كتاب خطرون
ماياكوفسكي
الليلة الأخيرة
"آخر الأمسيات التي واجه فيها ماياكوفسكي الجمهور قب انتحاره.
ترجمة: منية سمارة
في هذا اللقاء الذي جمع ماياكوفسكي مع عمال أحد المصانع، نجد الابداع وتألق الفكري الذي تمتع به ماياكوفسكي، حتى في ظل وجود نظام شمولي، فقد تناول الشاعر (المحرمات) في الفكر الاشتراكي، مبينا أن المفهوم/المصطلح الجامد هو قتل للإبداع وللمبدعين، فقد فند مفهوم الأدب اليساري الجامد والذي تبناه الحزب الشيوعي السوفييتي: "وإذا كان ما يطلق عليه اسم (الفن اليساري) يهدف إلى الوصول إلى غاية واحدة، هي أن لا يفهمه أو يتواصل معه أي إنسان فيكون عبارة عن صيغ غامضة فانية، وطلاسم" ص5، وكان هذا الأمر يعد (كفر) وتمرد على المسمات، ومع هذا أراد الشاعر أن يطرق باب الممنوع، ويعري زيف التعامل مع فكرة (نبيلة) بصورة جامدة، متخلفة.
يرد على سؤال: "نحن لسنا في حاجة إلى فنون ابداعية، لا يفهمها إلا القليل من الناس، ولسنا بحاجة إل كتب للنخبة فقط، أليس كذلك؟
"... أما إذا كان هذا الكتاب موجها إلى فئة قليلة من الناس كعمال محطة الطاقة، ..حينئذ يكون الكتاب مفيد، وذا قيمة، ..لأن هذه الفئة، فئة منتجة، لا مستهلكة، وافئة المنتجة هي بذرة الفن الجماهيري، وهي أيضا قاعدة هذا الفن، فقصائد حليبنيكوف مثلا، لم يستطع فهمهما سوى سبعة من رفاقه المستقبليين، ولكت هؤرء السبعة استطاعوا حمل شرارتها، ونقلها لأكثر من عشرة سنوات، وزعها في عدد كبير من من الشعراء، ولكن ماذا يحدث الآن؟، أن ما يحدث هو أن الاكادميين يريدون أن يحتفظوا بهذه الشرارة المستقبلية في تابوت، بجعلهم إياها نموذجا مطلقا للشعر الكلاسيكي" ص7.
ولا يكتفي ذلك، بل يؤكد على ضرورة أن نرى/نقرأ الأدب ضمن الزمن/العصر الذي كان فيه، فلكل زمن/عصر شكل أدبي يناسبه: "...والكتاب، الذي يسبق الحدث، ويتنبأ به، هو الكتاب الجيد، مثال هذ ذلك، أنك لة كتبت شعرا ضد الحرب، عام 1914، فإن الجماهير ستمزقك، بسبب هذا الشعر، لأنها كانت مخدوعة (بالوطنيين)، ولكن هذا الشعر ذاته، سيسري في الناس سريان النار في الهشيم بعد عامين، 1916، لأنه يعتبر شعرا نبوئيا، و العكس صحيح أيضا" ص7.
ويرد على فكرة الأدب الجماهيري بقوله: "...أنا اعتقد أن أية قصيدة مهما بلغت صعوبتها، إذا قدم لها بجملتين أو ثلاث جمل، كمفتاح لها، تصبح ممتعة جدا، وسهلة الفهم" ص13.
ويتمرد على برنامج اللقاء الذي خصص وقتا لإلقاء القصائد، موضحا أسباب هذا (التمرد): " أنه من الصعب جدا علي القيام بالمهام التي حددتها لذاتي، وهذه المهمة، هي خلق الصلة بين جماهير العمال، والشعر العظيم، الشعر الذي يحافظ على أصالته، فلا يسف ولا يبتذل، نعم، هنا تكمن المعضلة، الشعراء يكتبون في الغالب ما لا يفهم" ص17.
ويؤكد على تفاهة فكرة الأدب الجماهيري: "الكتاب صنفان، كتاب لا تفهمهم الجماهير، وكتاب تفهمهم الجماهير، ولكن انتاجهم تافه" ص18.
ويؤكد على أن الحرية هي أهم حال/هدف يحتاجه الشاعر، يكون مبدعا متألقا: " الحقيقة أنني لا أريد لأحد أن يأمرني، يجب أن تنبثق الإرادة من داخلي أنا" ص28.
وعن علاقة الأدب القديم بالجديد، يقول: "أحد الرفاق قال لي: أنني أحاول إلغاء كل الكلاسيكيين، وأنا أقول أن هذه حماقة لا أسنح لنفسي بارتكابها، أن ما قلته/ هو أنه لا يوجد كلاسيكيون ما يزالون قادرين على أثبات وجودهم في كل زمان ومكان، وأنا أقول لكم أدرسوهم أحبوهم لأنهم عبروا عن العصر الذي عاشوا فيه، ولكنني أرفض أن يعودوا ليسدوا بأفقيتهم النحاسية الكبيرة الطريق على الشعراء الشباب" ص31.
الكتاب من منشورات دار منارات للنشر، عمان، الأردن، الطبعة العربية الأولى 1987.
ماياكوفسكي
الليلة الأخيرة
"آخر الأمسيات التي واجه فيها ماياكوفسكي الجمهور قب انتحاره.
ترجمة: منية سمارة
في هذا اللقاء الذي جمع ماياكوفسكي مع عمال أحد المصانع، نجد الابداع وتألق الفكري الذي تمتع به ماياكوفسكي، حتى في ظل وجود نظام شمولي، فقد تناول الشاعر (المحرمات) في الفكر الاشتراكي، مبينا أن المفهوم/المصطلح الجامد هو قتل للإبداع وللمبدعين، فقد فند مفهوم الأدب اليساري الجامد والذي تبناه الحزب الشيوعي السوفييتي: "وإذا كان ما يطلق عليه اسم (الفن اليساري) يهدف إلى الوصول إلى غاية واحدة، هي أن لا يفهمه أو يتواصل معه أي إنسان فيكون عبارة عن صيغ غامضة فانية، وطلاسم" ص5، وكان هذا الأمر يعد (كفر) وتمرد على المسمات، ومع هذا أراد الشاعر أن يطرق باب الممنوع، ويعري زيف التعامل مع فكرة (نبيلة) بصورة جامدة، متخلفة.
يرد على سؤال: "نحن لسنا في حاجة إلى فنون ابداعية، لا يفهمها إلا القليل من الناس، ولسنا بحاجة إل كتب للنخبة فقط، أليس كذلك؟
"... أما إذا كان هذا الكتاب موجها إلى فئة قليلة من الناس كعمال محطة الطاقة، ..حينئذ يكون الكتاب مفيد، وذا قيمة، ..لأن هذه الفئة، فئة منتجة، لا مستهلكة، وافئة المنتجة هي بذرة الفن الجماهيري، وهي أيضا قاعدة هذا الفن، فقصائد حليبنيكوف مثلا، لم يستطع فهمهما سوى سبعة من رفاقه المستقبليين، ولكت هؤرء السبعة استطاعوا حمل شرارتها، ونقلها لأكثر من عشرة سنوات، وزعها في عدد كبير من من الشعراء، ولكن ماذا يحدث الآن؟، أن ما يحدث هو أن الاكادميين يريدون أن يحتفظوا بهذه الشرارة المستقبلية في تابوت، بجعلهم إياها نموذجا مطلقا للشعر الكلاسيكي" ص7.
ولا يكتفي ذلك، بل يؤكد على ضرورة أن نرى/نقرأ الأدب ضمن الزمن/العصر الذي كان فيه، فلكل زمن/عصر شكل أدبي يناسبه: "...والكتاب، الذي يسبق الحدث، ويتنبأ به، هو الكتاب الجيد، مثال هذ ذلك، أنك لة كتبت شعرا ضد الحرب، عام 1914، فإن الجماهير ستمزقك، بسبب هذا الشعر، لأنها كانت مخدوعة (بالوطنيين)، ولكن هذا الشعر ذاته، سيسري في الناس سريان النار في الهشيم بعد عامين، 1916، لأنه يعتبر شعرا نبوئيا، و العكس صحيح أيضا" ص7.
ويرد على فكرة الأدب الجماهيري بقوله: "...أنا اعتقد أن أية قصيدة مهما بلغت صعوبتها، إذا قدم لها بجملتين أو ثلاث جمل، كمفتاح لها، تصبح ممتعة جدا، وسهلة الفهم" ص13.
ويتمرد على برنامج اللقاء الذي خصص وقتا لإلقاء القصائد، موضحا أسباب هذا (التمرد): " أنه من الصعب جدا علي القيام بالمهام التي حددتها لذاتي، وهذه المهمة، هي خلق الصلة بين جماهير العمال، والشعر العظيم، الشعر الذي يحافظ على أصالته، فلا يسف ولا يبتذل، نعم، هنا تكمن المعضلة، الشعراء يكتبون في الغالب ما لا يفهم" ص17.
ويؤكد على تفاهة فكرة الأدب الجماهيري: "الكتاب صنفان، كتاب لا تفهمهم الجماهير، وكتاب تفهمهم الجماهير، ولكن انتاجهم تافه" ص18.
ويؤكد على أن الحرية هي أهم حال/هدف يحتاجه الشاعر، يكون مبدعا متألقا: " الحقيقة أنني لا أريد لأحد أن يأمرني، يجب أن تنبثق الإرادة من داخلي أنا" ص28.
وعن علاقة الأدب القديم بالجديد، يقول: "أحد الرفاق قال لي: أنني أحاول إلغاء كل الكلاسيكيين، وأنا أقول أن هذه حماقة لا أسنح لنفسي بارتكابها، أن ما قلته/ هو أنه لا يوجد كلاسيكيون ما يزالون قادرين على أثبات وجودهم في كل زمان ومكان، وأنا أقول لكم أدرسوهم أحبوهم لأنهم عبروا عن العصر الذي عاشوا فيه، ولكنني أرفض أن يعودوا ليسدوا بأفقيتهم النحاسية الكبيرة الطريق على الشعراء الشباب" ص31.
الكتاب من منشورات دار منارات للنشر، عمان، الأردن، الطبعة العربية الأولى 1987.