الأخبار
قناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاق
2024/4/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عائلة من الروهينغا مصطفى القرنه بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-05-09
عائلة من الروهينغا مصطفى القرنه بقلم:رائد الحواري
عائلة من الروهينغا
مصطفى القرنه
الأديب يواكب الأحداث ويتناولها، فهو إنسان يتأثر بما يجري حوله من احدث، لكن، بالتأكيد التناول الأدبي يختلف عن التقرير الصحفي أو العرض التاريخي، وهناك حكمة أدبية تقول: "على الأديب أن يتخلص/يتحرر من الانفعال، ليكون أدبه أدبا، وإلا لتحول إلى شعارات، وعندما تكون الأحداث التي يريد الأديب تقديمها دامية وقاسية، عليه أن يجد/يضع مخففات تسهم في تسهيل تناول القارئ للمادة القاسية والصعبة، واستذكر هنا الروائي الفلسطيني "مشهور البطران" الذي أحسن هذا الاستخدام في وراياته، فكلما كانت الأحداث دامية، كلما ارتفع سقف لغته الأدبية، وهذا سهل على القارئ وخفف عنه من حدة وقسوة الأحداث التي أراد تطرحها.
الحديث عن هجرة قصرية، وقتل المدنيين وحرق البيوت والمساجد، ومطاردة الجنود للمدنيين في الغابات، مسألة في غالية القسوة، وتحتاج إلى ادوات وأساليب وأشكال أدبية متميزة، تخفف على المتلقي تناول الأحداث، وأن لم يُفعل ذلك، فسينفر من الأدب، من هنا، التخفيف في هذه الرواية جاء من خلال حجم الرواية، التي لا يتجاوز عدد صفحاتها مائة وأربعون صفحة، ومن خلال المقاطع (الغنائية/الشعرية) التي رددتها الشخصيات، لكن هناك الكثير من (المطبات الأدبية) وقع فيها السارد العليم الذي هيمن على الأحداث والشخصيات، حتى أنه وصف لنا مشاعر الحيوانات: "ثم جاء قرد نظر إلى الفيل نظرة حزن، وعاد إلى الشجرة التي جاء منها، وأخيرا حضر فيل صغير وفيل كبير بقيا قرابة نصف ساعة يحاولان أن ينقذا الفيل بلا جدوى ثم اسرعا في طريقهما" ص91، اعتقد أن هذا الأمر يشير إلى هيمنة السارد على الأحدث، بحيث أنه جعل القرد يتعاطف مع الفيل المصاب، وهذا التعاطف (خلقه) السارد وأقحمه في الرواية، فانفجار اللغم في فيل وصوت الانفجار كان من المفترض ـ منطقيا ـ أن يجعل كل الحيوانات تفر هاربة، لكن تعاطف السارد مع عائلة "جبار" الهاربة جعل الحيوانات الغابة تحمل عين التعاطف.
كما أن جعل (الغناء/الشعر) يأتي من الجنود القتلة، وهذا (شوه) فكرة الرواية و(جمل) صورة القتلة:
"سنعود إلى راخين
بالسلاح مدججين
لن نخشى أحدا
وسنرسم وطنا
تحيا بورما
أبناء بوذا
الشجعان" ص118، فكان من الأولى أن يأتي السارد بترنيمة حزينة للمشردين الهاربين من القتل والقتلة.
ووقد السارد في هفوة الغناء مرة أخرى، عندما كررها، بجعل "جيا" زوجة الرائد "لأي" العنصرية تغني بهذه اللغة:
"عندما يحل الخريف
وحدي أنا
وحدي أنا
والآن
أين أبي؟
لم أعد أراه
عندما كنت أطارد
الدجاج والخنازير
لك بكن معي أحد
أينك يا أمي؟
وحيدة أنا
أشعر بالحزن
فقدت الأمان
كان أبي يمسح
رأسي كل يوم
اختبئ منه في
غابة المامبو
وأشعر بالفرح
حين يناديني" ص112 و113، أليس من الأولى ان يجعل هذه الأغنية الحزينة تأتي على لسان أحد الشخصيات الروهينعانية؟، فهناك أكثر من شخصية نسائية تناولها السارد مثل "سليمة" بنت حبيب وزوجته "مريم"!.
وهذا (الخلل) في تركيبة الرواية نجده في الحوار الذي دار بين "لأي" الرائد المتوحش وبين الطبيب:
"ـ أنتم الجنود المجهولون الذين يضحون بكل شيء سيدي
ـ أنها ضريبة حب الوطن، ما ضرني لو بقيت في بيتي مثل سائر الناس، أنعم بخيرات بلادي، وأخدم في وحدة عسكرية قريبة.
ـ دائما هناك من يضحي.
ـ لقد تعرضت للقتل كثيرا في الأدغال، كنت سائرا وحدي، وفوجئت بثلاثة من الروهينغا يحملون السلاح اختبأت خلف شجرة وقتلتهم جميعا، كنت أريد أن التهم أحدهم شعرت برغبة شديدة في ذلك. ص105و106.
الأصوات قدمت بشكل (عادي)، لكن، داخلها (يخلق) السارد/السرد حالة تعاطف مع الرائد المتوحش والطبيب، فالطريقة التي قدم فيها الحوار تحمل شيء من (التعاطف) مع هؤلاء الجنود القتلة، فحديثهم عن الوطن وضريبته يشر إلى وطنيتهم، كما أن حديث "لأي" عن الروهينغا الثلاث المسلحين، يتناقض مع (تعاطف السارد) على أنهم مسالمين ولا يملكون شيئا يردوا به الجنود القتلة.
ومن (الهفوات والمطبات) الأخرى جعل الرائد "لأي" يشرب الكونياك: "وصل المعسكر، فوجد أن أحد الجنود الذي كلفه بالصيد قد اصطاد خنزيرا بريا، وسلمه للطاهي فتح زجاجة كونيك جديدة وبدا يصيبها" ص41، وهذ المشروب الفرنسي غالي الثمن، كما أنه متعارف أن هناك مشروبات روحية خاصة في كل دولة/منطقة، وكأن أولى على السارد أن يبحث عن المشروب مسكر في بروما بل استخدام الكونياك .
ونجد مشروب آخر، "الويسكي" موجود عن "لأي": "شرب لأي كثيرا من الويسكي وكاد يسقط أرضا" ص94، وهذا ما يجعل المشروبات في الرواية غير مقنعة للمتلقي، وتخدم فكرة (الافتراء) على ما يقدم عليه الجنود في الروهينغا"
ومن (الهفوات والمطبات) تقديم اميركيا بصورة ايجابية:
"ـ وهل الروهينغا ذلك العدو العظيم الذي يمكن أن أخون من أجله؟
ـ سيقولون أنك جاسون لأمريكا وتساعد منظمات حقوق الإنسان.
ـ يا رجل.
ـ ومن يساعد منظمات حقوق الإنسان الغربية هو خائن يستحق القتل.
ـ أعرف" ص43،
ومن الهفوات أيضا جعل "سليمة" الشرق أسوية ذات عيون خضراء: "كانت عينا سليمة الخضراوان تشتعل بالحزن وهي ترى عمها جبار يتقدمها بحذر في هذه المنطقة الحدودية المليئة بالألغام" ص91، وهذا أيضا يحسب على السارد الذي (تاه) في المكان ولم يميز العيون الخضر من العسلية.
وهناك (هفوة) أخرى وقع فيها السارد عندما جعل الرائد "لأي" وهو الأكثر وحشية في الرواية يتحدث بلغة ناعمة: "ـ لو تكرمتي أريد أحد الأطباء وقبل أت تغادري هل حضر ابني وأحضر شيئا" ص104، فهذه لغة كانت (غريبة) وغير متناسقة مع شخصية ولغة "لأي" المتوحش والمجرم.
فكثرة الهفوات والخلل في بنية الشخصيات ولغتها، وضعف الحبكة، وعدم قدرة السارد العليم على منح الحرية لأبطال الرواية في الحديث، جعل الرواية ومشوهة وغير مقنعة، وهذا ما يجعلنا نقول أن كتابة ونشر الرواية كان فيه تسرع، ويحسب عليها وليس لها.
الرواية من منشورات دار الأسراء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2018.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف