الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وَهم حقوق الإنسان في الصحة والسلامة من وباء كورنا بقلم:د.عذاب العزيز الهاشمي

تاريخ النشر : 2020-05-31
وَهم حقوق الإنسان في الصحة والسلامة من وباء كورنا  بقلم:د.عذاب العزيز الهاشمي
وَهم حقوق الأنسان في الصحة والسلامة من وباء كورنا

بقلم الدكتور عذاب العزيز الهاشمي

العالم الفقير في صُلب الأزمة، وفي زمن الرخاء والاستقرار كانت حقوق الإنسان تئن من وجع الانتهاكات المُستمرة، وبالتأكيد فإن تدهور الأوضاع الحقوقية يتزايد الآن، والأعين مُغمضة عن تصرفات وممارسات تقع يوميا، لكن لا صوت يعلو على صوت مواجهة فيروس كورونا، حتى ولو سادت هُدنة مؤقتة، وصمت عن انتهاكات حقوق الإنسان.

من المهم أن تصدر تقارير حقوقية توثق الانتهاكات التي ارتكبت خلال مواجهة جائحة كورونا، والأمر لا يتوقف عند إسكات أصوات مُعارضة، أو زج مخالفين للسلطة في السجون؛ وإنما تمتد الخطورة حين لا يجد الفقراء، والمُهمشون، والفئات الأكثر عرضة للخطر الرعاية الصحية التي تحميهم من الفيروس، ولا يجد هؤلاء من يستمع لمعاناتهم المعيشية اليومية.

الانتباه والقلق من انتهاكات حقوق الإنسان خلال الجائحة بدأ منذ انتشار العدوى في مدينة "ووهان الصينية"، واتهام السلطات هناك بإخفاء وحجب المعلومات الصحية، والتضييق على من ينشرون المعلومات عن الإصابات، وملاحقتهم بتهم نشر الإشاعات، وامتد الأمر إلى دول أخرى بعد ذلك، من بينها إيران، حتى حذّر المُقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران من مخاطر تفشي الوباء في السجون.

منظمة "هيومن رايتس ووتش" نشرت وثيقة عن الأبعاد الحقوقية في الاستجابة لفيروس كورونا، أكدت فيها أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يكفل لكل شخص الحق في أعلى مستوى من الصحة يُمكن بلوغه، ويُلزم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة، وتقديم الرعاية الصحية لمن يحتاجها.

ويُقر القانون الدولي لحقوق الإنسان أيضا، أن القيود التي تُفرض على بعض الحقوق في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة، وحالات الطوارئ العامة التي تُهدد حياة الأمة، يُمكن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية؛ بناء على أدلة علمية، ولا يُمكن تطبيقها تعسفيا، ولا تمييزيا، ولفترة زمنية مُحددة، وتحترم كرامة الإنسان، وتكون قابلة للمراجعة، ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود.

الكلام والضوابط التي وضعتها أعرق منظمات حقوق الإنسان الدولية واضح وصريح، فهي تُتيح وضع قيود استثنائية على أن تخضع لضوابط مُحددة؛ ولهذا فإن نيكولاس بيكلين المدير الإقليمي في منظمة العفو الدولية بيّن أن تقييد الحقوق مقبول فقط عندما تستوفي مبادئ الضرورة، والتناسب، والشرعية، وأكمل قوله "القيود ليست للرقابة، والتمييز، والاحتجاز التعسفي؛ فانتهاكات حقوق الإنسان ليس لها مكان في مكافحة وباء فيروس كورونا".

المقررون الخواص لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نبهوا إلى خطورة الأزمة الصحية، وإلى أن القانون الدولي يسمح باستخدام حالات الطوارئ استجابة للتهديدات الكبيرة، لكنهم ذكّروا وشددوا مجددا على أن الاستثناءات على الحقوق يجب أن تكون متناسبة، وضرورية، وغير تمييزية.

الانتهاكات الأكثر خطرا حين لا يجد المُهمشون، والفقراء الرعاية الصحية من الوباء

ونبهت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشيليت إلى أهمية الاهتمام بالمُهمشين، وضرورة شمول الرعاية الصحية للجميع حتى لمن لا يستطيع دفع ثمنها.

في دراسة أعدها المركز الوطني للتوثيق والبحوث في لندن، وجدت أن الأقليات ذات العرق الأسود، والأقليات الأسيوية هم الأكثر عُرضة للإصابة بفيروس كورونا، مُشيرة إلى أن ثُلث المرضى من الأقليات؛ رغم أنهم لا يمثلون سوى 13 بالمئة من سكان المملكة المتحدة، مُرجعة ذلك لأنهم الأكثر فقرا في المجتمع.

منظمات الشفافية الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وغلوبال ويتنس، وفي رسالة لهم للمجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، طالبوا بإدراج تدابير الشفافية، ومكافحة الفساد في برامج الإغاثة الطارئة لمكافحة كورونا؛ لضمان أن مليارات الدولارات التي تُصرف لعشرات الدول تُساعد الفئات الأكثر ضعفا.

ديليا فيريرا رئيسة منظمة الشفافية قالت إن "حجم الأزمة يزيد من إمكانية، ومخاطر سرقة الأموال العامة التي ينبغي استخدامها لإنقاذ الأرواح، وإعادة سبل العيش".

مظاهر وتحديات انتهاكات حقوق الإنسان مُتعددة، وتختلف حول العالم، فالكاميرات التقطت صور الشرطة التي تعتدي على المُشردين في الهند لخرقهم حظر التجول، لكنها قد لا تستطيع أن تصل لزوايا مُعتمة كثيرة، وقد لا تنجح في كشف أساليب كثيرة لجأت لها بعض الدول؛ لتشديد قبضتها في الرقابة، وخرق خصوصية الناس، ويتصدى مدير "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث بالقول "يُعتبر التهديد الذي يُشكله فيروس كورونا سببا لإعادة التأكيد على حقوق الإنسان، وليس التخلي عنها، وهذا يعني منح الغلبة للعلم، وليس للسياسة، ورعاية الأشخاص الأكثر عُرضة للخطر".

ما يُقارب مئة مؤسسة حقوقية دولية، وإقليمية، ووطنية طالبت في عريضة لها للحكومات ـ التي تستخدم تقنيات المراقبة الإلكترونية لخوض مكافحة الأوبئة حول العالم ـ باحترام حقوق الإنسان بإجراءاتها.

وقالت العريضة "رغم أننا نعيش أوقات استثنائية، إلا أن قانون حقوق الإنسان ما يزال ساريا، ولا يُمكن للدول أن تتجاهل حقوقا مثل، الخصوصية، وحرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع والتنظيم تحت مُسمى مكافحة الأزمة الصحية".

وأكدت أن الاستجابة للوباء يجب أن تشمل الحق في المُساءلة، والضمانات ضد الانتهاكات، ولا ينبغي أن تقع جهود المراقبة المُتزايدة ضمن نطاق وكالات الأمن والمخابرات، كما لا بُد أن تخضع لإشراف فعّال من قبل هيئات مدنية مُستقلة.

لا يمكن للدول أن تتجاهل الحق في الخصوصية، وحرية التعبير تحت مُسمى مكافحة الوباء

حالة الفوضى تعم العالم، وحقوق الإنسان في ذيل الأولويات، وخطاب الترويع من الجائحة يُخاطب عواطف الناس، ومخاوفهم؛ فيسكتون عن ممارسات تمس حرياتهم الشخصية، ما كانوا يصمتون عنها قبل ذلك.

اعتبر أستاذ التاريخ والسياسة في جامعة غراتس النمساوية فلوريان بيبر في مقالة له في مجلة فورين بوليسي أن الوباء وفّر للحكومات الديكتاتورية، والديمقراطية ـ على حد سواء ـ فرصة التعسف، واستخدام القرار، وتعليق الحريات المدنية.

استشهد أستاذ التاريخ بيبر على صحة فهمه بمقولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "نحن في حالة حرب"، مُشيرا إلى أن هذا الخطاب الدرامي يُسهم في حشد قوي لمواجهة الوباء، لكن قد تكون مثل هذه النداءات خطيرة، فالفيروس ليس جيشا عسكريا، ويُمكن لاستحضار فكرة الحرب تبرير إجراءات قمعية، وتحويل أزمة صحية لأزمة أمنية.

يتفهم الناس أن تفرض الحكومات حظرا محدودا على حركة الأشخاص، وتنقلهم؛ لضمان التباعد الاجتماعي، وعدم انتقال العدوى وتفشيها، ويتفهمون إغلاقات مُبرمجة، ومُحددة زمنيا للحدود والمعابر، وحركة السفر، غير أنهم، وإن استسلموا لسياسة الأمر الواقع؛ يرفضون أن تُستباح حرياتهم الشخصية، وتُمتهن كرامتهم، وأن تُصبح حقوقهم مُعلّقة، ومؤجلة تحت ذرائع ضمان الصحة، والسلامة العامة، ولن ينسَ التاريخ هؤلاء الذين استغلوا وباء صحيا للانقضاض على حقوق المجتمع، وجعله شماعة لانتهاك حقوق الإنسان، وسيُفضح هؤلاء ولو بعد حين، وسيُكتب في سفر من نور من بقيت حقوق الإنسان هاجسهم في كل الأحوال، احترموها، ولم يستخدموا قوانين الطوارئ للدوس على حقوق الناس.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف