الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أزمة كورونا والتعليم بقلم: أ. حسين عمر دراوشة

تاريخ النشر : 2020-05-24
أزمة كورونا والتعليم

بقلم: أ. حسين عمر دراوشة (كاتب وباحث فلسطيني). 

انتشرت أزمة فايروس كورنا كوفيد 19 كالنار في الهشيم بين المجتمعات البشرية عبر دول العالم أجمع،  فتمثل التربية والتعليم صورة نابضة عن المجتمع الذي تعيش فيه، وتعبر عن عناصر ثقافته من عموميات وخصوصيات وبدائل، ويتّضح أن المؤسسات التعليمية في الوطن العربي لم تستوعب عمق الحدث وتأثيراته على الأهداف والغايات المنشودة من عملية التعليم وتبليغ المعرفة وتأسيسها في عقول الطلبة وذواتهم عبر تنمية مهاراتهم وأداءاتهم، فأصيب العلمية التعليمية بالشلل التام سوى بعض الجهود المبذولة التي لا تتناسب مع معطيات أزمة الفايروس، وممارساتها أخطر بكثير على إعداد الطلبة وصناعة الأجيال؛ لأن نتائجها غير مضمونة، فجلس طلبة المدارس والجامعات في بيوتهم وأوجس طلبة الجامعات خيفةً على مستقبلهم، فحدثت ارتباكات نفسية وبرزت سلوكيات غير منتظمة جراء التعامل المدرسي والأكاديمي غير الناضج من قبل النُّظم الأكاديمية والطلبة على السواء، ويدلل ذلك على غياب التخطيط وضعف التأهيل في مواجهة الأزمة الطارئة التي خنقت أنظمة التعليم التي يُفترض أن تكون هي من يصنع الحلول ويبتكر الأدوات الخلّاقة في مواجهة الوباء، ولكن التعليم يتّخذ في عالمنا العربي الممارسة الصورية غير الناضجة التي تنم على طفولية العقول في الطرح والمعالجة؛ لأنه يتم استبعاد أصحاب العقول الفذة، وتهتك قدرات المتميزين ويتم تحاشيهم ووأد طاقاتهم الدؤوبة في مضمار العلم والمعرفة، فاعتمدت المدارس والجامعات على  رصد التقديرات بناءً على درجات الفصل الماضي، وأخذت الجامعات منح درجة ناجح وراسب؛ فهذه تقديرات غير دقيقة من ناحية القياس والتقويم، ولا تعطي نتائج مرضية سوى حل آني ووقتي سريع مبهم النتائج، علاوةً على مطالبات التعليم المدرسي والأكاديمي الخاص رسوم من الطلبة وذويهم في ظل الحالة الاجتماعية الطارئة والظروف الراهنة التي تسير على نحو غير اعتيادي،  إنه ممارسة همجية لرواد التعليم في عدم تقدير الموقف  التعليمي الضاغط، وفقدان القدرة على ضبط السلوكيات في ممارسات التعليم وتنظيم العمليات وتوجيه الأنشطة باستخدام الوسائل والأدوات الفعّالة التي تمتلأ بها الساحة، فهناك وسائل الاتصال الحديث  والبرامج الحاسوبية والتطبيقات الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي التي تتيح إمكانات فذة في هذا المضمار، ولكن العجز يبدو واضحاً في فلسفة التعليم الأكاديمي لدى المحاضرين من الأساتذة والمحاضرين الأميين حاسوبياً وذلك الجيل القديم صاحب سطوة الشهرة والأمية الحاسوبية، والأمر أنهم أصحاب سلطة ولا يُناقشون أو يرد لهم رأي، ممارسات أمية في أمية، فكيف برفسور لا يجيد التعامل مع الحاسوب، بالفعل إنه جاهل حاسوبياً ولكن أنفته تأبى أن يعترف بذلك، إنه لمرض اجتماعي ابتلينا به، فعدم المعرفة في الحاسوب والجهل ببرمجياته وتطبيقاته لا يقبله المستقبل، وماذا تفيد عبارة "لا أعرف" أمام مستقبل الأبناء وتطلعات الأجيال بل الأهم أمام حاجات المجتمع الرّاهنة التي يظهر في ساحته بين الأهل والجيران الضعف والتخبط والهلع نتيجة تقصير أصحاب العقول وشناعة ردود أهل الشهادات الكرتونية في عالم العلم والمعرفة، إن توسيد الأمر لغير أهله وبال وخيم على حياة الأجيال وثقافات الأمم وحضارات الشعوب، والمتابع لوسائل الاتصال الحديث ومعطيات التفاعل الأكاديمي يجد الهراء الواضح من بعض محاضري الجامعات؛ لتنفضح كفايتهم التدريسية المتهاوية والتي سقطت بشكل مدوي في المعلومات والأفكار المغلوطة في تبليغ مقررات المناهج والمساقات التدريسية، علاوةً على عدم التفاعل مع الطرح والشرح، ويضع ذلك تساؤلات كبيرة في الإمكانات والقدرة التخصصية للمحاضر الجامعي في تجديد ثقافته وأدوات شرحه وتعليمه التي أبانت عيبه، ولم يكن على قدر مسؤولية إعداد الجيل، ولم تجدِ مسألة البحث العلمي في العالم العربي نفعاً ولن تأتِ أكلها في وضع الحلول وابتكار البدائل أمام المعضلات والمشاكل بغية تحقيقها، فمسألة البحث العلمي يحتاجها أهل الجامعات فقط للترقية واللهث خلف المردود المالي من وراء ذلك، فهي لن تخدم المجتمع في الرخاء فكيف تخدمه في شدة الوباء وانتشار الوباء، فأثقلت ممارسات التعليم الالكتروني عن بعد جهد الأهالي والأسر في كثير من مجتمعات الدول العربية النَّامية، فيحتاج الطالب إلى اتصال حاسوبي، فكيف يتصل حاسوبياً ولم تتوفر الكهرباء عندهم ولم يتوفر الإنترنت، علاوة على ضنك العيش والعوز المادي، بالكاد يوفر قوت يومه، إن منظومات التعليم تغرد خارج السرب، وتمارس الكذب والخداع على نفسها وعلى مجتمعها في تدّعي أنها تخدم المجتمع ولديها مسؤولية اجتماعية، لو كان ذلك صحيحاً لاتّضح المقال من بداية الأمر وحتى إدارة الأزمة ونهايتها، والأدهى من ذلك فالتعليم المحوسب – هذا إن كان موجوداً في الأصل-  يفقد الاتصال المعرفي قيمته؛ لغياب المتابعة الحديثة بين المعلم والطالب من جهة، وبين الطالب والمنهج من جهة أخرى، فينذر ذلك بضعف الأثر التعليمي وضآلة نتائجه، ومن منظور آخر فضح أمر المدارس الخاصة والجامعات الخاصة والجشع المادي الذي لم يرعَ في الناس إلاً ولا رحمة في التعامل معهم، وتوطدت دعائم ذلك في ظل وفرة وسائل الاتصال الإعلامي الحديث ومجانيتها في تهديد الناس والضغط عليه في ظل الوضع المتأزم أصلاً قبل وفي أثناء أزمة كورونا وبعدها، ولو كانت المدارس والجامعات تمتلك حساً وطنياً أو قومياً أو لديها مسؤولية اجتماعية لاستثمرت العالم الافتراضي والمحوسب وابتكار بدائل لمجمل الطبقات الاجتماعية من الطلبة على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية، فلا ينبغي التمييز إنما ينبغي معرفة خصائص الطلبة والبيئة التعليم التي يتلقون من خلالها العلم والمعرفة، فالأمر غير مكلف مادياً، لكن الاستثمار المادي وليس الاستثمار في اقتصاديات المعرفة قد طغى على أنظمة التعليم في العالم العربي، فالتعليم الخاص في ممارساته يدس السم في العسل، ويهدد الاستقرار المعرفي ويبدد الطاقات دون جدوى؛ لأنه مرتع للفساد والمجاملات المارقة على مختلف الأطر والمستويات، فاحتساب الدرجات ومراعاة أولي القربى والمجاملة في تحكيم الأدوات والأبحاث والاستهتار بقدرات المعلمين والمحاضرين؛ نظراً للمحاباة الشكلية والفكرية والدينية والعرقية من ناحية القرب والبعد؛ فهذه مسامير كبرى في نعش التعليم الخاص، ويتباهون في شرف أداة الانتقاء والاختيار والتخريج وإيراد قصص النجاح عبر عالم الافتراض والوهم، فهم أفسدوا أيما إفساد وإن كان في ظاهره الصلاح، فعند الرسوم والشهية المالية تمارس الضغوط ويفقد التعليم الخاص رسالته ويفرغ نفسه من محتواه ؛ لتظهر مآسيه وخطورته على النسيج الاجتماعي وتهديده التعليم لكل الفئات، وحصره للقدرات وتدميرها بدون رحمة، ففايروس كورونا يوضح مدى شكلية نظم التعليم وضعفها في عالمنا العربي، فهذه الأزمة ستعيد ترتيب التعليم بعيداً عن أطر الأنظمة القائمة؛ لأن مهنة التعليم ستنخفض وتنمحي رويداً رويداً في ظل تعاظم قوة المعرفة الرقمية، وانفتاح أفق المعلومات عبر الإنترنت والشبكات والمنصات العالمية التي تتيح إمكانات فريدة، ولا يُفهم من ذلك اندثار كلي لمهنة المعلم، إنما الطالب هو محور التعليم، فنادت التربية الحديث من جراء ذلك بتفريد التعليم  وتشجيع التعليمي الذاتي عند الطلبة، فدفعت كورونا في هذا الاتجاه، فعلى وزارات التربية والتعليم استثمار الأزمة وتحويل المحنة إلى منحة من خلال تغيير أنماط التفكير في رسم السياسات المعاصرة من خلال عنصر المرونة وإيجاد البدائل الخلّاقة ومراعاة حاجات الناس ومتطلبات المجتمع وخدمته والمساهمة في رفعته ومآزرته في الشدة والرخاء على أن يكون التعليم معول بناء. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف