الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الموت في زمن الكورونا بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2020-05-11
الموت في زمن الكورونا بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
الموت في زمن الكورونا

( عادل بن مليح الأنصاري)

ليس غريبا أن يتسسل الموت بين أبناء البشر في أي زمان أو أي مكان ولأي سبب , فهو سنة الكون الوحيدة الحقيقية التي لا مفر منها والتي لا شك فيها كما الميلاد تماما , رائحة الموت ربما تعودت عليها شعوب كثيرة وفي أزمان وأماكن مختلفة عبر التاريخ , وخاصة اثناء الكوارث الطبيعية أو المفتعلة كالحروب والأوبئة والزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها , وحتى في عصرنا الحاضر المُعاش , ربما قرب كرونا لأنوفنا رائحة الموت التي مافتئت تحوم حول بعض المجتمعات وحتى اليوم , ففي كثير من بقاع العالم وخاصة عالمنا العربي يحوم الموت بصورته القاتمة صبح مساء , تسوقه أيدينا قبل أيدي أعداءنا , ولا يرحم طفلا أو امرأة أو شيخا أو بيتا أو شجرة وحتى دور العبادة لم تسلم من مروره القاتم .
إن كنا في الماضي نقرأ التاريخ عن ضحايا الموت نتيجة لكل عوامل الفناء التي نعرفها , من أمراض وحروب وكوارث بيئية , ولكنها لم تتعدى كونها حروف وكلمات تمر أمام أعيننا كمعلومات قد تؤثر فينا حينا وقد نمر عليها مرور الكرام أحيانا , إلا أننا لا ننكر ولو من غير إحساس أحيانا نحو مجتمعات تعاشر الموت وتتعايش معه ليل نهار وتقدم له أنواع الضحايا رغما عنهم , نسمع شكواهم ونصغي لأنينهم عبر مواقع التواصل والقنوات الفضائية , ولكن الغصة التي يشعرون بها والحزن الذي يسيطر على كلماتهم وأنينهم ورجائهم ومنداءاتهم ومعاناتهم لم تصل أبدا كما يشعرون بها , بل ربما وصل الحال ببعضنا لأخذها مصدر سخرية أو ميدان لعرض مهاراتنا الحوارية ولو مع فقدان الشعور , نعم فكما قيل في الأمثال العامية ( النار ما تحرق إلا رجل واطيها ) .

كورونا هذا العام كتب صفحات جديدة لهذا الجيل الذي لم يعرف رائحة الموت وانتشاره , ولم يعاصر كوارثه التي قرأ عنها في كتب التاريخ وبرامجه الوثائقية , فضحايا الحروب والأوبئة التاريخية بدأت تتشكل في أذهانهم بصورة أقرب للواقع , ورعشة الخوف , والخوف من الموت بدأ يعرف معناها , فكم من صديق أو أسرة فقدت عزيز عليها , ونحن هنا لا نتحدث عن مجتمع بعينه , فضحايا كرونا نسبية ولا شك من بلد لآخر , ولكننا نتحدث عن الإنسانية جمعاء في كل مكان , فالنسبة لكوارث التاريخ من حروب وأوبئة وطبيعة قد تكون في حقبات سابقة أضعاف ضحايا كرونا , ولكننا اليوم نتحدث كجيل جديد بدأ يشعر ويرى ويسمع ويعاني , وليس يقرأ ويسمع ويبحث , لا شك أبدا أن هذا الجيل لم يعايش هذه الخسارة البشرية والتي تتزايد يوميا من قبل , وبدأ يسمع أن الموت في زمن كرونا غير الموت الذي يعرفه , فهو اليوم يقف بالمرصاد أقرب مما كنا نعتقد , وبدأنا نسمع عن فقد البعض لأحبابه والمحيطين به بشكل أقرب للذهول والمرارة التي نقف أمامها عاجزين , وما زال الغد في علم اه فإما المزيد من التعايش مع تحركات الموت من حولنا , أو أن يضع الله
تعالى نهاية لهذا الكابوس المرعب .

إن الحرب الضروس بين البشرية وبين كرونا قائمة ولن تنتهي إلا بنهاية أحدهما , ولكن البشرية كما زودها اهن بالعلم والصبر والمثابرة ربما ستخرج من هذه المحنة كما خرجت من قبل عبر التاريخ من عشرات المحن الأقوى والأدهى والأعظم , ولكن حتى ذلك الوقت سنبقى منتظرين نهاية هذا العدو الصغير ولعبته التي بدأها في نشر الرعب والموت في كل شبر في هذه الأرض , ولكن هل تهيأنا للمزيد من حالات الفقد ؟
وهل سنتعود على سقوط العديد من الأحبة والأصدقاء والأهل ؟
هل سيصبح الموت في زمن الكرونا حالة عابرة , ويصبح الموت حدث عابر نال من الجميع بما يكفي للتعايش معه ؟

هل سنتعود على (فلان مات) ؟
هل سنقول غدا (فلان مات في زمن الكرونا) ؟
هل (الموت في زمن الكرونا) غير الموت في أزمان أخرى ؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف