الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مكان مؤقت، سيرة الجنرال المخيم والاعتقال

تاريخ النشر : 2020-04-26
مكان مؤقت، سيرة الجنرال المخيم والاعتقال
مكان مؤقت، سيرة الجنرال المخيم والاعتقال
بقلم: مهند طلال الاخرس
كتاب لعدنان ضميري من الحجم المتوسط يقع على متن ٣٥٠ صفحة وهو من اصدارات طباق للنشر والتوزيع في فلسطين ٢٠١٨. والكتاب سيرة ذاتية لعدنان الضميري(المؤلف)، وهي سيرة يتداخل فيها الخاص بالعام، اذ لا حدود بين الاثنين في حياة الفلسطيني.

في هذا الكتاب تكتشف فصول المأساة التي ألمت بالفلسطيني نتيجة النكبة وظهرت اول شواهدها في المخيم، والمخيم حيث ولد الضميري ونشأ وترعرع وتشرب حب فلسطين في زقاقه تظهر اولى معالم هذه السيرة فيه، لا بل ان اولى معالمها تظهر من عند الصفحة ٧ حيث الاهداء الى الوالدين والمخيم.

عبر مقدمة طويلة لصديق طويل للضميري وهو المتوكل طه تبدا صفحات الكتاب، وهذا التقديم بدأه المتوكل تحت عنوان حكواتي النهار، وقد احسن المتوكل الوصف واجاد التوظيف. اذ انك وما ان تبدا بقراءة اسطر الكتاب وتقليب صفحاته حتى تكتشف سريعا انك امام حكواتي مقتدر ويملك تلابيب الحكاية وفك طلاسمها وتوزيع قبلات الفرح التي تفوح من سطورها على كل قرائها، ليس هذا وحسب، بل ان صفحات هذا الكتاب التي تفوح منها رائحة زقاق المخيم والحنين الى البحر ومسقط الرأس للاجداد "عرب الضمايرة" وسبب الاسم والنسب والتكوين ما يأخذك بعيدا في تجسيد حقيقة ازلية احسن كثيرا محمود درويش واجاد حين لخصها لنا بقوله:" من يكتب حكايته يرث ارض الكلام".

وعلى قول المتوكل طه في الصفحة ١٧ من تقديمه للكتاب ، ان المهم في اي كتاب هو ليس من اين يأخذ، فالاهم هو الى اين يأخذ. وكتاب الضميري في هذا السياق يأخذك الى عالم المخيم بصورة واقعية موجهة مؤلمة ولكنها لا تخلو من صور الحب والامل والتكافل والتضامن والثورة ايضا.

يبدا الضميري حكايته مع المخيم ابتداء من الصفحة ٣٥ وحتى الصفحة ١٠١، عبر هذه الصفحات قد تفاجئك تلك السيرة العطرة لابن المخيم، ذلك الابن الذي لم نعرف منه إلا البدلة العسكرية واللغة الصارمة والجافة التي تفرضها تلك البدلة ومتطلبات موقفها الرسمي، لكن وانت تسبر غور تلك الصفحات سرعان ما تكتشف ان الجنرال قد خلع عن جسده وقلبه تلك البزة ما ان بدا يكتب ويخط تلك السيرة.

وهذا ما نجد الضميري قد نجح في التعبير عنه حين اوجز بقوله ص ٣٣ ولان تفاصيل السيرة الذاتية تتداخل مع سيرة الناس والتفاصيل الصغيرة، التي لا ترى إلا بالقلب ومساحات الروح، وينصهر فيها الخاص بالعام حتى الاندماج والتوحد...

يقول الضميري في كتابه على ظهر الصفحو ٣٥ هذه مرويتي، او مرافعتي للتاريخ، اقدمها بمحض ارادتي، لاني أؤمن بأن لكل منا قصة تصلح لان تكون حكاية، تشبه حياتنا الفلسطينية الشائكة والمربكة والقاسية والمليئة بالامل ايضا.

واحسن الضميري بتقديم مرويته ومرافعته امام التاريخ وان كانت فصول الرواية الفلسطينية لم تكتمل بعد، وهذا ما يشكل دافعا لكل واحد فينا ان يكتب ويوثق سيرته عبر صفحات تحفظ للرواية الفلسطينية مكانتها وتأخذ سبيلها ودورها في دحض الرواية الاسرائيلية وهرطقاتها، وهذه الدعوة للكل الفلسطيني ولاصحاب التجارب الثرية والفريدة واصحاب المواقع والسيرة النضالية ذات الاثر.

لا يخفى على احد ان ما يبقى من اثار الامم والشعوب هو ما يكتب ويدون ويأخذ طريقه الى عقول الناس وقلوبهم، ويكون نبراسا للاحقين ينهلون منه ويقومون ويصوبون، وهذه هي حكمة الاجداد والاسلاف وهذا عهد الاوفياء لهم.

الضميري او ابن رشيقة كما كان يسميه ابناء المخيم يحمل في ثنايا بوحه لسيرته الشخصية حسا مرهفا وصادقا قلما يستطيع كتاب السيرة الشخصية ان يكتبوه او ان يعبروا عنه دون تلكف، لكن الضميري استطاع وبكل جدارة ان يمارس البوح الصادق والمتجرد من كل تكلف او صنعة، والاهم انه مارس هذا البوح بلغة شعرية راقية وبحس المبدع والمثقف النبيه.

بعد الهجرة من قرية الضمايرة قرب قيسارية على ساحل البحر المتوسط تلجأ العائلة الى مخيم طولكرم، ومن مخيم الزينكو في طولكرم تلد رشيقة عدنان، وفي مخيم الزينكو تفقد رشيقة لطيفة ولطفية بقذيفة من جيش الاحتلال على اثر حرب النكسة فيدفنهما الجيش العراقي دون ان يتمكن الاهل من وداعهما، تبقى هذه الصورة عالقة في ذهن عدنان وتبقى تلك الحادثة تؤرق رشيقة، كيف لام لا تودع بناتها، كيف لهذا الامر ان يستقيم، ام هي مفارقة لها مايتبعها من ظروف وعادات تطغى على قيم مجتمع بالكامل؟.

لم يتوقف اثر تلك الحرب عند عدنان لوحده، لكن عدنان نجح في التقاط تلك الصورة الناجمة عن تلك الحرب وفي تتبع تفاصيلها، فأخذ معنى الحرب مأخذه وهذا ما ظهر منه على ص ٤٦-٤٧ بقوله:في الحرب يقتل الفقراء والبسطاء، ويزيد مال الاغنياء وتجار الحروب وتبكي الامهات وتوزع النياشين على الجنرالات وتنفذ المجازر ضد الناس وتأخذ دماء الناس وقودا لاخبار الاذاعات...وتبحث الشعوب عن قطع اراض جديدة لتكون مقابر للشهداء...

صدق البوح في المذكرات علامة تحسب في رصيد كُتابها، وهي علامة قلما يستطيع كتاب المذكرات اتقانها او بالاحرى التجرد والمصداقية عند خطها على صفحات كتاب، لكن الضميري يفاجئنا في كل صفحة بهذا الكتاب بحجم ذلك البوح ومصداقيته، فيضفي على هذه السيرة لمسات من الديناميكية لا تتوفر في كثير من كتب المذكرات.

هذه الديناميكية او الحيوية بالاضافة الى التشويق الذي يلامس شغاف القلب، ينقلك لان تعيش كل تلك الالام وتتلوه مع كثير من التفاصيل وتسير مع الحكايا في زقاق المخيم وتستمع للسواليف ولا تكتفي بقرائتها فقط.

في الصفحة ٤٩ لا يتوان الضميري بأن يخبرنا بأن امه عرجة وان لقبها في المخيم رشيقة العرجة..على العموم هذه سمة صدق وسمة الواثق المتصالح مع نفسه والمنسجم مع ذاته...

في المخيم يصول الضميري ويجول في ذكرياته، تشعر وانت تقرأ صفحاته بأنك تستمع له تحت صفيح الزينكو وفي ازقة الشوارع التي تسير فيها المجاري وحكايا الناس ايضا، في سيرته في المخيم ابدع الضميري واجاد الوصف والتعبير والتقاط الصور للزمان والمكان والناس ووجوههم...وابدع حين قال في ص ٥٦ "ان من يزيل القمامة عن الارض أولى بالاحترام من الذي يلقيها."

يستمر البوح ليس عن امه والمخيم فحسب، فهذا هو الضميري يتجرد من غطاء إلا من غطاء الصدق عندما يقول في ص ٥٦ : "لم تكن طفولتي مميزة بذكاء خارق او قدرات لافتة، ولكن امي تقول اني كنت لحوحا كثير الكلام والسؤال..."

ومن قصة الجن في حواري المخيم ص ٥٨-٥٩ ،وقصة السمران في المخيم ص ٦١ وفريق كرة القدم وقصة العنصرية بين السمر والبيض والحمام الجماعي في المخيم ص ٦٣ واسراره وطرائفه والمؤن وعيادة الوكالة وشجرة الكينيا ص ٦٥، وعن عصبية المخيم لسكانه امام الاخرين ص ٦٩ خاصة في المشاجرات والمباريات والاخر هنا لم يكن إلا فلسطيني مثله، والحديث عن ازقة المخيم والمدرسة ص ٧٣، وصورة عن طبيعة الاكل والحلويات في المخيم ص ٧٥ : "وتقطع امي الخبز البايت واليابس والقديم وتضعه في صينية الالمنيوم المطبوقة حوافها، وتسكب عليه الحليب والشاي وترش فوقه سكرا وقليلا من سمنة الوكالة.."دون ان يغفل عن ذكر قصة زيت السمك في مدارس الوكالة وكيف اصبح تعويذة يعرف بها ابن المخيم وكأنها طابع البريد الخاص به، ولا تكتمل الصورة عن المخيم الا بالحديث عن كرت المؤن ومطعم الوكالة والبقجة وهو ما جائت سيرته في ص ٨٥-٩٠، وكان قبل ذلك كله قد تطرق للحديث عن سنة الثلجة وكيف ارخت بها العجائز ميلاد ابنائها وبناتها ص ٦٠ وربط الموضوع بأصله حيث كان العرب يؤرخون مواليدهم باحداث، فقد ولد النبي في عام الفيل....ص ٦٠هذه القدرة على التوظيف والربط كمن يمسك بناصية الحلم والامل ويدرك ابجديات الصراع ويفهم حقائق التاريخ جيدا، وهذا احدى ميزات الموروث الشعبي ووظائفه في كتب السيرة، فهو يحفظ الهوية من الضياع ويربطها بأصلها ضمن السياق الجمعي والنتاج الحضري لاي شعب من الشعوب بما يضمن بقاءه ضمن صيرورة التاريخ وامتلاكه لعناصره التي تبقيه حيا ضمن الدورة الانتاجية لعناصر الحياة والتاريخ.
لا ينفك الضميري عن مفاجئتنا عبر صفحات الكتاب، وها هو في الصفحة ٩٣ يفاجئنا بطرح قضية فلسفية للنقاش من خلال اسلوب ومثال مبسط، فيقول:"كانت الالعاب جماعية قبل اكتشاف الاعمال الفردية للاطفال" ، احسن الضميري بالتقاط تلك الصورة لالعاب الاطفال وهذه الالعاب لم تأخذ حقها من الدراسة والبحث وكيف كانت لها القدرة على صياغة حلم جمعي وامنيات جماعية تستظل تحت النحن الكبيرة وتلفظ الانا وتزدريها، وكيف اصبحت هذه الالعاب مدخلا لنظم سلوك وعادات الافراد وبالتالي نجاحها في انجاب قيم مجتمعية ايجابية تحث على التكافل والتضامن.

عبر الصفحات ٩٥-١٠٢ يتحدث الضميري عن حرب حزيران ١٩٦٧ وكيف سقطت البلاد وكيف نجا هو وعائلته من الترحيل الى الاردن، وتعمد الضميري هنا القفز كثيرا وسريعا عن تلك المرحلة، وهي فارقة مشينة مازالت تميز كتابات الفلسطينيين، اذ مازالوا يولون سلامة الرأس على سلامة النص.

ثم يتحدث عن ذهابه لبيروت للدراسة وثم عودته للمخيم واعتقاله ص ١٠٥، وفي اثناء الاعتقال يستفيض الضميري ويعلي من شأن تلك التجربة وينجح في التقاط صورة عديدة لها، كان من اجملها:" ص ١١٤ "كان يرافق امي في الزيارة ابن عمي موفق، ظل يزورني مع امي، وانا اراه يكبر على شبك الزيارة، حتى كبر ودخل السجن وبقي رفيق دربي".
قد تكون قصة عقد القران والخطبة للضميري في المعتقل اكثر الصور التي تحمل معاني الارادة والبقاء للشعب الفلسطيني، ونجاح الضميري في ص ١٢٣ في تصوير تلك اللحظة وارتداء المحابس"التلبيسة" من اجمل الصور التي نجح الضميري في التقاطها واحتفاظه بنسختها الاصل، ليس هذا فحسب؛ في هذا الكتاب نجح الضميري في التقاط ابدع الصور التي لم ينجح بها احد سواه حتى الان، لوهلة اعتقدت بأنه نجح بأن يوقف الزمن ويأخذ ما يريد له من الصور ثم يرسلها لنا كما هي دون تحريف او تزويق.

في ذاكرة الضميري منطقة خصبة خصها للذكريات عن المخيم ص ١٦٩، اذ كلما اخذته السطور والخطوات خارج جدران المخيم ما لبث ان عاد ورسم للمخيم وحواريه صورة جديدة، وهذا ما تجده في ص ١٦٩ بقوله:" ما ان تدخل بيتا في المخيم حتى تتوقف امام الصور، والشهادات...فهي جزء اساسي من الاثاث المنزلي، ربما يعتلي الغبار اي قطعة من الاثاث إلاّ شهادات الاولاد".
ثم يعود في ص ١٧١ لاستذكار قصة زنابيل (قفف) التمر القادمة من العراق لسد رمق الجائعين من اللاجئين.

ابتداء من ص ١٧٥ يخرج الضميري من المعتقل ، فتبدأ الصفحات التالية تأخذ دورها في خط سيرة الرجل ورفاق دربه والفرح والمعاناة وعمله كحلاق وزواجه ثم عودته لاكمال دراسته الجامعية في جامعة النجاح وترأسه لاتحاد مجلس الطلبة فيها وعمله بالصحافة والاعلام وحتى بالخضار ودوره في انشاء حركة الشبيبة ومجابهة روابط القرى ص ١٧٩ دون اغفال السياق الزمني للحدث المتمثل بصمود بيروت ١٩٨٢ ووولادة ابنته البكر في تلك الفترة فحظيت بإسمها من واقع التجربة والمسيرة الجمعية للشعب الفلسطيني فسماها الضميري صمود ص ١٨٥، ولعل اجمل ما في تلك المرحلة ما حفظته الصفحة ١٩٣ عبر ثناياه، والتي تحمل في ثناياها طبيعة التناقض المتجذر بين الحركة الوطنية وبين تيارات الاسلام السياسي، لم ينجح الضميري بكلماته وخطاباته فقط، بل في سياق الفكرة والنهج العام والتصحيات الجسام لحركة عريقة، اضافة الى سلوك ونهج شخصي له يوائم النهج العام ويكتمل به، نجح الضميري في تلك المناظرة في هزم ذلك الفكر الضلالي الذي يتزعمه الاخوان، واطاح بهم ارضا، بالحجة والبرهان وبالسلوك والنهج، نجح في اظهار زيف الادعاء لكل من يرفع القرآن كشعار للاستخدام ص ١٩٣.

في ص ١٩٦ يعتقل الضميري من جديد في سجن الفارعة، وتظهر لنا عبر ص ٢٠٠ صورة مفزعة وقاسية من صور المعاناة للمناضل الفلسطيني تحت الاحتلال:" زوجتي وحده مع ابنتي واولادي الصغار، وذلك بعد ان اعتقل اخوها وابوها وزوجها... حزنت وارتبكت...اغمضت عيني، وكأني اهرب الى البعيد، ربما عاتبت نفسي... وماذا عن الاولاد؟

في الصفحة ٢٠٨ تكون قد انطلقت انتفاضة الحجارة، فيدون الضميري دوره هناك والبيان الاول، ثم اعتقاله مرة اخرى، ثم لا يتوانى في ص ٢٧٩ عن طرق موضوع في غاية الاهمية وهو اعدام العملاء اثناء الانتفاضة ويناقش هذا الموضوع وتداعياته تحت عنوان الخوف والغموض وعبر الصفحات ٢٧٩-٢٨٤.

في الصفحة ٢٩٠ يقدم الضميري مبرراته لالتحاقه بالعمل باجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهي ممبررات منسجمة تماما مع نهجه وسلوكه واعتقاده ، ومتفقة مع ما يؤمن به الرجل، وهو وان كان ليس مطلوب منه تقديم تلك المبررات إلا انه احسن صنعا بتقديمها ليكون كتابه شهادة له ومرافعة قديرة في وجه التاريخ ومن تحالف معه من الاخوة الاعداء ومن الاوباش.

في ص ٢٩٢ وفي ثمانية اسطر يروي الضميري كيفية التحاقة بالعمل في الاجهزة الامنية، وهو الذي لم يكن له اي تجارب سابقة في العمل الامني، يروي تفاصيل تلك الحكاية مع ابو عمار...

في الصفحة ٣١٠ يوفر لك الكتاب حكاية ذات رمزية عالية بين عدنان الضميري ابن المخيم وهي صفة تعني المتعدد (الكاتب والمحاضر والجنرال والحلاق والخضرجي والصحفي والعسكري والفدائي) هذه القصة والحوار الدائر بين الضميري ووالدته في آخر ساعاتها، وعلى تلك الصورة الانسانية التي نجح الضميري البوح بها بكل صدق وابدع في تسليط الضوء عليها، نجح الضميري عبر تلك الواقعة بتقديم صورتين وووصيتين مهمتين:

اولهما: بأن الفلسطيني انسان قبل وبعد كل شيء، وان كل ما جرى معه ويجري منذ النكبة لن يخرجه عن حدود انسانيته، ولأن الانتصار والتضحية فعلا انسانيا متساميا، فالفلسطيني لديه حقيقة واحده بأنه حتما سينتصر طال الزمن ام قصر.

ثانيا: ان وصية كل ارض لابنائها، هي نفس وصية الام لاولادها الطيبين، ولم تشذ وصية رشيقة العرجة ام عدنان عن ذلك السياق، واحسنت كثيرا بتلك الخاتمة في ص ٣١٠ حين قالت موصية ابنها عدنان:" انت ضابط كبير يمة، دير بالك تتوسخ بدلتك".

ونحن اذ بدورنا وصلنا للنهاية نوصي كل من يلبس تلك البدلة العسكرية من ابنائنا ان يكون وفيا لشرفها ولشرف البندقية الحقة، وان يكون وفيا لدماء الشهداء الذين لولاهم لبقينا في العراء لا شيء يستر عوراتنا لا دعاء الامهات ولا حتى اوراق التوت.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف