الأخبار
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التواصل الاجتماعي بين الماضي والحاضر والمستقبل بقلم:علي ابراهيم

تاريخ النشر : 2020-04-24
التواصل الاجتماعي بين الماضي والحاضر والمستقبل بقلم:علي ابراهيم
قبل بداية عام 2003 ، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واضح في المجتمع الغربي قبل أن تنطلق إلى المجتمع العربي لتنتشر كانتشار النار في الهشيم مع بداية الثورات العربية، كان مفهوم التواصل الاجتماعي يختلف عن مفهومه في يومنا هذا، فالتواصل الاجتماعي قبل ظهور المواقع الالكترونية كان تواصلاً اجتماعياً حقيقياً يهدف إلى ربط الأشخاص ببعضهم البعض، وتكاتف كل منهم إلى جانب الأخر، وكان التواصل وجهاً لوجه مما كان له الأثر في زيادة الحميمية بين الناس ، ولكن بعد تطور التكنولوجيا اختلف مفهوم التواصل الاجتماعي، فالآن أصبح التواصل الاجتماعي "الكترونيًا" ليس وجهاً لوجه، بل عن طريق شبكات الانترنت العالمية.
وفي عام 2018 تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 2,2 مليار مستخدم نشط على موقع واحد للتواصل الاجتماعي وهو (فيسبوك) ، و 4,1 مليار مستخدم نشط يومياً، فالتطور الرهيب من عام 2004 ومليون مستخدم في تلك الوقت إلى 2,2 مليار مستخدم في عام 2018 فرق شاسع يستحق التأمل والنظر في تلك الأرقام خصوصاً أن مصر تحتل المركز الأول بين الدول العربية في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي برقم يتجاوز 38 مليون مستخدم – أي أكثر من ثلث عدد سكان مصر- وهذا الرقم يشير إلى شئ هام جداً وهو سهولة التعامل مع تلك المواقع وسهولة تكوين صداقات وعلاقات جديدة، فبضغطة زر تستطيع أن تعبر عما بداخلك إلى ملايين الأشخاص حول العالم، وهذا ما يستحيل فعله عن أي طريق أخر غير تلك المواقع ، وبضغطة زر واحدة تستطيع أن ترى صديقك أو أخاك بالصوت والصورة في بلد أخر يبعد ألاف الكيلومترات كأنه أمامك وبتكلفة زهيدة، وعن طريق تلك المواقع تستطيع أن تراسل شركات ومؤسسات في ثوانٍ معدودة ، بل الأمر الأكثر أهمية هو مساعدة الأخرين وتقديم يد العون لهم، فنرى في مجموعات في موقع فيسبوك تهتم بمساعدة الأخرين، فعلى سبيل المثال ظهر على موقع فيسبوك مجموعة تحت اسم (انا وابن عمي بنساعد الغريب) تشرف عليها إحدى المؤسسات الخيرية، فوحدها استطاعت أن تجتذب أكثر من ثلاثة ملايين شخص يتكاتف بعضهم إلى جانب البعض ويقدمون يد العون لمن يحتاج، وهذا تطبيقاً لقول الرسول ﷺ كما ورد في صحيح البخاري "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ثم شبك بين أصابعه" ، وقوله أيضاً "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"، وما ذكرته هو الجانب الإيجابي الذي نريد من إعلائه عن طريق تلك المواقع، فهي الآن تحتل مكانة كبيرة لدى البشر حول أرجاء العالم.
وفي مجتمعنا العربي عزيزي القارئ، ومع زيادة الاهتمام بالتكنولوجيا وسهولة التعامل معها انضم عدد ليس بالقليل من كبار السن إلى مواقع التواصل الاجتماعي في خطوة إيجابية نحو تعميق الصداقات، فمع كثرة الانشغالات وصعوبة الحياة أصبح التواصل الجسدي شبه منعدماً وحل محله التواصل الالكتروني، وتكونت الصداقات وارتبط الناس ببعضهم البعض.
ويقول ستيفن ماركي في مقالة الأطلسي تحت عنوان (هل جعلنا الفيسبوك وحيدين؟) "إن وسائل التواصل الاجتماعي تتيح اتساعاً أكثر ولكن ليس بعمق العلاقات التي يحتاج إليها البشر على الرغم من أنه صنع نقاطاً مثيرة للاهتمام حول وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استبدال التفاعل وجهاً لوجه ولكنه فشل في تعميق العلاقات".
وبمقارنة بين الماضي والحاضر نرى أنه قديماً كان التواصل عميقاً بين الناس، نرى الناس ملتفين إلى جوار بعضهم البعض في جلسة عائلية أو أصدقاء يتساهرون ويتسامرون ويتشاركون الأحزان قبل الأفراح، وفي الحاضر التواصل الاجتماعي الالكتروني يتشابه مع التواصل الاجتماعي قديما ًلكن بدون معرفة المشاعر الحقيقية التي تكمن في نفس من تحاوره والتي تحتاج إلى تواصل جسدي لمعرفتها.
ويبقى أخيراً عزيزي القارئ سؤال يتبادر إلى ذهني وهو كيف سيكون التواصل مستقبلاً ، هل سينحدر نحو الانخفاض وبالتالي ينخفض معه الحب والود والسلام ، أم أنه سيتعمق في ظل تطور التكنولوجيا يوماً بعد الأخر ونصل إلى مستوى من الود والحب والسلام نستطيع التغلب به على مشاكل الحياة؟.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف