الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ضرس العقل الوطني بقلم: زياد محمد حسن " مخيمر"

تاريخ النشر : 2020-05-30
ضرس العقل الوطني ..
______

اجتاحني الألم بقسوة ، ألم الضرس كالمطرقة يضرب نافوخي بصلافة
ويزداد حدة كلما تناولت رشفة ماء أو تعاملت مع الألم بعناد فالتهمت لقمة ساذجة
وصلت إلى عيادة الطبيب الذي نظر إلى وجهي بلطف وقال :
_كل شئ سيكون على ما يرام .
سمع أنيناً خفيفاً فأكمل _ أنت ما زلت فتى ، وبوسعك أن تتحمل التعب قليلا ً .
قلت وأكاد أبكي _ إنها مهمة صعبة يا دكتور ، أعلم ذلك ، لا أطلب منك سوى بعض الرأفة .

استخدم بعض الروافع لتحريك الضرس وزعزعته من مكانه ثم تناول إبرة المخدر وهو يقول
_ دعنا نختصر الوقت ، ساعدني وافتح فمك !
اخترقت الإبرة اللثة المجاورة لضرس العقل كأنها سم ثعبان ، أحسست بالغثيان قليلا ً ثم صاحبني شعور بالبلادة وهو يمسك قطعة مثل المفك ويحشرها إلى الداخل ، بينما صوته يردد
_ لقد وصل التسوس إلى أماكن لا يمكن حشوها أو اصلاحها .

تحركت قليلاً بعد مضمضة مثيرة و كأنني أتشابك مع مصارع مفتول العضلات وبعد كل ضربة قاضية أردد
_ يقول المثل يا دكتور أصعب وجع وجع الضرس وأكبر هم هم العرس .

ابتسم وهو يفتح فمه فظهر صف أسنانه في حالة يرثى لها وكأنه قد تناول خروفا ً على العشاء بينما يكسو صف أسنانه العلوى طبقات من الجير أقرب إلى شكل الطحالب ، منذ أسبوع وانا أترنح من الوعكة وها أنا الآن أقع في يد طبيب خفيف العقل ..

ارتفع الدكتور فوق المقعد ، مدّ يديه ، شدَّ جسده ، جف لسانه وهو يعض بكل قوة ، وكأنه يحرك مقود سيارته ذات اليمين وذات الشمال كي يستطيع ضرسي أن يفتح له طريقا ً أوسع من حاجته ، التأوه يزداد ، الاختناق ، آه يا قلبي , فمي مثل ساقية يدور حولها الماء لا أستطيع أن أبلعه ولا أن أبصقه ، أخ آه ، ترنحت قليلا ً
_ مر ساعة يا دكتور ، انخلع حظي اليوم .
قمت من مكاني لبعض الراحة ،اقتربت من المرآة وأنا أنظر إلى تقاطيعي المهدّمة - آه متى ستنتهي أيها المجرم .

عدت للجلوس على المقعد ، هّزني بسعادة وهو يتمتم _ اصبر لقد تجاوزنا الصعب ، اشكر الله أن الضرس في عظام الفك لا يحتاج إلى شق اللثة .
_ آه شق اللثة أتعني ما تقول .
راقت له الفكرة وهو يقول _ لا أعتقد ذلك لقد بدأ يتحرك الضرس الآن .
بعد نصف ساعة أخرى ، انطلقت قهقهة انجاز ساحر من بين شفتيه وهو يقول

_ لقد خلعت أحدهما .
_ إن خلعه أصعب من خلع الحكومة الرشيدة .
_ ربما كانت سيئاتك .
قلت منزعجا ً _ لابد أن أغادر الآن وسنكمل في الغد .
ضحك معتمدا ً على ساعديه _ أنا لا أعمل في التهريب ، هذه مهمة لابد أن تنتهي اليوم .
_ انتهى عمري يا دكتور .

بعد نصف ساعة أخرى كان قد خلع الطاحونة الثانية ، استدرت ناحية الباب ، أطلقت لقدمي العنان بينما طال الوقوف في انتظار سيارة ، لا يوجد سيارة في غزة الآن ، الحصار مستمر ،لا وقود , لاكهرباء ، البرد يصيبني بقشعريرة قاتلة ، هل أمشي للمنزل ؟ كم ثروة من الألم تمشي دون أن يشعر بها أحد ، اغماءة طفيفة ، دوخان ، ارهاق ، لابد أن أتحرك كأنني مقلي على الزيت ، ساعة تلو أخرى حتى قلع ضرس العقل ،" ربنا يقلع عينيه" وصلت المنزل ، ألقيت جسدي على السرير بعد أن تناولت كمية هائلة من الأدوية والمسكنات ، مر أسبوع ، لا شيء يتجدد ، فمي منفوخ مثل كرة مطاطية ، خدي مستدير مثل الليرة القديمة ، الصداع يخترق الوقت ، نشرات الأخبار تداهم عقلي الباطن ، رن الهاتف ، صوت أمي يردد_ كيف أنت َ يا أحمد الآن ؟
_ مبشوط الحمد لله .
_ لا زلت تصنع الحجج يا ولدي حتى لا تأتي لتزور والديك .
_ آه يمّا آه
_ أنت َ مخادع قصير النظر ألا تعلم أن أمك مريضة وبحاجة إلى زيارة .
_ آه يابا آه .

أتأوه ، المسكن لا يعمل ، لا يؤثر ، الموت رائع حين يؤثر ، المقاومة أحيانا ً حصاد لا يؤثر ، نهاية الصعوبات أن تكون على الأقل سليم ، أنا خميس أنا جمعة ، نسيت اسمي ،أنا أهذي ، عقلي يدور ، طوابق من القرميد فوق رأسي ، أووه هذه دموع التماسيح يا أمي ، هو نفس الوقود الذي لم يرحمني ، أصبحت جرة غاز منهكة بحاجة إلى التعبئة .

بعد مدّة ذهبت إلى طبيب آخر ، ربت الحظ على كتفي عندما قال
_ يبدو أن الطبيب المعالج قد نسي أن يخلع الجذر المتبقي .
تصببت عرقا ً فضوليا ً ، فتحت فمي دورتين متتاليتين ، بينما استدعى الطبيب تلك الإضاءة على أسناني ليرى بإحكام ، في هذا الوقت بالضبط انقطعت الكهرباء وعدت خاضعا ً للوساوس التي تتقدم خطوة خطوة نحو المنزل ، هو نفس التسوس الوطني الذي قادني إلى قافلة الهموم مرة أخرى ، كلاهما بحاجة إلى خلع .
_________________________
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف