ورقة موقف صادرة عن جمعية نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية
تدهور أوضاع النساء والفتيات ذوات الإعاقة في ظل حالة الطوارئ
جاء إعلان الرئاسة الفلسطينية حالة الطوارئ بتاريخ الخامس من آذار لعام 2020 إثر جائحة وباء كوفيد 9 (فايروس كورونا)، والتي جرى تمديدها لمدة شهر آخر لتستمر حتّى شهر أيار؛ مرفقًا بإعلان الحكومة جملة من القرارات والإجراءات، كإعلان رئاسة الوزراء بتاريخ 22 من آذار حالة العزل المنزلي الإجباري، وتقييد الحركة لتسري على الأراضي الفلسطينية المحتلّة. جاءت هذه القرارات لمواجهة تفشي فيروس كورونا بعد اكتشاف عدد من الحالات، ومن ثم ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس نتيجة استهتار دولة الاحتلال بحياة العمّال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.
انتشار الفيروس في العالم، وفي فلسطين جاء في ظل غياب استعداد عالمي لمواجهة انتشار وباء بهذا الانتشار والخطورة، ومع تضارب المعلومات حول المدة الزمنية اللازمة للتوصّل إلى علاج أو لقاح فعّال له، وعملت الحكومات، ومن بينها الحكومة الفلسطينية على محاولة الحد من انتشاره وتفشيّه بدرجة كبيرة خوفاً من انهيار المنظومة الصحيّة، غير أنّ المنظومة الصحيّة الفلسطينية قد كابدت دومًا إجراءات الاحتلال، كما كابدت ضعف الميزانيات والمخصصات المرصودة لها.
من خلال ذلك جرى استخلاص الكثير من العبر دولياً، حيث اتضح أن النظام الاقتصادي فضّل الربح على حياة وكرامة ورفاهية البشر، مما أدى إلى ضعف وترهّل المنظومة الصحية، وتراجع كبير لدور منظومة الحماية الاجتماعية، بل وغيابها في كثير من الحالات. وفي فلسطين، التي ما زالت تقبع منذ عقود طويلة للاستعمار الكولونيالي، لم يكن حالها أفضل، بل على العكس تماماً، حيث أن الاحتلال عمل على تدمير ممنهج لأي مقومات صمود للمجتمع الفلسطيني، وترافق هذا التدمير مع رؤية تنموية ليبرالية راهنت على نجاح سياسات ليبرالية في تحقيق التنمية، مما عنى تهميش منظومات الحماية الاجتماعية، وغياباً مطلقاً لمنظومة الضمان الاجتماعي، وضعفاً في المنظومة الصحيّة، وتشرذماً لمنظومة التأمين الصحي العام.
قاد هذا كله إلى مزيد من الفقر والبطالة والحرمان، وتحديداً للفئات الاجتماعية المهمّشة بفعل الاحتلال وبفعل هذه السياسات، واًصبح بقاء هذه الفئات مشروطاً بتقديم تنازلات جوهرية وأساسية عن أولويات حياتية، مثلاً اختيار الغذاء على حساب الدواء، أو اختيار التعليم على حساب المسكن الملائم، ولم تُجدِ التدخلات الحكومية والدولية المتفرقة في تعديل هذا الاختلال البنيوي في السياسات الاجتماعية والاقتصادية.
يعتبر الأشخاص ذوي الإعاقة من الفئات الأكثر تهميشاً داخل المجتمع الفلسطيني رغم وجود قانون يشدد على حقوقهم منذ عام 1999، وذلك نتيجة عدم تطبيق معظم بنوده، وافتقاد الوزارات المختلفة للوسائل والآليات والمعايير المناسبة لضمان إنفاذ واجباتها تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، رغم تزايدهم بسبب ممارسات الاحتلال المسببة للإعاقة، حيث بلغت نسبتهم من السكان الفلسطينيين/ات في الضفة الغربية وقطاع غزة 5.8% لعام 2017.[1] وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة النساء والفتيات ذوات الإعاقة قد بلغت 5.4% لعام 2017.
التهميش المركب الذي تواجهه النساء والفتيات ذوات الإعاقة يومياً:
يشير أكثر من تقرير متخصص، ودراسة إلى أنّ النساء والفتيات ذوات الإعاقة يعانين من تهميش مركب، الأول بسبب كونهن نساء كتهميش مبني على النوع الاجتماعي، والثاني لأنهن نساء ذوات إعاقة، أي أنّ الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بهن أسوأ من معظم الفئات الاجتماعية، بما فيهم الرجال ذوي الإعاقة. إضافة إلى أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون بشكل عام من ارتفاع ظاهرة البطالة في صفوفهم والتّي بلغت حوالي 37%،[2] وقد بلغت مشاركة النساء ذوات الإعاقة في القوى العاملة في فلسطين 4% فقط من إجمالي النساء ذوات الإعاقة، مقابل 24% للرجال ذوي الإعاقة من إجمالي الرجال ذوي الإعاقة، وهذا يدل على التمييز المضاعف ضد النساء ذوات الإعاقة.
وتنتشر ظاهرة العنف لتطال النساء والفتيات ذوات الإعاقة بشكل أوسع، حيث أن العنف ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة ليس مقتصراً على العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، بل يضاف إليه العنف المبني على أساس الإعاقة. إن التقاء هذين العاملين يؤدي إلى رفع مستوى الخطورة وزيادة ممارسة العنف ضد النساء ذوات الإعاقة.
تشير بيانات مسح العنف في المجتمع الفلسطيني 2019 أن 37% من النساء ذوات الإعاقة المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهنّ الزواج تعرضنّ للعنف من قبل الزوج على الأقل لمرة واحدة خلال 12 شهراً، في حين أن 50% من النساء المعنفات ذوات الإعاقة تعرضنّ للعنف النفسي مقابل 20% تعرضنّ للعنف الجسدي مرة واحدة على الأقل من قبل الزوج في فلسطين. كما أن 27% من الأفراد (18-64) سنة من ذوي الإعاقة الذين لم يسبق لهم الزواج تعرضوا للعنف على الأقل لمرة واحدة من أحد أفراد الأسرة في فلسطين خلال 12 شهراً.[3]
تردي واقع النساء والفتيات ذوات الإعاقة في ظل حالة الطوارئ المفروضة:
أدّى فرض حالة الطوارئ إلى توقف الحياة الاقتصادية والكثير من الأنشطة الاجتماعية، الأمر الذي ألقى بظلاله على النساء ذوات الإعاقة، وتحديداً ممارستهن لحقهن في الصحة، الحق في التعليم والعمل، والوصول إلى برامج الحماية الاجتماعية وضمان الدخل، كما أنهنّ يعانين من صعوبة الحركة نتيجة غياب مواءمة المباني ووسائل النقل، إضافة إلى أنهنّ يعتمدنّ بأغلبيتهن على وجود مرافق/ة لإنجاز المعاملات، وبالتالي فإنّه عند مراجعة جملة الإجراءات الحكومية لم نجد حساسية لمتطلبات واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل حالة الطوارئ بما يضمن عدم المساس بحقوقهم الأساسية.
قامت جمعية نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة وبالشراكة مع مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية مع نهاية شهر آذار وضمن إطار برنامج حماية بإطلاق مسح موجّه نحو تقييم احتياجات النساء ذوات الإعاقة في الضفة الغربية في المرحلة الأولى، ويتم الآن تنفيذه في قطاع غزة، وقد اشتمل المسح على إعداد قوائم للنساء والفتيات ذوات الإعاقة في مختلف المحافظات، ومن ثم إجراء تواصل معهنّ لتقييم واقعهنّ باستخدام نموذج خاص بتقييم الاحتياجات، وقد اشتمل المسح حتى الآن على أكثر من 200 امرأة وفتاة ذات إعاقة.
أبرزت نتائج المسح جملة من القضايا التي تؤثر سلباً على حياة النساء والفتيات ذوات الإعاقة، من أهمها:
تواجه 39% من النساء ذوات الإعاقة المشمولات في المسح صعوبات مادية إضافية نتيجة حالة الطوارئ. تواجه 29% من النساء ذوات الإعاقة صعوبة في الوصول للأدوية، العلاج في المستشفيات، والحصول على المستلزمات الطبية بما فيها الأدوات المساندة. أشارت ما نسبته 11% من النساء والفتيات ذوات الإعاقة إلى حاجتهن إلى إرشاد نفسي واجتماعي نتيجة الضغوطات الإضافية التي يتعرضنّ لها بسبب حالة الطوارئ القائمة. أشارت النساء إلى وجود صعوبة كبيرة في الحركة للحصول على الاحتياجات الحياتية الأساسية. تواجه النساء والفتيات ذوات الإعاقة مشكلة حقيقية مع توقف جلسات التأهيل عن العمل من علاج طبيعي ووظيفي، الأمر الذي يفاقم الإعاقات الحركية والنطقية على وجه الخصوص. تواجه بعض النساء ذوات الإعاقة العاملات صعوبة في توفير الطعام والشراب حيث أنهنّ المعيلات لأسرهن، ويقع على عاتقهنّ توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة. معظم العائلات التي جرى مقابلتها تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، ودخلها دون خط الفقر، مما يؤشر على التأثير الاقتصادي لوجود شخص ذي إعاقة داخل الأسرة، ويتطلّب تدخلاً دائماً لتحسين مستوى معيشة هذه الأسر. تواجه بعض النساء والفتيات ذوات الإعاقة خطر العنف المنزلي وذلك بسبب ازدياد الضغط الواقع على مستوى الأسرة ككل في ظل حالة الطوارئ الحالية، ومع عدم استجابة نظام التحويل الوطني ليشملهنّ في خدمات الحماية من العنف. أفادت الغالبية العظمى من النساء ذوات الإعاقة بغياب أي تواصل من قبل الجهات الحكومية الرسمية معهن في ظل حالة الطوارئ، مما يدل على تهميش الاحتياجات الطارئة والملحة لهذه الفئة في ظل حالة الطوارئ. 10. إن إجراءات الدراسة عن بعد واعتماد التعليم الإلكتروني لم تراعي خصوصية الوضع للسكان من حيث توفر الأدوات والأجهزة التكنولوجية الداعمة لعملية التعليم عن بعد وتوفر شبكة الإنترنت، والتي تعد الأساس لهذه العملية، حيث تفتقر العديد من العائلات لهذه الأدوات لوقوعها تحت خط الفقر، ومنها أسر الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أشارت عدد من النساء ذوات الإعاقة أن وسائل التعليم عن بعد غير موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة.
تشير هذه النتائج إلى تراجع المؤشرات الصحيّة، والاجتماعية والاقتصادية للنساء والفتيات ذوات الإعاقة، وأسرهن، والتي سنتابع تحديثها وفقاً لزيادة عدد العائلات التّي يتم مسحها، بما يساهم بتوفير بيانات للجهات المعنية الرسمية للبدء بإدماج شامل للإعاقة في خطة الطوارئ على المستوى القطاعي وعبر القطاعي، وبما يخفف سريعاً من وطأة هذه التدهور، ويُجنّب العائلات والنساء ذوات الإعاقة مزيداً من الإقصاء والتهميش الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم مع حالة الطوارئ.
كما تطالب جمعية نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية على ضوء ما ورد في ورقة الموقف الجهات الرسمية بأن تباشر بمعالجة القضايا التالية:
● تمكين النساء والفتيات ذوات الإعاقة من الوصول إلى التعليم، الحفاظ على حقوق العمل والأجر الناتج عنه، الصحة، وتأمين الحماية الاجتماعية بما تسمح به حالة الطوارئ، وأن تعالج خطط الطوارئ للوزارات المعنية شمول النساء ذوات الإعاقة بما يضمن وصولهن للعلاج والدواء والطعام والشراب والعيش بكرامة.
● إشراك المؤسسات المختصّة، ومؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة في عملية صنع القرار خلال حالة الطوارئ، بما يخصّ حقوق واحتياجات وأولويات الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام، والنساء ذوات الإعاقة بشكل خاص.
● توفير مظلّة الحماية الاجتماعية للنساء والنساء ذوات الإعاقة وأسرهن خارج إطار برنامج المساعدات النقدية الذي لا يشملهن لأسباب مختلفة، وبما يمكّن النساء ذوات الإعاقة من توفير احتياجاتهن الأساسية والغذائية والدوائية.
● توفير الدواء والمستلزمات الطبية، والتأهيل والعلاج للنساء ذوات الإعاقة وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية الخاصة بالتعامل مع فيروس كورونا، وتأهيل المستشفيات والعيادات والطواقم الطبية للتعامل معهنّ دون تعريضهنّ لخطر الإصابة، أو تأخير عملية علاجهنّ المرتبط بإعاقاتهنّ المختلفة.
● مواءمة المعلومات حول النصائح الخاصة بالتخفيف من انتشار العدوى بفيروس الكورونا، وخطط الانضباط والالتزام بالإرشادات العامة، والخدمات المقدمة، وذلك بأشكال متعددة ومتنوعة للوصول إلى كافة أنواع الإعاقات، مثل إدراج لغة الإشارة في الإيجاز اليوميّ حول تطورات الوباء في فلسطين ليتمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية من مواكبتها.
● إدراج حماية النساء والفتيات ذوات الإعاقة من العنف كأولوية في كافّة الحملات والبرامج الموجهة للقضاء العنف الموجه ضد النساء، وذلك على المستوى المحلي والوطني.
● مواءمة التعليم عن بعد للاحتياجات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة، وتطوير إستراتيجية للتعليم عن بعد موجهة للطلاب والطالبات من ذوي الإعاقة.
[1] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 3/12/2018. الإحصاء الفلسطيني يصدر بياناً صحفياً بمناسبة يوم المعاق العالمي.
[2] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 3/12/2019. الإحصاء الفلسطيني يصدر بياناً صحفياً بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة.
[3] المصدر السابق.
تدهور أوضاع النساء والفتيات ذوات الإعاقة في ظل حالة الطوارئ
جاء إعلان الرئاسة الفلسطينية حالة الطوارئ بتاريخ الخامس من آذار لعام 2020 إثر جائحة وباء كوفيد 9 (فايروس كورونا)، والتي جرى تمديدها لمدة شهر آخر لتستمر حتّى شهر أيار؛ مرفقًا بإعلان الحكومة جملة من القرارات والإجراءات، كإعلان رئاسة الوزراء بتاريخ 22 من آذار حالة العزل المنزلي الإجباري، وتقييد الحركة لتسري على الأراضي الفلسطينية المحتلّة. جاءت هذه القرارات لمواجهة تفشي فيروس كورونا بعد اكتشاف عدد من الحالات، ومن ثم ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس نتيجة استهتار دولة الاحتلال بحياة العمّال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.
انتشار الفيروس في العالم، وفي فلسطين جاء في ظل غياب استعداد عالمي لمواجهة انتشار وباء بهذا الانتشار والخطورة، ومع تضارب المعلومات حول المدة الزمنية اللازمة للتوصّل إلى علاج أو لقاح فعّال له، وعملت الحكومات، ومن بينها الحكومة الفلسطينية على محاولة الحد من انتشاره وتفشيّه بدرجة كبيرة خوفاً من انهيار المنظومة الصحيّة، غير أنّ المنظومة الصحيّة الفلسطينية قد كابدت دومًا إجراءات الاحتلال، كما كابدت ضعف الميزانيات والمخصصات المرصودة لها.
من خلال ذلك جرى استخلاص الكثير من العبر دولياً، حيث اتضح أن النظام الاقتصادي فضّل الربح على حياة وكرامة ورفاهية البشر، مما أدى إلى ضعف وترهّل المنظومة الصحية، وتراجع كبير لدور منظومة الحماية الاجتماعية، بل وغيابها في كثير من الحالات. وفي فلسطين، التي ما زالت تقبع منذ عقود طويلة للاستعمار الكولونيالي، لم يكن حالها أفضل، بل على العكس تماماً، حيث أن الاحتلال عمل على تدمير ممنهج لأي مقومات صمود للمجتمع الفلسطيني، وترافق هذا التدمير مع رؤية تنموية ليبرالية راهنت على نجاح سياسات ليبرالية في تحقيق التنمية، مما عنى تهميش منظومات الحماية الاجتماعية، وغياباً مطلقاً لمنظومة الضمان الاجتماعي، وضعفاً في المنظومة الصحيّة، وتشرذماً لمنظومة التأمين الصحي العام.
قاد هذا كله إلى مزيد من الفقر والبطالة والحرمان، وتحديداً للفئات الاجتماعية المهمّشة بفعل الاحتلال وبفعل هذه السياسات، واًصبح بقاء هذه الفئات مشروطاً بتقديم تنازلات جوهرية وأساسية عن أولويات حياتية، مثلاً اختيار الغذاء على حساب الدواء، أو اختيار التعليم على حساب المسكن الملائم، ولم تُجدِ التدخلات الحكومية والدولية المتفرقة في تعديل هذا الاختلال البنيوي في السياسات الاجتماعية والاقتصادية.
يعتبر الأشخاص ذوي الإعاقة من الفئات الأكثر تهميشاً داخل المجتمع الفلسطيني رغم وجود قانون يشدد على حقوقهم منذ عام 1999، وذلك نتيجة عدم تطبيق معظم بنوده، وافتقاد الوزارات المختلفة للوسائل والآليات والمعايير المناسبة لضمان إنفاذ واجباتها تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، رغم تزايدهم بسبب ممارسات الاحتلال المسببة للإعاقة، حيث بلغت نسبتهم من السكان الفلسطينيين/ات في الضفة الغربية وقطاع غزة 5.8% لعام 2017.[1] وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة النساء والفتيات ذوات الإعاقة قد بلغت 5.4% لعام 2017.
التهميش المركب الذي تواجهه النساء والفتيات ذوات الإعاقة يومياً:
يشير أكثر من تقرير متخصص، ودراسة إلى أنّ النساء والفتيات ذوات الإعاقة يعانين من تهميش مركب، الأول بسبب كونهن نساء كتهميش مبني على النوع الاجتماعي، والثاني لأنهن نساء ذوات إعاقة، أي أنّ الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بهن أسوأ من معظم الفئات الاجتماعية، بما فيهم الرجال ذوي الإعاقة. إضافة إلى أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون بشكل عام من ارتفاع ظاهرة البطالة في صفوفهم والتّي بلغت حوالي 37%،[2] وقد بلغت مشاركة النساء ذوات الإعاقة في القوى العاملة في فلسطين 4% فقط من إجمالي النساء ذوات الإعاقة، مقابل 24% للرجال ذوي الإعاقة من إجمالي الرجال ذوي الإعاقة، وهذا يدل على التمييز المضاعف ضد النساء ذوات الإعاقة.
وتنتشر ظاهرة العنف لتطال النساء والفتيات ذوات الإعاقة بشكل أوسع، حيث أن العنف ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة ليس مقتصراً على العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، بل يضاف إليه العنف المبني على أساس الإعاقة. إن التقاء هذين العاملين يؤدي إلى رفع مستوى الخطورة وزيادة ممارسة العنف ضد النساء ذوات الإعاقة.
تشير بيانات مسح العنف في المجتمع الفلسطيني 2019 أن 37% من النساء ذوات الإعاقة المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهنّ الزواج تعرضنّ للعنف من قبل الزوج على الأقل لمرة واحدة خلال 12 شهراً، في حين أن 50% من النساء المعنفات ذوات الإعاقة تعرضنّ للعنف النفسي مقابل 20% تعرضنّ للعنف الجسدي مرة واحدة على الأقل من قبل الزوج في فلسطين. كما أن 27% من الأفراد (18-64) سنة من ذوي الإعاقة الذين لم يسبق لهم الزواج تعرضوا للعنف على الأقل لمرة واحدة من أحد أفراد الأسرة في فلسطين خلال 12 شهراً.[3]
تردي واقع النساء والفتيات ذوات الإعاقة في ظل حالة الطوارئ المفروضة:
أدّى فرض حالة الطوارئ إلى توقف الحياة الاقتصادية والكثير من الأنشطة الاجتماعية، الأمر الذي ألقى بظلاله على النساء ذوات الإعاقة، وتحديداً ممارستهن لحقهن في الصحة، الحق في التعليم والعمل، والوصول إلى برامج الحماية الاجتماعية وضمان الدخل، كما أنهنّ يعانين من صعوبة الحركة نتيجة غياب مواءمة المباني ووسائل النقل، إضافة إلى أنهنّ يعتمدنّ بأغلبيتهن على وجود مرافق/ة لإنجاز المعاملات، وبالتالي فإنّه عند مراجعة جملة الإجراءات الحكومية لم نجد حساسية لمتطلبات واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل حالة الطوارئ بما يضمن عدم المساس بحقوقهم الأساسية.
قامت جمعية نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة وبالشراكة مع مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية مع نهاية شهر آذار وضمن إطار برنامج حماية بإطلاق مسح موجّه نحو تقييم احتياجات النساء ذوات الإعاقة في الضفة الغربية في المرحلة الأولى، ويتم الآن تنفيذه في قطاع غزة، وقد اشتمل المسح على إعداد قوائم للنساء والفتيات ذوات الإعاقة في مختلف المحافظات، ومن ثم إجراء تواصل معهنّ لتقييم واقعهنّ باستخدام نموذج خاص بتقييم الاحتياجات، وقد اشتمل المسح حتى الآن على أكثر من 200 امرأة وفتاة ذات إعاقة.
أبرزت نتائج المسح جملة من القضايا التي تؤثر سلباً على حياة النساء والفتيات ذوات الإعاقة، من أهمها:
تواجه 39% من النساء ذوات الإعاقة المشمولات في المسح صعوبات مادية إضافية نتيجة حالة الطوارئ. تواجه 29% من النساء ذوات الإعاقة صعوبة في الوصول للأدوية، العلاج في المستشفيات، والحصول على المستلزمات الطبية بما فيها الأدوات المساندة. أشارت ما نسبته 11% من النساء والفتيات ذوات الإعاقة إلى حاجتهن إلى إرشاد نفسي واجتماعي نتيجة الضغوطات الإضافية التي يتعرضنّ لها بسبب حالة الطوارئ القائمة. أشارت النساء إلى وجود صعوبة كبيرة في الحركة للحصول على الاحتياجات الحياتية الأساسية. تواجه النساء والفتيات ذوات الإعاقة مشكلة حقيقية مع توقف جلسات التأهيل عن العمل من علاج طبيعي ووظيفي، الأمر الذي يفاقم الإعاقات الحركية والنطقية على وجه الخصوص. تواجه بعض النساء ذوات الإعاقة العاملات صعوبة في توفير الطعام والشراب حيث أنهنّ المعيلات لأسرهن، ويقع على عاتقهنّ توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة. معظم العائلات التي جرى مقابلتها تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، ودخلها دون خط الفقر، مما يؤشر على التأثير الاقتصادي لوجود شخص ذي إعاقة داخل الأسرة، ويتطلّب تدخلاً دائماً لتحسين مستوى معيشة هذه الأسر. تواجه بعض النساء والفتيات ذوات الإعاقة خطر العنف المنزلي وذلك بسبب ازدياد الضغط الواقع على مستوى الأسرة ككل في ظل حالة الطوارئ الحالية، ومع عدم استجابة نظام التحويل الوطني ليشملهنّ في خدمات الحماية من العنف. أفادت الغالبية العظمى من النساء ذوات الإعاقة بغياب أي تواصل من قبل الجهات الحكومية الرسمية معهن في ظل حالة الطوارئ، مما يدل على تهميش الاحتياجات الطارئة والملحة لهذه الفئة في ظل حالة الطوارئ. 10. إن إجراءات الدراسة عن بعد واعتماد التعليم الإلكتروني لم تراعي خصوصية الوضع للسكان من حيث توفر الأدوات والأجهزة التكنولوجية الداعمة لعملية التعليم عن بعد وتوفر شبكة الإنترنت، والتي تعد الأساس لهذه العملية، حيث تفتقر العديد من العائلات لهذه الأدوات لوقوعها تحت خط الفقر، ومنها أسر الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أشارت عدد من النساء ذوات الإعاقة أن وسائل التعليم عن بعد غير موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة.
تشير هذه النتائج إلى تراجع المؤشرات الصحيّة، والاجتماعية والاقتصادية للنساء والفتيات ذوات الإعاقة، وأسرهن، والتي سنتابع تحديثها وفقاً لزيادة عدد العائلات التّي يتم مسحها، بما يساهم بتوفير بيانات للجهات المعنية الرسمية للبدء بإدماج شامل للإعاقة في خطة الطوارئ على المستوى القطاعي وعبر القطاعي، وبما يخفف سريعاً من وطأة هذه التدهور، ويُجنّب العائلات والنساء ذوات الإعاقة مزيداً من الإقصاء والتهميش الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم مع حالة الطوارئ.
كما تطالب جمعية نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية على ضوء ما ورد في ورقة الموقف الجهات الرسمية بأن تباشر بمعالجة القضايا التالية:
● تمكين النساء والفتيات ذوات الإعاقة من الوصول إلى التعليم، الحفاظ على حقوق العمل والأجر الناتج عنه، الصحة، وتأمين الحماية الاجتماعية بما تسمح به حالة الطوارئ، وأن تعالج خطط الطوارئ للوزارات المعنية شمول النساء ذوات الإعاقة بما يضمن وصولهن للعلاج والدواء والطعام والشراب والعيش بكرامة.
● إشراك المؤسسات المختصّة، ومؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة في عملية صنع القرار خلال حالة الطوارئ، بما يخصّ حقوق واحتياجات وأولويات الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام، والنساء ذوات الإعاقة بشكل خاص.
● توفير مظلّة الحماية الاجتماعية للنساء والنساء ذوات الإعاقة وأسرهن خارج إطار برنامج المساعدات النقدية الذي لا يشملهن لأسباب مختلفة، وبما يمكّن النساء ذوات الإعاقة من توفير احتياجاتهن الأساسية والغذائية والدوائية.
● توفير الدواء والمستلزمات الطبية، والتأهيل والعلاج للنساء ذوات الإعاقة وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية الخاصة بالتعامل مع فيروس كورونا، وتأهيل المستشفيات والعيادات والطواقم الطبية للتعامل معهنّ دون تعريضهنّ لخطر الإصابة، أو تأخير عملية علاجهنّ المرتبط بإعاقاتهنّ المختلفة.
● مواءمة المعلومات حول النصائح الخاصة بالتخفيف من انتشار العدوى بفيروس الكورونا، وخطط الانضباط والالتزام بالإرشادات العامة، والخدمات المقدمة، وذلك بأشكال متعددة ومتنوعة للوصول إلى كافة أنواع الإعاقات، مثل إدراج لغة الإشارة في الإيجاز اليوميّ حول تطورات الوباء في فلسطين ليتمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية من مواكبتها.
● إدراج حماية النساء والفتيات ذوات الإعاقة من العنف كأولوية في كافّة الحملات والبرامج الموجهة للقضاء العنف الموجه ضد النساء، وذلك على المستوى المحلي والوطني.
● مواءمة التعليم عن بعد للاحتياجات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة، وتطوير إستراتيجية للتعليم عن بعد موجهة للطلاب والطالبات من ذوي الإعاقة.
[1] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 3/12/2018. الإحصاء الفلسطيني يصدر بياناً صحفياً بمناسبة يوم المعاق العالمي.
[2] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 3/12/2019. الإحصاء الفلسطيني يصدر بياناً صحفياً بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة.
[3] المصدر السابق.