الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سُلم الفضاء بقلم : سماح موسى

تاريخ النشر : 2020-05-27
قصة قصيرة بعنوان : سُلَم الفضاء

أتألم....يتفتت بريق مشاعري ...ليس أمام عيني ..بل أقسى من ذلك ...يتفتت مصدراً ضجيجاً لانهائيا ...ومع كل ضجيج ..ترتعد أناملي أكثر..ويهتزُ فضاء عمري ..ملزما كواكب الأيام ان تتمزق لتمزقه ...شريدة أحاسيس ملامحي ..هاربة في وجه لايتعرف على نفسه في المرآة ..وحيدةٌ هكذا دون شعور ...كالشهيد بلا دماء ..والوطن بلا بشر ...
أنظر إلى نفسي في المرآة كل يوم ..احاول رؤيتي ..لكن لا اقدر...أتحدث إليها وكأن لاأحد في هذا العالم غيرها ..أخبرها أن مااراه ليس انا..ليس عالمي ....انا وحيدة ..حقا ..وجدا..ولاملجأ لوحدتي...لم تكن الوحدة منقذا لي كما فعلت للكثير ..الوحدة زادت من أرق جنوني ..وشلل رغبتي ..
أمل ..! عريسك قد وصل ..
صوته الذي يتردد كل لحظة بين أوتار وحدتي ..بالتأكيد استطعت أن أميزه...والدي...
– حسنا ..انا حاضرة ..
حاضرة !! لكن لست حاضرة في مشاعري ..في رغبتي ..في حروفي ..في عناوين كتبي ...انا نهاية سطر لكاتب مجروح..ونهاية كلمة لمغنية مرهقة أنا شعب تبدلت شمسه وتحولت لغمامٍ يغطي الأفق..انا هي الآن..اخيرا تعرفت على نفسي ..تلك انا يامرآتي ....تلك انا ياوحدتي ..
قمتُ متثاقلة في أوجاعي..أحمل الهم تارة ..والواقع تارة أخرى ..أجل تلك هي انا ..لست متمردة ..انا مطيعة جدا ..أليس كذلك ياامي ..!! هذا ماكنتِ تقولينه..قبل رحيلك..رحمك الله ...
امسكت بفستان زفافي..احاول لم شمله كي استطع السير ..فتحت الباب ..ومشيت بخطوات تجرها دمائي السوداء ..
– انظرو إلى ابنتي الجميلة ..أمل ..مهند ينتظرك في غرفة الضيوف ..سيأخذك الآن في سيارته إلى قاعة الزفاف ..
يبتسم والدي بعد أن يقول ما قاله ببشاشة ..ثم يستدير تاركا إياي أمام باب الغرفة ..
نظرت من شق الباب الصغير ..رأيت مهند ..يقعدُ حاملا الزهور ..ويرمقهم ببهجة ..ربما لم تكن البهجة التي يرسمها أي رجل  في حفل زفافه ..تلك بهجة مختلفة ..انها بهجة المادية ..والنقود ..
دخلت بقناع عروس سعيدة ..وبوجه عجوز تودع الحياة ..
قام من مكانه ابتسم لي بنهم ...قدم الزهور لي وحاول أن يتغزل بجمالي ..لكنه كعادته لم يكتفِ أيضا من طرح الأسئلة ..
– لم لم تذهبي إلى الصالون !! أو احضرتِ ( كوافير) لأضحيتِ أجمل ..!
صمتت ..
أصدرَ صوت ضحك مصطنع..ثم أردف قائلا : لابأس ..المهم اننا نتزوج الآن ..أليس هذا جميلا ..
ماذا اقول له ...هل أقول أن هذا مجرد زواج مصلحة ..هل أخبره أنني تزوجت به لأجل والدي ..هل أحدثه عن خالد ..الشخص الذي أحببته كثيرا ..هل أخبره انني لااحبه ابدا ..وأن زواجي به كالجحيم..هل أخبره انني لم أحظ حتى بمعرفته ..وأن كل ما حدث بيننا في فترة الخطوبة مجرد شكليات وعادات..هل أصدر الضجيج الذي يعتصر داخلي وأصرخ ...ماذا أفعل ..!! مرآتي ليست هنا الآن كي اتجادل معها ..وامي ليست على قيد الحياة ..!! وخالد صار رمادا بناري منذ زمن ...اذا هكذا اضحت الأمور ..ان اكون معدلا سيئاً لطالب رغب كثيرا في الدراسة ..
تحدثت عن هذا من قبل ...انا الوطن بلا أحد ..
لم أستطع التعبير عن الصراخ الذي يأكلني تدريجيا ..اكتفيت بالصمت كما العادة ...والتحديق مطولا بالأرض ..
ذهبنا إلى الزفاف ..كان شيئا تقليديا لعائلتنا..المباركات ..والرقص ..كل شيئ يبدو روتينيا عداي..اقف بالمنتصف..أراقب طريقي يتدمر ..دون أن اركض جريا لإيقاف دماره ..
......
اكملي ماذا حدث بعد ذلك..!؟ هل تزوجتْ هذه المرأة من ذلك الرجل..لماذا صمتِّ يا معلمتي أكملي لنا الحكاية..
معلمتي ...
قطع حبل افكاري الطالب محمد ...يناديني بينما أتأمل نافذة الغرفة الصفية ..محدقة بشجرة التفاح ..أرى تحت ثمارها خالد ..وهو يهديني تفاحة حمراء ..يضع بها على خدودي ..ويضحك ..ونضحك معا...
ثم أشيح بنظري إلى السطح المقابل ..أرى وهو يقول لي : أنت أجمل أمل دخل حياتي ..
لم أعد املا يا خالد ..لقد كنت من البداية ..أملا ضائعا ً ..
اعتذرت من طلابي تركت شريط الذكريات يعوم بعيدا ..وأكملت لهم سرد حكايتي ...
وصلنا إلى البيت ..جلسنا معاً..تناولنا الطعام..نظر الي نظرة رجل غربي بروح شرقية ..
أمل ..ألن تتحدثي معي ابدا ..!! لقد مللتُ سكوتك كثيرا ..
هل كما مللتُ تحملَك... 
بالتأكيد لم أقلها له ..قلتها بقرارة نفسي التي تعتصر غربةً وضياعاً ..
رمى معطف بذلته أرضا بعصبية ..حملق بوجهي بملامح قاسية للغاية ...وقال غاضبا : هل تزوجتُ دمية ..!؟ قولي شيئا ..لو لم تنطقي باسمك حين تقابلنا لأول مرة لقلت انك خرساء ...
نظرت إليه ..حاولت التحدث ..لكنني خفت كثيرا ..حاولت الهرب من الغرفة لكنه شد شعري ورماني بقوة..
– هل جننت؟! 
قلتها والدموع تختنق وسط حنجرتي..قلتها بأنين خافت ووجع هارب ..
– أجل ..جننت انتِ أصبتني بالجنون ..
وقبل أن يكمل حديثه قطع كلامه رنين هاتفي برسالة من أحدهم ..نظر إليه نظرة شك وحقد ..اقترب من الطاولة حمله ..بينما تدعو روحي ان لا يكون خالد ..
فتح الرسالة ...قرأها ..وانا وحدي أنبض خوفا ..لا اعرف من المُرسل ..حاولت استجماع قوتي ..قمت من مكاني..اقتربت منه ..حاولت رؤية المُرسل ..وقبل أن أرى شيئا ..يصفعني مهند صفعة قوية تطيح بي أرضا ..
– من هذا خالد !؟ 
قالها بينما يصرخ صرخة الرعد في المساء ..قالها كذئب جائع ..ونسر هابط..
– لا أعرفه ..لا أعرفه حقا ..
لم أعرف ما حدث بالضبط ..فتحت عينيَّ في غرفة الإنعاش ..لم أكن مستيقظة ..رأيت أطباء كُثْراً..رأيت أبي..ومهند ينظر الي بذعر المذنب ..رأيت جهاز إنعاش القلب ..
لم ارَ شيئا آخر ..الا حين افقت حقا ..على صوت مهند وهو يصرخ أمام والدي ..: صدقني لم أعرف أيضا لم فعلت ذلك..دخلت الغرفة فرأيتها ترمي بنفسها من النافذة ...يطأطأ والدي برأسه ..وتنهمر منه الدموع ..
حاولت التحدث بينما الدموع تنهمر من مقلتيَّ كشلال مجنون ..
وحينما رأى مهند أنني أحاول التحدث اقترب مني وبدأ يدوي بصوته : عزيزتي اخيرا استيقظتِ لقد كنت قلقا جدا..يقترب ويحتضنني ..وبينما هو يفعل ذلك يهمس بأذني : ان أخبرت والدك الحقيقة ..سيحدث الكثير..رسالة خالد مازالت معي ..ووالدك الذي سيطلقك المسكين على حساب نفسه وشركته ..سيتدهور تماما ..سيخسر الكثير ..وسيدخل السجن..في هذا العمر لن يحتمل وسيموت..حاولي أن تكوني حذرة جدا تجاه أي تصرف قد تقدمين عليه ...
وكانت هذه أكبر أخطائي ..أنني استمعت إلى تهديداته الجبانة ...
عدت معه إلى المنزل ..تزوجنا ..وعشت معه على أننا عائلة مستقرة ..عائلة بالتمثيل والدجل ..
كانت معاملته لي تسوء مرارا ..ويبقى يحدثتي عن خالد ..ويسمعني كلمات لم أسمعها من أحد طوال حياتي ..
....
معلمتي ...

على ماذا كانت تحتوي رسالة خالد التي أرسلها..

– انها رسالة مؤلمة جدا يا محمد ..

– لكن لدينا فضول لمعرفة محتواها..

– اتعرف ..بطلة الحكاية تلك لم تكن تعرف عن الرسالة شيئا ..لقد عرفت كل شيئ في وقت متأخر للغاية ..
...

في ٢٠/ شباط / ٢٠٠٩

حظيتُ بأول حمل لي ...ركضت إليه فرحة ..أعطيه البشارة ..لكن ردة فعله لم تكن في الحسبان أبدا ..

– ماذا!!!! حمل!! هل انت مجنونة ..مازلنا في ريعان شبابنا ..هل تريدين مني تربية ولد ..ستجهضين هذا الحمل حالا ...

– كلا ..لا أرغب بهذا ..أرجوك لا تفعل ..

– إن لم ترغبي سأجعلك ترغبين رغم أنفك ..

امسك بي بقسوة مفرطة..سحبني من شعري ورماني في المسبح الذي أمامه مباشرة ...لم يلبِّ ندائي وصراخي للنجاة الا بعد أن ابتلعت الكثير من المياه ..وفاض منتصف روحي ..
هكذا أُجهض جنيني..راحت اول روح لي...وتبقت روحي تمثل دورها كإنسان ...
مرت سنتان على زواجنا الجحيمي ..مرت كدهر مُر ..وساعة كاذبة ..
وفي منتصف ليلة السبت ..قطع نومي الذي يبدو كغراب ينام في المساء ..صوت دقات قوية على الباب ..أسرعت كالفزعة لمعرفة الطارق..كان مهند حينها في رحلة عمل إلى السويد ..رأيت في ( كاميرا القصر ) امرأة لم أستطع تميز ملامحها ..اتى الحارس وأخبرني ان الفتاة تقول انها أخت خالد ...
أصابني الذعر ..تدفق نهر الخوف في حوض ألمي الأشعث .. 
أدْخِلْها ...
دخلت اخت طارق بمنديل أسود ..وعيون حمراء ..دخلت بثياب رثة ..وأنين واضح ...
– نور ..مالذي يحدث..
– بل انتِ مالذي يحدث ...لكِ ..لم تركتِ اخي وحيدا ..كان يتوسل إلى الله كل صلاة أن تعودي إليه..لقد أرسل إليك رسالة آملا أن تقضي آخر ماتبقى من حياته معه..لم فعلتِ ذلك ...( تصرخ) لم انتِ لعينة وقاسية إلى هذا الحد ...!! من اين لك بكل هذا الجبروت!! 
– ماذا ..انتظري ..ماذا تقصدين ..آخر ماتبقى من ..ماذا تقولين ..
– أجل ..مات خالد ..ماتت آماله ..على اساس ان من كان يحبها اسمها امل ..
لم اقْوَ على تحمل سماع خبر كهذا ..خبر كهذا ..قضى على ماتبقى مني من تحمل ..انتهى الخط الزمني لقوتي..وبتُ بلا زمن ..
انا جنيتُ على نفسي ..وقتلتها .. خلقتُ لها أسباب الضياع والوحدة...
انا التي فرطت بالشخص الوحيد الذي رآني على قيد الحياة حقا ..انا التي لم اختر الحياة مع الشخص الذي آوى روحي ومسكني ..مع الشخص الذي لم يرني للحظة ضبابا ..
انا امرأة مضهدة الآن..
أعاني من ظلم مجتمع فرض علي الزواج قسرا ..
أعاني من حب أحرق هيكل عمري ..
أعاني من ذاكرة فوضوية للغاية ..
أعاني من روح كانت لتكون سندي فماتت ..
أعاني من قرار اتخذته دون تفكير ..
أعاني حين افكر أنني ضحيت لأجل أشياء لن ترمم جراحنا ابدا ..
أعاني منك يا والدي..
أعاني بك يا خالد ..
أعاني بك يا وحدتي ..
يارب ...
انت المنقذ الوحيد في هذه الدنيا لي الآن...
لا اعرف من انا حقا ..!! اجهل بشدة وجه مرآتي ..ووجه حياتي ..
يارب ..لقد ضاع طريقي الذي كنت في منتصفه ..وضاعت جراحي ..أصبحت أجهل الشيئ الذي يؤلمني ..يارب انا وحيدة جدا ...الناس التي تراقب ركضي الجنوني الآن ..لاتعي انني راكضة اليك ...راكضة ربما كي أموت..كي انتحر ..لا ملجأ لي سوى السماء ..وان تتلاقى روحي مع خالد ..
وقفت على جسر عبدون في عمان ..أراقب الشارع كأنه قبري ..
ارى خالد ينتظرني ..انظر إلى السماء ..
يارب سامحني ..لكنني احتاجك ..احتاج إلى أن تأخذ روحي إليك ..
وقبل أن اقفز ..صوت أذان المسجد ...يخفف من رعشتي ..ومن أنيني الشاحب ..من خفقان روحي ..اتراجع للوراء ..اجلس قليلاً أنظر للسماء..اغمض عينيَّ ..واكمل سماع الأذان ..
ويبدو الأذان كرسالة من الله الي ..
وفي تلك اللحظة شعرت أنني احدث امي لأول مرة ..لانها اسمتني أمل ..
لولا الأمل لما تمسكنا بالحياة ..
أليس كذلك ياابنتي ...
انتِ أمل ياابنتي..
اجعلي الأمل بالله ..ثم اصنعي آمالا كثيرة..
عيشي بالأمل ياابنتي ..
شريط ذكرياتي المتبعثر ..يعود إلي اخيرا ..
انظر إليه بعمق ..ارى امرأة ضعيفة ..لم تتمسك يوما برأيها..ولم تعبر عنه ..لم تخبر أحدا ماذا تريد حقا ..امرأة كانت بنظر الآخرين مدللة لكنها وحيدة جدا ..امرأة حاولت ان تبدو ظاهريا قوية ..لكن بقرارة ذاتها ضعيفة للغاية ...
امرأة لم تستلهم من اسمها حكاية ...ولم تتحاور ابدا مع كاتب مجروح وضع نهاية سطورها..
لن أموت وانا هكذا ...
حي على الفلاح 
حي على الفلاح 
أجل ...
لنذهب إلى الفلاح منذ الآن ..
شكرا يارب ..لأنك الهمتني الصبر ..لأنك قدت قلبي إلى جذور يجب أن تتبدل ..لأنك جعلتني أدرك نفسي قبل أن أفقدها..
عدت اركض من جديد ..لكن هذه المرة بأمل ..
وفي تلك اللحظة قطع ركضي المتواصل سُلَماً كبيرا عاليا ..امتد بصري إلى علوه ..ولم اكتفِ بالنظر ..صعدت أدراجه..وقادني إلى فضاء عمري ..وبين كواكب أيام جديدة .
صفق الجميع لمحمد طالب الحقوق في الجامعة الأردنية بعد أن أنهى حكاية معلمته أمل 
لقد صنع الحزن منها حكيمة في الحياة ..هذا ما يفعله الحزن حين يكون مصادقا للأمل سيولد إبداع وإنسان .
#الكاتبة سماح 
#قصة قصيرة بعنوان: سُلم الفضاء
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف