الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التدخل التركي في ليبيا: مخاطر الأهداف على الاقليم وأوروبا والنتيجة وعودة داعش

تاريخ النشر : 2020-05-31
التدخل التركي في ليبيا: مخاطر الأهداف على الاقليم وأوروبا والنتيجة وعودة داعش
التدخل التركي في ليبيا: مخاطر الأهداف على الاقليم وأروبا، والنتيجة وعودة داعش 28/5/2020
اسلام موسي (عطا الله)

يمكن وصف ما يحدث في ليبيا  خصوصا بعد التدخل التركي الفج الأخير، تحت غطاء مذكرة التفاهم والتعاون الأمني والعسكري مع حكومة الوفاق الوطني  الموقع في أواخر نوفمبر 2019، والتي مهدت لأنقرة لإرسال مرتزقة بجانب العتاد العسكري للأراضي الليبية، بأنه صورة مصغرة من الكارثة الكبرى لفوضى الإرهاب التي شهدها سوريا والأثار التي ترتبت على العالم أجمع، لا سيما بعد موجة الهجرة الي دول المنطقة وأروبا التي تسبب فيها الارهاب، وما نتج عن تسرب الإرهابين بين اللاجئين من حوادث تفجير في مناطق مختلفة  من العالم.

أهداف تركيا من التدخل يثير القلق الأوربي منافسة على النفوذ في أفريقيا، ومساومة دول أوربا: تعتبر تركيا ليبيا بوابة  اقتصادية مهمّة لأفريقيا المنطقة البعيدة عنها، وليس لديها هناك إلا القليل من الأصدقاء؛ لذلك اتجهت أنقرة في الفترة الماضية إلى دعم حكومة الوفاق الوطني والميليشيات العسكرية التابعة لها بهدف وقف تقدم الجيش الوطني الليبي نحو العاصمة طرابلس. ويتسق هذا الدور مع السياسة الخارجية التركية القائمة في الأساس على التدخل في الملفات الإقليمية المختلفة الشئون الداخلية لدول المنطقة، من أجل تعزيز نفوذها والحصول على مكاسب سياسية واقتصادية مستقبلية وليس أصدقاء.

منافسة على الطاقة وابتزاز أوربا في حال مد أي أنبوب غاز إليها: وقد أبرمت تركيا  في نوفمبر 2019 أيضا، اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع ليبيا، ممّا يجعل المنطقة الاقتصادية الخاصة المزعومة في شرق البحر المتوسط من الأراضي التركية إلى حافة المنطقة التي تطالب بها ليبيا؛ وهو إجراء واجه انتقادات دولية وإقليمية واسعة  منها مصر والامارات واليونان والاتحاد الاوربي لانتهاكه السيادة الليبية وسيادة الدول المجاورة مثل اليونان. كما واعتبر رسالة من تركيا الي اللاعبين  الآخرين في مجال الطاقة في المنطقة، إنه ما لم يتم ضمّ أنقرة إلى المعادلة، وصول خطوط أنابيب الغاز إلى أوروبا سيكون معقداً. واعتبر المحللون ذلك بمثابة جهد مباشر لمواجهة مصر واليونان وقبرص الذين أنشأوا منتدى غاز للشرق المتوسط.

طمعا في السيطرة على موارد النفط الليبية في المستقبل: تستورد تركيا أكثر من 80% موارد الطاقة لديها لتلبية احتياجات السوق المحلي، وقد لا تسمح الاتفاقيات المبرمة مع حكومة الوفاق الليبية في المنظور القريب لتركيا أن يكون لها سيطرة على أي موارد نفطية،  لكن هذا هو هدف تركي في المستقبل بأن تحصل على محروقات أقل تكلفة من ليبيا.

وبينما العالم منشغل في أزمة كرونا، استثمرت تركيا هذا الانشغال، فهي تستعجل على حصاد ثمن الدعم العسكري، إذ اعلن  فاتح دونماز وزير الطاقة التركي، أن شركة البترول التركية (تباو) قدمت طلباً إلى ليبيا للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط، مشيراً إلى أن أعمال الاستكشاف ستبدأ فور الانتهاء من العملية.

مخاطر التدخل على أوربا

عودة داعش، وتعزيز قدراته: لم تقتصر أثار العدوانية التركية المتزايدة على النفوذ وانتهاك سيادة الدول،  فقط بل القلق الاكثر خطرا من تداعيات التدخل التركي هو فتح الطريق لعودة التنظيمات الارهابية الي ليبيا لا سيما تنظيم داعش. وقد أكد مسؤول عسكري أميركي عودة أنشطة تنظيم الدولة الإسلامية الي تزامنا مع إرسال تركيا لمقاتلين سوريين متطرفين للقتال إلى جانب ميليشيات داعمة لحكومة الوفاق.

 وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بارتفاع عدد المرتزقة السوريين في ليبيا إلى 10100 مقاتل بعد وصول دفعة جديدة قوامها 500 مقاتل منذ بدء التدخل التركي. وأضاف المرصد، أن هناك حوالي 3400 عنصر ومجند من مجموعات مختلفة سورية وغير سورية وصلوا الى المعسكرات التركية لتلقي التدريب قبل التجهيز والانتقال الي الساحة الليبية.

وتزامنت هذه المؤشرات والتصريحات مع تأكيد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وجود مقاتلين سوريين في ليبيا للقتال إلى جانب الميليشيات. وقد رجح في مقابلة مع إذاعة مونتي كارلو وجود خبراء عسكريين أتراك في ليبيا، لكنه البعثة الأممية لا تمتلك أي مؤشر على نشر تركيا قوات لها في ليبيا.

ويبدو أن دور القوات التركية في ليبيا سوف يركز على مهام "التدريب والاستشارات"، لكنه وصف فضفاض لهذا الدور. فإذا وجدت الحكومة الليبية نفسها في مأزق لا خلاص منه، فحتما ستجد تركيا نفسها مجبرة على الانخراط المباشر في القتال. وهذا يحتم عليها أن تعتمد على المليشيات الارهابية؛ فوفقا للحسابات العسكرية، لا يمكن لتركيا التي لا تتقاسم حدودا برية مع ليبيا والواقعة منها على مسافة 1500 كلم، أن توفر المعدات اللوجستية  لبلد يعاني من ضعف على مستوى قدراته في توسيع نطاق الأعمال العسكرية. لا سيما وأن التحدي يتمثل تحقيق تفوق جوي.

لكن لديها خبرة سابقة في امكانية المساومة واللعب في ورقة الجهاديين في مناطق النزاع والفوز بهم، فهي قامت بمثل هذا العمل مسبقا في دول مجاورة، مثل سوريا والعراق بهدف محاربة المقاتلين الأكراد، وقوات النظام السوري. وفي إشارة الى البدء فعلا في تنشيط مثل هذا النوع من التكتيك التركي، اعلنت داعش من خلال وكالة أعماق في شهر مايو عن عدة عمليات في ليبيا، حيث تبني هجوماً استهدف بوابة عسكرية للجيش الليبي في مدينة تراغن جنوب ليبيا. وأسفر الهجوم عن تدمير آلية عسكرية للجيش عند مدخل المدينة.

والهجوم الثاني، كان عبارة عن قصف لثلاثة مواقع  للجيش الوطني الليبي. الذي أعلن خلال الشهر نفسه، أنه قبض على قياديي التنظيم أبي بكر الرويضاني، الذي يعقد أنه انتقل من سوريا وقاتل في صفوف قوات حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا.

تمدد داعش ليبيا الى دول أفريقية ومقاتلة القوات الفرنسية هناك: تشكل منطقة الساحل الأفريقي أحد أهم المجالات الجيوسياسية التي تثير اهتمام الاتحاد الأوربي لا سيما فرنسا لما لها من مخاطر أمنية راجعة الى تهديدات الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة بشكل خاص، التي تطرحها المنطقة، وكانت باريس اتخذت قرار سريع  للتدخل في مالي يناير/2013، وذلك من خلال شراكة مع دول الساحل في عملية برخان العسكرية التي تضم 4500 جندي. وتطمح أن تنشر عام 2020، قوات خاصة إلى جانب قوات عملية برخان، في إطار وحدة مشتركة تُدعى "تاكوبا"، بغية مواكبة القوات المسلّحة المالية.

والتصدي الى زحف مقاتلي "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" - التي تشكلت إبان عودة الآلاف من المقاتلين الطوارق من ليبيا, بعد سقوط نظام القذافي, وبحوزتهم أسلحة ثقيلة، والذين تحالفوا فيما بعد مع حركتي التوحيد والجهاد في غرب افريقيا المرتبطة بتنظيمات جهادية في بلاد المغرب الإسلامي وحركة أنصار الدين جنوبا، ومنعهم من التقدم نحو العاصمة المالية باماكو بعد أن سيطرت هذه الجماعات على مدينة كونا التي تبعد 600 كلم عن العاصمة.

 واضح أن تلك الجهود الفرنسية  اتجاه تعزيز استقرار المناطق الافريقية، ستواجه تحديات جديدة بعد التطورات الأخيرة على الساحة الليبية، ويعاد سناريو تمدد المقاتلين الجهادين مرة أخرى، إذ تشير التقارير أن دول الساحل وجنوب الصحراء سوف تشهد نشاطاً إرهابياً كبيراً، في ظلّ استمرار الحرب في ليبيا، ووجود داعم تركي قوي لكلّ الميليشيات، خاصة الموجودة بطرابلس والجنوب الليبي والصومال بشكل خاص، ووجود منظمات لها تاريخ طويل في دول مثل تشاد والنيجر ومالي، علاوة على وجود بوكو حرام في نيجيريا.

وهذا يتطلب فرنسا أن تبذل جهوداً إضافية في منطقة الساحل، تقوم على شراكة حقيقية تتجه فيها الى تحسين الاوضاع السياسية والاقتصادية هناك، مع العمل بشكل أكبر على توعية الأطراف حول المصير المشترك من الإرهاب المحتمل من الحدود الليبية. خصوصا مع اتساع مؤشرات تغليب الأطراف المعنية والدول لمصالحها الخاصة، والتحلل من التزاماتها تجاه التعاون الأمني فيما بينها طبقاً لاستراتيجية تقتضي التكامل في احتواء التهديدات الآنية، والتحديات المستقبلية التي تتعرض لها المنطقة.

بالإضافة إلي توسيع نطاق التنسيق بين فرنسا والدول المشاركة بالفعل من خلال عملية برخان. وذلك من خلال زيادة تعزيز ونشر اضافي الى القوات الخاصة التي تم التفاهم عليها في بداية هذا العام "تاكوبا" الى جانب قوات عملية برخان.

هجرة ونزوح جديد باتجاه أوربا: من الطبيعي أن تثير الاحداث والتدخل التركي في ليبيا مخاوف في أوروبا أكثر من غيرها، خشية التداعيات الجيوسياسية والأمنية للأزمة الليبية على بلدانها، والتي يسهم التصعيد التركي في تعزيزها، بحسب تقارير رسمية وصحافية متواترة، في سياق تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أوروبا بأكبر مخاوفها  من فتح باب الهجرة على مصرعيه، فما بالك في حال تدهور الأوضاع في ليبيا بشكل أكبر، خصوصا وأن الأوضاع  أصبحت أكثر تعقيدا.

وقد وحذرت  صحيفة "دير شبيغل" الالمانية من "تحول ليبيا إلى نقطة انطلاق للّاجئين الأفارقة نحو أوروبا، وإمكانية استغلال أردوغان هذه الورقة لابتزاز أوروبا بملف اللاجئين"، مثلما فتح قبل أشهر الباب أمام اللاجئين للعبور إلى أوروبا، انطلاقاً من الأراضي التركية، ما يعد خطراً كبيراً على الأمن الأوروبي.

هذا يتطلب تحرك أوربي سريع، لتقيم هذه المخاطر، وكخطوة أولية لحين اكتمال رؤية موحدة، ضرورة دعم مقترح التعديلات في جزئية اللاجئين، التي تقدمت به وزارة الخارجية الإيطالية في 9 فبراير/ 2020، على مذكرة التعاون لمراقبة الحدود بين ليبيا وايطاليا الموقعة مع حكومة الوفاق الليبي عام 2017 وتهدف تلك التعديلات إلى:

 زيادة الحماية للمهاجرين، وطالبي اللجوء، واللاجئين في ليبيا، خصوصا في ظل ما هو متوقع في تظل تصاعد التوتر الأمني والقتال بعد التدخل التركي، زيادة التقارير حول احتماليات عودة الارهاب وداعش التي كانت سبباً رئيسيا في سناريو مشابه في سوريا. وذلك من خلال تعزيز أنشطة "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (مفوّضية اللاجئين) و"المنظمة الدولية للهجرة". حتي يتسنى لها تغلق مراكز احتجاز اللاجئين هناك ممن يقعون في قبضة الأمن الليبي، في إطار سمعتها المسيئة لمعاملة المهاجرين، من خلال الاحتجاز التعسفي واللاإنسانية والمهينة.

وتعزيز دور المفوضية بأن تكون مسؤولة بشكل مباشر إن أمكن على عملية اللاجئين هناك، ودعم إجراءات العودة الطوعية من ليبيا الى بلد المنشأ الأصلي لهؤلاء المهاجرين. وقد قدرت المفوضية في  أواخر ديسمبر/2019 أن حوالي 4 آلاف شخص كانوا مُحتجزين في مراكز احتجاز رسمية، التي لم يكن للمنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة سوى وصول متقطع فقط إليها.

باحث في مركز التخطيط الفلسطيني- وحدة أبحاث الأمن القومي باحث في المركز الفرنسي لبحوث وتحليل السياسات الدولية Centre français de recherche et d’analyse des politiques internationales https://cfrp24.com/
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف