شيء من تاريخ صناعة الدواء
تأمل معي عزيزي القارئ هذه القصة جيدا،
دواء جديد يظهر للعالم ويتم الترويج له بشكل كبير جدا على أنه مسكن ومهدئ وآمن جداً بحيث يمكن استعماله حتى لأعراض الغثيان لدى النساء الحوامل وبجرعات عالية دون أي آثار جانبية، فيقوم الأطباء بوصف هذا العلاج لالاف النساء الحوامل بناءاً على توصيات الشركة الألمانية المصنعة للدواء،
ولكن وبعد مرور عدة سنوات على بدئ استعمال هذا الدواء، يتفاجأ العالم بعدد مهول من المواليد المصابين بتشوهات خَلقية كبيرة وخطيرة،
ويظهر ما يسمى ب "تفقم الأطراف" (phocomelia) وهو اسم التشوه الخلقي الذي وجد عند المواليد الجدد بسبب التشابه مع شكل الفقمة، بحيث يولد الطفل بدون أطراف، لا أيدي ولا أرجل، أو تكون ضامرة بشكل كبير، كذلك يعاني من تشوهات في مختلف أجزاء وأجهزة جسمه،
وتم تقيدر عدد الاطفال الذي ولدوا بهذه التشوهات الخلقية ب 12 الف حالة.
وبعد اجراء عديد الدراسات والأبحاث يتبين أن هذا الدواء "الآمن جداً!!" هو السبب في تلك التشوهات، وذلك بعد أن تناولته النساء في بداية فترة الحمل ما سبب التشوهات لدى الجنين.
نتيجة لذلك حدثت ضجة عالمية غير مسبوقة في تاريخ الطب، وتم سحب الدواء من الأسواق ومنع تدواله وصناعته، وتم تغريم الشركة المصنعة بمبالغ طائلة.
هذه القصة عزيزي القارئ هي حقيقية، وهذا الدواء هو ثاليدومايد (thalidomide)، وهذه الكارثة وقعت في أوروبا في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي.
وبعد حوالي عشرين سنة على هذه الحادثة قام بعض العلماء باستعمال نفس الدواء في علاج بعض أمراض السرطان والمناعة الذاتية، وأثبت فعالية كبيرة في ذلك، فتم إعادة الترخيص باستعماله ولكن بأخذ احتياطات صارمة خصوصا لدى النساء.
نتيجة لهذه الحادثة وغيرها في تاريخ الطب يمكننا القول أنه طالما بقيت صناعة الأدوية موكلة لشركات رأسمالية ضخمة، همها الربح والربح قبل كل شيء، فسيظل العالم مرتهنا لما يصدر عنها من ابحاث ودراسات وأدوية وعلاجات، وهذا لا ينفي أن هذه الشركات قدمت الكثير للبشرية من خلال آلاف الأدوية التي أنقذت بها أرواح الملاين من البشر وحققت لها أرباحا مادية هائلة،
والبديل هو تبني الدول والحكومات لموضوع الصناعات الدوائية والعلاجية وكل ما يتعلق بها من أبحاث ودراسات وعلماء، ومنع القطاع الخاص من الدخول لهذه الساحة على الطلاق، وطبعا هذا لا يكون إلا من قبل دول قوية ومتطورة قادرة على تحمل أعباء كل ذلك.
الدكتور أسامة أبو قدوم
تأمل معي عزيزي القارئ هذه القصة جيدا،
دواء جديد يظهر للعالم ويتم الترويج له بشكل كبير جدا على أنه مسكن ومهدئ وآمن جداً بحيث يمكن استعماله حتى لأعراض الغثيان لدى النساء الحوامل وبجرعات عالية دون أي آثار جانبية، فيقوم الأطباء بوصف هذا العلاج لالاف النساء الحوامل بناءاً على توصيات الشركة الألمانية المصنعة للدواء،
ولكن وبعد مرور عدة سنوات على بدئ استعمال هذا الدواء، يتفاجأ العالم بعدد مهول من المواليد المصابين بتشوهات خَلقية كبيرة وخطيرة،
ويظهر ما يسمى ب "تفقم الأطراف" (phocomelia) وهو اسم التشوه الخلقي الذي وجد عند المواليد الجدد بسبب التشابه مع شكل الفقمة، بحيث يولد الطفل بدون أطراف، لا أيدي ولا أرجل، أو تكون ضامرة بشكل كبير، كذلك يعاني من تشوهات في مختلف أجزاء وأجهزة جسمه،
وتم تقيدر عدد الاطفال الذي ولدوا بهذه التشوهات الخلقية ب 12 الف حالة.
وبعد اجراء عديد الدراسات والأبحاث يتبين أن هذا الدواء "الآمن جداً!!" هو السبب في تلك التشوهات، وذلك بعد أن تناولته النساء في بداية فترة الحمل ما سبب التشوهات لدى الجنين.
نتيجة لذلك حدثت ضجة عالمية غير مسبوقة في تاريخ الطب، وتم سحب الدواء من الأسواق ومنع تدواله وصناعته، وتم تغريم الشركة المصنعة بمبالغ طائلة.
هذه القصة عزيزي القارئ هي حقيقية، وهذا الدواء هو ثاليدومايد (thalidomide)، وهذه الكارثة وقعت في أوروبا في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي.
وبعد حوالي عشرين سنة على هذه الحادثة قام بعض العلماء باستعمال نفس الدواء في علاج بعض أمراض السرطان والمناعة الذاتية، وأثبت فعالية كبيرة في ذلك، فتم إعادة الترخيص باستعماله ولكن بأخذ احتياطات صارمة خصوصا لدى النساء.
نتيجة لهذه الحادثة وغيرها في تاريخ الطب يمكننا القول أنه طالما بقيت صناعة الأدوية موكلة لشركات رأسمالية ضخمة، همها الربح والربح قبل كل شيء، فسيظل العالم مرتهنا لما يصدر عنها من ابحاث ودراسات وأدوية وعلاجات، وهذا لا ينفي أن هذه الشركات قدمت الكثير للبشرية من خلال آلاف الأدوية التي أنقذت بها أرواح الملاين من البشر وحققت لها أرباحا مادية هائلة،
والبديل هو تبني الدول والحكومات لموضوع الصناعات الدوائية والعلاجية وكل ما يتعلق بها من أبحاث ودراسات وعلماء، ومنع القطاع الخاص من الدخول لهذه الساحة على الطلاق، وطبعا هذا لا يكون إلا من قبل دول قوية ومتطورة قادرة على تحمل أعباء كل ذلك.
الدكتور أسامة أبو قدوم