الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الموضوع والتقنيات في رواية "النهايات" بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة

تاريخ النشر : 2020-05-31
الموضوع والتقنيات في رواية "النهايات" بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة
الموضوع والتقنيات في رواية "النهايات" لعبد الرحمن منيف
د. محمد عبدالله القواسمة
تناولت رواية النهايات للروائي عبدالرحمن منيف موضوع التغيير والإنسان، من خلال علاقة الإنسان بالبيئة من حوله وخاصة البيئة الصحراوية، ويكون التغيير في الرواية عندما تتحطم وحدةُ الإنسان مع الطبيعة والحيوان، فيضطر الإنسان تحت وطأة القحط إلى العودة إلى عصر الصيد حيث يصبح فيه الإنسانُ قاتلًا للحيوان، مما يسبّب اغترابَ عساف بطل الرواية فيصرخ:" إن الإنسان في هذه الأيام يمتلك روحًا شريرة لا تمتلكها الذئابُ أو أيةُ حيوانات أخرى"، ومأساة عساف هي مأساة قريته الطيبة التي لا تلبّي لها السلطات مطلبها في إنشاء سد يوفر لها المياه. فتظل بلدة مسكينة" إذا أمطرت الدنيا وجدت لقمتها، وإذا أمْحَلت مات الناس جوعًا!"
من الملاحظ أنّ العلاقة الجدلية بين الصحراء والإنسان في رواية منيف تنتهي باندحار الإنسان أمام الصحراء، فرأينا الإسراف في قتل حيوانها، والاستهانة بقوتها وجبروتها، وعدم الانتباه إلى قوانينها وعدم اختيار الطريقة السليمة في التعامل معها أدى ذلك كلّه إلى أن تدافع الصحراء عن نفسها. ويُكتب لها النّصر على الإنسان.
وإذا ما خسر عساف وأهلُ قريته معركتهم مع الصحراء فإن الصراع بينهم وبينها لن ينتهي إلّا بتراجع الإنسان عن غيّه، ومعرفة حدود مقدرته، فيتعايش مع الصّحراء لا أن يحاول قهرَها؛ لهذا عليه مراجعة علاقته بها على أسس مدركة لحقيقته وحقيقتها. وقد بدأ أهل الطيبة بفهم هذه الحقيقة بعد فقدهم عساف في عاصفة رملية، فدفعهم هذا الفقد، ولكي يتجنبوا الصيد الجائر لحيوانات الصحراء، ويعودوا إلى الاعتماد على الزراعة في حياتهم ــ إلى الإلحاح في المطالبة ببناء السد في قريتهم، والتلويح بالثورة على الحكومة إذا لم تستجب لمطلبهم.
جسدت رواية النهايات علاقة الإنسان بالصحراء باستخدام تقنية الراوي العليم بكل شيء، الراوي الذي يعرف أكثرَ من الشخصيات، ويتخذُ موقعَه خارج الحدث باستخدام ضمير الغائب. وقد شكلت القصة القصيرة فضلًا عن التعالق النصي بنصين من الجاحظ جزءًا من بنية الرواية. وهذه التقنية لافتة في روايات منيف يستخدمها متأثرًا بأجواء ألف ليلة وليلة كما يعترف في الكاتب والمنفى، بأنه اعتمد في ليالي النهايات على هذا المناخ، واستخدم بعض المواد التراثية، "ضمن وحدة داخلية وعضوية تربط الأحداث ببعضها من ناحية، وتربطها بالحدث الكبير من ناحية أخرى" وجاءت كلُّ هذه المواد في إطار الحكم العام للراوي، ومتفقةً مع الإيقاع الكبير للرواية، الذي يسير نحو النهايات، الموت. وفي ذلك تأكيدُ رؤية الكاتب الفكرية بأن" الحياة صراع ونهايات "
أما المقاطع الوصفية فتستحضر في رواية النهايات استنادًا إلى المكون اللغوي الإيحائي لا إلى المرجعية الواقعية. نقرأ في قول الرواية:" أما إذا جاء القحط... يبدأ النبع يتراخى والساقية تضمر، ثم تجف في نهايتها، يصبح المجرى مثل حيّة ماتت لتوها وبدأت تتخلّى عن قشرتها" فالصور: مجيء القحط، وتراخي النبع، وضمور الساقية، توحي بنهاية متوقعة الجفاف على مستوى الصورة، والموت على مستوى النص، مع عدم وجود الماء على مستوى الزمن الحاضر الروائي. هكذا يتجسد في عرض المشهد التصويري انزياحٌ تركيبي بلغة شعرية متحوِّلة من دلالة المطابقة إلى الإيحاء. أمّا تصويرُ المجرى بحية تخلت عن قشرتها فعمليةٌ فرضها القحط، فليس المجرى هو المسؤول عما جرى وإنما من كان وراء ذلك، وهو الحكومة.
وإذا كانت الرواية تنجح في تقديم المشاهدِ التعبيرية في الأحداث التي مسرحها الصحراء فإنها لا توفق في تقديم فصولها الأولى. فقد كان في توزيع هذه الفصول اضطراب واضح " ذلك أن عبد الرحمن منيف الذي يضع القارئ في ثورة المناخ الروائي منذ الجملة الأولى" إنه القحط" ما لبث أن يتوه في دوامة وصف الفضاء الذي لا يقبل التجزئة والتقسيم إلى فصول، خلافًا للحدث الذي يسهل تقسيمه وتوزيعه" كما تجيء الحكاياتُ الشعبية والتراثية وما اقتطِع من كتاب الحيوان للجاحظ مفتقرةً إلى التركيز والحذف، ويبدو أن الروائي لجأ إلى هذا البناء للإفادة من تقنية القصة القصيرة التي تتصف بالتركيز والتكثيف " ولكن هذا البناء جعل الرواية تبدو مفككة الأوصال، بعد إضافة " حكايات الليلة العجيبة" التي كانت صلتها بقصة "عساف"(وهي القصة الرئيسية في الرواية) واهية من حيث البناء" وذلك في جنوحها، إلى التسجيل والتقرير مما أدى إلى "تصدع في بناء الرواية عند الكاتب"
هكذا قدمت رواية النهايات درسًا للإنسان أن يتجه إلى تغيير مهنة الصيد التي هي مهنة الإنسان البُدائي إلى مهنة حضارية أخرى، مهنة الزراعة التي فيها محافظة على البيئة وحيواناتها. لقد كان موت عساف دافعًا للنّاس كي يطالبوا ببناء السد، الذي هو رمز لتغيير نمط حياتهم. وتوصل عبد الرحمن منيف إلى هدفه من خلال الاعتماد على الراوي العليم بكل شيء، والاستفادة من تداخل القصص والحكايات والنصوص في بنية الرواية الأساسية، واستخدام التعبير الإيحائي في بث الحياة بالرّقاع الوصفيّة والسردية، وبخاصة تلك التي تناولت الصحراء.
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف