هل ستنتهي جائحة كورونا مثل بقية الاوبئة ؟؟
اعداد: أ.م. رامي بني شمسة
ماجستير هندسة اللبيئة
لقد وثق التاريخ القديم والحديث كثيرا من الأوبئة والتي عانت منها البشرية على مر العصور وكانت هذه الأوبئة تجتاح مناطق واقاليم واسعة في شتى اصقاع الأرض وحصدت هذه الأوبئة عشرات الملايين من الأرواح قديما في ظل بدايات نشوء العلوم الطبية التي لم تكن قادرة على صد هذه الأوبئة وإيجاد الحلول الجذرية لها الا في حالات نادرة وبعد عدة سنوات من تفشي هذه الأوبئة وانتشارها ,ولعل اشدها واخطرها هو مرض الجدري الذي ظهر في العام 1780 واستمر لأكثر من 15 عاما حاصدا ما يزيد عن 500 مليون ضحية في ذلك الوقت وكان ما يعادل 90% من سكان الأرض الا ان اكتشف العالم ادوارد جينر لقاحا في العام 1796 لقاحا جربه واثبت نجاحة ليعلن العالم نهاية القاتل الأعظم كما سمي حينها .
وكانت قبله وبعده بعدة قرون تتوالى موجات الطاعون الأسود او الموت العظيم كما اطلق عليه كانت أولها في القرن السادس الذي سمي بطاعون (جستنيان ) وثانيها في القرن الرابع عشر من العام 1347الى العام 1352 والذي قتل ما يزيد عن ثلث سكان أوروبا واخرها في أواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين ثم كانت بعد ذلك اخطر أنواع الأوبئة الحديثة التي سميت بالحمى الاسبانية والتي حصدت ما يزيد عن 75 مليون شخص منذ العام1918 وحتى العام 1923 وحديثا انتشرت العديد من الأوبئة مثل نقص المناعة (الايدز) وأنفلونزا الخنازير وحمى النيل والايبولا في القرن العشرين والحادي والعشرين.
واللافت للنظر ان هذه الأوبئة كانت تستمر لسنوات طويلة قبل ان تتدخل العلوم الطبية وتجد لها العلاج المناسب وكثيرا من هذه الأوبئة تلاشت دون ان يجد لها العالم أي علاج فعلي في الوقت المناسب ولعل التاريخ اكد ان اخطر الأوبئة انتهت اجتماعيا قبل ان تنتهي طبيا حيث تعايش الناس مع المرض وبدأوا بمزاولة حياتهم العادية بحذر قبل ان يتم اكتشاف دواء او مصل لعلاجه والشاهد في ذلك ان الطاعون الأسود او المواد العظيم الذي انتشر في العالم عدة مرات والذي نتج عن بكتيريا تسمى (يرسينيا بيستيس ) انتهى نتيجة الطقس البارد الذي قتل البراغيث الناقلة للأمراض وتجادل العلماء في ذلك كما افاد المؤرخ الدكتور Frank M. Snowdenعن اخر الموجات التي انتشرت في الصين والهند واسفر عن ما يزيد عن 12 مليون ضحية في الهند وحدها .
ومن الامراض التي انتهت بالفعل طبيا كما ذكر هو الجدري الذي امتد تاريخه الى ما يزيد عن 3000 سنة وقد اوجد الطب نهاية لهذا المرض ولعل أسباب ذلك انه اللقاح كان فعالا ويوفر حماية مدى الحياة إضافة الى عدم وجود مضيف حيواني لهذا المرض وهو ما قضى عليه فعلا
ومما سبق يظهر التاريخ ان معظم الأوبئة التي ضربت العالم بقسوة شديدة حاصدة ملايين الأرواح كانت تنتهي اجتماعيا قبل ان تنتهي طبيا فالمجتمع لم يعد قادرا على العزل والحجر الطبي الذي يؤدي الى الموت البطيء ويتعايش مع هذه الأوبئة الى ان يجد الطب لها علاجا فعالا وهذا ما يتوقع حدوثه مع فايروس كورونا الذي يجتاح العالم حاليا مخلفا الالاف من الضحايا يوميا , حيث ستنتهي هذه الجائحة اجتماعيا ويبدأ العالم بمزاولة نشاطه المعتاد مع الحذر الشديد والوقاية الى ان يأتي الخبر اليقين من صالونات الطب الحديث التي ما زالت منذ نصف عام تجري تجاربها على هذا الفيروس الذي يبدو انه اوشك على ان يودع العالم قريبا .
M B A Oldstone, Viruses, Plagues, and History (Oxford: Oxford University Press, 1998).
Frank M. Snowden, Epidemics and Society: From the Black Death to the Present, ( Yale University Press, 2019 ).
P. Bourdelais, Epidemics Laid Low: a History of What Happened in Rich Countries (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 2006)
اعداد: أ.م. رامي بني شمسة
ماجستير هندسة اللبيئة
لقد وثق التاريخ القديم والحديث كثيرا من الأوبئة والتي عانت منها البشرية على مر العصور وكانت هذه الأوبئة تجتاح مناطق واقاليم واسعة في شتى اصقاع الأرض وحصدت هذه الأوبئة عشرات الملايين من الأرواح قديما في ظل بدايات نشوء العلوم الطبية التي لم تكن قادرة على صد هذه الأوبئة وإيجاد الحلول الجذرية لها الا في حالات نادرة وبعد عدة سنوات من تفشي هذه الأوبئة وانتشارها ,ولعل اشدها واخطرها هو مرض الجدري الذي ظهر في العام 1780 واستمر لأكثر من 15 عاما حاصدا ما يزيد عن 500 مليون ضحية في ذلك الوقت وكان ما يعادل 90% من سكان الأرض الا ان اكتشف العالم ادوارد جينر لقاحا في العام 1796 لقاحا جربه واثبت نجاحة ليعلن العالم نهاية القاتل الأعظم كما سمي حينها .
وكانت قبله وبعده بعدة قرون تتوالى موجات الطاعون الأسود او الموت العظيم كما اطلق عليه كانت أولها في القرن السادس الذي سمي بطاعون (جستنيان ) وثانيها في القرن الرابع عشر من العام 1347الى العام 1352 والذي قتل ما يزيد عن ثلث سكان أوروبا واخرها في أواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين ثم كانت بعد ذلك اخطر أنواع الأوبئة الحديثة التي سميت بالحمى الاسبانية والتي حصدت ما يزيد عن 75 مليون شخص منذ العام1918 وحتى العام 1923 وحديثا انتشرت العديد من الأوبئة مثل نقص المناعة (الايدز) وأنفلونزا الخنازير وحمى النيل والايبولا في القرن العشرين والحادي والعشرين.
واللافت للنظر ان هذه الأوبئة كانت تستمر لسنوات طويلة قبل ان تتدخل العلوم الطبية وتجد لها العلاج المناسب وكثيرا من هذه الأوبئة تلاشت دون ان يجد لها العالم أي علاج فعلي في الوقت المناسب ولعل التاريخ اكد ان اخطر الأوبئة انتهت اجتماعيا قبل ان تنتهي طبيا حيث تعايش الناس مع المرض وبدأوا بمزاولة حياتهم العادية بحذر قبل ان يتم اكتشاف دواء او مصل لعلاجه والشاهد في ذلك ان الطاعون الأسود او المواد العظيم الذي انتشر في العالم عدة مرات والذي نتج عن بكتيريا تسمى (يرسينيا بيستيس ) انتهى نتيجة الطقس البارد الذي قتل البراغيث الناقلة للأمراض وتجادل العلماء في ذلك كما افاد المؤرخ الدكتور Frank M. Snowdenعن اخر الموجات التي انتشرت في الصين والهند واسفر عن ما يزيد عن 12 مليون ضحية في الهند وحدها .
ومن الامراض التي انتهت بالفعل طبيا كما ذكر هو الجدري الذي امتد تاريخه الى ما يزيد عن 3000 سنة وقد اوجد الطب نهاية لهذا المرض ولعل أسباب ذلك انه اللقاح كان فعالا ويوفر حماية مدى الحياة إضافة الى عدم وجود مضيف حيواني لهذا المرض وهو ما قضى عليه فعلا
ومما سبق يظهر التاريخ ان معظم الأوبئة التي ضربت العالم بقسوة شديدة حاصدة ملايين الأرواح كانت تنتهي اجتماعيا قبل ان تنتهي طبيا فالمجتمع لم يعد قادرا على العزل والحجر الطبي الذي يؤدي الى الموت البطيء ويتعايش مع هذه الأوبئة الى ان يجد الطب لها علاجا فعالا وهذا ما يتوقع حدوثه مع فايروس كورونا الذي يجتاح العالم حاليا مخلفا الالاف من الضحايا يوميا , حيث ستنتهي هذه الجائحة اجتماعيا ويبدأ العالم بمزاولة نشاطه المعتاد مع الحذر الشديد والوقاية الى ان يأتي الخبر اليقين من صالونات الطب الحديث التي ما زالت منذ نصف عام تجري تجاربها على هذا الفيروس الذي يبدو انه اوشك على ان يودع العالم قريبا .
M B A Oldstone, Viruses, Plagues, and History (Oxford: Oxford University Press, 1998).
Frank M. Snowden, Epidemics and Society: From the Black Death to the Present, ( Yale University Press, 2019 ).
P. Bourdelais, Epidemics Laid Low: a History of What Happened in Rich Countries (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 2006)