد. تختلف العلاقة التي تربط أحدهما بألأخر عما يربط كل عضو من اعضاء الحواس الخمس.
فبرغم من أن لآذن قد تعشق قبل العين أحيانا .غير أن هذا العشق يجب ان يأخذ تفويضا من كل من الشريان والوريد. تمتلك العينان حرية ألإختيار غير انهما لا يمكن أن تمارس أحدهما الكذب على ألأخرى.
ولا تسمع أذن صوتا يختلف عما تسمعه ألأخرى. حاسة اللمس لا تعرف المراوغة فالنار هي النار. كما أن الرائحة العفنة لا يمكن أن تخدع فتحتي ألأنف . فهذا المخبر الذي يؤدي مهنته بواسطة فتحتين لا يقع في مصائد التضليل والخداع فلاتشم فتحة رائحة مغايرة عما استنشقته ألأخرى . اللسان هذه العضلة التي تمارس دور المتحدث الرسمي باسم كل الحواس ،تميز عن بينة بين الفضائيل والرذايل. لم يحصل أن وجهت العين اليمنى تهمة الخيانة إلى العين اليسرى، ولا تأمرت ألأذن اليسرى على الأذن اليمنى، كما أن فتحتي ألأنف لم تتنا زعا في التمييز على رائحة واحدة. غيرأن ماحصل من تصادم بين النهرين الوريد والشريان قضية لم تعرف من ذي قبل. صارا يتبا دلان لغة التخوين بدون أن تتصدى أية حاسة من الحواس الخمس لإيقاف هذه الجائحة. لقد اصيبا بجا ئحة ألأهواء.
(2)
تنازعت المضغتان القلب واللسان على دور القابلة وحفار القبور. فتدخل اللسان ليزيد في إشعال هذا الصراع الغير متوقع بين الشريان والوريد بحجة ان هذه مسألة قدرية مثلما حصل بين الشقيقين قابيل وهابيل. إدعى اللسان إن كل منهما يمارس عملية إبتزاز عليه، ويجب تأديبهما حتى وان ادى ذلك إلى جتياحهما . كما نددت الشفتان كذ يلين للسان بكلي الطرفين لأنهما يقصران في حقهما فهما تتحركان كثيرا دونما مقابل وراء الرغبات المتناقضة .
رفض القلب ألإنصياع لإدعاءات اللسان، أعلن إنه لن يسمح لباطنه بمنع ضخ الدم لكل منهما.
تدخلت شبكات التهويل في بث المزيد من العداوة بين التوءمين، وصارت تنشر من مصادر لم يتم التأكد من صحتها .تغريدات وصفحات وتقارير إخبارية تارة ناقلة عن الوريد وأخرى عن الشريان ، من مثل" أنا الشريان ذو المهمة النظيفة ، أنا هو سبب حياة الحواس الخمسة واللسان اللعين. إنا من مكنت اللسان المنافق من أن يتذوق طعم ألأشياء حلوها ومرها".
يغرد الوريد"أنا صاحب الرسالة ألأنبل لولا دوري ما تمكن اللسان المراوغ من أن ينبض بحيوية".
"نحن يا شقيقي كالحسيب والرقيب، أحذرك من مغبة الندم ".
(3)
أنتشرت الرسومات المسيئة على جدران الكثير من بيوت الخلايا. تلعن مهنة الوريد" حمار الكربون يتطاول على سيد ألأكسجين".
يقابل الوريد هذه ألإساءات بصبر. لماذا الصخرية من مهمتي التي أعطتها لي النواميس الثابتة كما فعلت معك يا أبن أمي وأبي؟. "لقد عشنا معا في الظلمات الثلاث".
هذه هي مملكة العفاريت تزرع الشقاق بين أكسير الحياة وأكسيدها . تحول التناغم إلى تخاصم . نصبت بوابات التفتيش بين المصب والمنبع. كتبت الملصقات العنصرية على مداخل ومخارج التوءمين . تحرض المنشورات على شن حرب حتى على الدم الذي يتدفق في كل من الشريان والوريد!
" إ حذر يا دم ان تعود إلى القلب عبر الوريد ، إنه مجرى رديء، تقطنه كا ئنات موبؤة".
" لا تأخذ الأكسجين الذي يحمله الشريان فهو صناعة من ووهان أو هو تركة من نظم الطغاة".
كما حرفت النداءات التي وجهها الوريد إلى شقيقه الشريان. فعبارة شقيقي العزيز " إن القلب هو بيت العز ،ونحن نهران أنت النبيل ألأبيض ، وأنا النبيل ألأسود.أنت تمنحه النقاء، وأنا أحمل عنه الشقاء
حولت إلى ملصق أو تغريد " إن القلب هوبيت الغزو، وأنت ، الذليل ألأبيض، وأنا ألذليل ألأسود، أنت تمنحه الغباء، وأنا أحمل إليه الفناء.
(4)
أكتفى الوريد بتذكير الشريان بحقيقة أنه الكائن ألأقرب إلى الخالق"ونحن أقرب إليه من حبل الوريد".
كما وجه تغريدة إلى الشاعر الذي طالما حرض من أجل القبض على الوريد، للفتك به. وطلب من العارفين، والشطار، والقساة وحتى سفاكي الدماء للنيل منه.
وها هي الحملة الشعواء التي يشنها الشقيق الحاقد تأتي أكلها. فبرغم من التحالف ألإستراتيجي ألأزلى بين ألأصغرين" القلب واللسان" إلا أن هذا ألأخير فك هذه العروة. صار بوقا للإفتراءات وسلما للإساءات.
بقيت الرئيتان على الحياد تحملان الهواء شهيقا وزفيرا من وإلى الجسد ، حاولتا إصلاح ذات البين ، كما دعتا القلب إلى تحمل المسؤلية، في الوقت الذي سارع فيه الشريان إحتكار الأكسجين مدعيا حمايته من إعتداءات شقيقه الوريد.
(5)
فعلت ألأفعال وألأفعال المضادة فعلها فحتى الخلايا تسسللت إليها الفوضى . وطفحت لغة اشد وطأة يقودها الشريان تطالب الوريد باءقاف العبث بمخزون ألأكسجين ومنع الرئتين من الشهيق والزفير. ألأمر الذي نفته فطعيا القصبة الهوائية والرئتان. أنقسمت الحواس على نفسها فشب الشقاق بين العينيين، وأمتنعت ألأذنان عن التناغم بينهما، ومن المثير للدهشة أن فتحتي ألأنف رفضت كل واحدة التمييز بين" رائحة القمامة وعبير الورود". قبعت حاسة اللمس تندب حظها لأن النار التي كانت نار قيل لها هذا كان تضليلا ممنهجا .
(6)
عندما وجه الوريد النداء ألأخير عبر تغريدة محذرا " يا شقيقي العزيز، سوف تندم كما ندم شقيق الثور ألأبيض".
شرعت ممالك الشياطين في حقن الوهن وضخ ألأهواء . أنهارت كل الحواس، تم القبض على الوريد وأودع غياهب ألأرض في ليلة مظلمة وسقط الجسد في غيبوبة تامة .
فــــرج الجطيلاوي 2-3-2020
تنويه: في زمن المتاجرة بالخيانة وألأهواء والأوهام وتسرق فيه الشمس، وحتى ظلام الليل وتمجيد الرداءة. صار من نافلة القول" الشريان يغتال الوريد"
(1)
الوريد والشريان شقيقان توءمان، فبلإضافة لأواصر التاريخ والجغرافيا ،هناك المصير المشترك، فكلاهما نهران معذبان يتناوبان على تحمل أعباء جسيمة.أحدهما يتدفق فيه إكسير الحياة وهو المسؤل عن إستمرار تدفقه من مصبه إلى مكبه، وألأخر يعتني بحمل إكسيد الحياة من مكبه إلى مصبه. إنهما كالشمس والقمر كل في فلك يسبحان. لم يوجد تناقض بينهما. كلاهما يخضع لنواميس ثابتة. ولم يعرف أن الشريان يخاصم الوريد. تختلف العلاقة التي تربط أحدهما بألأخر عما يربط كل عضو من اعضاء الحواس الخمس.
فبرغم من أن لآذن قد تعشق قبل العين أحيانا .غير أن هذا العشق يجب ان يأخذ تفويضا من كل من الشريان والوريد. تمتلك العينان حرية ألإختيار غير انهما لا يمكن أن تمارس أحدهما الكذب على ألأخرى.
ولا تسمع أذن صوتا يختلف عما تسمعه ألأخرى. حاسة اللمس لا تعرف المراوغة فالنار هي النار. كما أن الرائحة العفنة لا يمكن أن تخدع فتحتي ألأنف . فهذا المخبر الذي يؤدي مهنته بواسطة فتحتين لا يقع في مصائد التضليل والخداع فلاتشم فتحة رائحة مغايرة عما استنشقته ألأخرى . اللسان هذه العضلة التي تمارس دور المتحدث الرسمي باسم كل الحواس ،تميز عن بينة بين الفضائيل والرذايل. لم يحصل أن وجهت العين اليمنى تهمة الخيانة إلى العين اليسرى، ولا تأمرت ألأذن اليسرى على الأذن اليمنى، كما أن فتحتي ألأنف لم تتنا زعا في التمييز على رائحة واحدة. غيرأن ماحصل من تصادم بين النهرين الوريد والشريان قضية لم تعرف من ذي قبل. صارا يتبا دلان لغة التخوين بدون أن تتصدى أية حاسة من الحواس الخمس لإيقاف هذه الجائحة. لقد اصيبا بجا ئحة ألأهواء.
(2)
تنازعت المضغتان القلب واللسان على دور القابلة وحفار القبور. فتدخل اللسان ليزيد في إشعال هذا الصراع الغير متوقع بين الشريان والوريد بحجة ان هذه مسألة قدرية مثلما حصل بين الشقيقين قابيل وهابيل. إدعى اللسان إن كل منهما يمارس عملية إبتزاز عليه، ويجب تأديبهما حتى وان ادى ذلك إلى جتياحهما . كما نددت الشفتان كذ يلين للسان بكلي الطرفين لأنهما يقصران في حقهما فهما تتحركان كثيرا دونما مقابل وراء الرغبات المتناقضة .
رفض القلب ألإنصياع لإدعاءات اللسان، أعلن إنه لن يسمح لباطنه بمنع ضخ الدم لكل منهما.
تدخلت شبكات التهويل في بث المزيد من العداوة بين التوءمين، وصارت تنشر من مصادر لم يتم التأكد من صحتها .تغريدات وصفحات وتقارير إخبارية تارة ناقلة عن الوريد وأخرى عن الشريان ، من مثل" أنا الشريان ذو المهمة النظيفة ، أنا هو سبب حياة الحواس الخمسة واللسان اللعين. إنا من مكنت اللسان المنافق من أن يتذوق طعم ألأشياء حلوها ومرها".
يغرد الوريد"أنا صاحب الرسالة ألأنبل لولا دوري ما تمكن اللسان المراوغ من أن ينبض بحيوية".
"نحن يا شقيقي كالحسيب والرقيب، أحذرك من مغبة الندم ".
(3)
أنتشرت الرسومات المسيئة على جدران الكثير من بيوت الخلايا. تلعن مهنة الوريد" حمار الكربون يتطاول على سيد ألأكسجين".
يقابل الوريد هذه ألإساءات بصبر. لماذا الصخرية من مهمتي التي أعطتها لي النواميس الثابتة كما فعلت معك يا أبن أمي وأبي؟. "لقد عشنا معا في الظلمات الثلاث".
هذه هي مملكة العفاريت تزرع الشقاق بين أكسير الحياة وأكسيدها . تحول التناغم إلى تخاصم . نصبت بوابات التفتيش بين المصب والمنبع. كتبت الملصقات العنصرية على مداخل ومخارج التوءمين . تحرض المنشورات على شن حرب حتى على الدم الذي يتدفق في كل من الشريان والوريد!
" إ حذر يا دم ان تعود إلى القلب عبر الوريد ، إنه مجرى رديء، تقطنه كا ئنات موبؤة".
" لا تأخذ الأكسجين الذي يحمله الشريان فهو صناعة من ووهان أو هو تركة من نظم الطغاة".
كما حرفت النداءات التي وجهها الوريد إلى شقيقه الشريان. فعبارة شقيقي العزيز " إن القلب هو بيت العز ،ونحن نهران أنت النبيل ألأبيض ، وأنا النبيل ألأسود.أنت تمنحه النقاء، وأنا أحمل عنه الشقاء
حولت إلى ملصق أو تغريد " إن القلب هوبيت الغزو، وأنت ، الذليل ألأبيض، وأنا ألذليل ألأسود، أنت تمنحه الغباء، وأنا أحمل إليه الفناء.
(4)
أكتفى الوريد بتذكير الشريان بحقيقة أنه الكائن ألأقرب إلى الخالق"ونحن أقرب إليه من حبل الوريد".
كما وجه تغريدة إلى الشاعر الذي طالما حرض من أجل القبض على الوريد، للفتك به. وطلب من العارفين، والشطار، والقساة وحتى سفاكي الدماء للنيل منه.
وها هي الحملة الشعواء التي يشنها الشقيق الحاقد تأتي أكلها. فبرغم من التحالف ألإستراتيجي ألأزلى بين ألأصغرين" القلب واللسان" إلا أن هذا ألأخير فك هذه العروة. صار بوقا للإفتراءات وسلما للإساءات.
بقيت الرئيتان على الحياد تحملان الهواء شهيقا وزفيرا من وإلى الجسد ، حاولتا إصلاح ذات البين ، كما دعتا القلب إلى تحمل المسؤلية، في الوقت الذي سارع فيه الشريان إحتكار الأكسجين مدعيا حمايته من إعتداءات شقيقه الوريد.
(5)
فعلت ألأفعال وألأفعال المضادة فعلها فحتى الخلايا تسسللت إليها الفوضى . وطفحت لغة اشد وطأة يقودها الشريان تطالب الوريد باءقاف العبث بمخزون ألأكسجين ومنع الرئتين من الشهيق والزفير. ألأمر الذي نفته فطعيا القصبة الهوائية والرئتان. أنقسمت الحواس على نفسها فشب الشقاق بين العينيين، وأمتنعت ألأذنان عن التناغم بينهما، ومن المثير للدهشة أن فتحتي ألأنف رفضت كل واحدة التمييز بين" رائحة القمامة وعبير الورود". قبعت حاسة اللمس تندب حظها لأن النار التي كانت نار قيل لها هذا كان تضليلا ممنهجا .
(6)
عندما وجه الوريد النداء ألأخير عبر تغريدة محذرا " يا شقيقي العزيز، سوف تندم كما ندم شقيق الثور ألأبيض".
شرعت ممالك الشياطين في حقن الوهن وضخ ألأهواء . أنهارت كل الحواس، تم القبض على الوريد وأودع غياهب ألأرض في ليلة مظلمة وسقط الجسد في غيبوبة تامة .
فــــرج الجطيلاوي 2-3-2020