الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شتاء عاصف على طفلة بريئة بقلم : احلام الشهبوني

تاريخ النشر : 2020-06-01
رحلت مخيلتي الى الماضي لتزور بعض الأحداث و يا ليتها لم تزر. كنت في المدرسة الابتدائية أجلس في الكرسي الأخير في الصف دائما غائبة العقل لا أخرج من عالمي ذاك، عالم مظلم موحش. كانت المدرسة دائما تهينني أمام كل الطلبة قائلة لي أنني فتاة لن تصلح لشيء أبدا، كان كلامها ذاك يجرحني بشكل عنيف كنت أكره الدراسة. عندما أعود للمنزل كنت أود لو بقيت في الصف لأسمع كل ذلك الكلام و لا أرى ما كنت كل يوم أراه و أنا أرتجف، أرتعد، لا أجد أي ملجأ ألجأ إليه لأهدأ من روعي و خوفي، فقدت الثقة في نفسي و كرهت العالم أجمع. كنت في طريقي للمدرسة أبصر الأطفال مع آبائهم كنت أتمنى لو أكون مكانهم. لكن القدر كان قاس معي و لم يرحم قلبي الرقيق ذاك، حتى صرت لا أحس بشيء كنت أشبه بالآلة، بل تمنيت لو كنت آلة لا روح فيها.
بقيت على نفس الحال سنة وراء سنة، يتلقى قلبي ضربات قاسية من الحياة و أنا في ربيع عمري، لكن أي ربيع ذلك بل هو شتاء عاصف مثلج جمد كل أحاسيسي.
كان أبي رجل غليظ القلب، حاد الملامح، لم أره يبتسم ابدا، كان كلما دخل البيت يصرخ في وجه أمي و يعاتبها على أبسط الأمور و أتفهها حتى. و في بعض الأحيان ان لم أقل دائما اسمع صراخه المزعج و صوت ضرباته. كنت أدخل رأسي تحت الوسادة من شدة خوفي و أذرف دموعا ساخنة. كانت أمي تأبى الصراخ كي لا أحس بكل ما يدور هناك لكن الأثر على جسمها الهزيل كان يفضح كل شيء.
في صباح باكر نهضت من نومي على كوابيس مزعجة. نهضت من السرير و سكوت غريب يملأ المنزل، ناديت أمي! أمي! فلم يجبني أحد. راودني شعور بالوحدة و الخوف، حتى أدركت أنني فتاة متخلى عنها لم يرغب بي أحد منذ البداية فلماذا جئت إلى الدنيا أصلا؟! لماذا يا الله!!
و أنا غارقة في لخبطات أفكاري و حسرتي على كل ما أعيش، و إذا بيد دافأة حطت على كفي، التفت منفزعة، كانت امرأة عجوز تنظر إلي و الدمع ملأ مقلتيها و تلفظت ببعض الكلمات، إنها لاتزال عالقة في ذهني منذ ذلك الحين، قالت بنبرة حزينة: تعالي الى حضني يا صغيرتي. فعانقتني بقوة أحسست بحنان لم أحس به من قبل. إنها جدتي. فأخبرتني ان أبي و أمي افترقا، و أنني سأعيش معها بعد الآن. لم أتقبل الأمر و أحسست بغرابة لكن ماذا عسايا أفعل يا ترى لم يبقى لي أحد إلا جدتي. لم أكن أعلم عنها شيئا سوى أنها تعيش في قرية قريبة من مدينتنا.
حين انتقلت للعيش معها كنت في العاشرة من عمري. في تلك القرية ببت جدتي، في الأيام الاولى كنت لا أتكلم إلا إذا سألتني هي و أكتفي بالرفض او القبول. كنت أنام معها في نفس السرير و لا اغفو إلا في حضنها. يوما بعد يوم أحس أن قلبي يستعيد نبضات حياته أعطتني الحب و الحنان و الثقة عوضت كل حرماني، فأصبحت أرى فيها الأم المثالية و الأب الذي سأستمد منه قوتي، كانت هي كل ما أملك.
وصل الموسم الدراسي، فتحت المدارس لبداية العام الجديد. لم أكن أرغب في الالتحاق بمدرسة القرية او اي مدرسة أخرى، كل ما أردته ان أبقى بجانبها فقط، لكن لم ترض بهذا و أقنعتني أن أستعد للدراسة و قالت أنها تريد مني أن أجتهد و أصبح طبيبة تداوي أجساد البشر.
بعد مرور 15 سنة أصبحت طبيبة مرموقة، تخرجت السنة الماضية. كنت فخورة بنفسي و ايقنت أنه بالرغم من قساوة الظروف التي مررت بها في طفولتي، -فقد كنت أعاني من مشاكل نفسية حادة و وسواس قهري لم أكن أدرك كل هذا حتى كبرت- حققت حلم جدتي التي انقلت الى رحمة الله منذ فترة بعد تخرجي لقد كانت السبب في زرع الامل في قلبي و العزيمة و الاصرار و كل شيء جميل. لن أنساها ما حييت سأضل أدعي معها في كل سجدة أسجدها لربي. أما بخصوص والدي اللذان تخليا علمت مأخرا ان امي تزوجت برجل و أنجبت طفلان لكنها تعيش مشاكل عائلية و أبي أصبح مدمن خمر.
لن أنسى أبدا أنهما تخليا عن طفلتهما، و ذهبا كل في طريقه دون أية اِلتفاتة. و بالرغم من الجرح العميق الذي تركاه في قلبي أحس بقوتي فتلك الظروف صنعت مني امرأة قوية لا تستسلم لشيء أيا كان.
أصبحت الآن أعالج أجساد البشر لكن لم أقتنع بهذا فقط فأنشأت جمعية لمساعدة الأطفال المتخلى عنهم، و هكذا أستطيع ان اعالج قلوبهم أيضا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف