
ركوة النوافذ
" النوافذ كتب رديئة "، عنوان كتاب قصصي للقاصة: "شيخة حسين حليوى"، ضمن منشورات الأهلية للنشر والتوزيع2016.
والعنوان أيضا لقصة قصيرة ابتدأت فيها القاصة مجموعتها.
بداية القصة هو نتاج تراثي يغلب في شخصية القاصة؛ وترسم هذا الخط القصصي في أول جملة: " آه لو أستطيع أن أدكّ هذه الحيطان من حولي لتصبح الدنيا أكثر اتساعا ".
وكأن الكاتبة عنت ذلك، وبإصرار تساءلت: هل كانت حيطانا أم جدرانا؟
فلماذا اختارت مفردة "حيطان " عوضا عن " جدران "، وهي الأقرب للتداول على الرغم من فصاحة الكلمتين؛ لكنه القُرب التراثي في حالة الكاتبة، كما أشرنا.
تحيلنا " شيخة " إلى أنموذج القارئ المتعدد المتردد في إشارة غير مقصودة، ربما، بإسقاط مقطعي عرضي على حالة السجين، والذي اتسم بالتردد في قراءاته، حواره عن الخيمة، تبريراته الفلسفية؛ لكنه في نفس الوقت كان الحزم ماثلا في القصة؛ بنزع ستائر النوافذ الواسعة، وقتل عشيق زوجته.
وعلى الرغم من ذلك فإن " شيخة " تطلق رمزياتها بكثافة، فمن رمزية الحيطان إلى الانتماء للخيمة، وتعددها لرمزية الحرية .الانتعاق من العادات، وفلسفة الأنا.
ولكون جنس الكتابة هو القصة القصيرة، فقد اختزلت علاقة الزوجة بالشاب الجار في جمل تصاعدية مختزلة، كانت ذروتها نتيجة اختزالية أيضا؛ بمحدد واحد هو الاشتهاء:
- أشتهيكِ.
- أشتهيكً.
وفي هذا المقطع بالذات تكون النتيجة بناء على السبب المتراكم مع الفعل المؤسس له، والذي كان "نزع ستائر النوافذ الواسعة ".
ولم تغفل " شيخة " في ضخ مسار فلسفي لأحداث القصة والتي هي تكوين للإطار الخارجي للحدث الواحد فيها " ثمن الحرية "، لكننا هنا أمام حريات متعددة؛ حرية الاختيار، حرية الإجبار، حرية اختيار الضحية، فحرية المواجهة فالتنفيذ؛ والتي كان فعل القتل نتيجته.
ومن عجيب التشابك بين الفنتازيا الشعورية والواقع المؤثر نرى هذا المقطع للزوج القاتل حيث يقول: " حسنا، قتلته لأنه كان يصطاد مشاعرها من وراء النافذة المكشوفة وهي كانت خلفها، كان حرا ، وكانت مسجونة بمعنى أو بآخر. ليس ذنبها أن تدفع ثمن رغبتي بنوافذ مكشوفة تطل على العالم خارج الجدران والنوافذ. كان عليه أن يدفع ثمن طمعه.
طمع الحر بدهشة السجين، طمع الذي يرى العالم بعينيين كبيرتين بآخر يرى العالم بنصف عين وهي رأت العالم بنصف عينيها. كانت خائفة وكان مطمئنا. كان يقرأ كتبا وهي كانت تقرأ الشارع. هل تفهمني؟ "
لم تخاطب" شيخة " من خلال الفلسفة المنفتحة على الشعور العميق في كينونة البطل بل كانت المخاطبة للعالم، لكثير من الفئات، لكنها أرادت أن تنفك من حصرها للرمزية إلى تعدد الانفلاتات في التحليل.
لكني هنا أحلق بعيدا عن هذه الإشارات المسببة للنتيجة " القتل " إلى معالجة تراثية لكل فعل يقترب من الانفلاتات المتعددة المتلاحقة، والذي كانت من تداعياته الانكشاف وتخطي المسموح، حيث يقول تعالى:
(( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ))
(( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا).
وكأن ارتكاب الفعل الخاطئ هو اشتباك واشتراك بالضرورة مع بين الجنسين، فإن انتفى أي منهما زال الاشتباك الفاعل في الفعل.
وفي حركة دائرية تغير " شيخة " مفردة " حيطان " المستخدمة في بداية القصة إلى " جدران " في نهايتها، فهل كان هذا تأثرا بالنسيج العام للقصة من خلال تدخل العقل الباطن في تجميل المفردة من وإلى؛ بفعل الحرية الاختيارية وفلسفة الانفتاح!
الناقد: طلعت قديح
" النوافذ كتب رديئة "، عنوان كتاب قصصي للقاصة: "شيخة حسين حليوى"، ضمن منشورات الأهلية للنشر والتوزيع2016.
والعنوان أيضا لقصة قصيرة ابتدأت فيها القاصة مجموعتها.
بداية القصة هو نتاج تراثي يغلب في شخصية القاصة؛ وترسم هذا الخط القصصي في أول جملة: " آه لو أستطيع أن أدكّ هذه الحيطان من حولي لتصبح الدنيا أكثر اتساعا ".
وكأن الكاتبة عنت ذلك، وبإصرار تساءلت: هل كانت حيطانا أم جدرانا؟
فلماذا اختارت مفردة "حيطان " عوضا عن " جدران "، وهي الأقرب للتداول على الرغم من فصاحة الكلمتين؛ لكنه القُرب التراثي في حالة الكاتبة، كما أشرنا.
تحيلنا " شيخة " إلى أنموذج القارئ المتعدد المتردد في إشارة غير مقصودة، ربما، بإسقاط مقطعي عرضي على حالة السجين، والذي اتسم بالتردد في قراءاته، حواره عن الخيمة، تبريراته الفلسفية؛ لكنه في نفس الوقت كان الحزم ماثلا في القصة؛ بنزع ستائر النوافذ الواسعة، وقتل عشيق زوجته.
وعلى الرغم من ذلك فإن " شيخة " تطلق رمزياتها بكثافة، فمن رمزية الحيطان إلى الانتماء للخيمة، وتعددها لرمزية الحرية .الانتعاق من العادات، وفلسفة الأنا.
ولكون جنس الكتابة هو القصة القصيرة، فقد اختزلت علاقة الزوجة بالشاب الجار في جمل تصاعدية مختزلة، كانت ذروتها نتيجة اختزالية أيضا؛ بمحدد واحد هو الاشتهاء:
- أشتهيكِ.
- أشتهيكً.
وفي هذا المقطع بالذات تكون النتيجة بناء على السبب المتراكم مع الفعل المؤسس له، والذي كان "نزع ستائر النوافذ الواسعة ".
ولم تغفل " شيخة " في ضخ مسار فلسفي لأحداث القصة والتي هي تكوين للإطار الخارجي للحدث الواحد فيها " ثمن الحرية "، لكننا هنا أمام حريات متعددة؛ حرية الاختيار، حرية الإجبار، حرية اختيار الضحية، فحرية المواجهة فالتنفيذ؛ والتي كان فعل القتل نتيجته.
ومن عجيب التشابك بين الفنتازيا الشعورية والواقع المؤثر نرى هذا المقطع للزوج القاتل حيث يقول: " حسنا، قتلته لأنه كان يصطاد مشاعرها من وراء النافذة المكشوفة وهي كانت خلفها، كان حرا ، وكانت مسجونة بمعنى أو بآخر. ليس ذنبها أن تدفع ثمن رغبتي بنوافذ مكشوفة تطل على العالم خارج الجدران والنوافذ. كان عليه أن يدفع ثمن طمعه.
طمع الحر بدهشة السجين، طمع الذي يرى العالم بعينيين كبيرتين بآخر يرى العالم بنصف عين وهي رأت العالم بنصف عينيها. كانت خائفة وكان مطمئنا. كان يقرأ كتبا وهي كانت تقرأ الشارع. هل تفهمني؟ "
لم تخاطب" شيخة " من خلال الفلسفة المنفتحة على الشعور العميق في كينونة البطل بل كانت المخاطبة للعالم، لكثير من الفئات، لكنها أرادت أن تنفك من حصرها للرمزية إلى تعدد الانفلاتات في التحليل.
لكني هنا أحلق بعيدا عن هذه الإشارات المسببة للنتيجة " القتل " إلى معالجة تراثية لكل فعل يقترب من الانفلاتات المتعددة المتلاحقة، والذي كانت من تداعياته الانكشاف وتخطي المسموح، حيث يقول تعالى:
(( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ))
(( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا).
وكأن ارتكاب الفعل الخاطئ هو اشتباك واشتراك بالضرورة مع بين الجنسين، فإن انتفى أي منهما زال الاشتباك الفاعل في الفعل.
وفي حركة دائرية تغير " شيخة " مفردة " حيطان " المستخدمة في بداية القصة إلى " جدران " في نهايتها، فهل كان هذا تأثرا بالنسيج العام للقصة من خلال تدخل العقل الباطن في تجميل المفردة من وإلى؛ بفعل الحرية الاختيارية وفلسفة الانفتاح!
الناقد: طلعت قديح