الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مجاز "الخارج" وانقلاب الأدوار في زمن الكورونا بقلم: الأسير كميل أبو حنيش

تاريخ النشر : 2020-05-26
مجاز "الخارج" وانقلاب الأدوار في زمن الكورونا بقلم: الأسير كميل أبو حنيش
مجاز "الخارج" وانقلاب الأدوار في زمن الكورونا

بقلم: الأسير كميل أبو حنيش

سجن ريمون الصهيوني 

هل نحن خارج حسابات الزمن؟ كم سيمضي من الوقت حتى ندرك بعض الحقائق المفزعة، ونحن نرقب بدهشة الأطفال، العالم الذي ينكمش على ذاته، والخارج بالنسبة إليه، مجرد شرفة يطل من خلالها على العدم، وإذا حالفه الحظ فبضع خطوات خارج الباب كي يتذكر أنه لا يزال حرًا... أما نحن المنذورين للحياة خلف الأبواب الموصدة، نحن من نحيا انفصالًا قسريًا عن الزمن .منا من شارف على إنهاء أربعة عقود في جوف الحوت، تلك العلب الإسمنتية الباردة التي أسماها البعض بمدافن الأحياء، تختلط الأشياء علينا في زمن الوباء ولم نعد نفهم بعض المفردات في قاموس العالم.

ماذا تعني الجهات الأربع؟ الفصول الأربع؟ المقهى، الشارع، السيارة، الشجرة، الأطفال..

وقائمة طويلة من المفردات التي ماتت في قاموسنا، ماذا يعني الداخل والخارج؟!!

لكن لا بأس في الخارج مجرد عالم باتت تجتاحه هستيريا الوباء، فزع العالم ولم يتسنى لنا أن نفزع كما البشر في كافة أنحاء الارض، العالم يهرب ويختفي خلف أبواب البيوت، فيما لم نمنح أي فرصة ولو بالتظاهر بالفزع أو بالفرار.

يعيش العالم تجربة حظر تجوال لم يشهدها في تاريخه الطويل، ويغدو الخروج للشارع حلمًا، فتتحول جهاته الأربع إلى سجن كبير، لم نعد وحدنا المسجونين وإن كان ثمة فارق هائل بين سجن وآخر، غير أننا في سجننا لا نعرف الهستيريا، وربما كانت سجوننا هي المكان الوحيد الذي لم تصله الجائحة، ليس لأننا محتاطون من إمكانية تفشي الوباء، وليس لأن الدولة الاحتلالية توفر لنا كل ما من شأنه أن يمنع هذه الأفعال، وإنما لأننا خارج حسابات الزمن وحسب.

في زمن الوباء تنقلب الأدوار ويغدو السجان متهمًا بالإصابة ويتعين عليه أن يثبت كل ساعة أنه ليس موبوءا كي يسمح له بالاقتراب من حجراتنا لتأدية مهام وظيفته، ويحظر عليه الخروج من حجرته المحصنة أسوة بكل المحجورين والمحظور عليهم ملامسة الخارج ووحدنا من لم يحظر علينا الخروج للخارج، فالخارج بالنسبة هو مجرد خارج الغرفة، أي الساحة أو الفورة، وحدنا من بقينا نتحادث ونصافح بعضنا ونتعانق في الأعياد والمناسبات ولم يفرض علينا مبدأ "التباعد الاجتماعي".

يبقى العالم قابعًا وراء الأبواب الموصدة خوفًا من الوباء المتربص على عتبة الباب وفي المصعد والسيارة والمطعم ودرج المكتب وسلم الطائرة، أما السجان ففرض عليه مبدأ التباعد عن أقرانه من السجانين، أما نحن الأنقياء من أي الوباء صار يتحاشانا ليس لأنه لا يرغب في نقل العدوى إلينا، وإنما لأنه أدرك في أعماقه انه موجود بعقدة، الدونية وأنه قابلٌ للإصابة بكل أنواع الأوبئة، وأن الفيروسات لا يمكنها الاقتراب من البشر الأكثر مناعةً ونقاءً.

لا زلنا بخير، وتأكد لنا سلامة حسّنا الإنساني، ينتابنا الحزن على الضحايا الذين يذهبون إلى حتفهم كل يوم، ويساورنا القلق على سلامة شعبنا وأهالينا، أما نحن فلم يداخلنا أي خوف من إمكانية تسرب الوباء إلى صفوفنا.

فرضت علينا الإدارة الكثير من إجراءاتها الطارئة، وكلها إجراءات عقابية وإن تسترت بستار الإجراءات الوقائية، ولقد مُنعنا من زيارة الأهل، والتنقل بين السجون، والخروج للعيادات والمشافي، والتلكؤ والمماطلة في حل الضائقة المالية وسد العجز في الاحتياجات الغذائية والسجائر والملابس.

ولكن لا بأس، في زمن الكورونا لا زلنا نحظى في الخارج أو مجازه، ومن هذا المجاز نحتفي بالقليل من الحرية وبوصفنا أنقياء من الوباء فيما يقف السجان محدقًا فينا عن بعد، خلف الفاصل الحديدي يتطلع إلينا ونحن نمشي في الساحة فرادى وجماعات لا يخالجنا أي شعور بالفزع أو الهستيريا، يقف السجان مرتديًا لكمامته وقفازاته يتأملنا جيدًا، عيناه تشعان بشيء من الغيرة والحسد لإنه قادمٌ لتوه من مدينته الغارقة في صمتها، وقد تحولت إلى مدينة أشباح.

ربما خطر بدهنه انقلاب الأدوار، وقد صار الأسرى وحدهم من يمتلكون مجازات الحرية، في الوقت الذي يغرق فيه العالم بالصمت ويعيش حجرًا صحيًا شاملًا وقسريًا.

فيما هؤلاء السجناء ليس لديهم ما يخسروه ووحدهم من لا يعيشون حالة الذعر والقلق والإكتئاب.

ربما هتف بنفسه: "ليتني كنت سجينًا .."
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف