الأخبار
الأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويا
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ورقة موقف- ذكرى عيد العمال العالمي : الجائحة تزيد أوضاع العمال الفلسطينيين سوءاً

تاريخ النشر : 2020-05-02
ورقة موقف صادرة عن مركز "شمس" في ذكرى عيد العمال العالمي : الجائحة تزيد أوضاع العمال الفلسطينيين سوءاً


مقدمة 

يصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" في الأراضي الفلسطينية العضو الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة هذه الورقة في الأول من أيار ضمن سلسلة أوراق خاصة أطلقها في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، يسلط المركز الضوء في هذه الورقة على أوضاع العمال الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ودولة الاحتلال، والطريقة التي ضاعفت فيها الجائحة من معاناتهم. إذ يصادف الأول من أيار من كل عام عيد العمال العالمي، وهو مناسبة تسلط فيها المنظمات المدنية والنقابات والحركات العمالية الضوء على أوضاع العمال ومعاناتهم وتوحد النضال من أجل تحسين حياتهم وضمان حقوقهم. هذا العام له خصوصية كون المناسبة تأتي في ظل تفشي جائحة كورونا، التي رفعت مستويات البطالة على مستوى العالم إلى معدلات غير مسبوقة ، وبالتبعية مستويات الفقر والتهميش. أكثر الأسر تتضرراً من الجائحة هي أكثر الأسر هشاشة والتي من بينها أسر العمال في الضفة الغربية وقطاع غزة، سيما عمال المياومة والعمال الفلسطينيين في دولة الاحتلال الذين يتعرضون لانتهاكات شتى. يكمن في جوهر الاستعمار الإسرائيلي ومنظومتيه البنيوية والتشريعية انتهاك عنيف ممنهج لحقوق الإنسان الفلسطيني، يُمؤسس ذاته عبر المؤسسات بما فيها التنفيذية والبرلمانية - التشريعية والقضائية والإعلامية، والعقل الجمعي الإسرائيلي ويُخلّق لذاته بنى راسخة من الصعب تحديها تدفع بالفضاء العام نحو مزيداً من اليمينية على نحو مستمر، تمتد إفرازات هذه الحالة وتتجلى على شكل انتهاكات في كل القطاعات والحقول تتقاطع في أنها موجهة ضد الإنسان الفلسطيني أياً كانت صفته. بما في ذلك العمال الفلسطينيون داخل دولة الاحتلال .

الحق في العمل وحقوق العمال في القانون الدولي: التزامات الدول

يعتبر الحق في العمل أول الحقوق المقرة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد انضمت إليه دولة فلسطين ودخل حيز النفاذ في الأول من حزيران 2014،  كما تكفل المادة (23) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكل شخص الحق في العمل وفي حرية اختيار عمله وفي شروط عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة، أما اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن سياسة العمالة فتنص أن على الدول الأطراف توفير فرص عمل لجميع المحتاجين إليه والباحثين عنه. يقضي هذا الاعتراف للإنسان بحقه في العمل في الصكوك والمواثيق والمعاهدات الدولية باعتباره حق من حقوق الإنسان عدم استبعاد أي فرد من الحياة الاقتصادية وبالتالي من الحياة الاجتماعية الإنسانية.

ترتبط حقوق العمال وظروف العمل على نحو وثيق بالحق في العمل، إذ يقصد بها تلك المجموعة من الحقوق التي تكفل الحماية للشخص الذي يبيع قوى عمله وهي تتضمن ما يلي:

·        الحق في أحوال العمل التي تصون الكرامة

·        الحق في القيام بالعمل الذي يختاره أو يبله بحرية

·        الحق في تلقي أجر كاف

·        الحق في يوم عمل محدود وفترات راحة مدفوعة الأجر

·        الحق في المساواة في الأجر عند تساوي قيمة العمل

·        الحق في المساواة في المعاملة

·        الحق في ظروف عمل مأمونة وصحية

فضلاً عن الحق في خدمات التوجيه والتدريب المهني وغيرها.

الانتهاكات الإسرائيلية ضد العمالة الفلسطينية المنظمة

يمكن تكثيف مروحة الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الفلسطينيين في إسرائيل والتي تمركزت بعد تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد إلى:

·        صعوبة الوصول إلى أماكن العمل على نحو طبيعي لائق مقترن بسوء المعاملة في النقاط والحواجز: يتضمن ذلك المرور عبر (11) معبراً وحواجز طيارة ودائمة يمارس فيها أشكال واضحة من التمييز العنصري ضد الفلسطينيين العمال، بدءاً من الطوابير الطويلة والتفتيش – العاري أو باستخدام الكلاب البوليسية في بعض الحالات والمعاملة المهينة والإذلال، وصولاً إلى الحشر الذي يسبب تدافع وتزاحم، وغياب الحمامات وأماكن الاستراحة، والانتظار لساعات طويلة حتى الدخول بالرغم من الظروف الجوية السيئة الحارة أو الباردة. كمعدل عام يقضي العامل الفلسطيني يومياً حوالي (5) ساعات في الانتظار والتفتيش وإجراءات المرور، وهو وقت يكون على حساب تواجده مع أسرته وساعات نومه واندماجه ونجاحه الاجتماعي.

·        التمييز في الأجر والحقوق الاجتماعية: يتلقى العامل الفلسطيني وبالذات العمال بدون "ترخيص" أو بدون عقود عمل أجراً أقل من العامل الإسرائيلي، بالرغم من عملهم في نفس المنشأة، يمتد هذا التمييز إلى التعويض في حالات إصابات العمل والعجز. يضاف إليه عمل الفلسطيني ساعات أطول دون تقاضي أجر بدل العمل الإضافي. والتلاعب في أيام العمل بحيث يجري تسجيلها من المشغل الإسرائيلي بأقل مما هي عليه فعلياً.

·        السماسرة: في الكثير من الحالات، يتعرض العمال الفلسطينيين لاستغلال من قبل سماسرة التصاريح أو السائقين الذين يعملون على نقلهم من وإلى الحواجز وأماكن العمل، فضلاً عن التصاريح التي يتم شرائها بكلفة عالية. والاحتيال من قبل أصحاب العمل والمشغلين، إذ في كثير من الحالات يقوم المشغل الإسرائيلي بالإبلاغ عن العامل بادعاء أمني زائف وإيقاف تصريحه نتيجة مطالبته بحقوقه العمالية.

·        بيئة عمل خطرة وإجراءات سلامة منعدمة: الغالبية العظمى من العاملين الفلسطينيين يعملون في القطاعات الخطرة والشاقة مثل قطاع البناء والإنشاءات، لا يجري توفير مقومات الأمن والسلامة لهم حتى بالحد الأدنى، في نفس بيئة العمل تتوفر هذه المعدات الوقائية للعامل الإسرائيلي، وهو ما يفرز إصابات عمل مرتفعة العديد منها قاتلة سنوياً في صفوف العمال الفلسطينيين. يتم رفض علاجهم أو تعويضهم وكثيراً ما يتم إلقائهم على الحواجز مع الضفة الغربية وتركهم يواجهون مصيرهم وهم مصابون.

الانتهاكات الإسرائيلية ضد العمالة الفلسطينية غير المنظمة

تتضاعف الانتهاكات السابقة ضد العمالة الفلسطينية في إسرائيل عندما يتعلق الأمر بالعمالة غير المنظمة، هذه الفئة من العمال حقوقها غير معترف بها بالكامل، لا تتلقى العلاجات في حال إصابة العمل وأقصى ما يمكن تقديمه لهم في حال حدوث ذلك إلقائهم على الحواجز بطريقة عنصرية مهينة، يجري ملاحقة هؤلاء العمال ومطاردتهم بشكل عنيف بدءاً من لحظة الدخول، في الكثير من الحالات يتم استغلالهم من السائقين والسماسرة بالاستفادة من وضعهم "غير القانوني" ويتعرضون لإطلاق النار المباشر أثناء تسللهم إلى أماكن عملهم من الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة، وتستمر مطاردتهم "كمجرمين" واستخدام العنف والتنكيل والإهانات ومداهمة أماكن عملهم بحثاً عنهم، هؤلاء العمال يتم ترحيلهم أو سجنهم أو تقديمهم للمحاكمة وتغريمهم غرامات مرتفعة وتوقيعهم على تعهدات عند إلقاء القبض عليهم، أما من حيث المبيت عادة ما يضطرون للنوم في العراء أو المباني قيد الإنشاء أو المزارع أو عبارات المياه والتي بجميعها غير صالحة للاستخدام الآدمي، فضلاً عن تناول الطعام المصنع (المعلبات) وبكميات قليلة ما يؤدي على المدى البعيد إلى إصابتهم بأمراض صحية تراكمية خطيرة.

كورونا المستجد: التيه العمالي والتحديات الجديدة

في ديسمبر 2019 وفي مدينة ووهان وسط الصين اكتشف مرض كوفيد 19 – كورونا المستجد، الفيروس شديد العدوى سرعان ما تحول إلى جائحة ([1]) حسب ما صنفته منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020، في 21 فبراير 2020 أعلنت إسرائيل عن ظهور أول حالة إصابة فيها، فيما أعلنت فلسطين مطلع مارس 2020 تسجيل أول 7 إصابات لعاملين في فندق أنجل في مدينة بيت لحم. بلغ عدد المصابين حول العالم حتى تاريخه ([2])  2.40 مليون مصاب وأكثر من 165 ألف وفاة. فيما بلغت الإصابات في إسرائيل 13491 إصابة و172 حالة وفاة. أما في فلسطين وصلت حصيلة الإصابات إلى 495 إصابة وثلاث حالات وفاة.

 ضرب هذا الفيروس العديد من القطاعات الاقتصادية في مقتل، كما انعكس بشكل كبير على النظام الدولي، ليخلق أزمات اقتصادية واجتماعية ونفسية متشعبة كتبعية للأزمة الصحية. في الرابع من مارس الجاري أعلن الرئيس الفلسطيني حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية لمدة شهر، في مساعي لمواجهة جائحة كورونا، وذلك استناداً للنظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية وللقانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، ولا سيما أحكام الباب السابع منه، جاء في المرسوم: "تتولى جهات الاختصاص اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواجهة المخاطر الناتجة عن فيروس كورونا وحماية الصحة العامة وتحقيق الأمن والاستقرار، و تكون حالة الطوارئ هذه لمدة 30 يومًا، ويخول رئيس الوزراء بالصلاحيات والاختصاصات اللازمة لتحقيق غايات هذا الإعلان كافةً" والتي جرى تمديدها لاحقاً لمدة شهر أخر. في 17 مارس 2020 طالب رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية العمال الفلسطينيين في إسرائيل بترتيب أمورهم للمبيت في أماكن عملهم بالتنسيق مع مشغليهم خلال ثلاثة أيام، مشيراً أنه سيتم منع التنقل بين الأراضي الفلسطينية والداخل بعد انتهاء المهلة الممنوحة، محملاً إسرائيل كقوة احتلال المسؤولية الكاملة عن سلامة العمال من فيروس كورونا، في اليوم نفسه أعلن وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي السماح للعمال والتجار الفلسطينيين بالمبيت مدة تتراوح بين شهر وشهرين تحت مسؤولية مشغليهم. في محاولة لاستغلال العمال للحفاظ على عجلة الحياة الاقتصادية المهددة بالانهيار مع تفشي الفيروس. لاحقاً لذلك أصاب الفيروس العديد من العمال والذين عادوا ونقلوه لعائلاتهم وقراهم، ما وضع المجتمع الفلسطيني أمام تحدي غير مسبوق.

في هذا السياق وجد 60 ألف عامل فلسطيني من أصل 133 ألف من حملة التصاريح فضلاً عن العمالة غير المنظمة أنفسهم أمام تحدي وجودي ومفاضلة صعبة بين صحتهم وصحة عائلاتهم ومجتمعاتهم أو لقمة عيش أسرهم وقرروا البقاء في أماكن عملهم. المعدلات المرتفعة للإصابة بفيروس كورونا في إسرائيل جعلت هؤلاء العمال عرضة للضغوط الاجتماعية الهائلة والملاحقة الأمنية الفلسطينية لمنعهم من الذهاب لأماكن عملهم في إسرائيل والملاحقة عند العودة منها لإجبارهم على الحجر. واتخذت بحق لعائدين منهم إجراءات احترازية مشددة وضعتهم أمام ضغوط نفسية ومعيشية هائلة. وتحمل الأيام المقبلة معها احتمالية عودة عشرات آلاف العمال بسبب قرب بدء عيد الفصح اليهودي.

 العامل الفلسطيني مالك غانم: انتهاك عنصري مركب والشبهة "كورونا"

في 23/3/2020 ألقت سلطات الاحتلال بالعامل الفلسطيني مالك غانم من قرية صرة غرب مدينة نابلس قرب حاجز بيت سيرا العسكري بطريقة مهينة للاشتباه بإصابته بفيروس كورونا، وثق الحادثة شريط مصور ما أثار ضجة وحول القضية إلى قضية رأي عام، كشفت هذه الحادثة التي شكلت انتهاكاً مركباً لحقوق الإنسان ، وتعبيراً عن سياسية عنصرية عنيفة يتم إتباعها ضد العمال الفلسطينيين، عن الطريقة التي ترى فيها إسرائيل العامل  كجزء من عجلتها الاقتصادية، في تجرد كامل من المعايير  الإنسانية والمتطلبات الحقوقية.


رصد معاناة العمال الفلسطينيين العاملين في الضفة الغربية وقطاع غزة  في ظل الجائحة

أما على مستوى العمال الفلسطينيين العاملين في الضفة الغربية وقطاع غزة، فلا يمكن فصل أوضاعهم عن الوضع العام السيئ. شمل إعلان الطوارئ منع الحركة والتنقل بين المدن وإغلاقها وفرض حظر للتجوال وإغلاق المرافق الاقتصادية باستثناء المخابز والصيدليات والمحال التجارية ضمن أوقات معينة ضيقة وإجراءات مشددة، والأوضاع تتجه نحو الأسوأ، وهو ما وضع عشرات آلاف الأسر أمام تحديات وجودية في ظل عدم تهيئها لظروف مواتية وعدم متانة الاقتصاد الفلسطيني الذي تعمل عجلته يوماً بيوم وعدم قدرته على تخليق مصادر دخل بديلة خلال الأزمات الكبرى، نتيجة ضعف الموارد والأزمات السياسية. إذ بلغ عدد الأسر الأشد فقراً وفق وزارة التنمية الاجتماعية قبل الأزمة حوالي 120 ألف أسرة بالإضافة إلى 53 ألف أسرة بعد الأزمة وهي تتلقى معونات من الوزارة تبلغ 750 شيكل/ حوالي 200 دولار مرة كل ثلاثة شهور فقط.

فيما بلغت نسبة الفقر بين الأفراد وفقاً لنمط الاستهلاك الشهري في فلسطين 30%، ونسبة البطالة 25%، وهي النسب التي من المرجح أن ترتفع إلى مستويات قياسية وتتضاعف عدة مرات مع أزمة كورونا المستجد، وفقاً لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء فقد بلغ بلغ عدد العاملين في عام 2019 في دولة فلسطين 1,010,400 عامل، منهم 209,500 عامل في القطاع الحكومي  و667,600 عامل في القطاع الخاص و133,300 عامل في إسرائيل والمستعمرات.  في حين بلغ عدد العاملين في القطاع الخاص في الضفة الغربية 501,700 عامل و165,900 عامل في قطاع غزة، وتمثل نسبة العاملين في القطاع الخاص حوالي 66% من إجمالي العاملين في فلسطين، وبلغت نسبة العاملين في إسرائيل والمستعمرات 13.2%، في حين بلغت نسبة العاملين في القطاع الحكومي 20.7%. وقد بلغ عدد العاملين في إسرائيل والمستعمرات الإسرائيلية 133,300 عامل، بواقع 110,400 عامل في إسرائيل و22,900 عامل في المستعمرات، منهم 300 امرأة عاملة في المستعمرات و600 امرأة عاملة في إسرائيل. وبلغ عدد العاملين في السوق المحلي (يشمل العاملين في القطاع العام والخاص) نحو  ,100877 ألف عامل في العام 2019، منهم 616 ألف عامل في الضفة الغربية و261 ألف عامل في قطاع غزة.  كما بلغ عدد المستخدمين بأجر في القطاع الخاص نحو 360,700 عامل، بواقع 255,300 في الضفة الغربية و105,400 في قطاع غزة، منهم 297,900 من الذكور و 62,800 من الإناث.

وبلغ إجمالي عدد المنشآت العاملة في ظل قرار مجلس الوزراء بتوقف العمل في العديد من الأنشطة الاقتصادية 37,336 منشأة من أصل 142,400 منشأة تعمل في فلسطين تمثل ما نسبته 26.2% من إجمالي عدد المنشآت، وتعمل المنشآت العاملة في هذا الظرف بالوضع الطبيعي لعملها على تشغيل 105,345 عاملا من أصل 424,904 عامل، في فلسطين. وبتوزيع هذه المنشآت حسب المنطقة الجغرافية فان المنشآت العاملة في الضفة الغربية وفق القرار يصل عددها إلى 24,233 منشأة تمثل ما نسبته 25.4% من مجموع المنشآت العاملة في الضفة الغربية، وتعمل تلك المنشآت على تشغيل 71,043 عاملا يمثلون 24.5% من مجموع العاملين في المنشآت القطاع الخاص والأهلي في الضفة الغربية، أما في قطاع غزة فيبلغ عدد المنشآت العاملة وفق القرار 13,103 منشآت تمثل 28% من مجموع المنشآت في قطاع غزة، وتعمل تلك المنشآت على تشغيل 34,302 عامل يمثلون 25.6% من مجموع العاملين في منشآت القطاع الخاص والأهلي في قطاع غزة. تشير الدلائل إلى طول أمد الأزمة واتجاهها نحو الأسوأ بما يستدعي تدخلات إسنادية تكاتفية عاجلة. كما أن الأسر التي ترأسها نساء بالذات العاملات في المستوطنات أو في الحضانات واللواتي فقدن عملهن نتيجة تفشي الفيروس والأسر التي لديها أشخاص من ذوي الإعاقة أو مرضى أو كبار في السن هي من الأسر الأكثر معاناة، إذ تشير الإحصائيات السابقة الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء أن الأسر التي ترأسها النساء أكثر فقراً من تلك التي يرأسها رجال، وتبلغ نسبة هذه الأسر حوالي 11% من مجموع الأسر الكلي، بواقع 12% في الضفة الغربية و9% في قطاع غزة وفقاً لبيانات مسح القوى العاملة للعام 2019، وهي أسر عادة ما يجري تهميشها والتمييز في استهدافها ولا يجري مراعاة خصوصيتها في تقديم المساعدات لها.

تزامناً مع هذه المؤشرات الاقتصادية السلبية، ارتفعت أسعار السلع والخدمات وانقطعت أخرى من الأسواق، ما شكل تعقيداً للأزمة والضائقة خاصة في ظل اقتراب موعد شهر رمضان الفضيل، والذي يشكل مناسبة دينية اجتماعية تتطلب حداً معقولاً من القدرة الاقتصادية، مع توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للضفة الغربية بنسبة 35% (5,028 مليون دولار مقيما بالأسعار الجارية) وانخفاض الإنفاق الحكومي نتيجة انخفاض الإيرادات 33% وانخفاض الاستهلاك الحكومي تباعاً بنسبة 20% في حال تمديد حالة الطوارئ والفتح جزئياً ببطء، وانكماش 20.3%  في حال عدم التمديد([3]) وهو ما يهدد بإفراز حالة أوسع يزداد فيها توحش الفقر وشدة معاناة الأسر الفقيرة والمهمشة والمنكشفة التي يفتك بها. التبعات التي يخلقها الفقر الذي تنشره هذه الأزمة وتوسع نطاقه ودوائر تأثيره، يتكثف في شعور انكساري وشعور بالظلم والإقصاء والتهميش وغياب العدالة الاجتماعية وتراجع الشعور العام بالمواطنة والانتماء.

العاملات في رياض الأطفال والعاملات في المستوطنات: معاناة مركبة بسبب كورونا

تعاني (1178) عاملة في حضانات الأطفال وحوالي (4600) عاملة في رياض الأطفال في الضفة الغربية وقطاع غزة ظروف صعبة للغاية ممتدة من ما قبل أزمة تفشي جائحة كورونا ([4]) وتضاعفت مع الأزمة مع توجه الحكومة الفلسطينية لإغلاق قطاع التعليم نتيجة تفشي فيروس كورونا، عدا حوالي 260 عاملة في رياض أطفال حكومية تستمر رواتبهن حتى الآن، يعاني كل العاملات في الحضانات والرياض من توقف رواتبهن المتدنية أصلا والتي تقل عن الحد الأدنى للأجور، يصل معدل هذه الأجور 200-700 شيكل. في قطاع غزة 200-300 شيكل شهرياً هو ما تحصل عليه المربيات في رياض الأطفال بالرغم من عملهن نحو 6 ساعات يومياً والمجهود المضني الذي يقمن به مع الأطفال، بهدف تمكينهم من الاستجابة للمناهج وتهيئتهم للمرحلة المدرسية. في ظل هذا السياق الذي تتراجع فيه حقوق العاملات في هذه الحقول وتتدهور، هناك نقص وتدني في فاعلية الإشراف الحكومي على الحضانات ورياض الأطفال، غذ يترك الأمر عادة لإدارة الروضة، وينحصر الإشراف في طبيعة العمل والالتزام بالمواصفات الصحية والتعليمية.

أما العاملات الفلسطينيات في المستوطنات، واللواتي يغادرن إل عملهن بشكل مبكر جداً مع الفجر، ودليهن التزامات أسرية كبيرة، ويعملن لأكثر من 8 ساعات يومياً فلا يوجد لديهن عقود عمل أو أي تأمين صحي، ويتعرض للإهانة والضرب والتهديد بالطرد من العمل في حال أدنى تقصير، من قبل المشغلين الإسرائيليين وفقاً لشهادتهن، والغالبية منهن تعاني مشاكل صحية ناجمة عن ظروف العمل الصحة. تبرز الخطورة في هذه الحالة من أن العلم في المستوطنات مخالفة للقانون الدولي باعتبار المستوطنات بذاتها جريمة حرب، ولا ينطبق عليهن القانون الفلسطيني ولا قانون العمل الإسرائيلي، وبالتالي يفقدن كافة حقوقهن العمالية، وهي انتهاكات تضاعفت مع تفشي فيروس كورونا، ليتم انتهاك حقهن في الرعاية الصحية، وتركهن يعملن في ظروف غاية في الخطورة في إعلاء لعجلة البقاء الاقتصادي على البقاء الإنساني.

توصيات مركز "شمس"

في هذا السياق وتعقيداته، نضع جملة من التوصيات على أكثر من مستوى:

1.      على الحكومة الفلسطينية تكثيف جهودها لترتيب عودة العمال الفلسطينيين في دولة الاحتلال المحتملة خلال عيد الفصح اليهودي على نحو منظم وعلى دفعات، بما يمكنها من استيعابهم صحياً وفق الإجراءات المناسبة والقدرات المتاحة.

2.      تشديد الإجراءات الأمنية الفلسطينية في ملاحقة السماسرة والمهربين للعمال ضمن القانون، ورفع مستوى التواجد الأمني قرب "المعابر" والحواجز الإسرائيلية خاصة في القرى والأرياف ومناطق التماس مع جدار الفصل العنصري.

3.      ضرورة التزام العمال الفلسطينيين العائدين من أماكن عملهم في إسرائيل بالحجر المنزلي لمدة 14 يوماً وفقاً لشروط وإجراءات السلامة العامة. بحيث يكون الحجر في غرف منفردة بما لا ينقل العدوى لعائلاتهم أو قراهم وتجمعاتهم. وتوجه العمال الذين لا تتوفر لديهم أماكن حجر لمناطق الحجر الحكومية (الفنادق). والتخلي عن مبادرات حجر العمال في المدارس لما تحمله من تهديدات بنتائج عكسية ونشر الفيروس.

4.      توجه العمال الفلسطينيين العائدين من دولة الاحتلال في حال ظهور أعراض الفيروس عليهم أو شعورهم بها لأقرب مركز صحي لإجراء الفحوصات اللازمة. والالتزام بتعليمات الطواقم الطبية في أماكن العلاج والحجر المركزية.

5.      رفع مستوى الوعي العام في النظرة السلبية للعمال الفلسطينيين في دولة الاحتلال، والتركيز بدلاً من ذلك على التكافل المجتمعي بغية تحقيق سند لهم يحول دون إجبارهم على الاستمرار في العمل في المستوطنات والمدن الإسرائيلية أو العودة إليها والتي باتت بؤر لتفشي فيروس كورونا.

6.      مراعاة الجانب الأمني وجهات إنفاذ القانون لحق العمال الفلسطينيين في دولة الاحتلال في الخصوصية، وتوخي الدقة وإتباع الإجراءات القانونية بالكامل في تنفيذ القانون وفق إعلان الطوارئ بعيداً عن الضجيج الإعلامي.

7.      مراعاة الإعلام الفلسطيني التقليدي والرقمي لدقة المصطلحات وتجنب الكلمات التي تنطوي على إيحاء "إجرامي" في تغطية الأخبار المتعلقة بحركة وتنقل العمال الفلسطينيين.

8.      قيام وزارة التنمية الاجتماعية والقطاع الخاص وصناديق التكافل الوطنية بما فيها صندوق "وقفة عز" المشكل حديثاً بوضع العمال الفلسطينيين كأولوية في توزيع المساعدات المادية والعينية، بما يضمن توفير الاحتياجات لأسر العمال التي فقدت مصدر دخلها الوحيد ويشكل فرصة لتخفيف العبء على العمال بما يجعلهم أكثر استجابة للعزل المنزلي.

9.      تفعيل دور الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، بما يضمن متابعته الفاعلة لقضايا العمال والعمل على صيانة وحفظ حقوقهم.

10.  مطالبة المنظمات الدولية وفي المقدمة منها منظمة العمل الدولية بالعمل الحثيث على متابعة أوضاع العمال الفلسطينيين في إسرائيل والعمل لوقف الانتهاكات المركبة التي يتعرضون لها ومحاسبة إسرائيل عليها.

11.  قيام منظمات المجتمع المدني بدورها في تقديم المساعدة والاستشارة والدعم القانوني للعمال، بما يشكل إرشاداً لهم في هذه الظروف المستجدة والاستثنائية ويحول دون مزيداً من الانتهاك لحقوقهم.

12.  المسارعة إلى تقديم مساعدات مالية لجميع العاملات في دور الحضانة وفي رياض الأطفال اللواتي توقفن عن العمل نتيجة أزمة فيروس كورونا، في الضفة الغربية وقطاع غزة.

13.  ضرورة قيام وزارة العمل واللجنة الوطنية للأجور بدورهم في تطبيق الحد الأدنى للأجور الحالي (1450) شيكل، والإعلان عن حد أدنى أجور جديد يتناسب ومؤشر غلاء المعيشة وأسعار السلع والخدمات وعوامل تضخم العملة وغيرها، وتشديد العقوبات على أصحاب العمل الذين لا يلتزمون به في قانون العمل الفلسطيني.

14.  تنفيذ برامج توعية وطنية حول خطورة العمل في المستوطنات، ووضع إستراتيجية شاملة بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تبحث في بدائل في سوق العمل الفلسطيني، وبالذات للعاملات في المزارع الاستيطانية، في ظل ما يتعرضن له من انتهاكات خطيرة متعددة.
------------------------------------
[1]  تطلق لفظة جائحة على الوباء الذي ينتشر بين البشر في مساحة كبيرة، عبر قارة أو قارات أو كل العالم، تاريخياً ظهرت العديد من الجوائح الفتاكة مثل الجدري والطاعون الأسود الذي قتل أكثر من 20 مليون شخص حول العالم عام 1350م.

[2]  20/4/2020.

[3]  بيان صحفي "خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء انتشار وباء كوفيد – 19 في الضفة الغربية: عرض نتائج بحوث أولية حول الآثار الكلية والقطاعية ومناقشة سبل التعافي"، صادر عن معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية (ماس)، 22/4/2020.

[4]  وفقاً لتصريحات وزير التنمية الاجتماعية لوسيلة إعلامية في الأول من أبريل 2020.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف