جسمي يتمدد على السرير، بين صحوة واغفاءه، بين وفاة وبعث، يتجول خاطري تحت اغصان شجرة الحياه، ورياح الذكريات تداعب خيالي : مواقف مختلفه متقاطعه أحيانا، ومتوازيه أحيانا اخرى، مررت بها عبر مشواري حياتي -- هي الحياه، ليست سوى مواقف، ارتحت لبعضها، وندمت على البعض الآخر --- شعور حنين وحزن عميق على اؤلئك الذين غابوا في زحمة الحياة، غادروا الى غير رجعه --- أما من بقوا معي، فأن أغصان شجرة الحياة بحفيفها الهادئ ترتل ألحان الأمل والتفاؤل، وهي توشوشني : غادرك بعضهم لظروفهم الخاصه، أو ربما لملل من حياة رتيبة ما عادت تثيرهم، بعضهم الاخر غادر بعد ان ترك خيطا رفيعا من المحبة والتواصل، كلما حاولت الامساك به تفتت بين اصابعي، اخرون غابوا بعيدا بحثا عن لقمة العيش الكريم، وما تتطلبه ظروف الحياة المعقده، اخرون ابتعدوا بأجسادهم مؤقتا بسبب ما حل بالعالم من وباء، وبقوا على تواصل بما هو متاح، وما تسمح به الظروف --- هي دنيانا -- هي حياتنا، تبقى رتيبة ممله قاسيه جافه دون صداقة صادقه، دون تفاعل وحركة، دون مد وجزر، دون ارتفاع وانخفاض، --- هي تلك العزلة التي لا تعني عدم وجود جمهور من حولنا، بل ربما هم كثيرون، قد نشترك معهم في مشروع او مهرجان، قد نلتقي بهم في مناسبات، وقد نثرثر معهم في صخب ، --- ولكنه كلام كطنين النحل، بلا مضمون حقيقي، لأننا لا نفقه لغته، وصور جامده كتماثيل متحف الشمع في لندن بلا ارواح، نعم هي العزلة، حياة بلا حب، حياة بلا مشاعر او عواطف، بلا صداقة حقيقيه، بلا انفعالات ، هي الموت بعينه،----- احياء يدبون فوق الأرض، بقلوب ميته، ومشاعر جامده، نحن لسنا آلهه – يقول ارسطو : ( اي انسان يستمتع بالعزله، اما انه حيوان او اله ) – تظل الصداقة حاجة انسانيه انطولوجيه تبدد العزله، وتفتح الأبواب نحو آفاق السمو الاخلاقي، ترفع الروح المعنويه، وتبعث في النفوس راحة نفسيه، وفي القلوب نورا من المودة والمشاركة الوجدانيه والعاطفيه، الصداقة الحقيقيه عنصر جوهري نحو الخير الأسمى، هي قيمة اخلاقيه مركزيه، هي علاقة روحية، باطنيه لا خارجيه، ترتكز على المحبة لا على المنفعه، يثبت اركانها الاحترام المتبادل، والثقة بلا حدود، وتبادل الافكار والخواطر والمعرفة والهموم، هي مشاركة في المشاعر والاحاسيس، هي تفريغ لحظات الأفراح والاحزان في وعاء من النصيحة والفهم واعادة الامل ورفع المعنويات ----- الصداقة لا يمكن وصفها بالكلمات ------