الأخبار
17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الجريمة الالكترونية في ظل القانون المصري بقلم: د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2020-04-11
الجريمة الالكترونية في ظل القانون المصري  بقلم: د.عادل عامر
الجريمة الالكترونية في ظل القانون المصري

الدكتور عادل عامر

الملخص:

لا يمكن انكار الجهد المبذول والمحمود من قبل مشرعنا المصري وصولا الى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وخروجه الى النور والتطبيق والنفاذ، وما تضمنه من نصوص تجريميه وقيامه على الموازنة ما يبين الخطوط العامة للمسئولية عن الجرائم بصفة عامة وانتهاء الاعتماد على ما تضمنته النصوص المتناثرة في القانون المصري من أحكام موضوعية واجرائية للمسؤولية الجنائية عن جرائم تقنية المعلومات.

الامر الذى يوجب على ضميرنا التعرض الى الاحكام الموضوعية والاجرائية التي تضمنها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتناول تلك الاحكام بالتفصيل والتأصيل والفحص والدرس، ايضاحا لتفصيلاتها، وتأصيلا لجزئياتها، وفحصا ومحصا لما احتوته من احكاما موضوعية واخرى اجرائية، ودرسا لما اتجهت اليه سياسة المشرع المصري تجاه محاربة ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، للأحجام من تأثيراتها السلبية، وانعكاساتها الخطيرة على مجتمعنا المصري في عمومه.

ولكن يتعين لزاما قبيل التعرض لتلك الاحكام الموضوعية والاخرى الاجرائية لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، ان نتناول ما تضمنه ذلك القانون الجديد من احكاما عامة وردت به، توضيحا لمنهج ومسلك المشرع المصري في سن قواعد هذا القانون.

فقد صاحب التطور التكنولوجي والتقني الحادث تطور في كل مناحي الحياة، إن في اتجاه الخير أو في الاتجاه المعاكس) الشر، ( ومما انجرّ على ذلك التطور تمتع الانسان بقسط وافر من الرفاهية وتيسير معاملاته في شتى الميادين، هذا في الاتجاه الايجابي ،أما في الاتجاه السلبي فنحسب أن ذلك التطور صاحبه تطور خطير في نوعية الجرائم ؛ اذ ظهرت الجريمة الالكترونية ” المعلوماتية”، والوسائل المستخدمة فيها كما صاحب ذلك تطورا في نوعية المجرم.

الكلمات المفتاحية: الجريمة الالكترونية. المجرم الالكتروني. الشرعية الجنائية. القاضي الجنائي.

مقدمة :

يمكن القول إن العقود الأخيرة من القرن المنصرم شهدت ثورة في مجال التكنولوجيا والاتصالات، مما أدى لظهور أجيال جديدة من وسائل الاتصال عن بعد، والتي أعادت صياغة شكل العالم فأصبح العالم قرية صغيرة لا تعرف الحدود، وبالطبع تم الاستفادة من هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات الحياتية في الدولة، وعلى جميع المستويات خاصة بعد تطور نظم المعلومات وربطها بالأقمار الصناعية، وبالطبع تعقدت الجريمة وتنوعت اساليب ارتكابها مستفيدة من هذا التطور التقني المذهل فظهر ما يعرف بجرائم التقنية او الجرائم المعلوماتية التي أخذت أبعادا جديدة بداية من ثمانينات القرن الماضي، حيث كانت بدايات انتشار الحاسب الآلي وتطبيقاته بشكل عام لحقه انتشار شبكة الإنترنت في بداية التسعينيات من ذات القرن ، هذه الأخيرة التي برزت كأسرع وأقوى وسائل اتصال حديثة في العالم اليوم.

أهمية الموضوع:

أدى التطور المتلاحق للإنترنت وانتشار أجيال جديدة وأنواع مختلفة من أجهزة الحاسب الآلي إلى مضاعفة المخاطر والاعتداءات على الحريات الشخصية والملكية الخاصة، بل وعلى مصالح الدولة مما حذا ببعض الدول أن تقر اتفاقيات تقرر تجريم بعض الأفعال الحادثة عبر الوسائل الالكترونية أو بواسطتها، ومنها اتفاقية بودابست لعام 2001، والقانون العربي النموذجي الموحد لمكافحة سوء استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ،

والذي تم اقراره من قبل وزراء العدل العرب في اجتماعهم المشترك في 12-22/5/2003، غير أننا لم نر له أثرا فعليا علي أغلب التشريعات الجنائية في الدول العربية وبصفة خاصة مصر، فلا يوجد بها حتى الآن تشريع جنائي خاص بالجريمة الالكترونية يقدم الحلول الناجعة لكافة المشكلات القانونية الناجمة عنها على الرغم من وجود بعض النصوص القانونية التي تحتويها قوانين تنظم موضوعات مختلفة تناولت بعض صور التجريم الالكتروني

،منها قانون الأحوال المدنية المصري رقم 143 لسنة 1994 ، قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ، قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة 2003، وقانون التوقيع الإلكتروني 15 لسنة 2004، وقانون الطفل المعدل في 2008، إلا أن هذه القوانين لم تغط كافة صور التجريم الالكتروني ، وهو ما كان له أثره السيء علي المجتمع بسبب عدم توفير الحماية القانونية لأفراده خصوصا في ظل وجود مبدأ دستوري يحكم التجرم في مصر وهو مبدأ الشرعية الجنائية والذي ورد النص عليه في المادة 95 من الدستور المصري الحالي الصادر في عام 2014 ،والتي جرى نصها على أن ” العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ،

ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون”، فمع وجود ذلك النص الدستوري وغياب النص التشريعي العقابي يصبح القاضي الجنائي في حيرة من أمره خصوصا عندما يعرض عليه فعل يشكل جريمة من الجرائم الالكترونية التي لا يجد لها نصا صريحا يجرمها في قانون العقوبات، فكيف السبيل الى الحكم الشافي ؟ هل يحكم بالبراءة إعمالا لمبدأ شرعية التجريم؟

أم يحاول إنزال حكم القانون في الجرائم التقليدية علي تلك الجريمة أخذا بالتفسير القضائي الواسع للنصوص القانونية؟ ذاك ما نصبو في هذا البحث الإجابة عنه من خلال تحديد هذه المعضلة القانونية الواقعية، في ثلاثة مباحث كالآتي:

المبحث الأول: الجريمة الالكترونية.

المبحث الثاني: الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية.

المبحث الثالث: دور القاضي الجنائي في ظل غياب النص العقابي للجريمة الالكترونية.

المبحث الرابع : حرمة الحياة الخاصة في ضوء قانون مكافحة الجريمة الالكترونية

المبحث الأول: الجريمة الالكترونية

أسهم دخول التقنيات الحديثة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشبكة الإنترنت إلى إفراز أنماط مستحدثة من الجرائم لم يكن للبشرية سابق عهد بها، وتتميز هذه النوعية من الجرائم بأنها معقدة في طرق ارتكابها، ووسائل كشفها، كما أنها ذات طابع دولي، لذلك أصبحت تمثل خطرا داهما يؤرق دول العالم بأسره، وسنحاول في هذا المبحث التعرف على بعض جوانب الجريمة الالكترونية، من حيث المفهوم والطبيعة القانونية، والخصائص، وغير ذلك من الأمور التي تساعد على فهم مبسط للجريمة الالكترونية.

مفهوم الجريمة الالكترونية: من أهم موضوعات أي بحث التعريف بموضوع البحث لأن التعريف هو الذي يبين مدى أهمية الموضوع، فضلاً عن كونه الوسيلة التي تكشف عن موضوعات الدراسة وزواياها، ولهذه الأهمية التي يحظى بها التعريف ظلّ الفقهاء والمفكرون لا يتفقون حول تعريف واحد وثابت لأي موضوع، وما ذلك إلا لاختلاف وجهات النظر واختلاف الزاوية التي يتخذها كل فَقيه معيارا وأساسا لتعريفه،

ونستطيع أن نقابل اتجاهين رئيسين في هذا المجال، يهتم الاتجاه الأول بالناحية العضوية أو الشكلية، بينما يهتم الاتجاه الثاني بالناحية الموضوعية أو الوظيفية، فعرّف فريق الجريمة الالكترونيةcyber crime([1])بأنها” الاعتداء غير القانوني الذي يرتكب بواسطة المعلومات الحاسوبية بغرض تحقيق الربح”([2])، كما عرفت بأنها” كل فعل إجرامي متعمد أيا كانت صلته بالمعلومات ينشأ عنه خسارة تلحق بالمجنى عليه أو كسب يحققه الفاعل”([3])،

وعرفت أيضا بأنها” كل فعل غير مشروع يكون العلم بتكنولوجيا الحاسبات الآلية بقدر كبير لازما لارتكابها من ناحية، ولملاحقته وتحقيقه من ناحية أخرى”([4])، بينما عرفها فريق آخر بأنها” كل جريمة تتم في محيط أجهزة الكمبيوتر” أو هي” كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقي أو غير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو بنقلها”([5])، كما تعرف أيضا بأنها” كل نشاط إجرامي تستخدم فيه تقنية الحاسب الآلي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كوسيلة أو هدف لتنفيذ الفعل الإجرامي المقصود”([6]).

خصائص الجرائم الالكترونية: تتميز الجرائم الالكترونية بعدد من الخصائص تميزها عن غيرها من الجرائم التقليدية هي:

ترتكب بواسطة شبكة الإنترنت: أي تستخدم شبكة الإنترنت كأداة لارتكاب الجريمة أو تسهيل ارتكابها؛ إذ تعد شبكة الإنترنت حلقة الوصل بين كافة الأهداف المحتملة لتلك الجرائم كالبنوك والشركات بكافة أنواعها والأشخاص وغيرها ،والتي غالبا ما تكون الضحية.

مرتكب الجريمة مجرم ذو خبرة في استخدام الحاسب الآلي والإنترنت.

الجرائم الالكترونية لا تعرف الحدود المكانية ولا الحدود الزمنية لأنها ترتكب عبر شبكة الإنترنت لا تحدها حدود جغرافية كحدود دولة بعينها، فالعالم كله يمكن أن يكون مسرحا لارتكاب الجريمة، كما لا يحدها زمان معين رغم الاختلاف في المواقيت بين الدول.

الجرائم الالكترونية تتسم بالخطورة البالغة: وذلك من عدة نواحِ فمن ناحية: الخسائر الناجمة عنها كبيرة جدا قياسا بالجرائم التقليدية وبصفة خاصة جرائم الأموال، ومن ناحية ثانية: نجدها ترتكب من فئات إجرامية متعددة تجعل من الصعب معرفة الفاعل، ومن ناحية أخيرة: تنطوي على سلوكيات غير مألوفة.

صعوبة التحري والتحقيق في هذه الجرائم ومن ثم محاكمة مرتكبها: فهناك صعوبة في ملاحقة مرتكب هذه الجرائم، ولو تم التوصل إليه فمن السهل اتلاف الأدلة من قبل الجناة، كما أن هذه الجرائم لا تحدها حدود، فهي جرائم عابرة للحدود مما يثير تحديات ومعوقات في حقل الاختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق ومتطلبات التحقيق والملاحقة والضبط والتفتيش. الدافع لارتكاب جرائم الإنترنت يختلف عن دافع الجرائم التقليدية، فالبعض يرتكب الجريمة الالكترونية لولعه في الحصول على المعلومات الجديدة مثل القراصنة، أو للاستيلاء على المعلومات الموجودة على جهاز الكمبيوتر أو حذفها أو تدميرها أو الغائها نهائيا، وقد يكون الدافع الرغبة في قهر النظام الالكتروني بغرض تحقيق شهرة وإثبات التفوق العلمي لديه، وهى تكون بين الشباب، وقد تكون لاستهداف بعض الأشخاص والجهات([7]).

سمات المجرم المعلوماتي: يتميز المجرم الالكتروني بعدد من السمات والخصائص التي تجعله مختلفا عن المجرم التقليدي والتي منها :

مجرم ذكي: يعتبر الذكاء من أهم صفات المجرم المعلوماتي لأنه يتطلب منه الإلمام التام بتقنية بتكنولوجيا المعلومات والقدرة على تعديل وتغيير برامج الحاسب الآلي.

مجرم محترف: يتصف مرتكب الجريمة الالكترونية بأنه على درجة عالية من الخبرة والمهارة في استخدام الحاسب الآلي، والتكنولوجيا الحديثة.

مجرم غير عنيف: ينتمي الإجرام الالكتروني في غالبه الأعم إلى إجرام الحيل، وهذا النوع من الإجرام لا يستلزم مقدارا من العنف للقيام به.

مجرم متكيف اجتماعيا: فلا يضع المجرم الالكتروني نفسه في حالة عداء مع المجتمع الذي يحيط به، بل إن ذكاءه يدفعه للتكيف مع المجتمع، و كلما ازداد تكيفه مع المجتمع كلما زادت خطورته الإجرامية.

الميل إلى ارتكاب الجرائم : يتميز مرتكبو الجرائم الالكترونية بفرط في النزعة الإجرامية والميل إلى ارتكاب الجرائم.

الميل إلى التقليد: أغلب الجرائم الالكترونية تتم من خلال محاولة الفرد تقليد غيره بالمهارات الفنية التي لديه مما يؤدي لارتكابه للجريمة([8]).

تصنيف الجرائم الالكترونية: تتعدد صور الجريمة الالكترونية ” الجريمة المعلوماتية” إلا أنها تتفق جميعها في الوسيلة المستخدمة لارتكابها وهي الأجهزة التقنية الحديثة من حاسبات آلية وخلافها، وكلها تتم عبر شبكة الإنترنت، وقد عددت اتفاقية بودابست المتعلقة بالإجرام الكوني” الإجرام المعلوماتي” والموقعة من الاتحاد الأوربي في 23/11/ 2001، وصور الجرائم الالكترونية التي عددتها الاتفاقية هي الصور الممثلة للإجرام المعلوماتي الحادث الآن و تتمثل في الآتي([9]):

أولاً: الجرائم ضد سرية وسلامة وإتاحة البيانات والنظم المعلوماتية: و قد عددت الاتفاقية صور هذه الجرائم في الآتي:

الولوج غير القانوني : وهو يعني الدخول غير المشروع لنظام معلوماتي مملوك للغير ” القرصنة” والتي قد تكون بهدف إتلاف أو تدمير النظام المعلوماتي للغير أو الحصول علي معلومات وبيانات سرية مملوكة للغير أو التدخل بتغيير البيانات المخزنة في النظام المعلوماتي المملوك للغير وهو ما يطلق عليه الغش أو التزوير المعلوماتي.

الاعتراض غير القانوني: وهى جريمة انتهاك الحق في الخصوصية والتى تحدث عندما يتم اعتراض المراسلات الالكترونية والاتصالات الالكترونية الخاصة بالغير. وهذه الجريمة تتعلق بكافة أشكال النقل الالكتروني للبيانات سواء عن طريق التليفون أو الفاكس أو البريد الالكتروني أو غير ذلك من الوسائل التقنية الحديثة.

الاعتداء علي سلامة البيانات: و تتمثل في الاعتداء عمدا على البيانات والبرامج الخاصة بجهاز الحاسب الآلي المملوك للغير بهدف تعطيل الجهاز أو محو و طمس بيانات الحاسب الآلي.

الاعتداء على سلامة النظام: وهي تتمثل في الأفعال التي تحمل اعتداء على حسن تشغيل نظام الحاسب الآلي بشكل جسيم مما يؤدي لتوقف النظام عن العمل مثل الاعتداء من خلال استخدام الفيروسات.

إساءة استخدام أجهزة الحاسب: أي كل فعل مجرم قانونا يتم من خلال استخدام الحاسب الآلي.

ثانيا: الجرائم المعلوماتية المتصلة بالحاسب وتتمثل في الآتي:

الاحتيال المعلوماتي أو التزوير و الغش المعلوماتيين : ويقصد به الخداع أو الغش المعلوماتي الذي يقوم علي التلاعب في نظم المعالجة الآلية للمعلومات بهدف الحصول دون وجه حق علي خدمات أو أموال أو أصول معينة، ويقوم الجاني في هذه الجريمة باستخدام التقنيات الحديثة بغية التلاعب في البيانات المصرفية ونتائج الميزانيات والمستحقات المالية، فيتم تحويل تلك الأموال في ثوانٍ معدودة من حساب إلى آخر، وتتمثل خطورة هذا الفعل الإجرامي في كونه يتم عبر الحدود الإقليمية لأكثر من دولة وفي ثوان معدودة، وهو ما يجعله بالغ الأثر السلبي على الاقتصاد القومي ؛ إذ من الممكن أن يؤدي ارتكاب مثل هذه الجريمة إلى إفلاس شركات أو بنوك كبرى في الدولة([10]).

الجرائم المتصلة بمحتوى الحاسب الآلي: وهي تتعلق بجرائم إنتاج ونشر المواد الإباحية الخاصة بالأطفال وبيع الأطفال والإتجار فيهم والترويج لدعارة الأطفال.

الجرائم المتصلة بالاعتداءات الواقعة علي الملكية الفكرية والحقوق المجاورة: وهي تعد من الجرائم الالكترونية الأكثر شيوعا وانتشارا وتستهدف الأعمال الأدبية والتصويرية والموسيقية والسمعية البصرية، وذلك نظرا للسهولة التي يمكن من خلالها عمل نسخ غير مصرح بها عن طريق التكنولوجية الرقمية، مما يضر بالحقوق المالية للمالكين والمنتجين.

أما الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات فلم تقم بعمل تصنيف مشابه للاتفاقية السابقة بل قامت بسرد للجرائم الالكترونية علي سبيل المثال مثل جرائم استخدام وسائل المعلومات، وجرائم الاحتيال والإباحية،

وجرائم الاستغلال الجنسي، وحرمة الاعتداء علي الحياة الخاصة، وما يتعلق بالإرهاب والجريمة المنظمة([11]).

وهناك من الفقه من صنف الجرائم الالكترونية تحت نوعين من الجرائم على حسب الأداة المستخدمة في ارتكابها([12]):

النوع الأول:web crime computer : وهو يتعلق بجرائم الشبكة العالمية التي تستخدم الحاسب وشبكاته كوسيلة مساعدة لارتكاب جريمة مثل استخدامه في النصب والاحتيال وغسل الأموال وتشويه السمعة والسب والقذف، وفي هذا النوع من الجرائم يكون الحاسب الآلي محتفظا بأدلة رقمية تساعد في كشف الفاعل.

النوع الثاني: crime computer : وهو يتعلق بالجرائم التي يكون الحاسب فيها محلا للفعل الإجرامي ذاته كالأفعال الإجرامية الواقعة على مكونات الحاسب المادية، أو المكونات المعنوية soft wareأو قاعدة البيانات ، date basesأو المعلومات التي قد تكون علي الحاسب من خلال الحصول غير المشروع عليها ونشرها” انتهاك الملكية الفكرية” ، أو من خلال تسجيل مواد اباحية عليه.

وهناك جانب أخر من الفقه قسم الجرائم الالكترونية إلى جرائم تقليدية: ترتكب عن طريق استخدام الحاسب الآلي وهي جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة والاتلاف والتصنت إلى غير ذلك من الجرائم، وجرائم مستحدثة مثل جرائم التجسس والقرصنة،

وبعضهم قسم الجرائم الالكترونية حسب المصلحة المحمية بالقانون إلى الجرائم الالكترونية التي تمثل الاعتداء على الأشخاص، والجرائم الالكترونية التي تمثل اعتداء على الأموال، والجرائم الالكترونية التي تمثل اعتداء على البيانات، والجرائم الالكترونية التي تمثل اعتداء على الآداب العامة وحقوق الملكية الفكرية، والجرائم الالكترونية ذات الصلة بالإجرام المنظم والجرائم السياسية([13]).

ومما سبق تقديمه من تقسيمات يتضح أنه لكي يدخل الفعل في إطار الجرائم الالكترونية يجب أن يقوم جهاز الحاسب الآلي في الجريمة بدور على قدر من الأهمية، ويقصد بجهاز الحاسب الآلي في هذا المقام المكونات المنطقية للحاسب الآلي من معلومات وبرامج وكذلك جميع المكونات الأخرى التي تساعد في عملية المعالجة الآلية للمعلومات،

ويكمن هذا الدور في كون النظام قد ساعد وسهل في ارتكاب الفعل على نحو كبير، ويختلف دور الحاسب الآلي في الجريمة الالكترونية من جريمة لأخرى([14]).

المبحث الثاني الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية

لا شك في أن التجريم والعقاب يعد من أخطر الأمور التشريعية التي تتصل بحرية المواطنين وذلك بسبب خطورة الآثار التي تترتب عليه، ولذلك فإن النصوص التشريعية التي تصدر به، يتعين أن تصدر دائما وفقاً لمبدأ الشرعية الجنائية([15])، الذي نحاول فيما يأتي إلقاء الضوء عليه.

دستورية الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية: تعد الدولة القاسم المشترك بين القانون الدستوري والقانون الجنائي، فالدستور ينظم نشاط الدولة من الناحية السياسية، والقانون الجنائي ينظم نشاطها من الناحية الجنائية من خلال تنظيم علاقة الفرد بالدولة، وعلاقة الأفراد بعضهم مع بعض، ومن مظاهر الصلة ما تتضمنه الدساتير من نصوص ذات صبغة جنائية بدافع الرغبة في فرض حماية الدستور وإسباغه بطابع القدسية عليها لتعلقها بحقوق الأفراد وحرياتهم، فالعلاقة وثيقة بين القانون الدستوري والقانون الجنائي ؛

ذلك أن مبادئ الدستور تسهم في تحديد مضمون القانون الجنائي ذاته بحيث يتوقف تحديد الجرائم على تطوير المبادئ الدستورية أكثر من اعتماده على تطوير القيم والمصالح الاجتماعية، وفي ضوء ذلك يؤدي القانون الجنائي وظيفته في الدولة في إطار الشرعية الدستورية على النحو الذي يحدده الدستور([16])، وقد قام القانون الجنائي على عدد من المبادئ الدستورية، والتي يعد أهمها هو “مبدأ الشرعية الجنائية”([17])،

الذي يمثل حجر الزاوية للنظام الجنائي بأسره، فمنه تتفرع وحوله تدور كافة المبادئ التي تحكم القواعد الجنائية موضوعية كانت أو اجرائية([18])، ويقصد به بصفة عامة” أن التشريع هو المصدر الأساسي للتجريم والعقاب، وأن السلطة التشريعية هي وحدها المختصة بتحديد الجرائم والعقوبات دون السلطتين القضائية والتنفيذية، وأن القاضي مهمته تطبيق النصوص التي وضعها المشرع”([19]).

ويرجع تاريخ هذا المبدأ في القانون الوضعي إلى تاريخ الفصل بين سلطات الدولة ؛ إذ قبل ذلك كان للملك وحده سلطة تجريم الأفعال بمطلق إرادته([20])، ثم انتقل الأمر في القرون الوسطى للقضاة فكان القضاة يملكون سلطة تحكمية في تجريم الأفعال والعقاب عليها دون نص في القانون، حتى نص على ذلك المبدأ بداية من صدور ميثاق هنري الأول في انجلترا، ثم دستور كلاريندون ،

وأكد عليه العهد الأعظم ، وجاءت الثورة الفرنسية لتؤكد عليه في المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر عام 1789، ثم جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 ليؤكد عليه ، وتضمنته الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان الصادرة عام 1950 ، وكذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام1966

. ومن هنا يعد هذا المبدأ من المبادئ الدستورية ذات الطابع العالمي ، ويرجع الفضل في ظهوره للنور إلى الفقيه الإيطالي ” شيزاري دي بكاريا” صاحب الكتاب الشهير” الجرائم والعقوبات” الذي أصدره في سنة 1764، وقد جاء فيه أن” القوانين وحدها هي التى تحدد العقوبات التى تقابل الجرائم…”،”….ولا يستطيع القاضي أن يوقع سواها”([21]).

المحكمة الدستورية العليا في مصر ومبدأ الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية: كان للمحكمة الدستورية العليا في مصر دور كبير في إرساء دعائم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات باعتبارها أحد تطبيقات فكرة الأمن القانوني، فعملت علي استجلاء حقيقته وفحواه ودلالته وماهيته ومداه والضوابط التي تقيده،

ووضعت الضوابط الصحيحة لتفويض السلطة التنفيذية في بعض جوانب التجريم والعقاب، واستخلصت فكرة عدم جواز توقيع عقوبة إلا بناء على حكم قضائي، ومفهوم الجريمة من الناحية القانونية، ووضعت الضوابط التي بموجبها تباشر رقابتها على دستورية النص الجنائي([22]). أكدت المحكمة الدستورية العليا علي أهمية مبدأ الشرعية الجنائية فقضت بأن” استقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مفاهيم الدول المتحضرة، دعا إلى توكيده ، ومن ثم وجد صداه في عديد المواثيق الدولية من بينها الفقرة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والفقرة الأولي من المادة 15 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة 7 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان

كما تردد في العديد من الدساتير، ” فغدا أصلا ثابتا وضمانة ضد التحكم، فلا يؤثم القاضي أفعالاً ينتقيها ولا يقرر عقوباتها وفق اختياره، إشباعا لنزوة أو انفلاتا عن الحق والعدل . وصار التأثيم بالتالي – وبعد زوال السلطة المنفردة ، عائدا إلى المشرع؛ إذ يقرر للجرائم التي يحدثها عقوباتها التي يجرمها، ويفسر هذا المبدأ بأن القيم الجوهرية التي يصدر القانون الجنائي لحمايتها، لا يمكن بلورتها إلا من خلال السلطة التشريعية التي انتخبها المواطنون لتمثيلهم،

وأن تعبيرها عن إرادتهم يقتضي أن تكون بيد سلطة التقرير في شأن تحديد الأفعال التي لا يجوز تأثيمها وعقوبتها لضمان مشروعيتها. ومن ثم كان المبدأ لازما لتمكين المواطنين من الاتصال بتلك القيم التي يقوم عليها بنيان مجتمعهم، بما يوحد بينهم ويكفل تماسكهم اجتماعيا فلا يزدرونها”([23]).

أكدت على ارتباط مبدأ الشرعية الجنائية والسياسية الجنائية للدولة في حكمها ؛لأن” السياسة الجنائية الرشيدة يتعين أن تقوم علي عناصر متجانسة، فإن قامت علي عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينهما، إيمانا بأن الأصل في النصوص التشريعية – في الدولة القانونية- هو ارتباطها عقلا بأهدافها ،

باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف. ومن ثم يتعين دائما استظهار ما إذا كان النص المطعون عليه يلتزم إطار منطقيا للدائرة التي يعمل فيها، كافلا تناغم الأغراض التي يستهدفها أو متناقضا مع مقاصده أو مجاوزا لها مناهضا – بالتالي لمبدأ خضوع الدولة للقانون”([24]).

أكدت على ارتباط مبدأ الشرعية الجنائية والعدالة الجنائية للدولة في حكمها لأن” العدالة الجنائية في جوهر ملامحها، هي التي يتعين ضمانها من خلال قواعد محددة تحديدا دقيقاً، ومنصفا، يتقرر على صونها ما إذا كان المتهم مدانا أو بريئا، ويفترض ذلك توازنا بين مصلحة الجماعة في استقرار أمنها، ومصلحة المتهم هي ألا تفرض عليه عقوبة ليس لها من صلة بفعل أتاه، أو تفتقر هذه الصلة إلى دليل يؤكدها، ولا يجوز النزول عنها أو التفريط فيها”([25]).

أكدت على ضمانات تطبيق مبدأ الشرعية الجنائية فقضت بأن” النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، إنما يتحدد علي ضوء ضمانتين تكفلان الأغراض التي توخاها: أولهما: أن تصاغ النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض،

فلا تكون هذه النصوص شباكاً أو شراكاً يلقيها المشرع متصيدا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهي بعد ضمان غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافٍ لها بل متسقا معها .

وثانيهما: ومفترضها أن المرحلة الزمنية التي تقع بين دخول القانون الجنائي حيز التنفيذ وإلغاء هذا القانون، إنما تمثل تلك الفترة التي كان يحيا خلالها، فلا يطبق على أفعال أتاها جناتها قبل نفاذه، بل يتعين أن يكون هذا القانون سابقا عليها فلا يكون رجعيا”([26]).

أكدت على حدود تفسير القاضي للنص الجنائي بقضائها بأن” لا يجوز إعمال نصوص عقابية يسيء تطبيقها إلى مركز قائم لمتهم، ولا تفسيرها بما يخرجها عن معناها أو مقاصدها، ولا مد نطاق التجريم – وبطريق القياس- إلى أفعال لم يؤثمها القاضي من بينها ما يكون أكثر ضمانا للحرية الشخصية في إطار علاقة منطقية يقيمها بين هذه النصوص وإرادة المشرع، سواء في ذلك تلك التي أعلنتها، أو التي يمكن افتراضها عقلاً”([27]).

مبررات ونتائج مبدأ الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية :هناك عدة مبررات ونتائج طرحها الفقه للترويج لمبدأ الشرعية الجنائية ويمكن حصرها في الآتي:

أولاً: مبررات مبدأ الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية:

تحقيق مبدأ العدالة : فاحترام الذات الإنسانية يتطلب حصر الأفعال غير المشروعة الكترونيا في صورة جرائم الكترونية، وأن تتحدد تحديدا دقيقا العقوبات التى عن طريقها يواجه الشارع هذه الجرائم وأن يتم إعلام المجتمع جميعا بهذه الجرائم والعقوبات.

تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات: فهناك سلطة ممثلة من الشعب تتولى وضع نصوص التجريم والعقاب بالنسبة للجرائم الالكترونية، وهناك سلطة قضائية تتولى تطبيق هذه النصوص ثم هناك سلطة تنفيذية تتولى تنفيذ ما يصدر عن السلطة القضائية من أحكام في هذا الشأن.

تحقيق مبدأ الردع العقابي. ذلك عن طريق إعلام المخاطبين بالقانون بنصوص التجريم والعقاب المقررة للجرائم الالكترونية ومضمونها والعقوبات المقررة لها ،

مما يؤدي إلي إحجامهم عن ارتكاب الجريمة مخافة الحكم عليهم بهذه العقوبة، كما يؤدي باقتناع مرتكب الجريمة الالكترونية بالعقوبة المطبقة عليه. تحقيق مبدأ المساواة في العقاب: فالنصوص الخاصة بالتجريم والعقاب للجرائم الالكترونية تصاغ بشكل عام ومجرد بحيث تطبق على الكافة، بل وعلى جميع الوقائع دون تمييز، وهذا سيؤدى إلى تحقيق المساواة بين الأفراد أمام القانون فلا يختلف تطبيق القانون على حسب الوضع الاجتماعي أو صفة الجاني([28]).

ثانياً: نتائج مبدأ الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية:

بالنسبة للمشرع: تختص السلطة التشريعية وحدها بمهمة التشريع الجنائي للجرائم الالكترونية، وتلتزم عند وضعها للنصوص الجنائية ألا تتعسف في استعمال حقها في التجريم، بحيث لا يجرم المشرع إلا الأفعال الالكترونية التي تمثل اعتداء على المصالح الأساسية للأمة، وإن كان من الصعب تحديد المصالح الأساسية للأمة التي يقوم عليها بنيان المجتمع ،

إلا أنه يكفي في هذا السياق ألا يقوم المشرع الجنائي بحماية مصالح لا تشكل قيمة لدى المجتمع أو لدى أغلب أفراده([29])، والنص على عدم سريان نصوص تجريم الجرائم الالكترونية على الوقائع الحادثة قبل صدور نصوص التجريم، بل يقتصر سريانها على المستقبل وهو ما يمكن أن يعبر عنه بمبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية للجريمة الالكترونية ، كما يجب على المشرع الجنائي التزام الوضوح التام في النصوص الجنائية([30])، فلا يجوز أن يلجأ عند إقراره لنصوص التجريم الإلكتروني إلى أسلوب ” النماذج المفتوحة” باستخدام عبارات غامضة أو حمالة أوجه([31]).

بالنسبة للقاضي: يلتزم بتطبيق النص الجنائي المتعلق بالجريمة الالكترونية دون تعديل بالإضافة أو بالحذف سواء بالنسبة لشق التجريم أو العقاب، فيتعين عليه في البداية أن يحدد ما إذا كانت الواقعة تندرج تحت أحد النماذج الإجرامية التي قررها المشرع أم لا ، فإذا لم يثبت ذلك وجب الحكم ببراءة المتهم، أما إذا كانت الواقعة مجرمة وجب عليه أن يضع لها التكييف القانوني السليم. بالنسبة للسلطة التنفيذية : تلتزم الجهات القائمة على التنفيذ العقابي بتنفيذ الحكم بذات الأوضاع التي نص عليها القانون، وبالتالي فإن الإدارة لا تستطيع أن تنفذ عقوبة لم يقض بها حكم قضائي أو أن تحل نفسها محل القضاء في تطبيق العقوبة، أو أن تظل تنفذ العقوبة على خلاف مقتضى الحكم القضائي([32]).

الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية في مصر:

علي الرغم من أن المادة 31 من الدستور المصري الصادر عام 2014 جاءت نصا دستوريا صريحا يشير إلى وجوب الحفاظ على المعلومات والبيانات الالكترونية ؛ إذ جرى نصها علي أن” أمن الفضاء المعلوماتي جزء أساسي من منظومة الاقتصاد والأمن القومي، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه، على النحو الذي ينظمه القانون”؛ إلا أنه حتى الآن لا يوجد بمصر تشريع عقابي متكامل خاص بالجرائم الالكترونية،

كل ما هناك أنه توجد بعض النصوص القانونية المتناثرة في قوانين مختلفة تتحدث عن بعض العقوبات المرتبطة ببعض الجرائم الالكترونية منها قانون الاحوال المدنية المصري رقم 143 لسنة 1994 والذي نظم في عدد من مواده تجريم تعديل بيانات الأحوال الشخصية للمواطنين المسجلة على الحاسب الآلي أو الوسائط الالكترونية الموجودة بمصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية بالتزوير أو الاتلاف أو الاطلاع عليها دون وجه حق ، وذلك في عدد من المواد منها المادة 72 من القانون والتي جاءت تنص على أن” في تطبيق أحكام هذا القانون وقانون العقوبات تعتبر البيانات المسجلة بالحاسبات الآلية وملحقاتها بمراكز معلومات الأحوال المدنية ومحطات الإصدار الخاصة بها المستخدمة في إصدار الوثائق وبطاقات تحقيق الشخصية بيانات واردة في محررات رسمية .فإذا وقع تزوير في المحررات السابقة أو في غيرها من المحررات الرسمية ، تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات”، والمادة 74 من القانون والتي جاء في نصها” مع عدم الإخلال بأية عقوبة شديدة منصوص عليها في قانون العقوبات أو في غيره من القوانين،

كأن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اطلع أو شرع في الاطلاع أو حصل أو شرع في الحصول على البيانات أو المعلومات التي تحتويها السجلات أو الحاسبات الآلية أو وسائط التخزين الملحقة بها أو قام بتغييرها بالإضافة أو بالحذف أو بالإلغاء أو بالتدمير أو بالمساس بها بأي صورة من الصور أو أذاعها أو أفشاها في غير الأحوال التي نص عليها القانون ووفقا للإجراءات المنصوص عليها فيه ، فإذا وقعت الجريمة على البيانات أو المعلومات أو الإحصاءات المجمعة تكون العقوبة السجن”، و المادة 75 من القانون التي تنص على أنه” يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من عطل أو أتلف الشبكة الناقلة لمعلومات الأحوال المدنية، أو جزءا منها وكان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين واللوائح والأنظمة .فإذا وقع الفعل عمدا تكون العقوبة السجن مع عدم الإخلال بحق التعويض في الحالتين”، اما المادة 76 من القانون فتصرح بأنه ” يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من اخترق أو حاول اختراق سرية البيانات أو المعلومات أو الإحصاءات المجمعة بأية صورة من الصور وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤيدة إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب”.

وقد قرر قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 في بعض مواده حماية السرقات الأدبية عبر شبكة الإنترنت فجاء نص المادة 140 منه للحديث عن نوعية من جرائم الإنترنت فنص على أنه” تتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية والفنية، وبوجه خاص المصنفات الآتية: الكتب والكتيبات والمقالات والنشرات من الحاسب الآلي أو من غيره. من برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات سواء أكانت مقروءة من الحاسب الآلي أو من غيره من المحاضرات، والخطب، والمواعظ، وأية مصنفات شفوية أخرى إذا كانت مسجلة……”، وجاء نص المادة 181 من القانون ناصا على العقوبة وجرى على أن” مع عدم الإخلال في أية عقوبة أشد في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وكل من أرتكب أحد الأفعال الآتية:……………….رابعاً: نشر مصنف أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي أو أداء محمي طبقاً لأحكام هذا القانون عبر أجهزة الحاسب الآلي أو شبكات الإنترنت أو شبكات المعلومات أو شبكات الاتصال أو غيرها من الوسائل دون إذن كتابي مسبق من المؤلف أو صاحب لحق المجاور. ………………سادساً: الإزالة أو التعطيل أو التعييب بسوء نية بأية حماية تقنية يستخدمها المؤلف أو صاحب الحق المجاور كالتشفير أو غيره………..وفي حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين آلف جنيه. وفي جميع الأحوال تقضي لمحكمة بمصادرة النسخ محل الجريمة أو المتحصلة منها وكذلك المعدات والأدوات المستخدمة في ارتكابها. ويجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تقضي بغلق المنشأة التي استغلها المحكوم عليه في ارتكاب الجريمة مدة لا تزيد عن ستة أشهر، ويكون الغلق وجوبيا في حالة العود في الجرائم المنصوص عليها في البندين ثانياً وثالثاً من هذه لمادة. وتقضي المنشأة بنشر ملخص الحكم بالإدانة في جريدة يومية أو أكثر على نفقة المحكوم عليه”.

كما نظم قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة 2003 بعض جرائم الإنترنت فنص في المادة 73 منه على أن” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من قام أثناء تأدية وظيفته في مجال الاتصالات أو بسببها بأحد الأفعال الآتية:

1-إذاعة أو نشر أو تسجيل لمضمون رسالة اتصالات أو لجزء منها دون أن يكون له سند قانونى في ذلك.

2- إخفاء أو تغيير أو إعاقة أو تحوير أية رسالة اتصالات أو لجزء منها تكون قد وصلت إليه.

3- الامتناع عمداً عن إرسال رسالة اتصالات بعد تكليفه بإرسالها.4-إفشاء أية معلومات خاصة بمستخدمي شبكات الاتصال أو عما يجرونه أو ما يتلقونه من اتصالات وذلك دون وجه حق” ، كما نص المادة 75 منه علي أن” يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائه ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من قام بإفشاء أو نشر أو إذاعة أية معلومات حصل عليها بحكم وظيفته أو بسببها عن منشأة عاملة في مجال الاتصالات متى كان من شأن ذلك أن يؤدى إلى قيام منافسة غير مشروعة بين المنشآت العاملة في هذا المجال”.

وقد جاء قانون التوقيع الالكتروني15 لسنة 2004 لينظم بعض صور الجرائم الالكترونية فنص في المادة 23 منه على أنه ” مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر ، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من :

(أ‌) أصدر شهادة تصديق الكتروني دون الحصول على ترخيص بمزاولة النشاط من الهيئة.

(ب‌) أتلف أو عيّب توقيعا أو وسيطا أو محررا الكترونيا ، أو زوّر شيئا من ذلك بطريق الاصطناع أو التعديل أو التحوير أو بأي طريق آخر .

( ج) استعمل توقيعا أو وسيطا أو محررا الكترونيا معيبا أو مزورا مع علمه بذلك. (د) خالف أيّا من أحكام المادتين (19) ، (21) من هذا القانون ([33]). ( هـ) توصّل بأية وسيلة إلى الحصول بغير حق على توقيع أو وسيط أو محرر الكتروني او اخترق هذا الوسيط أو اعترضه أو عطله عن أداء وظيفته ،وتكون العقوبة على مخالفة المادة(13) من هذا القانون ، الغرامة التي لا تقل عن خمسة ألاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه([34]).

وفي حالة العود تزاد بمقدار المثل المقررة ، العقوبة المقررة لهذه الجرائم في حديها الأدنى والأقصى . وفي جميع الأحوال يحكم نشر حكم الإدانة في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار ، وعلى شبكات المعلومات الالكترونية المفتوحة على نفقة المحكوم عليه”.

كما تناول قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 في المادة 116 مكرر أ منه الاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الإنترنت والذي جاء نصها” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من استورد أو صدر أو أنتج أو أعد أو عرض أو طبع أو روج أو حاز أو بث أي أعمال إباحية يشارك فيها أطفال أو تتعلق بالاستغلال الجنسي للطفل، ويحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة في ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها، وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن ستة أشهر، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية.

ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها في قانون آخر، يعاقب بذات العقوبة كل من:

استخدم الحاسب الآلي أو الإنترنت أو شبكات المعلومات أو الرسوم المتحركة لإعداد أو لحفظ أو لمعالجة أو لعرض أو لطابعة أو لنشر أو لترويج أنشطة أو أعمال إباحية تتعلق بتحريض الأطفال أو استغلالهم في الدعارة والأعمال الإباحية أو التشهير بهم أو بيعهم.

استخدام الحاسب الآلي أو الإنترنت أو شبكات المعلومات أو الرسوم المتحركة لتحريض الأطفال على الانحراف أو لتسخيرهم في ارتكاب جريمة أو على القيام بأنشطة أو أعمال غير مشروعة أو منافية للآداب، ولو لم تقع الجريمة فعلاً.

ويتضح من العرض السابق أنه لا يوجد في مصر حتى الأن قانون خاص بالجرائم الالكترونية فيما عدا ما سبق توضيحه.

وبعض النصوص الواردة في قانون العقوبات خاصة بالجرائم التقليدية يمكن تطويعها بعيدا عن التفسير الضيق لتشمل بعض جرائم الحاسب الآلي، إلا أن هذه النصوص لا زالت قاصرة عن إيجاد التأمين الكافي للمجتمع ضد الأشكال المختلفة للجريمة الالكترونية([35])،

وأمام هذه المشكلة التي تواجه مصر الآن نجد أن الدول المشابهة لها في الوضع القانوني سلكت إحدى ثلاث طرق لمواجهة الجريمة الالكترونية الطريق الأول: وضع نصوص تشريعية لمواجهة هذه الجرائم الحديثة بشكل شامل وتفصيلي،

أو الطريق الثاني: التوسع في تفسير النصوص القانونية القائمة في محاولة لمواجهة مثل هذه الجرائم الحديثة، أما الطريق الثالث: تطبيق النصوص القائمة على هذه الجرائم الحديثة، والطريقان الثاني والثالث تعامل معهما فقهاء القانون بشيء من الحذر لأنهما يمسان مبدأ الشرعية الجنائية؛ فما الحل إذاً في الدول التي لا تمتلك تشريعا عقابيا يعاقب على الجرائم الالكترونية فهل تترك الجاني بلا عقاب؟

أم تفتح الباب أمام القضاة للعمل بالقياس أو التفسير الواسع للنصوص العقابية التقليدية مما يهدر مبدأ الشرعية الجنائية؟([36]).

المبحث الثالث دور القاضي الجنائي في ظل غياب النص العقابي للجريمة الالكترونية

نظرا لعدم وجود نظام قانوني متكامل خاص بالجريمة الالكترونية في مصر يوضح ويصف بدقة الجرائم الالكترونية محددا أنواع هذه الجرائم والأشكال التي تتخذها، والركن المادي والمعنوي للجريمة بنصوص تتسم بالتحديد مع السماح بأن يدرج تحتها كل ما هو جديد في عالم الجريمة الالكترونية، مع تحديد دقيق للعقوبة بحديها الأعلى والأدنى كعقوبة أصلية وغيرها من العقوبات التكميلية والتبعية،

وبما لا يخل بمبدأ الشرعية الجنائية كمبدأ دستوري حاكم، حيث أن الجريمة الالكترونية تتطور بشكل مذهل نظرا لتطور الأجهزة الالكترونية مما يوجد شبه استحالة في مواكبة ذلك التطور بتشريعات تجرمها، وهنا تكمن صعوبة وضع تشريع جامع لكل صور الجريمة الالكترونية، مانعا المشرع مرة أخرى من التدخل لتعديل التشريع بإضافة أشكال جديدة للتجريم.

وفي ظل غياب التشريع سيجد القاضي نفسه مضطرا للحكم بالبراءة على مرتكبي وقائع الكترونية عبر الوسائل الالكترونية في شكل جرائم سواء ضد الدولة أو ضد مواطنيها، وذلك تطبيقا لمبدأ المشروعية، وعندئذ ستفشي الجريمة الالكترونية وتدمر مصالح كثيرة سواء للدولة أو لمواطنيها والسؤال المطروح هنا هل يسكت القاضي عن ذلك وينتظر السلطة التشريعية، أم يجتهد حماية للمصلحة العليا للبلاد؟

المبحث الرابع : حرمة الحياة الخاصة في ضوء قانون مكافحة الجريمة الالكترونية

يهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية حرمة الحياة الخاصة ومواجهة الاستخدام غير المشروع للحاسبات وشبكات المعلومات وما يرتبط بها من جرائم لحماية البيانات والمعلومات الحكومية، إلا أن مشروع القانون انحرف عن هذا الهدف ليتحول إلى أداة لمراقبة المواطنين والحد من إبداء الآراء المعارضة.

يعد الحق في الخصوصية من الحقوق اللصيقة بالإنسان، وهو من أكثر الحقوق المثيرة للجدل بـين فقهاء القانون منذ زمن بعيد، وكذلك حرمة الحياة الخاصة وقدسيتها التي صانتها الحضارات القديمة والأديان السماوية والدساتير والقوانين الوضعية في غالبية دول العالم.

إن مفهوم الخصوصية مـن المفاهيم النسبية المرنة بمعنى تغير هذا المفهوم وتبدله بـين مجتمعـات وأخـرى وبـين الثقافـات والموروث الحضاري للدول، وكذلك بين زمان وآخر. ولعل ظهور الحواسـيب وثـورة المعلومـات والإنترنت أعطى هذا الحق زخماً خاصاً، ولاسيما بعد انتشار بنوك المعلومات في ثمانينيـات القـرن المنصرم،

وما يسمى بهستيريا التواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت من خلال مواقـع الدردشـة وغرفها والشبكات الاجتماعية، إِذْ لا يتوانى الناس كباراً وصغاراً عن وضع كثيـر مـن معلومـاتهم الشخصية وصورهم ومقاطع فيديو خاصة بهم أو بأسرهم على شبكة الإنترنـت، وخاصـة الـشباب والمراهقين وهم الفئة الأكثر استخداماً للإنترنت، مما يؤَلِّفُ خطراً لا يستهان به على حرمـة حيـاة الناس الخاصة من الانتهاك في مجال المعلوماتية. الأمر الذي أوجب تدخل المشرع في كثير من دول العالم لسن قوانين خاصة بجرائم الحاسوب والإنترنت

ومنها المشرع المصري ، ويعد صدور القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة الجريمة الالكترونية وبخاصة المادة (25) الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمه الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه،

أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الاسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياه الخاصة أو ارسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته،

أو منح بيانات إلى نظام أو موقع اليكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو اخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة.

يعد الحق في حرمة الحياة الخاصة احد انواع الحقوق الشخصية ، ويحدد هذا الحق للفرد الكيفية التي يعيش فيها كما يروق له، وذلك مع أقل قدر ممكن من تدخل الغير في حياته، إذ يملك الفرد الحق في الحفاظ على سرية الحياة الخاصة به، وعدم جعلها عرضة ألن تلوكها ألسنة الناس، أو ان يكون موضوعا للنشر،

فالإنسان له الحق أن يترك و شأنه يعيش حياة هادئة بعيدة عن العلنية والنشر. وتعد الحقوق الشخصية من خصائص الشخصية الإنسانية التي تثبت للشخص باعتباره إنسانا أو تلك التي يكون موضوعها العناصر المكونة للشخصية الإنسانية وبما ان الحق في الحياة الخاصة هو أحد هذه الحقوق فإن جميع الأشخاص يتمتعون به دونما تمييز بينهم ألنه حق يتصل بشخصية الفرد وكيانه الإنساني فالحق في حرمة الحياة الخاصة

هو كل ما يتعلق بذاتية الشخص ويؤول إليه وتعني حرية الفرد في عدم إفشاء معلوماته الشخصية والاحتفاظ بكل ما يتعلق بحياته الخاصة، ونطاقها يمتد على كل ما يتعلق بحياته العائلية والمهنية والصحية والغرامية، ودخله، ومعتقداته الدينية والسياسية والفكرية، ومراسلاته ومحادثاته وجميع المظاهر غير العلنية في الحياة العملية للفرد،

ويظهر جليا من خلال تتبع التعريفات التي وضعت للحق في حرمة الحياة الخاصة أنه ليس ثمة تعريف موحد للحق في حرمة الحياة

الخاصة أو الحق في الخصوصية إذ ان التعريفات جاءت متباينة ليس فقط بين النظم القانونية المختلفة وانما في اطار النظام القانوني الواحد وان اغلب التشريعات اتجهت الى عدم إيراد تعريف للحق في الحياة الخاصة تاركه هذا الأمر للفقه والقضاء، واكتفت بوضع نصوص تكفل حماية الحق في الحياة

الخاصة وتعدد صور الاعتداء عليه، ويعود السبب في اختلاف التعريف لأختلف المفهوم الذي يمثل اساسا لتحديد التعريف ففي كثير من الدول، فان مفهوم الخصوصية او الحق في حرمة الحياة الخاصة اختلط وارتبط بمفهوم حماية البيانات وهو ما يضع الخصوصية ضمن اطار الحق في حماية البيانات الخاصة،

وفي خارج نطاق هذا المفهوم فأن الخصوصية ظهرت كوسيلة لتحديد الخطوط الفاصلة بين حق الفرد المطلق وبين حق المجتمع بالتعرض لشؤونه وفي انظمة قانونية أخرى كانت الخصوصية هي الحرية في مواجهة كل اعتداء أو انتهاك، ان هذا التباين كان السبب وراء نشؤ العديد من التعريفات التي كانت إما تتوسع في تحديد فكرة الخصوصية الى درجة اقتران الفكرة بالحرية عموما ، واما تتعمد الى التضييق من نطاق الخصوصية لتكون لدى البعض بمعنى الخصوصية المادية التي ال تعني اكثر من حق العزلة،

إما تمتد الخصوصية المعنوية لتشمل السرية، أو نجدها تمتد لكل مظهر من مظاهر التدخل فتكون الحق العام في السيطرة على المعلومات الشخصية، الحق في العزلة والسرية في أن يترك الشخص وحيدا

تعد حرمة حياة الشخص العائلية من عناصر الحق في حرمة الحياة الخاصة ، وعلة ذلك ان حياة الأنسان العائلية هي جزء هام من حياته بشكل عام فالأسرار العائلية يحتاج الشخص الى احاطتها بالكتمان وابقاءها بعيدة عن معرفة الناس،

ولا يجوز ان تكون محال كل انتهاكا للنشر واذا تم ذلك فأنه يش لحرمة الحياة الخاصة بالاعتداء على حياة الأنسان العائلية ، ويمتد الحق في حرمة الحياة العائلية الى ما بعد وفاة الأنسان،

فبالرغم من ان القانون الي حمي سمعة وكرامة الأنسان اذا ما فارق الحياة ألنهر بالموت تنتهي شخصيته وحقوقه، الآن اسراره العائلية قد يؤدي افشائها الى التشهير بالميت ضارا بسمعة ورثته ،ويشمل الحق في حرمة الحياة العائلية الأسرار التي تمس الشخص وشرف وسمعة العائلة والعالقات السرية والاجتماعية، وهي أسرار ذات أهمية كبيرة للإنسان داخل مجتمعه أن” استقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مفاهيم الدول المتحضرة، دعا إلى توكيده ، ومن ثم وجد صداه في عديد المواثيق الدولية من بينها الفقرة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والفقرة الأولي من المادة 15 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة 7 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان كما تردد في العديد من الدساتير، ” فغدا أصلا ثابتا وضمانة ضد التحكم، فلا يؤثم القاضي أفعالاً ينتقيها ولا يقرر عقوباتها وفق اختياره، إشباعا لنزوة أو انفلاتا عن الحق والعدل . وصار التأثيم بالتالي – وبعد زوال السلطة المنفردة ، عائدا إلى المشرع؛ إذ يقرر للجرائم التي يحدثها عقوباتها التي يجرمها، ويفسر هذا المبدأ بأن القيم الجوهرية التي يصدر القانون الجنائي لحمايتها، لا يمكن بلورتها إلا من خلال السلطة التشريعية التي انتخبها المواطنون لتمثيلهم،

وأن تعبيرها عن إرادتهم يقتضي أن تكون بيد سلطة التقرير في شأن تحديد الأفعال التي لا يجوز تأثيمها وعقوبتها لضمان مشروعيتها. ومن ثم كان المبدأ لازما لتمكين المواطنين من الاتصال بتلك القيم التي يقوم عليها بنيان مجتمعهم، بما يوحد بينهم ويكفل تماسكهم اجتماعيا فلا يزدرونها”

أكدت على ارتباط مبدأ الشرعية الجنائية والسياسية الجنائية للدولة في حكمها ؛لأن” السياسة الجنائية الرشيدة يتعين أن تقوم علي عناصر متجانسة، فإن قامت علي عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينهما، إيمانا بأن الأصل في النصوص التشريعية – في الدولة القانونية- هو ارتباطها عقلا بأهدافها

،باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف. ومن ثم يتعين دائما استظهار ما إذا كان النص المطعون عليه يلتزم إطار منطقيا للدائرة التي يعمل فيها، كافلا تناغم الأغراض التي يستهدفها أو متناقضا مع مقاصده أو مجاوزا لها مناهضا – بالتالي لمبدأ خضوع الدولة للقانون”.

تقدير دور القاضي في مواجهة النقص التشريعي لمواجهة الجريمة الالكترونية:

ليس أمام القاضي في مصر الآن إلا أن يطبق النصوص القانونية التقليدية الواردة في قانون العقوبات أو أية قوانين خاصة أخرى معمولا بها على بعض الجرائم الالكترونية في حالة عدم تعارضها مع هذه النصوص وإمكانية تطبيقها عليها ، وذلك حتى لا يفلت الجناة من العدالة، وهو ما قد يمس مبدأ شرعية الجرائم خصوصا في الجرائم الالكترونية التي تأبى طبيعتها الخضوع للنصوص التقليدية([37])، وقد انقسم الفقه بين مؤيد لفكرة تطبيق النص التقليدي على الجريمة الالكترونية وبين معارض لذلك.

فالرأي المؤيد: أخذ يستند إلي ما انتهت إليه محكمتي النقض المصرية والفرنسية في أحكامها عندما ظهرت جريمة سرقة التيار الكهربائي باعتباره تقع على مال غير ملموس مع عدم وجود نصوص قانونية تجرمها فقام القضاء بتطبيق نصوص السرقة التقليدية، واعتبرت محكمتا النقض أن التيار يمر في أسلاك وتوصيلات ذات كيان مادي وبالتالي يمكن اختلاسه وانطباق نص السرقة عليه، وكذلك سرقة المكالمات التليفونية وإن لم يكن ماديا وملموسا ولكنه رغم ذلك قابل للحيازة والانتقال([38])،

أما الرأي المعارض: فيرى أن القضاء في الحالتين السابقتين توسعوا في تطبيق النصوص القانونية وفي تفسيرهم لمعنى الاختلاس المكون لجريمة السرقة، وهو وما لا يمكن تصوره بالنسبة للجرائم المستحدثة ومنها جرائم الإنترنت لأن السرقة تفترض انتقال الحيازة من مالكها إلي السارق وهو ما لم يحدث، بل ينحصر في أغلب الأحوال في الحصول على منفعة الشيء فقط دون أصله الذي يبقي في حيازة صاحبه، ولا صعوبة في القول بأننا هنا بصدد سرقة منفعة، والتي تحتاج إلى نص خاص صريح،

وهو ما يتضح من رفض القضاء تطبيق نصوص السرقة على من يتناول طعاما أو شرابا في محل معد لذلك ثم يمتنع دون مبرر عن دفع الثمن أو يفر دون الوفاء به، وذلك لتحقيق التسليم النافي للاختلاس من جانب صاحب العمل، الأمر الذي اقتضي من المشرع بأن يتدخل للنص على تجريم الفعل في المادة( 324) من قانون العقوبات المصري، وكذلك بالنسبة لمن يستولي على سيارة مملوكة للغير دون نية تملكها ،فلم يستطع القضاء تطبيق نص السرقة على الفعل نظرا لأن الفاعل وإن كان قد استولى على حيازة المال بغير رضا صاحبه إلا أن نية التملك لم تكن متوافرة لديه، وقد تدخل المشرع مؤخرا لتجريم ذلك الفعل بالمادة ( 323) مكرر من قانون العقوبات المصري، وغير ذلك الكثير([39])، وهو ما دعا المشرعين في عدد من الدول بالتدخل و إصدار قانون يتعلق بجرائم الكمبيوتر منهم المشرع الأمريكي الذي أصدر قانونه عام 1986، أما المشرع الفرنسي فقد أدمج بابا في قانون العقوبات الفرنسي يتحدث عن بعض الجرائم المعلوماتية وذلك في 1/3/1994، وفي بلجيكا صدر قانون مكافحة الإجرام المعلوماتي في 3/2/2001، أما الاتحاد الأوربي فقد حرص على التصدي للاستخدام غير المشروع للحاسبات وشبكات المعلومات وذلك في اتفاقية بودابست الموقعة في 23/11/2001 المتعلقة بالإجرام الكوني” الجرائم المعلوماتية”([40]).

التفسير القضائي للنص الجنائي التقليدي لتطبيقه علي الجريمة الالكترونية:

ونظرا لأنه لا يوجد قانون موضوعي ينظم الإجرام الالكتروني في كلا البلدين فليس أمام القاضي في البلدين إلا تفسير النص الجنائي ” التفسير القضائي للنص الجنائي” في معرض الفصل في دعوى معينة للتعرف على قصد المشرع بغية التوصل إلى تطبيق النص على الواقعة المطروحة أمامه أو عدم تطبيقه([41]).

مفهوم التفسير القضائي للنصوص الجنائية، وطبيعته القانونية، ووسائله:

مفهوم التفسير القضائي للنصوص الجنائية: اختلف الفقهاء في إعطاء تعريف موحد للتفسير بحسب اختلاف نظرة كل واحد منهم له، فهناك من نظر إليه نظرة موضوعية وبالتالي غلب على تعريفه الطابع الموضوعي، ومنهم من عرفه على أساس الهدف منه أو الغاية، وهناك من عرفه من منطلق لغوي بحت، ومنهم من ركز على الوظائف التي يؤديها التفسير، ومنهم من ربط بين أكثر من عامل من هذه العوامل لإعطاء تعريف للتفسير،

وعلى العموم يقصد بالتفسير القضائي ” عملية ذهنية تهدف إلى تحديد المعنى الذي يقصده واضع القانون من ألفاظ القاعدة القانونية لجعلها صالحة التطبيق على وقائع الحياة”([42])،كما عرّف أيضاً بأنه” إعطاء المعنى الحقيقي للنصوص الغامضة سواء أكان هذا الغموض ناتجاً عن نقص موجود في النصوص إما بسبب عدم التناسب والتناسق بين الألفاظ أو لكونها ألفاظاً غريبة، أم ناتجاً عن خلل في البناء المنطقي أو في العبارات المستعملة، نتيجة لطابع أو أسلوب اللغة المستخدم، أو نتيجة للأخطاء المطبعية”،

هذا وقد عرّف أيضاً بأنه ” البحث والتحري بهدف إيجاد المعنى الصحيح للقاعدة القانونية لتطبيقها بعد ذلك على الحالة الواقعية، أو الاستدلال على الحكم القانوني وعلى الحالة النموذجية التي وضع لها هذا الحكم من واقع الألفاظ التي عبر بها المشرع عن ذلك”([43])، وكذلك عرّف بأنه” بيان المعنى المقصود للمشرع من المادة القانونية الواردة في هذا القانون فكل مادة قانونية أوردها المشرع قصد بها معنى، والتفسير هو بيان لذلك المعنى المقصود للمشرع، وتفسير النص لا يكون إلا بعد فهمه فالفهم عملية عقلية يتوصل من خلالها إلي التفسير”([44]).

الطبيعة القانونية للتفسير القضائي للنصوص الجنائية: تنازع الكشف عن طبيعة التفسير مذهبان: 1-المذهب التقليدي: والذي يذهب إلى أن التفسير يقف عند معرفة القاضي لإرادة المشرع التي يعبر عنها في القاعدة القانونية دون أن يخرج عن هذه الإرادة لتكملة أي نقص قد يبدو فيها.

2- المذهب الواقعي: الذي يذهب إلى أن المشرع عندما يضع القواعد القانونية إنما يضعها بصورة عامة مجردة ، ويترك للقاضي سلطة تحديد هذه العمومية لكي يتمكن من تطبيق هذه القواعد على الواقعة المجردة والمحددة التي يفصل فيها، لذلك يذهب هذا المذهب إلى أن التفسير لا يعنى مجرد الوصول إلى إرادة المشرع،

وإنما هو عملية قد تكمل النقص الذي يعتري بعض القواعد الجنائية، فالقاضي يجب أن يتمتع بدور إيجابي في فهم النص أثناء تطبيقه بحيث يستطيع أن يكمل أوجه النقص في النص الذي يطبقه دون أن يرقي ذلك إلى تكملته بإنشاء قاعدة عقابية جديدة ؛ لأنه لو فعل يكون بفعله هذا هادما لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات([45]).

وسائل القاضي الجنائي في تفسير النص العقابي: تتعدد وسائل التفسير التي يمكن للقاضي استخدامها في فهم مدلول النص الجنائي المطلوب تطبيقه على الوقائع المعروضة عليه ليطبقه تطبيقا سليما، وهذه الوسائل تتمثل في الآتي:

التفسير واللغوي للنص الجنائي: وذلك من خلال فهم القاضي لمدلول المصطلح أو التعبير المستخدم من المشرع في نص التجريم والعقاب وفقا لمعناه اللغوي، ولعل هذا التفسير هو ما ينبغي على المفسر أن يلجأ إليه كأول خطوة من خطوات التفسير،

والعملية الفنية لهذا التفسير اللغوي تعتمد علي الوصول إلى معاني ألفاظ النص القانوني وتحديد مدلولاته اللغوية، وفي الحالات التي يعطي فيها المشرع بعض ألفاظ النص مدلولا اصطلاحيا خاصا، فيجب على المفسر هنا أن يبحث في اللغة القانونية عن هذا المدلول.

التفسير المنطقي للنص الجنائي: ويسمي البعض هذه الطريقة بطريقة التفسير الغائي باعتبارها تهدف الى البحث عـن الغاية من وضع النص، وهي تستعمل للوصول إلى تلك الغاية.

ويعتمد هذا النوع من التفسير على البحث عن مقصود الشارع من الألفاظ والعبارات التي يستخدمها في نصوص التجريم والعقاب، ولذلك فإنه لا يقف عند عبارات ومعاني النص القانوني محل التفسير، وإنما يمكن للمفسر أن يستعين في عمله هذا بالمصادر التاريخية للنص، وإجراء مقارنة بين النص الذي يفسره بغيره من النصوص، كما يمكنه كذلك الرجوع إلى الأعمال التحضيرية التي ولد من خلالها هذا النص، سواء أكانت مذكرات إيضاحية أم مناقشات برلمانية، أو محاضر لجان تشريعية اسهمت في وضعه،

والمصالح والاعتبـارات الاجتماعيـة والسياسـية والاقتصادية والأخلاقية التي دعت إليه وهو ما يطلق عليه “بروح التشريع”. وروح التشريع تعني تحديد معنى النص إذ يفسر التشريع على ضوء الغاية منه أو حكمته، ومـن هنـا يعتبر من الضروري إدراك الحكمة التشريعية من النص، فتعرف المصالح التي يراد من خلاله حمايتها، والمساوئ التي يهدف إلى قطـع السـبيل عليهـا، والغايـة السياسـية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية التي يرمي إلى تحقيقها، ولعل أهم طريقة يمكن أن يتم بها هذا النوع من التفسير تلك التي تتعلق بالوصول إلى علة النص،

فالمشرع يضع النص ليحقق من ورائه علة معينة، كحماية الحقوق والمصالح التي تقدر جدارتها بالحماية الجنائية، ولذلك فإنه إذا تمكن القاضي من تحديد الحق الذي يريد المشرع حمايته من وراء نص التجريم والعقاب، استطاع تحديد أركان الجريمة التي يريد بالعقاب على ارتكابها حماية هذا الحق([46]).

أهمية التفسير القضائي للنص الجنائي: ترجع أهمية التفسير القضائي للنصوص الجنائية إلى سببين جوهريين: السبب الأول: أن وضوح القاعدة أو النص من عدمه هو أمر نسبي يختلف من شخص لآخر فما يكون واضحا بالنسبة لشخص قد لا يكون كذلك بالنسبة لآخر.

السبب الثاني: أن المعنى الظاهر من القاعدة ليس بالضرورة هو المعنى الذي يرمى إليه النص. وإن الاكتفاء أحيانا بالمعنى الظاهر يؤدي إلى الفهم الخاطئ له([47])،والقاضي في هذه الحالة عندما يفسر القانون لا يعطى رأيه الشخصي ولكنه يبحث عن المعنى الحقيقي للقانون، وعن قيمته الموضوعية كما أرادها المشرع التي ضمنها النص والتي ليست مبدأ جامداً محكوم بالوقائع الاجتماعية المتوافرة وقت وضع النص،

بل هي إرادة متغيرة تتطور بتطور هذه الوقائع الاجتماعية طالما أنها تراعى المصلحة الاجتماعية المحمية بالنص؛ ذلك أن هذه المصلحة تبلور إرادة المشرع ،وتحدد تبعا لها نطاق تطبيق نصوصه، فلم يصنع القانون من أجل اليوم فقط بل إنه صنع من أجل المستقبل ، وإرادة القانون بهذا المعنى تترك للتفسير مهمة تحديد معنى النصوص القانونية المجردة في ضوء التحولات والتغيرات الاجتماعية،

وبتطبيق ذلك المنهج نجد أنه يقدم الحلول الصحيحة خاصة عندما يعبر القانون عن فكرة متحركة متطورة بحسب طبيعتها مثل النظام العام أو الآداب العامة. وكذلك الشأن لمواجهة الاختراعات العلمية التي تصلح محلا أو أداة للجريمة مثل الطاقة الكهربائية كمحل للسرقة والراديو والتليفزيون كوسيلة للعلانية في جرائم النشر([48]).

أنواع التفسير القضائي للنص الجنائي: هناك ثلاثة أنواع من التفسير القضائي للنص الجنائي: النوع الأول: تفسير مقرر: يقصد به أن يصل القاضي إلى فهم النص القانوني من مدلوله الظاهر. والنوع الثاني: تفسير ضيق: ويقصد به أن النص العقابي يفيد في ظاهره أكثر مما أراده منه المشرع فيقيد القاضي الظاهر.

والنوع الثالث: تفسير موسع: وهو الذي يهمنا في الحالة محل الدراسة، وذلك عندما تكون عبارات النص تفيد في ظاهرها أقل مما أراده الشارع فيلزم للمفسر أن يوسع هذا الظاهر ويمد تطبيقه إلى ما أريد به في حقيقة الأمر وبغير ذلك التفسير يصبح القانون عاجزا عن مواجهة الظروف الجديدة بل أنه يصبح عاجزا عن حماية المجتمع في الظروف التي وضع فيها،

نظرا لأنه يصعب إن لم يتعذر بالفعل أن يجري المشرع حصرا أو إشارة إلى كل الحالات الضارة بالمجتمع([49]).

الضوابط القانونية المفروضة علي القاضي الجنائي عند تصديه لتفسير النص العقابي:

هناك عدد من الضوابط تحكم عمل القاضي الجنائي عند تفسيره للنصوص العقابية والتي تتمثل في: يجب علي القاضي الجنائي عند تفسيره للنص العقابي التزام جانب الدقة وعدم تحميل عبارات النص فوق ما تحتمل، فيما يسمى ” التفسير المنضبط للنصوص العقابية” فلا يجوز له في حالة إذا كانت عبارات النص واضحة أن يبحث عن علة التجريم ليوسع من نطاق التطبيق، والتفسير المنضبط لقانون العقوبات لا يحول بالطبع دون محاولة تطويع النصوص لتحيط بالمعطيات التكنولوجيا الحديثة وخاصة في مجال ثورة المعلومات، ولكن على القاضي إذا اتضح أن الأمر قد تجاوز حدود التفسير المنضبط إلى حد خلق جرائم جديدة، وجب عليه الحكم بالبراءة تاركا الأمر لتدخل تشريعي.

يلتزم القاضي باستخدام قاعدة” الاستغراق” وهى تعني أن هناك نصين في التشريع العقابي كل منهما يعاقب على جريمة مستقلة عن الأخرى، ثم يصدر نص عقابي ثالث تالٍ لهما يجعل إحدى الجريمتين المجرمتين بالنصين العقابين السابقين له ظرفا مشددا للأخرى.

ففي هذه الحالة يتعين على القاضي استبعاد نصي الجريمتين ويطبق النص الثالث المستغرق لهما والذي يضم الجريمتين في جريمة واحدة مشدده([50]).

لا يجوز له أن يستخدم القياس لتفسير النص العقابي والقياس في مجال التجريم يعني” إلحاق فعل مباح بفعل مجرم لاشتراكهما في علة التجريم، أي استكمال ما يشوب القانون من نقص عن طريق إيجاد الحل لمسألة لم ينظمها القانون وذلك عن طريق استعارة الحل الذي قرره القانون لمسألة مماثلة، فالقياس بالتالي ليس وسيلة لاستخلاص إرادة القانون في إطار الصيغة التي استعملها، بل إنه يفترض أن القانون لم ينظم المسألة محل البحث ولم يقدم لها مباشرة الحل الواجب التطبيق([51])،

والسماح للقاضي بذلك يحوّل القاضي إلى مشرّع يقوم بخلق قاعدة عقابية جديدة لم ينص عليها المشرع الفعلي ولم يفرد لها نصا مكتوبا مما يؤدي إلى هدم مبدأ شرعية الجرائم والعقاب .وعليه فالقياس محظور في المجال الجنائي سواء كان كليا أو جزئيا ،

علما بأن صورة القياس الكلي هي انعدام النص، أما القياس الجزئي فصورته أن يكون النص الجنائي ناقصا في تحديد أركان الجريمة أو تعيين العقوبة، فلا يملك القاضي الجنائي أن يكمل هذا النقص عن طريق القياس علي نص آخر([52]).

التفسير الذي يقوم به قضاة المحاكم غير ملزم لهم إذا ما عرضت عليهم واقعة جديدة تستلزم تطبيق النص، وبالتالي غير ملزم لغيره من القضاة لأنه اجتهاد في فهم معنى نصوص التجريم والعقاب،

وقد يختلف هذا الاجتهاد من قاض إلى آخر وفقا لاختلاف ملكات هذا الاجتهاد ؛ أي ما يفيء به الله على البعض من حسن الفهم ونفاذ البصيرة،

بل أن هذا التفسير لا يلزم غيره من القضاء، إلا أن الواقع العملي في مصر يظهر فيه تأثير تفسيرات محكمة النقض على المحاكم الأدنى منها ،فهي تتأثر بها وتتقيد بها ،مراعاة لمكانتها الأدبية والعملية والفقهية العالية ،فهذه المحكمة يجلس على منصتها شيوخ القضاة([53])،

وقد قرر القانون الفرنسي رقم 2001- 539 والصادر في 25 يوليو2001 للقاضي الجنائي حق اللجوء إلى محكمة النقض لتحديد معنى نص وجد صعوبة في تفسيره وفي حالة اتجاه القاضي ذلك ،فإنه يلتزم بإخطاره طرفي الدعوى بهذه النية ويوقف نظر الدعوى الى حين وصول رد محكمة النقض ،والذي يجب أن يصل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ استلام الطلب.

وعلى الرغم من هذا التنظيم القانوني لطلب التفسير في فرنسا وكونه صادرا من محكمة النقض إلا أنه لا يلزم القاضي الجنائي في فرنسا فله أن يخرج عليه([54]).

أما في مصر فالأساس في التفسير القضائي للنصوص هو تفسير المحكمة الدستورية العليا المنظم بالدستور والقانون([55])،على ان اختصاصها بالتفسير مشروط بشرطين هما:

الأول :أن تكون للنص التشريعي المراد تفسيره أهمية جوهرية -لا ثانوية أو عرضية- تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها ووزن المصالح المرتبطة بها،

والثاني: أن يكون هذا النص – فوق أهميته- قد أثار عند تطبيقه خلافا حول مضمونه، تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه، بما يخل عملا بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، ويهدر بالتالي المساواة بينهم في مجال تطبيقها، وتفسير المحكمة الدستورية.

وهكذا يندمج بالنص المطلوب تفسيره ويصبح جزءا لا يتجزأ منه، وبالتالي يصبح التفسير نافذا من تاريخ صدور النص القانوني([56]).

وعلى الرغم من اختصاص المحكمة الدستورية حصريا و طبقا للدستور بتفسير القوانين إلا أن المحكمة الدستورية قضت بأن” هذا الاختصاص لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى جميعا في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم ،سواء من السلطة التشريعية أم من المحكمة الدستورية العليا”([57]).

المبحث الخامس :- قواعد المسئولية عن جرائم تقنية المعلومات في ظل القانون الجديد

وترتيبا على ذلك، نعرض في مطلب اول للأحكام العامة الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري، على ان نتناول الاحكام الموضوعية الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري،

من خلال المطلب الثاني، ثم نلى ذلك ببيان الاحكام الاجرائية الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري، من خلال المطلب الثالث،

واخيرا نختتم هذا المبحث ببيان السياسة الجنائية للمشرع المصري في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، من خلال مطلب رابع واخير، على الترتيب التالي.

المطلب الاول : الاحكام العامة الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري.

المطلب الثاني : الاحكام الموضوعية الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري.

المطلب الثالث : الاحكام الاجرائية الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري.

المطلب الرابع : السياسة الجنائية للمشرع المصري في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

المطلب الاول الاحكام العامة الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري

صدر القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، متضمنا في مادته الاولى من الباب الاول التعريفات والمصطلحات المستخدمة والمرتبطة بقواعد واحكام هذا القانون الجديد. حيث جرى نص المادة الاولى من الباب الاول بشأن الاحكام العامة لتطبيق القانون تحت عنوان "تعريفات" على ان :

"في تطبيق أحكام هذا القانون، يقصد بالألفاظ والعبارات الاتية المعنى المبين قرين كل منها:

- الجهاز : الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.

- الوزير المختص : الوزير المعنى بشئون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

- البيانات والمعلومات الالكترونية : كل ما يمكن إنشاؤه أو تخزينه، أو معالجته، أو تخليقه، أو نقله، أو مشاركته، أو نسخه بواسطة تقنية المعلومات، كالأرقام والاكواد والشفرات والحروف والرموز والاشارات والصور والاصوات وما في حكمها.

- بيانات شخصية : أي بيانات متعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده، بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الربط بينها وبين بيانات أخرى.

- بيانات حكومية : بيانات متعلقة بالدولة أو أحد سلطاتها، وأجهزتها أو وحداتها، أو الهيئات العامة، أو الهيئات المستقلة والاجهزة الرقابية، وغيرها من الاشخاص الاعتبارية العامة وما فى حكمها، والمتاحة علي الشبكة المعلوماتية أو علي أي نظام معلوماتي أو على حاسب أو ما في حكمها.

- المعالجة الالكترونية : أي عملية إلكترونية أو تقنية تتم كلياً أو جزئيا، لكتابة، أو تجميع، أو تسجيل، أو حفظ ، أو تخزين، أو دمج، أو عرض، أو إرسال، أو استقبال، أو تداول، أو نشر، أو محو، أو تغيير، أو تعديل ، أو استرجاع ، أو استبدال للبيانات والمعلومات الالكترونية، وذلك باستخدام أي وسيط من الوسائط أو الحاسبات أو الاجهزة الاخرى الالكترونية أو المغناطيسية أو الضوئية أو ما يستحدث من تقنيات أو وسائط أخرى.

- تقنية المعلومات : أي وسيلة أو مجموعة وسائل مترابطة أو غير مترابطة تستخدم لتخزين، واسترجاع، وترتيب، وتنظيم، ومعالجة، وتطوير، وتبادل المعلومات أو البيانات، ويشمل ذلك كل ما يرتبط بالوسيلة أو الوسائل المستخدمة سلكياً أو لاسلكياً.

- مقدم الخدمة : أي شخص طبيعي أو اعتباري يزود المستخدمين بخدمات تقنيات المعلومات والاتصالات، ويشمل ذلك من يقوم بمعالجة أو تخزين المعلومات بذاته أو من ينوب عنه في أي من تلك الخدمات أو تقنية المعلومات.

- المستخدم : كل شخص طبيعي أو اعتباري، يستعمل خدمات تقنية المعلومات أو يستفيد منها بأي صورة كانت .

- البرنامج المعلوماتي : مجموعة الاوامر والتعليمات المعبر عنها بأية لغة أو رمز أو إشارة، والتي تتخذ أي شكل من الاشكال،

ويمكن استخدامها بطريق مباشر أو غير مباشر في حاسب آلي لأداء وظيفة أو تحقيق نتيجة سواء كانت هذه الاوامر والتعليمات في شكلها الاصلي أو في أي شكل آخر تظهر فيه من خلال الحاسب الآلي، أو نظام معلوماتي.

- النظام المعلوماتي : مجموعة برامج وأدوات معدة لغرض إدارة ومعالج البيانات والمعلومات، أو تقديم خدمة معلوماتية .

- شبكة معلوماتية : مجموعة من الاجهزة أو نظم المعلومات مرتبطة معاً ، ويمكنها تبادل المعلومات والاتصالات فيما بينها ، ومنها الشبكات الخاصة والعامة وشبكات المعلومات الدولية، والتطبيقات المستخدمة عليها.

- الموقع: نطاق أو مكان افتراضي له عنوان محدد على شبكة معلوماتية.

- مدير الموقع : هو كل شخص مسئول عن تنظيم أو إدارة أو متابعة أو الحفاظ علي موقع أو أكثر على الشبكة المعلوماتية، بما فيها حقوق الوصول لمختلف المستخدمين علي ذلك الموقع أو تصميمه، أو توليد وتنظيم صفحاته أو محتواه أو المسئول عنه.

- الحساب الخاص: مجموعة من المعلومات الخاصة بشخص طبيعي أو اعتباري، تخول له الحق دون غيره الدخول على الخدمات المتاحة أو استخدامها من خلال موقع أو نظام معلوماتي .

- البريد الالكتروني : وسيلة لتبادل رسائل إلكترونية على عنوان محدد ، بين أكثر من شخص طبيعي أو اعتباري ، عبر شبكة معلوماتية ، أو غيرها من وسائل الربط الالكترونية، من خلال أجهزة الحاسب الآلي وما في حكمها.

- الاعتراض : مشاهدة البيانات أو المعلومات أو الحصول عليها بغرض التنصت أو التعطيل، أو التخزين أو النسخ، أو التسجيل ، أو تغيير المحتوى ، أو إساءة الاستخدام أو تعديل المسار أو إعادة التوجيه وذلك لأسباب غير مشروعة ودون وجه حق.

- الاختراق : الدخول غير المرخص به، أو المحال لأحكام الترخيص ، أو الدخول بأي طريقة غير مشروعة ، إلي نظام معلوماتي أو حاسب آلي أو شبكة معلوماتية، وما في حكمها.

- المحتوي : أي بيانات تؤدي بذاتها، أو مجتمعه مع بيانات أو معلومات أخرى إلي تكوين معلومة أو تحديد توجه أو اتجاه أو تصور أو معني أو الاشارة إلي بيانات أخري .

- الدليل الرقمي : هو أية معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما في حكمها ،

والممكن تجميعه وتحليله باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية خاصة .

- الخبرة : كل عمل يتصل بتقديم الاستشارات أو الفحص أو المراجعة أو التقييم أو التحليل في مجالات تقنية المعلومات.

- حركة الاتصال (بيانات المرور): بيانات ينتجها نظام معلوماتي تبين مصدر الاتصال، وجهته والوجهة المرسل منها وإليها، والطريق الذي سلكه، وساعته وتاريخه وحجمه ومدته، ونوع الخدمة .

- الحاسب : كل جهاز أو معدة تقنية تكون قادرة على التخزين، أو اداء عمليات منطقية، أو حسابية، وتستخدم لتسجيل بيانات أو معلومات، أو تخزينها، أو تحويلها، أو تخليقها، أو استرجاعها، أو ترتيبها، أو معالجتها، أو تطويرها، أو تبادلها، أو تحليلها، أو للاتصالات.

- دعامة إلكترونية: أي وسيط مادى لحفظ وتداول البيانات والمعلومات الالكترونية ومنها الاقراص المدمجة أو الاقراص الضوئية أو الذاكرة الالكترونية أو ما في حكمها.

- الامن القومي : كل ما يتصل باستقلال واستقرار وأمن الوطن ووحدته وسلامة أرضيه، وما يتعلق بشئون رئاسة الجمهورية ومجلس الدفاع الوطني ومجلس الامن القومي، ووزارة الدفاع والانتاج الحربى، ووزارة الداخلية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الادارية، والاجهزة التابعة لتلك الجهات .

- جهات الامن القومي : رئاسة الجمهورية، ووزارة الدفاع، ووزارة الداخلية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الادارية.

وحيث ان المادة الاولى من قانون مكافحة تقنية المعلومات، لها من الاهمية، مما يتعين التعرض لما ورد بها من احكاما عامة، يجب مراعاتها بشأن تطبيق احكام هذا القانون.

وعلى ذلك، نعرض في فرع اول لموقف المشرع المصري من تعريف جرائم تقنية المعلومات، على ان يتناول الفرع الثاني لقصور التشريع المصري على تحديد مفهوم تقنية المعلومات والمصطلحات المرتبطة بها،

على ان يخصص الفرع الثالث لوقوع المشرع المصري في الخلط ما بين البيانات والمعلومات في تعريفه لتقنية المعلومات، واخير الفرع الرابع ويعرض للجهات الرقابية في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على الترتيب التالي.

الفرع الاول : موقف المشرع المصري من تعريف جرائم تقنية المعلومات.

الفرع الثاني : القصور في تحديد مفهوم تقنية المعلومات والمصطلحات المرتبطة بها.

الفرع الثالث : الخلط ما بين البيانات والمعلومات في تعريفه لتقنية المعلومات.

الفرع الرابع : الجهات الرقابية في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

الفرع الاول موقف المشرع المصري من تعريف جرائم تقنية المعلومات

تمهيد وتقسيم:

لا يمكن بحال انكار أن الحاسب الآلي أصبح على مدى الثلاثين عاما الماضية دورا أساسيا وهاما لأهداف التطور في كل مجالات الحياة لما فيها من أنشطة مختلفة سواء كانت اقتصادية أو علمية أو اجتماعية أو صناعية أو زراعية، وأدى الاستخدام المضطرب للمعلوماتية سواء في شكل أموال معلوماتية أو أساليب مستحدثة إلى ظهور ما يعرف بالإجرام المعلوماتي délinquance informatiqueكنتيجة حتمية لكل تقدم تقني مستحدث، سواء كان الحاسب الآلي كأداة للجريمة أو كهدف لها وتعتبر البرمجيات logiciels، وقواعد المعطيات كإنتاجات فكرية محمية بموجب حقوق المؤلف في معظم تشريعات دول العالم.

ولقد أسهمت المعلوماتية بشكل كبير في تغيير مبادئ الفهم القانوني، خاصة في القانون الجنائي، نظرا لظهور قيم حديثة ذات طبيعة خاصة، محلها معلومات ومعطيات، فقد أصبحت جريمة إفشاء معلومات برامج الحاسب الآلي والاعتداء عليها بالقرصنة أو الاستغلال غير المشروع، من أخطر أنواع الجرائم التي أوجدتها المعلوماتية،

ويعد هذا إهداراً حقيقياً ليس فقط لحقوق مبتكريها الخاصة، بل وأيضا مساسا خطيرا بحقوق المجتمع ككل، مما ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني( ) مع ما يمكن أن ينجم عنه من زعزعة للأمن الاجتماعي، ومثال ذلك التعديات على البرامج المعلوماتية التي يبدعها بعض المؤلفين، الامر الذي يدفع إلى تقدير الخسائر التي يمكن أن تمنى بها هذه الملكية الفكرية، حال تعرضها للعدوان المعلوماتي.

فمن المقرر ان هناك اختلاف فقهى بشأن الاصطلاحات المستخدمة للدلالة على الظاهرة الاجرامية الناشئة في بيئة الحاسب الآلي وفيما يعد بيئة الشبكات، وهو اختلاف نشأ مع رحلة نشأة وتطور ظاهرة الاجرام المرتبط أو المتصل بتقنية المعلومات، فابتداء من اصطلاح إساءة استخدام الحاسب الآلي، مرورا باصطلاح احتيال الحاسب الآلي، والجريمة المرتبطة بالحاسب الآلي، وجرائم التقنية العالية، وغيرها، إلى جرائم الهاكرز أو الاختراقات فجرائم الانترنت والسيبر كرايم، وصولا لما أسماه غالبية المشرعين بجرائم تقنية المعلومات.

واختيار المصطلح يتعين أن يجمع بين البعدين التقني والقانوني، فإذا عدنا للمراحل الاولى المتصلة بنشأة وتطور تقنية المعلومات، نجد أن تقنية المعلومات، كما هو متعارف عليه تشمل مطلبين تعارف بحكم التطور تقاربهما واندماجهما، الحوسبة والاتصال، أما الحوسبة، فتقوم على استخدام وسائل التقنية لإدارة وتنظيم ومعالجة البيانات في إطار تنفيذ مهام محددة تتصل بعلمي الحساب والمنطق، أما الاتصال فهو قائم على وسائل تقنية لنقل المعلومات بجميع دلالاتها المتعارف عليها.

ومع اندماج وسائل كلا من الحوسبة والاتصال، سار الاستدلال على هذا الاندماج بالتقنية العالية، ولأن موضوعها المعلومات مجردة أو ممثلة لأسرار وأموال أو أصول، ساد مصطلح تقنية المعلومات والتي تعرفها منظمة اليونسكو، بأنها " المطالب العلمية والتقنية والهندسية وأساليب الادارة الفنية المستخدمة في تداول ومعالجة المعلومات وفي تطبيقاتها، والمتعلقة بالحواسب وتفاعلها مع الانسان والآلات، وما يرتبط بذلك من أمور اجتماعية واقتصادية وثقافية".

وعلى اثر هذا الواقع التقني، ظهرت مصطلحات عديدة دالة على الافعال الجريمة المتصلة بالتقنية، بعضها دل على الافعال المتصل على نحو خاص بالحوسبة، والبعض الاخر شمل بدلالته قطبي التقنية،

وبعضها الثالث دل على عموم التقنية باعتبارها تحقق من اندماج وتألف بين ميادينها، ومع اتساع استخدام الانترنت برزت اصطلاحات جديدة تحاول التقارب مع هذه البيئة المجمعة للوسائط التقنية ولوسائل المعالجة وتبادل المعلومات.

أما الجانب الثاني المحدد لدقة اختيار المصطلح، فيتعين أن ينطلق من أهمية التفرقة بين الاصطلاحات المنتمية لما يعرف بأخلاقيات التقنية أو أخلاقيات الحاسب الآلي والانترنت، وبين ما يعرف بإجرام التقنية أو الجرائم المعلوماتية، وهو ما يجيب عن التساؤل الرئيسي بشأن الحدود التي ينتهي عندها العبث والمزاح، وتلك التي تبدأ عندها وتقوم المسؤولية عن أفعال جنائية.

والجانب الثالث في تحديد المصطلح، هو أن يكون الاصطلاح قادرا على أن يتضمن حدود محله ويعبر عنه، فيكون شاملا لما يعبر عنه، فلا يعبر مثلا عن الجزء ليعني الكل أو يكون على العكس مانع الحدود يتضمن ما لا ينطوي تحت نطاقه، ومن هذا الفهم، فإن كل اصطلاح وصف الظاهرة بدلالة إحدى جرائم تقنية المعلومات كان قاصرا عن الاحاطة الشمولية المعبر عنه، فاصطلاح احتيال الحاسب الآلي أو غش الحاسب الآلي ونحوه من تعبيرات عن جرائم الحاسب والانترنت، وذات استخدام بالانترنت، وتظل تعبيرات واسعة الدلالة تحيط بأكثر مما تحتوي عليه ظاهرة جرائم الحاسب والانترنت.

وذات الفهم يسرى بشأن اصطلاح جرائم تقنية المعلومات والذي وفقا لدلالة الكلمة بوصفها ترجمة عن الفرنسية لمصطلح informatique، بمعناها المعالجة الآلية للبيانات، ومن هذا المنطلق يمكن التأكيد على أن بعض المشرعين أحسنوا صنعا باختياره تسمية المعالجة الآلية للمعطيات ومنهم المشرع المغربي، والتي نظمها في الباب العاشر ضمن قانون رقم 03- 07 والقانون رقم 03- 24 تحت عنوان " المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات".

وهنا في التشريع المصري، نجد انه فضل تسمية تلك النوعية من الجرائم بجرائم تقنية المعلومات، وهو تعريف حسن، بالنظر الى ربطها بتقنيات التكنولوجيا، معرفا البيانات والمعلومات الالكترونية، بانها كل ما يمكن إنشاؤه أو تخزينه، أو معالجته، أو تخليقه، أو نقله، أو مشاركته، أو نسخه بواسطة تقنية المعلومات، كالأرقام والاكواد والشفرات والحروف والرموز والاشارات والصور والاصوات وما في حكمها.

كما عرف المعالجة الالكترونية بانها أي عملية إلكترونية أو تقنية تتم كلياً أو جزئيا، لكتابة، أو تجميع، أو تسجيل، أو حفظ ، أو تخزين، أو دمج، أو عرض، أو إرسال، أو استقبال، أو تداول، أو نشر، أو محو، أو تغيير، أو تعديل ، أو استرجاع ، أو استبدال للبيانات والمعلومات الالكترونية، وذلك باستخدام أي وسيط من الوسائط أو الحاسبات أو الاجهزة الاخرى الالكترونية أو المغناطيسية أو الضوئية أو ما يستحدث من تقنيات أو وسائط أخرى.

كما عرف المشرع المصري تقنية المعلومات بانها أي وسيلة أو مجموعة وسائل مترابطة أو غير مترابطة تستخدم لتخزين، واسترجاع، وترتيب، وتنظيم، ومعالجة، وتطوير، وتبادل المعلومات أو البيانات، ويشمل ذلك كل ما يرتبط بالوسيلة أو الوسائل المستخدمة سلكياً أو لاسلكياً.

وبصدد التطرق الى تعريف جرائم تقنية المعلومات يتضح أن لها نفس هيكل الجريمة العادية ولكن حين الخوض في التعريف، يظهر الفارق الضخم بين الجريمتين، فمن عالم واقعي الى عالم افتراضي أوجدته الثورة التكنولوجية، حينما ظهرت جرائم تقنية المعلومات .

ويلاحظ تعدد التعريفات التي تناولت جرائم تقنية المعلومات، ومرجع ذلك إلي الخلاف الذى أثير بشأن تعريف هذه الجريمة، ومن قبلها تعريف المعلومة ذاتها، فجرائم تقنية المعلومات هي صنف جديد من الجرائم، ذلك أنه مع ظهور ثورة المعلومات والاتصالات ظهرت طائفة جديدة من المجرمين تناقلوا الجريمة من صورتها التقليدية إلى أخرى معلوماتية قد يصعب التعامل معها.

ولأن جرائم تقنية المعلومات هي من الظواهر الحديثة، ولارتباطها بتكنولوجيا حديثة هي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فقد أحاط تعريف جرائم تقنية المعلومات الكثير من الغموض حيث تعددت الجهود الرامية لوضع تعريف جامع مانع لها، ولكن الفقه لم يجمع علي تعريف محدد لها، بل أن البعض ذهب إلى عدم وضع هذا التعريف تذرعا بأن هذا النوع من الاجرام ما هو الا جريمة تقليدية ترتكب بأسلوب إلكتروني.

وللوقوف على تعريف جامع مانع لجريمة تقنية المعلومات، لابد من الاشارة إلى أن هذه الجريمة تكاد تستعصي على التعريف، حيث تباينت واختلفت الابحاث والدراسات التي تتعلق بها وأوردت لها تعريفات مختلفة ومتنوعة بحيث اتفقت جميعها على الا تتفق على تعريف محدد لهذه الجريمة .

وتكشف النماذج المطروحة للتعريف عن هذه الجريمة عن تعدد المصطلحات المقدمة للدلالة عليها وتحديد مفهومها، فهناك من يطلق عليها اسم جرائم الحاسبات Computer crimesأو إساءة استخدام الحاسب Computer abuseأو الجرائم المرتبطة أو المتعلقة بالحاسبات Computer related crimes أو جرائم المعالجة الآلية للبيانات.

Automatic processing crimes of data أو جرائم التكنولوجيا الحديثةModern technology crimes أو الجرائم المعلوماتية information crimes.

والواضح ان ثمة اختلاف كبير بشأن المصطلحات المستخدمة للدلالة على الظاهرة الاجرامية الناشئة في بيئة الحاسب الآلي والانترنت، وهو اختلاف نشـأ مع نشأة وتطور ظاهرة الاجرام المرتبط بتقنية المعلومات والاتصالات.

فابتدأ الاستخدام من مصطلح إساءة استخدام الحاسب الآلي Computer Abuse، ومروراً بمصطلح الاحتيال بواسطة الحاسب الآلي Computer Fraud، والجرائم المعلوماتية Information Crime وجرائم الحاسب Computer Crime، والجريمة المرتبطة بالحاسب الآلي Cpmputer Related Crimesوجرائم التقنية العالية، إلى جرائم الهاكرز Hacking، أو الاختراقات، فجرائم الانترنت، والسايبر كرايم Cyber Crime، واخيرا كما عرفها المشرع المصرى وبعض التشريعات العربية بجرائم تقنية المعلومات.

وهناك مصطلحات أخرى شاعت مع بدايات ظاهرة جرائم تقنية المعلومات، وأتسع استخدامها فقها، كالغش المعلوماتي، والاحتيال المعلوماتي أو احتيال الحاسب الآلي، ونصب الحاسب الآلي.

ومن بين الاصطلاحات التي استخدمت في العديد من الدراسات، اصطلاح الجرائم الاقتصادية المرتبطة بالحاسب الآلي Computer-Related Economic Crime، وهو تعبير يتعلق بالجرائم التي تستهدف معلومات قطاعات الاعمال أو تلك التي تستهدف السرية وسلامة المحتوى وتوفر المعلومات، وبالتالي يخرج من نطاقها الجرائم التي تستهدف البيانات الشخصية او الحقوق المعنوية على المصنفات الرقمية وكذلك جرائم المحتوى الضار أو غير المشروع، ولذلك لا يعبر عن كافة أنماط جرائم تقنية المعلومات.

أما عن اصطلاحي الجرائم المعلوماتية computer crimes والجرائم المرتبطة بالحاسب الآلي Computer-related crimes، فان التفرقة بينهما لم يكن متيسرا في بداية الظاهرة، أما في ظل تطور الظاهرة والمحاولات الفقهية لتحديد أنماط جرائم تقنية المعلومات، أصبح البعض يستخدم اصطلاح الجرائم المعلوماتية للدلالة على الافعال التي يكون الحاسب الآلي فيها هدفا للجريمة، كالدخول غير المصرح به، وإتلاف البيانات المخزنة في النظم المعلوماتية، أما اصطلاح الجرائم المرتبطة بالحاسب الآلي فهي تلك الجرائم التي يكون الحاسب الآلي فيها وسيلة لارتكاب الجريمة كالاحتيال بواسطة الحاسب الآلي والتزوير ونحوهما .

ويلاحظ أن هذين الاصطلاحين الاكثر دقة للدلالة على هذه الظاهرة، بالرغم من أنهما ولدا قبل ولادة الشبكات على نطاق واسع وقبل الانترنت تحديدا، وحتى بعد الانترنت بقي الكثير يستخدم نفس الاصطلاحين، لكون الانترنت بالنسبة للمفهوم الشامل لنظام المعلومات مكون من مكونات هذا النظام، ولأن النظام من جديد أصبح يعبر عنه باصطلاح نظام الحاسب الآلي أو النظام المعلوماتي.

ولهذا أصبح البعض أما أن يضيف تعبير الانترنت إلى تعبير الحاسب الآلي لإزالة الغموض لدى المتلقي فيستخدم مصطلح جرائم الحاسب الآلي والانترنت، ليدرك المتلقي ان كافة الجرائم التي تقع على المعلومات متضمنة في التعبير، بمعنى أنها تشمل جرائم تقنية المعلومات بصورها السابقة على نشأة شبكات المعلومات العملاقة التي تجسد الانترنت اكثرها شيوعا، أو أن يستخدم اصطلاح " السايبر كرايم " Cyber crime كما حدث في النطاق الاوروبي عموماً وأنتشر خارجه، حيث اعتبر هذا الاصطلاح شاملاً لجرائم الحاسب وجرائم الشبكات، باعتبار ان كلمة سايبر Cyberتستخدم لدى الغالبية بمعنى شبكة الانترنت ذاتها أو العالم الافتراضي .

ونرى ان الافضل اصطلاحا هو جرائم تقنية المعلومات، باعتباره مصطلح جامع بين جرائم الحاسب وجرائم الانترنت، وهو ما اخذ به غالبية المشرعيين في الدول التي اصدرت قانونا لتجريم تلك النوعية من الجرائم.

وعلى ذلك، فقد ذهب اغلب الفقه القانوني إلي استخدم اصطلاح جرائم تقنية المعلومات في وصف الظاهرة الاجرامية المستحدثة وتبعا لذلك أطلق تعبير جرائم تقنية المعلومات، أو الاجرام المعلوماتي.

وعلى أية حال، فإنه على الرغم من تنامى جهود التصدي لظاهرة الاجرام المعلوماتي الا أنه لا يوجد تعريف محدد ومتفق عليه بين الفقهاء حول مفهوم جرائم تقنية المعلومات، فقد ذهب جانب من الفقه إلى تناولها بالتعريف على نحو ضيق وجانب أخر عرفها على نحو موسع، والتعريفات السابقة تختلف فيما بينها ضيقاً واتساعاً، ويمكن تصنيفها في ثلاث فئات هي:

الغصن الاول : التعريف الضيق لجرائم تقنية المعلومات.

الغصن الثاني : التعريف الموسع لجرائم تقنية المعلومات.

الغصن الثالث : موقف بعض التشريعات والهيئات الدولية من تعريف جرائم تقنية المعلومات.

الغصن الرابع : موقف المشرع المصري من تعريف جرائم تقنية المعلومات.

الغصن الاول التعريف الضيق لجرائم تقنية المعلومات

نظرا لما ترتب على الثورة المعلوماتية التي عرفتها المجتمعات الانسانية من صدى كبيرا أدى إلى زعزعة الفهم التقليدي الذى ظل سائدا امدا طويلا من الزمن، ولم يكن الاجرام بمنأى عن هذه التحولات، بل حاول المجرمون أن يتلاءموا مع الفهم الجديد، وابتدعوا أساليب ووسائل حديثة، تمكنت من تجاوز الاساليب التقليدية التي كانت معتادة لارتكاب الجرائم التقليدية، مما أدى إلى ظهور انماط جديدة كجرائم تقنية المعلومات، وانتشار المجرمين المعلوماتيين وما يرتبط بهم من فيروسات وقرصنة وتزوير.

ذلك أن مفهوم جرائم تقنية المعلومات يحتاج إلى دراسة موضوعية لحصر نطاقه وتحديد طبيعة هذه الجريمة وخصائصها التي تميزها عن غيرها من الجرائم الاخرى مع بسط نظامها القانوني في مصر وغيرها من الانظمة القانونية المقارنة.

وقد نالت جرائم تقنية المعلومات اهتماما كبيرا من جانب الفقه الجنائي الذي خصص لها تعريفات متعددة وانطلق في اطارها من زوايا مختلفة، فذهب اتجاه فقهى الى الاخذ بتعريفات مضيقة لمفهوم جرائم تقنية المعلومات بالنظر الى مدى ارتباطها بالحاسب الآلي، او ارتباطها بموضوع الجريمة ذاتها او بالنظر الى احدى الخصائص المميزة لتلك الجرائم، فانقسمت فيما بينها الى :

الفقرة الاولى: تعريف جرائم تقنية المعلومات من حيث ارتباطها بالحاسب.

الفقرة الثانية: تعريف جرائم تقنية المعلومات من حيث ارتباطها بموضوع الجريمة .

الفقرة الثالثة: تعريف جرائم تقنية المعلومات بالنظر الى احدى خصائصها.

نعرض لتلك التعريفات ايجازا على الترتيب التالي:

الفقرة الاولى تعريف جرائم تقنية المعلومات من حيث

ارتباطها بالحاسب.

حيث ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى تعريف جرائم تقنية المعلومات من منظور موحد، وهو مدى ارتباط الجرائم بالحاسب الآلي.

فقد عرفها الفقيه الالماني تيديمان Tiedemann بأنها " كل أشكال السلوك غير المشروع أو الضار بالمجتمع الذي يُرتكب باستخدام الحاسب"، في حين عرفها مكتب تقييم التقنية في الولايات المتحدة الامريكية من خلال تعريف جريمة الحاسب Computer crime بأنها " الجرائم التي تلعب فيها البيانات الحاسب الآلية والبرامج المعلوماتية دوراً رئيسياً".

ويعرفها البعض على أنها " كل استخدام للحاسب ونظامه بغية الاستفادة من الخدمات التي يؤديها دون أن يكون للمستخدم الحق بذلك"، ويلاحظ على هذا الاتجاه، عدم دقته، لأنه اذا كان من خصائص جرائم تقنية المعلومات، الا ان الحاسب الآلي ليس الجهاز الوحيد الذي يمكن من خلاله ارتكاب جرائم تقنية المعلومات، اذ يمكن ارتكاب تلك النوعية من الجرائم من خلال أجهزة أخرى كالهاتف العادي أو الهاتف الجوال او غيرها من الاجهزة الاخرى التي يتفتق عنها ابتداع الاخرين.

الفقرة الثانية

تعريف جرائم تقنية المعلومات من حيث ارتباطها بموضوع الجريمة.

حيث يرى اصحب هذا الاتجاه أن جرائم تقنية المعلومات ليست هي التي يكون النظام المعلوماتي أداة ارتكابها، بل هي التي تقع على النظام أو داخل نطاقه، ومن أنصار ذلك التعريف روزن بلاك Rosenblattوآخرين، يرون أن جرائم تقنية المعلومات هي " نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير أو حذف أو الوصول للمعلومات المخزنة داخل النظام أو التي تحول عن طريقه ويندرج هذا النوع تحت جرائم المعالجة الآلية للبيانات .

وفي هذا المعنى أيضاً عرفها البعض على أنها" السلوك السيئ المتعمد الذي يستخدم نظم المعلومات لإتلاف المعلومات أو إساءة استخدامها مما يتسبب أو يحاول التسبب، إما بإلحاق الضرر بالضحية، أو حصول الجاني على فوائد لا يستحقها".

وفي اطار التعريفات المتقدمة، يتضح ان جرائم تقنية المعلومات إما أن تقع على جهاز الحاسب ذاته بمكوناته المادية Hardwareأو المنطقية Software، وإما أن تقع بواسطة الحاسب وبالتالي يكون الحاسب مجرد وسيلة لاقترافها، وبالتالي سنميز بين حالات ثلاث فيما يأتي:

- الحالة الاولى: وقوع الجريمة على المكونات المادية للحاسب:

وتتحقق هذه الحالة إذا كانت أجهزة الحاسب ومكوناته المادية من أجهزة ومعدات وكابلات وشبكات ربط والات طباعة وشرائط خام من التي يُسجل عليها البرامج والمعطيات هي محلاً أو موضوعاً لهذه الجريمة، وبالتالي لا تثير هذه الحالات ثمة مشكلة باعتبار أن هذه المكونات المادية محل الاعتداء تتمتع بالحماية الجنائية للنصوص التقليدية باعتبارها من الاموال المنقولة التي تخضع سرقتها وإتلافها للنصوص الجنائية التقليدية، وبالتالي فإن الامر هنا لا يثير أي مشكلة تجاه تطبيق النصوص التقليدية على هذه الاموال .

- الحالة الثانية: وقوع الجريمة على المكونات المنطقية غير المادية للحاسب:

وتتحقق هذه الحالة عندما تكون مكونات الحاسب المعلوماتية غير المادية مثل البرامج المستخدمة والبيانات والمعطيات المخزنة في ذاكرة الحاسب، محلاً أو موضوعاً للجريمة حيث من المتصور عملاً أن يقوم أحد الاشخاص بالاعتداء على برنامج الحاسب أو أن يدعي ملكيته أو يقوم بسرقته أو يقلده أو يتلفه أو يعطله، أو يقوم بإفشاء محتوياته، أما البيانات أو بنك معلوماته فيستطيع العبث بها، كتحريفها أو تزويرها أو نسخها.

ونظراً للطابع الخاص الذي يميز هذه المكونات، فإن النصوص التقليدية الحالية لقانون العقوبات تكون عاجزة عن مواجهة ما قد يقع عليها من جرائم نظراً لحداثتها النسبية، ولكون النصوص الحالية تعجز عن تغطية الحالات الجديدة الطارئة، ولأن القانون الجنائي نفسه يعاني من فراغ تشريعي في المجال المعلوماتي.

- الحالة الثالثة : حالة استخدام الحاسب كأداة لارتكاب الجريمة:

في هذه الحالة لا يكون الحاسب محل أو موضوع الجريمة، وبالتالي لا يكون محلاً للحماية الجنائية، ولكن تقع الجريمة في هذه الحالة بواسطته، أي أنه يُستخدم كأداة لارتكابها، ومن الناحية النظرية، يمكن أن تقع بعض الجرائم بواسطة الحاسب مثل الجرائم التي تقع على الذمة المالية من سرقة ونصب وخيانة الامانة والتزوير في عمليات السحب على الجوائز وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، بل وتُستخدم في القتل وذلك عن طريق برمجة جهاز تفجير يتم التحكم فيه ألياً أو جهاز لإطلاق الاشعة القاتلة ومرتكب هذه الجرائم هو المستخدم أو المتلاعب في الحاسب ونظامه الاخير ما هو الا وسيلة أو أداة لتنفيذ الجريمة ومحلها يختلف بحسب الشيء الذي ينصب عليه سلوك الفاعل، والذي يُشكل محل الحق أو المصلحة محل الحماية.

الفقرة الثالثة تعريف جرائم تقنية المعلومات بالنظر إلى إحدى خصائصها.

نظرا لما تتمتع به الجرائم من خصائص وسمات تميزها عن الجرائم التقليدية، وتتعدد تلك الخصائص في جرائم تقنية المعلومات، وبالتبعية فان أصحاب هذا الاتجاه يتجهون الى تعريف جرائم تقنية المعلومات بالنظر لما تتميز به تلك الجرائم من خصائص.

وهنالك تعريفات كثيرة تحدث بها الباحثين في هذا المجال، فيرى ديفيد ثومبسون David Thompsonأنها "جريمة تتطلب لاقترافها أن تتوافر لدى فاعلها معرفة بتقنية النظام المعلوماتي.

وقد عرفها A. Solaryتحت هذا النمط بأنها " أي فعل غير مشروع تكون المعرفة بتقنية المعلومات أساسيةً لمرتكبه".

بينما عرفتها منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية O C D E " بأنها كل فعل أو امتناع من شأنه الاعتداء على الاموال المادية أو المعنوية يكون ناتجاً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن تدخل التقنية المعلوماتية ". ومن الاتجاهات الفقهية التى تبنت التعريف المضيق، ذهب ايضا الفقيه (merwe) إلى أن جرائم تقنية المعلومات، هي الفعل غير المشروع الذي يتورط في ارتكابه الحاسب الآلي، أو هو الفعل الإجرامي الذي يستخدم في اقترافه الحاسب الآلي كأداة رئيسية.

بينما عرفها الفقيه (ros blat) بأنها كل نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير أو حذف أو الوصول إلى المعلومات المخزنة داخل الحاسب الآلي والى تحويل طريقه.

وعرفها كلاوس تايدومان بأنها كافة أشكال السلوك غير المشروع الذي يرتكب باسم الحاسب الآلي. ويلاحظ أن تعريف كلا من (marwe) و(ros blat) جاءا مقصورين على الاحاطة بأوجه الظاهرة الاجرامية، أما تعريف كلاوس تايدومان فيؤخذ عليه أن بالغ في العمومية والاتساع، لأنه يدخل فيه كل سلوك غير مشروع أو ضار بالمجتمع.

ويدخل في اطار مفهوم جرائم تقنية المعلومات الضيقة، تعريف مكتب تقييم التقنية بالولايات المتحدة الامريكية، حيث يعرفها بأنها الجرائم التي تلعب فيها بيانات الحاسب الآلية والبرامج المعلوماتية دورا رئيسيا.

ومن التعريفات المقترحة كذلك لمفهوم جرائم تقنية المعلومات تعريفها على أنها: كل فعل غير مشروع يكون العلم بتكنولوجيا الحاسبات الآلية بقدر كبير لازماً لارتكابه من ناحية لملاحقته وتحقيقه من ناحية أخرى.

وحسب هذا التعريف يجب أن تتوافر معرفة كبيرة بتقنيات الحاسب الآلي ليس فقط لارتكاب الجريمة بل كذلك لملاحقتها والتحقيق فيها، وهذا التعريف يضيق بدرجة كبيرة من جرائم تقنية المعلومات.

كذلك ذهب البعض إلى تعريف جرائم تقنية المعلومات بأنها "الفعل غير المشروع الذي يتورط في ارتكابه الحاسب الآلي، أو هي الفعل الاجرامي الذي يستخدم في اقترافه الحاسب الآلي باعتباره أداة رئيسية".

ويرى الاستاذ (Tredmann) أن " جرائم تقنية المعلومات تشمل أي جريمة ضد المال مرتبطة باستخدام المعالجة الآلية للمعلومات".

ويرى الاستاذ ( Mass ) أن المقصود بجرائم تقنية المعلومات "الاعتداءات القانونية التي ترتكب بواسطة المعلوماتية بغرض تحقيق ربح".

ويلاحظ على هذه التعريفات انها تضيق من مفهوم جرائم تقنية المعلومات، إذ يخرج من نطاقها العديد من الافعال غير المشروعة التي يستخدم الحاسب أداة لارتكابها.

الغصن الثاني التعريف الموسع لجرائم تقنية المعلومات

ذهب الفقيهان (Michel & Credo) إلى أن جرائم تقنية المعلومات تشمل استخدام الحاسب كأداة لارتكاب الجريمة، بالإضافة إلى الحالات المتعلقة بالولوج غير المصرح به لحاسب المجني عليه أو بياناته، كما تمتد جريمة الحاسب لتشمل الاعتداءات المادية سواء على بطاقات الائتمان، وانتهاك ماكينات الحساب الآلي بما تتضمنه من شيكات تحويل الحسابات المالية بطرق إلكترونية وتزييف المكونات المادية والمعنوية للحاسب، بل وسرقة الحاسب في حد ذاته او أى من مكوناته.

وذهب رأى أخر من الفقه إلى تعريف جرائم تقنية المعلومات بأنها عمل أو امتناع يأتيه الانسان، إضرارا بمكونات الحاسب وشبكات الاتصال الخاصة به التي يحميها قانون العقوبات ويفرض لها عقاب. وفي المقابل فإن هناك تعريفات حاولت التوسع أكثر في مفهوم جرائم تقنية المعلومات، فعرفت بأنها " كل فعل أو امتناع عمدي، ينشأ عن الاستخدام غير المشروع لتقنية المعلوماتية يهدف إلى الاعتداء على الاموال المادية أو المعنوية"، وتم تعريفها كذلك أنها: "كل سلوك سلبي أم إيجابي يتم بموجبه الاعتداء على البرامج أو المعلومات للاستفادة منها بأية صورة كانت".

وقد ذهبت مجموعة من خبراء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية( ) في عام 1983 إلى تعريف جرائم تقنية المعلومات بأنها "كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقي أو غير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو بنقلها".

وفي تقرير لجرائم تقنية المعلومات، أقر المجلس الاوروبي بقيام المخالفة أو الجريمة في كل حالة يتم فيها " تغيير معطيات أو بيانات أو برامج الحاسب الآلي أو محوها أو كتابتها أو أي تدخل آخر في مجال إنجاز البيانات أو معالجتها، وتبعاً لذلك تسببت في ضرر اقتصادي أو فقد حيازة ملكية شخص آخر، أو بقصد الحصول على كسب اقتصادي غير مشروع له أو لشخص أخر."

ولقد تبنى الخبير الامريكي ( Parker ) مفهوماً واسعاً لجريمة تقنية المعلومات، حيث ذهب الى تعريفها بأنها "كل فعل إجرامي متعمد أيا كانت صلته بالمعلوماتية، ينشأ عنه خسارة تلحق بالمجني عليه، أو كسب يحققه الفاعل".

كذلك ذهب الاساتذة ( VivantوLestanc ) الى تعريف جرائم تقنية المعلومات بأنها "مجموعة من الافعال المرتبطة بالمعلوماتية التي يمكن أن تكون جديرة بالعقاب".

كما ذهب بعض الفقه إلى تعريف هذه الجريمة على أنها "سلوك غير مشروع معاقب عليه قانوناً صادر عن إرادة إجرامية محله معطيات الحاسب الآلي"(1)

ويرى جانب اخر من الفقه من أنصار هذا الاتجاه الموسع "بأنها كل سلوك إجرامي يتم بمساعدة الحاسب الآلي أو كل جريمة تتم في محيط أجهزة الحاسب الآلي."

وترتيبا على هذا الاتجاه الموسع، فان الفقه القانوني بشأن جرائم تقنية المعلومات يكون قد وضع عدة تعريفات تباينت تبعا لموضوع العلم التي تنتمى إليه، فمنهم من عرفها من الجانب التقني، ومنهم من عرفها من الجانب القانوني.

ولبيان مفهوم شامل للجريمة من وجهة هذا الاتجاه لابد من تعريفها من الجانب الفني أو التقني ومن الجانب القانوني وبيان أنواعها.

الفقرة الاولى تعريف جرائم تقنية المعلومات من الجانب الفني

بالنظر الى ان جرائم تقنية المعلومات هي بحسب الاصل جرائم تقنية، فان جرائم تقنية المعلومات من الجانب الفني عبارة عن "نشاط إجرامي تستخدم فيه تقنية الحاسب الآلي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كوسيلة أو هدف لتنفيذ الفعل الاجرامي". وقد عرفها جانب من الفقه: "بأنها تصرف غير مشروع يؤثر في الاجهزة والمعلومات الموجودة عليها".

وهذا التعريف هو الاقرب من الناحية الفنية لجريمة تقنية المعلومات حيث انه لارتكاب الجريمة يتطلب وجود أجهزة حاسب آلي، فضلا عن ضرورة ربطها بشبكة معلوماتية ضخمة.

الفقرة الثانية تعريف جرائم تقنية المعلومات من الجانب القانوني

تعرف جرائم تقنية المعلومات من وجهة نظر أصحاب الجانب القانوني على أنها "مجموعة من الافعال والانشطة المعاقب عليها قانونا والتي تربط بين الفعل الاجرامي والثورة التكنولوجية"، وبمعني آخر هي" نشاط جنائي يمثل اعتداء على برامج الحاسب الآلي".

كما أن هناك من عرفها بأنها "الجريمة التي يتم ارتكابها إذا قام شخص ما باستخدام معرفته بالحاسب الآلي بعمل غير قانوني".

ولقد قسم رجال القانون جرائم تقنية المعلومات، في جانبها القانوني إلى:

- أولا: الجرائم التي تستعمل فيها الوسائل التكنولوجية من أجل القيام بالفعل الاجرامي، ومثال ذلك تزوير أموال عن طريق الماسح الضوئي، فهذا النوع له إطاره القانوني في معظم التشريعات العالمية.

- ثانيا: الجرائم التي تستخدم التقنية الحديثة لارتكابها، حيث عن طريق شبكة الانترنت يمكن إنشاء مواقع إباحية، أو الانضمام إلى مجموعات إرهابية، أو الاتجار بالأسلحة أو الاتجار بالمخدرات أو الاتجار بأسرار الناس عن طريق اخترق مواقعهم أو جهاز الحاسب الآلي أو انتحال الشخصية بواسطة بطاقات الائتمان.

وهذا النوع من الجرائم له من الاهمية، فوسط عالم افتراضي رقمي فرضه التطور التكنولوجي قد يفاجئ الشخص بنفسه في وسط إجرامي تختلس فيه أمواله دون أي دليل ملموس.

فمن خلال كل ما ذكر يذهب البعض الى تعريف جرائم تقنية المعلومات، بأنها سلوك غير مشروع أو غير أخلاقي أو غير مصرح به .

ويلاحظ هنا تعدد التعريفات لجرائم تقنية المعلومات، وفقا لمعايير متعددة سواء أكانت وفقا لمعيار شخصي من حيث توفر المعرفة والدراية بالتقنية، أو وفقا لمعيار موضوع الجريمة، والمعايير المتعلقة بالبيئة المرتكب فيها الجريمة، وغيرها.

ومن التعريفات الدارجة لفقهاء القانون الجنائي لجرائم تقنية المعلومات، فقد عرفتها الدكتورة هدي قشقوش بأنها " كل سلوك غير مشروع أو غير مسموح به فيما يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو نقل هذه البيانات".

وعرفها الاستاذ Rosenblattبأنها " كل نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير أو حذف أو الوصول إلي المعلومات المخزنة داخل الحاسب أو التي تحول عن طريقه "، كما عرفها الفقيه Artar Solarz بأنها " أي نمط من أنماط الجرائم المعروفة في قانون العقوبات طالما كان مرتبط بتقنية المعلومات ".

كذلك عرفها الاستاذ Eslie D.Ball بأنها " فعل إجرامي يستخدم الحاسب الآلي في ارتكابه كأداة رئيسية "، كما عرفتها وزارة العدل الامريكية بأنها " أية جريمة لفاعلها معرفة فنية بالحاسبات تمكنه من ارتكابها "، ويعرفها Sheldon بأنها " واقعة تتضمن تقنية الحاسب ومجني عليه يتكبد أو يمكن أن يتكبد خسارة وفاعل يحصل عن عمد أو يمكنه الحصول علي مكسب".

كما عرفها خبراء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بأنها "كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقي أو غير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو نقلها".

ويعرفها الفقيه الفرنسي Vivantبأنها "مجموعة من الافعال المرتبطة بالمعلوماتية والتي يمكن أن تكون جديرة بالعقاب ".

كما يعرفها الاستاذين Robert J.Lindquist، Jack Bolognaبأنها "جريمة يستخدم فيها الحاسب الآلي كوسيلة أو أداة لارتكابها أو يمثل إغراء بذلك أو جريمة يكون الحاسب الآلي نفسه ضحيتها ".

الغصن الثالث موقف بعض التشريعات والهيئات الدولية من تعريف جرائم تقنية المعلومات أشارت الامم المتحدة في المدونة الصادرة عنها بشأن جرائم تقنية المعلومات، إلي الخلاف الواقع بين الخبراء حول ماهية العناصر المكونة لجرائم تقنية المعلومات أو حتى المتعلقة بالحاسب الآلي، ويفسر ذلك عدم التوصل إلى تعريف متفق عليه دوليا لهذه المصطلحات وإن كان هؤلاء قد اتفقوا ضمنا على وجود ظاهرة تتزايد بمعدلات عالمية لتلك الجرائم.

وقد ذهب مكتب تقييم التقنية في الولايات المتحدة الامريكية، إلى تعريف جرائم تقنية المعلومات بأنها الجرائم التي تلعب فيها البيانات الحاسب الآلية والبرامج المعلوماتية دورا رئيسيا.

وفي هذا الاطار آثر المشرع الانجليزي في قانون إساءة استخدام الحاسب الآلي عام 1990 عدم وضع تعريف محدد لجرائم الحاسب الآلي، بغية عدم حصر القاعدة التجريمية في إطار أفعال معينة، تحسباً للتطور العلمي والتقني في المستقبل.

الغصن الرابع موقف المشرع المصري من تعريف جرائم تقنية المعلومات

لا شك ان الفقه القانوني يفضل ان يتفادى المشرع غالبا التسرع إلى وضع تعريفات للظواهر القانونية الجديدة، لأنها تتميز بالتغير والتقلب وعدم الثبات، حتى لا يكون التعريف بمثابة مجازفة ليست مأمونة العواقب، ومع ذلك نالت جرائم تقنية المعلومات اهتماما كبيرا من جانب الفقه الجنائي الذي خصص لها تعريفات متعددة وانطلق في اطارها من زوايا متعددة.

وحسنا فعل المشرع المصري، بعدم وضع تعريف لجرائم تقنية المعلومات، تاركا ذلك للاجتهادات الفقهية، وذلك وفقا لما ينجم عنه التطور التكنولوجي المعاصر، وتأثيره على الظاهرة الاجرامية محل التعريف، ومكتفيا بتحديد وتعريف كافة الافعال المقترنة بتلك الجرائم.

وقد ساير المشرع الإماراتي ذات النهج في اصداره المرسوم بقانون 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تاركا تعريف جريمة تقنية المعلومات للفقه القانوني، مقتصرا على تعريف وسيلة تقنية المعلومات، أي أداة إلكترونية مغناطيسية، بصرية، كهروكيميائية، أو أي أداة أخرى تستخدم لمعالجة البيانات الالكترونية وأداء العمليات المنطقية والحسابية، أو الوظائف التخزينية، ويشمل أي وسيلة موصلة أو مرتبطة بشكل مباشر، تتيح لهذه الوسيلة تخزين المعلومات الالكترونية أو إيصالها للآخرين.

ايضا اتبع المشرع البحريني نفس الاتجاه، في القانون رقم 60 لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات بعدم تعريفها، وبالنظر الى التشريع الأردني رقم 27 لسنة 2015 بشأن قانون الجرائم الالكترونية، يتضح عدم تعريفه لجرائم تقنية المعلومات، متبعا سياسة كل من التشريع الإماراتي والمصري والبحريني.

وبالرجوع الى التشريع السعودي، يتضح انه وقع في قصور تشريعي لدى اصداره المرسوم الملكي الكريم رقم (م/17) وتاريخ 8/3/1428هـ، حينما قام بتعريف جريمة تقنية المعلومات على انها "أي فعل يرتكب متضمنا استخدام الحاسب الآلي او الشبكة المعلوماتية بالمخالفة لأحكام هذا النظام"

وقد سار المشرع الكويتي على نهج نظيره السعودي في القانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات بتعريفها بانها "كل فعل يرتكب من خلال استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية أو غير ذلك من وسائل تقنية المعلومات بالمخالفة لأحكام هذا القانون".

ايضا عرف المشرع السوري جريمة تقنية المعلومات في القانون رقم 17 الصادر بتاريخ 28/2/2012 بانها "جريمة ترتكب باستخدام الاجهزة الحاسوبية او الشبكة، او تقع على المنظومات المعلوماتية او الشبكة."

ويؤخذ على تلك التشريعات السابقة انه من المتصور ان تقع جريمة تقنية المعلومات دون اعتماد على حاسب الى بالنظر الى وجود العديد من الاجهزة الالكترونية الاخرى التي يمكنها ان تقود بذات دور الحاسب الآلي، كالهواتف الذكية، بالإضافة الى وجود شبكات معلوماتية اخرى خلافا لمقصده بانها الانترنت، وكان يجب على المشرع ان ينأي بنفسه عن وضع تعريف لجرائم تقنية المعلومات، باعتبار ان ذلك يدخل فى صميم دور الفقه القانوني.

وهناك من التشريعات ما اتبعت اسلوب الاحالة الى ما ورد النص عليه من جرائم فى القانون، فى تعريفها لجرائم تقنية المعلومات، ومنها التشريع العماني لدى اصداره المرسوم السلطاني رقم 12/2001 بشأن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث نصت المادة الاولى فى فقرتها (جـ) على ان جرائم تقنية المعلومات، هي الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، وهنا يكون القانون قد التزم نصيا بمبدأ الشرعية الجنائية، بالإحالة الى مواد ذات القانون التى نصت على ما ورددت به من جرائم.

ولكى يمكن وضع تعريف محدد جامع مانع لجريمة تقنية المعلومات، يجب مراعاة عدة اعتبارات مهمة منها:

- أن يكون هذا التعريف مقبول ومفهوم على المستوى العالمي.

- أن يراعى هذا التعريف التطور السريع والمتلاحق في تكنولوجيا المعلومات.

- أن يحدد التعريف الدور الذي يقوم به جهاز الحاسب الآلي في إتمام النشاط الاجرامي.

- أن يفرق هذا التعريف بين الجريمة العادية وجرائم تقنية المعلومات وذلك عن طريق إيضاح الخصائص المميزة لجريمة تقنية المعلومات.

ولاختيار المصطلح الدقيق، يتعين أن يتم الدمج بين البعدين التقني والقانوني، فإذا عدنا للحقيقة الاولى المتصلة بنشأة وتطور تقنية المعلومات، نجد أن تقنية المعلومات تشمل مطلبين جرى بحكم التطور تقاربهما واندماجهما، الحوسبة والاتصال.

فالحوسبة تقوم على استخدام وسائل التقنية لإدارة وتنظيم ومعالجة البيانات في إطار تنفيذ مهام محددة تتصل بعلمي الحساب والمنطق، اما الاتصال فهو قائم على وسائل تقنية لنقل المعلومات بجميع دلالاتها الدارجة .

وحيث ان المشرع المصري في القانون الجديد بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، عرف في مادته الاولى، الحاسب على انه : كل جهاز أو معدة تقنية تكون قادرة على التخزين، أو اداء عمليات منطقية، أو حسابية، وتستخدم لتسجيل بيانات أو معلومات، أو تخزينها، أو تحويلها، أو تخليقها، أو استرجاعها، أو ترتيبها، أو معالجتها، أو تطويرها، أو تبادلها، أو تحليلها، أو للاتصالات.

وعرف الدعامة الالكترونية، بانها: أى وسيط مادى لحفظ وتداول البيانات والمعلومات الالكترونية ومنها الاقراص المدمجة أو الاقراص الضوئية أو الذاكرة الالكترونية أو ما في حكمها.

وقد تبنى المشرع المصري في القانون الجديد، الرأى الذى يتجه الى عدم وضع تعريف محددا لجرائم تقنية المعلومات، تاركا تعريف تلك النوعية من الجرائم الى الفقه الجنائي، فى ظل ما يتمخض عليه ارض الواقع من تطور تكنولوجى، يكون له بالغ الاثر على تلك الجرائم، وحتى لا يكون التعريف مرتبطا بحقبة زمنية معينة، قد تتغاير التقنيات التكنولوجية المستخدمة فى جرائم تقنية المعلومات، نظرا لتسارع وتيرة تطورها.

واتجاه المشرع المصري، فى شأن عدم وضع تعريف محدد لجرائم تقنية المعلومات، هو اتجاه محمود، للأسباب السابقة، ويضاف الى ذلك، ان الفقه الجنائي جدير بوضع هذا التعريف، وتغييره حسبما يستجد من تطورات وتقنيات تكنولوجية، من شانهما تغيير المفهوم والتعريف المقترح لجرائم تقنية المعلومات.

وبالرجوع الى مؤتمر الامم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاقبة المجرمين، يتضح انه تبنى تعريف منضبط لجريمة تقنية المعلومات بأنها: " أية جريمة يمكن ارتكابها بواسطة نظام حاسبي أو شبكة حاسبية، والجريمة تلك تشمل من الناحية المبدئية جميع الجرائم التي يمكن ارتكابها في بيئة إلكترونية".

ونحن من جانبنا نتفق مع هذا التعريف، إذ أنه تعريف حاول الاحاطة قدر الامكان بجميع الاشكال الاجرامية لجرائم تقنية المعلومات، سواء التي قد تقع بواسطة النظام المعلوماتي أو داخل هذا النظام على المعطيات والبرامج والمعلومات، كما شمل التعريف جميع الجرائم التي من الممكن أن تقع في بيئة إلكترونية، فهذا التعريف لم يركز على فاعل الجريمة ومقدرته التقنية، ولا على وسيلة ارتكاب الجريمة أو على الغاية والنتيجة التي تسعى لها جرائم تقنية المعلومات، بل إنه حاول عدم حصر جرائم تقنية المعلومات في نطاق ضيق يتيح المجال أمام إفلات العديد من صور هذه الجريمة من دائرة العقاب.

الفرع الثاني القصور في تحديد مفهوم تقنية المعلومات والمصطلحات المرتبطة بها.

ذلك ان المشرع المصري استخدم مصطلح تقنية المعلومات من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وجرى على تعريفها بان "تقنية المعلومات : أي وسيلة أو مجموعة وسائل مترابطة أو غير مترابطة تستخدم لتخزين، واسترجاع، وترتيب، وتنظيم، ومعالجة، وتطوير، وتبادل المعلومات أو البيانات، ويشمل ذلك كل ما يرتبط بالوسيلة أو الوسائل المستخدمة سلكياً أو لاسلكياً."

واقتصر المشرع فى تعريفه على مصطلح تقنية المعلومات دون ان يتناول ما عدا ذلك من مصطلحات ترتبط ارتباطا وثيقا بالمصطلح ولا تتجزأ عنه، كما فعل المشرع بدولة البحرين حينما نص فى المادة الاولى من الفصل التمهيدي من قانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات، على ان:

"تقنية المعلومات: وتشمل كل أشكال التقنية المستخدمة لإنشاء ومعالجة وتخزين وتبادل واستخدام وعرض المعلومات بمختلف صيغها.

المعلومات: كل ما يمكن تخزينه ومعالجته وتوليده ونقله باستخدام وسائل تقنية المعلومات وبوجه خاص الكتابة والصور الثابتة والمتحركة والصوت والارقام والحروف والرموز والاشارات وغيرها.

وسيلة تقنية المعلومات: أية أداة أو وسيلة إلكترونية أو مغناطيسية أو بصرية أو كهروكيميائية أو أية أداة تدمج بين تقنيات الاتصال والحوسبة أو أية أداة أخرى لديها القدرة على استقبال أو إرسال البيانات ومعالجتها وتخزينها واسترجاعها بسرعة فائقة.

نظام تقنية المعلومات: أداة أو مجموعة أدوات متصلة أو ذات صلة ببعضها، ويقوم واحد منها أو أكثر بمعالجة آلية لبيانات وسيلة تقنية المعلومات وفقاً لبرنامج.

بيانات وسيلة تقنية المعلومات: تمثيل لحقائق أو لوقائع أو لمعلومات أو لمفاهيم في صورة مناسبة تسمح لنظام تقنية المعلومات بمعالجتها.

فمن ناحية اولى : اجرى المشرع البحريني تمييزا مقبولا وتفرقة واجبة ما بين تقنية المعلومات، وتعريفه للمعلومات، وتمييزها هى الاخرى عن البيانات، ووسيلة اجراء هذه التقنيات، والنظام الذى يجب ان يحتوي هذه التقنيات، واخيرا وسائل تلك التقنيات، ووضع مفهوما لكافة تلك المصطلحات لتمييزها عن بعضها البعض، ومنع اى ابهام عنها، وقوفا على المعنى الواضح لكل منها.

ومن ناحية اخرى : رغم قصر تعريف المشرع البحريني لمفهوم تقنية المعلومات، الا انه جاء واسعا ليستوعب كافة الافعال التى يمكن ادراجها تحت معنى التقنيات المعلوماتية، بينما حدد المشرع المصري افعالا محددة يجب ان يكون فعل التقنية مندرج تحت احداها، وهو ما يتعارض مع التطور التكنولوجى وسرعة وتيرته التي لا يمكن ملاحقتها، وكان الاولى به وضع وتبنى تعريفا موسعا.

ومن ناحية ثالثة : مايز المشرع البحرينى ما بين وسيلة ونظام تقنية المعلومات حيث نص على ان وسيلة تقنية المعلومات، هى أية أداة أو وسيلة إلكترونية أو مغناطيسية أو بصرية أو كهروكيميائية أو أية أداة تدمج بين تقنيات الاتصال والحوسبة أو أية أداة أخرى لديها القدرة على استقبال أو إرسال البيانات ومعالجتها وتخزينها واسترجاعها بسرعة فائقة.

بينما عرف نظام تقنية المعلومات على انه أداة أو مجموعة أدوات متصلة أو ذات صلة ببعضها، ويقوم واحد منها أو أكثر بمعالجة آلية لبيانات وسيلة تقنية المعلومات وفقاً لبرنامج.

وهو تمايز يحسب للمشرع البحرينى، وكان الاولى ان يتبناه المشرع المصرى، لما له من دور فى توضيح الفارق ما بين النظام المتبع فى تقنية المعلومات، ووسيلتها، وصولا الى شرح مستفيض وعمق مستحب لمراحل ارتكاب جرائم تقنية المعلومات.

كما ان المشرع السورى لدى اصداره المرسوم التشريعى رقم 17 بتاريخ 8/2/2012 بشأن تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، لم يدرج مفهوما او تعريفا لمصطلح تقنية المعلومات، مما يؤخذ عليه هذا القصور فى التشريع.

وقد وقع المشرع السعودى فى ذات القصور التشريعى لدى اصداره المرسوم الملكي رقم (م/17) وتاريخ 8/3/1428هـ بالموافقة على نظام مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فلم يتطرق الى تعريف تقنية المعلومات.

وبالنظر الى التشريع العمانى لدى اصداره المرسوم السلطانى رقم 12 لسنة 2011 بإصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، يلاحظ تعريفه تقنية المعلومات، حينما نص فى المادة الاولى منه على ان:

"المعلومات التقنية : الاستخدام العلمى للحوسبة والالكترونيات والاتصالات لمعالجة وتوزيع البيانات والمعلومات بصيغها المختلفة.

جرائم تقنية المعلومات : الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون. "

غير انه يؤخذ على هذا التعريف قصوره على الالمام بالمفهوم الجامع لتقنية المعلومات.

اما المشرع الكويتى فقد اجرى تعريفا موسعا لتقنية المعلومات، فى المادة الاولى من الفصل الاول من قانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بالنص على ان:

وسيلة تقنية المعلومات: أداة إلكترونية تشمل كل ما يتصل بتكنولوجيا المعلومات وذو قدرات كهربائية أو رقمية أو مغناطيسية أو بصرية أو كهرومغناطيسية أو ضوئية أو وسائل أخرى مشابهة سلكية كانت أو لاسلكية وما قد يستحدث في هذا المجال.

الجريمة المعلوماتية: كل فعل يرتكب من خلال استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية أو غير ذلك من وسائل تقنية المعلومات بالمخالفة لأحكام هذا القانون.

الدخول غير المشروع: النفاذ المتعمد غير المشروع لأجهزة وأنظمة الحاسب الآلي أو لنظام معلوماتي أو شبكة معلوماتية أو موقع إلكتروني من خلال اختراق وسائل وإجراءات الحماية لها بشكل جزئي أو كلي لأي غرض كان بدون تفويض في ذلك أو بالتجاوز للتفويض الممنوح.

نظام الحاسب الآلي: مجموعة برامج وأنظمة معلوماتية معدة لتحليل المعلومات والبيانات والاوامر وبرمجتها وإظهارها أو حفظها أو إرسالها أو استلامها، ويمكن أن تعمل بشكل مستقل أو بالاتصال مع أجهزة أو أنظمة معلوماتية أخرى.

الالتقاط المعلوماتي: مشاهدة البيانات أو المعلومات الواردة في أي رسالة إلكترونية أو سماعها أو الحصول عليها، ويشمل ذلك المنقولة الكترونياً.

اما المشرع الإماراتي فقد جرى على نهج نظيره البحرينى والكويتى، بان نص فى المادة الاولى من المرسوم بقانون 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على ان:

المعلومات الالكترونية : أي معلومات يمكن تخزينها ومعالجتها وتوليدها ونقلها بوسائل تقنية المعلومات وبوجه خاص الكتابة والصور والصوت والارقام والحروف والرموز والاشارات وغيرها .

البيانات الحكومية : هي البيانات أو المعلومات الالكترونية الخاصة أو العائدة إلى الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية لإمارات الدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة الاتحادية أو المحلية.

وبالنظر الى التشريع الأردني رقم 27 لسنة 2015 بشأن قانون الجرائم الالكترونية، يتضح عدم تعريفه لتقنية المعلومات.

الفرع الثالث الخلط ما بين البيانات والمعلومات في تعريفه لتقنية المعلومات

ذلك ان المشرع المصري في المادة الاولى من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، جرى تعريفه فى مفهوم البيانات والمعلومات الالكترونية بانها : كل ما يمكن إنشاؤه أو تخزينه، أو معالجته، أو تخليقه، أو نقله، أو مشاركته، أو نسخه بواسطة تقنية المعلومات، كالأرقام والأكواد والشفرات والحروف والرموز والاشارات والصور والاصوات وما في حكمها.

وقد اقام المشرع المصري تفرقة غير مستترة، مردها المنطقي طبائع الامور، ما بين البيانات الشخصية والبيانات الحكومية، على النحو التالى:

- بيانات شخصية : أى بيانات متعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده، بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الربط بينها وبين بيانات أخرى.

- بيانات حكومية : بيانات متعلقة بالدولة أو أحد سلطاتها، وأجهزتها أو وحداتها، أو الهيئات العامة، أو الهيئات المستقلة والاجهزة الرقابية، وغيرها من الاشخاص الاعتبارية العامة وما فى حكمها، والمتاحة علي الشبكة المعلوماتية أو علي أي نظام معلوماتي أو على حاسب أو ما في حكمها.

وهذا التعريف من قبل المشرع وما يرتبط به من تصنيف بيانى، هو تعريف منتقد ومعيب، من نواح عدة، اولها الخلط والتجهيل فى النص القانونى، ما بين البيانات الشخصية والبيانات الحكومية، وهو ما نتناوله فى الغصن الاول، وثانيهما وقوع الخلط من المشرع المصرى بين المعلومات والبيانات، والسهو غير المبرر فى التمييز بينهما، وهو ما نعرض له من خلال الغصن الثانى، على الترتيب التالى.

الغصن الاول : الخلط بين البيانات الشخصية والبيانات الحكومية.

الغصن الثاني : الخلط بين المعلومات والبيانات، وعدم التمييز بينهما .

الغصن الاول الخلط بين البيانات الشخصية والبيانات الحكومية

حيث وقع المشرع المصري فى الخلط والتجهيل فى النص القانونى، ما بين البيانات الشخصية والبيانات الحكومية، ذلك ان البيانات قد تكون بيانات شخصية تتعلق بشخص طبيعى محدد او قابل للتحديد، ولكن وبالنظر الى صفة او سمة ما قد يكون من شأنها التأثير بشكل ما فى مركز قانونى للدولة او لاحد الاشخاص الاعتبارية العامة التى تضمنتها البيانات الحكومية، مما يكون معه تلك التفرقة غير محمودة فى مجال التمييز بين المصالح الخاصة والمصالح العامة.

وجدير بالذكر ان مشروع القانون كما ورد من الحكومة، وعقب مراجعة مجلس الدولة، عرف البيانات الشخصية وفقا للمادة الاولى منه، على انها "كل بيان تنسب الى شخص طبيعي او معنوي دونما اعتبار لجنسيته وغير متاحة للكافة وتتعلق بشخصه وكيانه وخصوصيته، ويتم معالجتها الكترونيا جزئيا او كليا عبر استخدام الوسائط او الاجهزة الالكترونية."، الا ان لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التى احال اليها مجلس النواب مشروع القانون، قامت بتعديل المصطلح الى المفهوم المذكور آنفا.

ذلك ان من المسلم به إن فكرة المصلحة العامة والمصلحة الفردية، تتشكل في كل مجتمع، وفقاً للفلسفة القانونية التي يتبناها النظام السياسي، فحينما تتبنى الفلسفة القانونية الفردية نجد أن فكرة المصلحة العامة تتشكل في إطار ومضمون الهياكل القانونية التي يقوم عليها المذهب الفردي، وحينما يتبني النظام السياسي الفلسفة القانونية الاجتماعية، يتشكل إطار ومضمون المصلحة العامة في إطار تعاليم مذهب القانون الاجتماعي، ولكن تظل المشكلة الجوهرية في هذا الصدد، هي كيفية التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الفردية

ولكن المستقر عليه، إن قواعد القانون كلها مزيج من الرغبة في التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فتحقيق المصلحة العامة وثيقة الصلة بالقاعدة القانونية.

فالمنطق القانوني يفرض أن تحقيق الصالح العام يجب مراعاته كهدف أساسي للتنظيم القانوني، فالفرد، يجب أن لا يعد غاية في حد ذاته، ولكن ينظر إليه باعتباره عضوا في الجماعة، فالفلسفة القانونية السليمة هي التي تقوم على اعتبار دور المصلحة العامة في إنشاء وتكوين القواعد القانونية لا يقتصر على تحديد وتقييد المصلحة الفردية ولكن بهدف تحديد دور المصلحة الفردية في إطار المصلحة الجماعية. ويلاحظ ان المشرع العمانى قد وقع فى ذات الخلط المرسوم السلطاني رقم 12 لسنة 2011 بإصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حينما نص في المادة الاولى منه على ان:

البيانات والمعلومات الالكترونية كل ما يمكن تخزينه ومعالجته وتوليده ونقله بوسائل تقنية المعلومات آيا كان شكله كالكتابة والصور والاصوات والرموز والاشارات.

البيانات والمعلومات الحكومية البيانات والمعلومات الالكترونية الخاصة بوحدات الجهاز الادارى للدولة

ونفس الغلط وقع فيه المشرع السورى، فيما اسماه النطاق العلوى الوطنى، والنطاق العلوى السوري، فى القانون رقم 17 الصادر فى 28/2/2012، وايضا المشرع العمانى فى المرسوم السلطاني رقم 12/2001 بشأن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حينما ميز بين البيانات والمعلومات الالكترونية، وعرفها بانها "كل ما يمكن تخزينه ومعالجته وتوليده ونقله بوسائل تقنية المعلومات أيا كان شكله كالكتابة والصور والاصوات والرموز والاشارات."

والبيانات والمعلومات الحكومية : وهى البيانات والمعلومات الالكترونية الخاصة بوحدات الجهاز الاداراي للدولة . ايضا ورد النص من قبل المشرع الاماراتى، فى المرسوم بقانون 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بالتمييز بين البيانات الحومية وغير الحكومية، بالنص على ان "البيانات الحكومية : هي البيانات أو المعلومات الالكترونية الخاصة أو العائدة إلى الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية لإمارات الدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة الاتحادية أو المحلية..

غير ان المشرع السعودي والأردني والكويتي، لم يتبعا هذا الاتجاه فى الخلط بين البيانات والمعلومات الحكومية وغير الحكومية، تاركين هذا التمييز للعلم العام الثابت بالتفرقة بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة وفقا للقواعد العامة.

وحسنا فعل المشرع البحريني، لدى اصداره قانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات، حينما عرف بيانات وسيلة تقنية المعلومات: تمثيل لحقائق أو لوقائع أو لمعلومات أو لمفاهيم في صورة مناسبة تسمح لنظام تقنية المعلومات بمعالجتها.

ومعرفا، مزود خدمة، بانه أي مما يأتي:

‌أ) أية جهة عامة أو خاصة توفر لمستخدمي خدمتها إمكانية الاتصال بواسطة نظام تقنية المعلومات.

‌ب) أية جهة أخرى تقوم بمعالجة أو تخزين بيانات وسيلة تقنية المعلومات نيابة عن الجهة المشار إليها في البند (أ) من هذه الفقرة أو عن مستخدمي خدماتها. حيث تجنب المشرع البحريني في التشريع المذكور، هذا الخلط السائد بين البيانات والمعلومات الحكومية وغير الحكومية، متبنيا الاتجاه الفقهي نحو اعتناق الفلسفة العامة للتميز بين المصالح الخاصة والمصالح العامة باتباع القواعد العامة في هذا المقام.

الغصن الثاني الخلط بين المعلومات والبيانات، وعدم التمييز بينهما

لا شك ان المعلومات كمصطلح لها تعريفها اللغوي، ولاستخدامها تاريخه الذى لا ينكر، بدأ ظهوره في فترات تاريخية معينة، وهناك فارق ما بين المعلومات والبيانات، وللمعلومات خصائصها المستقلة، مما جعلها ذات اهمية خاصة، كما ان لها انواع، سواء من حيث الهدف منها او من حيث الشكل، كما ان هناك معوقات تحول دون الحصول على المعلومات، وكذلك هناك مراكز لجمع وانتاج المعلومات،

ولها مراحلها، ولها مجتمعها الخاص، مما حدا بحدوث ثورة معلوماتية هائلة، وظهور المعلومات الرقمية في الاستخدام اليومي، فظهر عصر المعلومات وما له من سمات خاصة، ونتج عن ذلك ما يسمى بعلم المعلومات، وانتشار الثقافة المعلوماتية، واصبح للمعلومات خصائصها كسلعة اقتصادية متداولة، واصبح للدولة دورا جوهريا ازاء اقتصاديات المعلومات، وترتيبا على ذلك، يجب توضيح كل تلك النقاط المذكورة من خلال البنود التالية:

أولا : مصطلح المعلومات:

1. المعلومات لغة: في اللغة الانجليزية مشتقة من كلمة INFORMATIONوهي مشتقة من كلمة INFORMبمعنى يبلغ أو يعلم، وفي اللغة العربية تستخدم كلمة معلومات وهي مشتقة من كلمة علم بمعنى احاط بالشيء.

2. اصطلاحا: المعلومات هي مجموعة من البيانات المنظمة من اجل هدف ما وفي مجال من المجالات، كما هي مجموعة من البيانات المترابطة والمعبرة عن مستوى تطور العقل البشري، والمعرفة وهي نتاج استيعاب المعلومات.

ثانيا: تاريخ استخدام المعلومات:

منذ بداية ظهور البشرية على الارض حاول الانسان الحصول على المعلومات بهدف التأقلم في الطبيعة ومع الاخرين, كذلك مع الاحداث المختلفة ومن اجل ذلك استخدم حواسه، واستطاع بعد ذلك أن يفكر تفكيرا تحليليا ليحل الامور من اجل تحسين حياته وظروفه المعيشية.

وفي عصر تطور الانسان وتشكيل الطوائف الانسانية قام بتسجيل المعلومات على الرقم الطينية وجلود الحيوانات وبعد ذلك على الاوراق من اجل نشر هذه المعلومات للناس والحفاظ عليها لفترات طويلة.

ثالثا: ظهور مصطلح المعلومات:

1. في عام 1581 استخدم مصطلح المعلومات لأول مرة من قبل جوزيف هنري، السكرتير العام لمؤسسة سيمفونيا وذلك بعد زيادة النتاج الفكري الانساني من المعلومات، ولوصف حجم المعلومات المنشورة والتي سوف تنشر.

2. وفي عام 1948 اقامت الجمعية البريطانية اول مؤتمر علمي بخصوص علم المعلومات. 3. وفي عام 1954 قام فانيفر بوش بنشر كتاب بعنوان (يجب ان نفكر هكذا) وفي هذا الكتاب اشار الى زيادة الابحاث والمعلومات ووصفها بأزمة السيطرة على المعلومات وطالب المواطنين بتنظيم حياتهم كي لا يواجهوا أزمة السيطرة على المعلومات.

4. ويلاحظ انه في عام 1950 تم وضع مادة علم المعلومات في الخطة العلمية كمنهج دراسي، وفي قسم المكتبات والجامعات الامريكية كمادة رئيسية.

رابعا: الفرق بين البيانات والمعلومات:

ذلك ان البيانات هي عبارة عن المواد الخام التي تساهم في تكوين المعلومات، في حين ان المعلومات هي عبارة عن مجموعة من البيانات، ولا يمكن للإنسان ان يستوعب البيانات في حين يستطيع ان يستوعب المعلومات.

خامسا: خصائص المعلومات: يجب ان تتصف المعلومات بجملة من الصفات، ومنها:

1- الصدق: يجب ان نعتمد على البيانات الصادقة الصحيحة من اجل تقديم المعلومات الصادقة والحقيقية الى الناس والتي يعتمدون عليها في اتخاذ القرارات.

2- الحيادية: يجب ان تتصف المعلومات بالحيادية والموضوعية، اي لا يتم التركيز على جانب واحد وانما يتم التركيز على عدة جوانب مختلفة.

3- الوضوح: المعلومات الواضحة تساهم في الفهم الجيد وهناك مجموعة من الموضوعات التي تحتاج الى الوضوح.

4- الدقة: ذلك ان المعلومات تعتمد على البيانات، وهناك نوعان من البيانات وهما بيانات دقيقة وبيانات وصفية والافضل ان نقدم للناس بيانات دقيقة.

سادسا: أهمية المعلومات: للمعلومات اهميتها الجلية من نواح عدة:

1- المساهمة في خلق المعرفة: اي ان المعلومات تساهم في تشكيل معرفة الناس.

2- اتخاذ القرارات: فالمعلومات تستخدم في اتخاذ القرارات سواء على المستوى الشخصي او الاداري.

3- تحقيق الربح: ذلك أن المؤسسات التي تقوم بإنتاج المعلومات تربح من جراء بيعها لهذه المعلومات.

4- هدف التعليم: حيث تساهم المعلومات في تعليم افراد المجتمع.

5- فهم الظواهر: ذلك ان عن طريق المعلومات نستطيع ان نفهم الظواهر عند حدوثها مثل المطر فهو ظاهرة طبيعية.

سابعا : أنواع المعلومات: حيث ان للمعلومات انواعها من حيث الهدف او من حيث الشكل.

أ) المعلومات من حيث الهدف:

1- معلومات تساهم في التعليم: وهي المعلومات التي تعطى للأفراد من اجل تعليمهم.

2-معلومات تساهم في تنفيذ الواجبات: وهي المعلومات التي يعتمد عليها الافراد لأداء واجباتهم.

3-المعلومات التي تساهم في كتابة الابحاث العلمية: وهي المعلومات التي تستخدم في صياغة الابحاث العلمية مثل كتابة التقارير, أو أعداد الابحاث.

4- المعلومات التي تساهم في اتخاذ القرارات: وهي التي يحتاجها الافراد لاتخاذ القرارات، وعلى سبيل المثال عندما يراد شراء شيء يجب ان تكون هناك معلومات كافية للمساعدة على اتخاذ القرار في الشراء او عدمه?

ب) المعلومات من حيث الشكل:

1- معلومات على شكل نصوص وصفية، وهي المعلومات الوصفية التي تكون على شكل اخبار او تقارير او مقالات او نصوص الكتب.

2- معلومات على شكل ارقام ونسب مئوية واحصاءات.

3- معلومات على شكل صورة: حيث ان معظم الصور تعبر عن المعلومات.

4- معلومات على شكل جداول ورسوم بيانية: وهي الجداول والرسوم البيانية التي تحتوي على رسوم بيانية.

ثامنا: معوقات الحصول على المعلومات:

1- عدم معرفة اللغة: وهي احد اهم المعوقات التي تواجه الافراد الراغبين في الحصول على المعلومات.

2- غلاء سعر المعلومات: معظم المعلومات الحديثة سعرها مرتفع ولا يستطيع كل فرد الوصول عليها.

3- الافتقار الى تكنولوجيا المعلومات في الدول النامية، ويعد عدم امتلاك المعلومات احد التحديات الرئيسية امام الافراد.

4- محدودية الوقت: يعد ايضا تحدي وصعوبة تواجه الافراد، لكن بعض الافراد يستطيعون التقليل من تأثير هذا التحدي عن طريق تنظيم حياتهم والاستفادة من المعلومات.

تاسعا: مراكز جمع وانتاج المعلومات:

1- المؤسسات الاكاديمية: وهي احد اهم مصادر انتاج المعلومات كالمدارس والجامعات، فتقوم هذه المؤسسات سنويا بإنتاج المئات من الكتب والابحاث والمعلومات الوفيرة التي تكون مفيدة للمجتمع.

2- مراكز الابحاث: وهى عبارة عن مراكز لأجراء الابحاث العلمية مثل معهد جالوب في الولايات المتحدة الامريكية.

3- المؤسسات الحكومية مثل الاحزاب السياسية والبرلمان حيث يقومون بإنتاج المعلومات يوميا.

4-المؤسسات الاعلامية ووكالات الانباء: وتقوم هذه المؤسسات بإنتاج المعلومات بخصوص جوانب الحياة المختلفة مثل الاخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث تقوم بنشر المعلومات حول هذه الجوانب.

عاشرا : مراحل المعلومات: تمر المعلومات بثلاث مراحل:

1-مرحلة انتاج المعلومات: في هذه المرحلة يتم انتاج المعلومات من قبل مؤسسات انتاج المعلومات, كالجامعات ومراكز الابحاث والصحفيين ويقوم كلٌ حسب اختصاصه بنشر المعلومات، ويمكن الاستفادة من المعلومات القديمة لإنتاج معلومات جديدة.

2-مرحلة توزيع المعلومات: في هذه المرحلة تقوم المؤسسات المعنية بتوزيع المعلومات على الجمهور، وتعد وسائل الاعلام والمجلات والمطبوعات وكذلك الانترنت مؤسسات لتوزيع المعلومات، ويحتاج توزيع المعلومات الى وسائل متطورة وخاصة لنشرها مقابل سعر في الاسواق العالمية.

3-مرحلة الاستفادة من المعلومات: وفي هذه المرحلة يستفيد افراد المجتمع من المعلومات وكذلك يستفيد الطلاب والباحثين والمؤسسات المختلفة في المجتمع من هذه المعلومات وتكون الاستفادة في التعليم وتنفيذ الواجبات الادارية وانتاج المعلومات.

حادي عشر: مجتمع المعلومات:

هو عبارة عن المجتمع الذي ينشغل افراده بإنتاج المعلومات، ومن خلال هذه المعلومات يتم اعداد الافراد في المدارس والجامعات بخصوص كيفية انتاج المعلومات، وكذلك كيفية الاستفادة من المعلومات في تنفيذ الواجبات بالمؤسسات المختلفة في المجتمع.

ثاني عشر: ثورة المعلومات:

تعد ثورة المعلومات احدى اهم الثورات في العالم وهي تعد مكملة للثورة الزراعية والثورة التجارية والثورة الصناعية.

ثالث عشر: المعلومات الرقمية:

عبارة عن عدة معلومات يتم تسجيلها وتداولها على شكل ارقام ومن اجل الوصول الى هذا الهدف تم اختراع اجهزة معينة مثل الحاسب الآلي, ودي في دي, وسي دي, والفلاش ميموري، وكذلك تم الاستفادة من الاجهزة التي تخزن المعلومات.

- أحد أهم نتائج المعلومات الرقمية: هي قابلية تخزين المعلومات ونشرها بسهولة وهي مهمة كتوزيع هذه المعلومات على الطلاب وافراد المجتمع الاخرين بسرعة, وكذلك الحصول على المعلومات من مصادر مختلفة بشكل مبسط وسريع, وللإنترنت تأثير رئيسي ومهم في وصول الافراد الى المعلومات وتخزينها واعادة استرجاعها ونسخها.

رابع عشر: خصائص عصر المعلومات:

1- استخدام الاجهزة الالكترونية في التسجيل والتخزين والاستفادة ونشر المعلومات.

2- السرعة في الحصول على المعلومات.

3- اصبحت المعلومات من الواردات المهمة لدى الدول المتقدمة.

4- زيادة عدد مراكز انتاج المعلومات.

خامس عشر: علم المعلومات.

وهو احد العلوم الانسانية والاجتماعية, مهمته ان يراقب حجم وتنظيم وحركة نشر المعلومات من اجل السيطرة عليها وارشفتها من اجل تنظيمها واعدادها للأفراد.

وعلم المعلومات لديه علاقة مع العلوم الانسانية، فعلاقة علم المعلومات مع علم الاعلام، هو في اطار انتاج المعلومات، فعلم الاعلام هو العلم الذي يدرس انتاج المعلومات من قبل وسائل الاعلام.

أما العلاقة بين علم المعلومات وعلم الاقتصاد فهي في اطار الربح، ذلك ان المعلومات اصبحت بمثابة ثروة اقتصادية للبلد وأحد مصادر الايرادات الوطنية في الدول المتقدمة.

كذلك فعلاقة علم المعلومات وعلم الحاسب أو الحاسب، هي في اطار ان الحاسبات هي اجهزة لتسجيل وتخزين واعادة نشر المعلومات لأفراد المجتمع.

سادس عشر: الثقافة المعلوماتية:

وهو مصطلح يعبر عن استخدام المعلومات من قبل افراد المجتمع، ومصادر المعلومات بالنسبة للأفراد:

1- المؤسسات الاعلامية، كالإذاعة والتلفزيون.

2- الكتب والمطبوعات.

3- المؤسسات التربوية والاكاديمية، كالجامعات ومراكز الابحاث.

4- الافراد الاخرون في المجتمع، كأفراد العائلة أو الاصدقاء.

سابع عشر: اقتصاديات المعلومات.

ذلك ان هنالك علاقة قوية بين المعلومات والاقتصاد، وفي مجال الاقتصاد هنالك ثلاث أنواع من السلع هي:

1- السلع الخاصة: هي السلع المادية، التي يستطيع شخص أو مجموعة قليلة من الاشخاص استخدامها مثل الهاتف المحمول او الجوال، والسيارة، والتلفزيون، ولأن كل سلعة من هذه السلع يستطيع فقط شخص او مجموعة من الاشخاص الاستفادة منها.

2- السلع العامة: وهي السلع التي يستفيد منها جميع الناس مثل الامن الوطني، فتقوم القوات الأمنية بحماية المواطنين وفي بعض الاحيان يطلق عليها السلع الاجتماعية لأن كل افراد المجتمع يستطيعون استخدام هذه السلع والاستفادة منها، ومن هذه السلع المعلومات.

ثامن عشر: خصائص المعلومات كسلعة اقتصادية:

1- السلعة لا تنتهي: هذه السلع لا تنتهى او تقل مهما استخدمها الناس مثل القواميس، والصحف، والكتب.

2- الافراد يشترون هذه السلع مقابل الاموال.

3- تنظيم هذه المعلومات بالقوانين مثل قانون حقوق النشر وحقوق الطبع.

4- تساهم المعلومات في تنمية البلد اقتصاديا.

5- تساهم في ايجاد فرص العمل للناس.

تاسع عشر: دور الدولة في اقتصاديات المعلومات:

ذلك ان معظم الدول تقوم بتنظيم مجال المعلومات كي تساهم في تنمية المجالات المختلفة، لذلك تقوم بالإجراءات التالية:

1- المساعدة: حيث ان في الولايات المتحدة الامريكية تقوم الحكومة بمساعدة بعض من مؤسسات انتاج المعلومات، مثل المؤسسة الوطنية للعلوم والمعهد الوطني للصحة، لأن هذه المؤسسات تقوم بإنتاج المعلومات للمؤسسات الحكومية.

2- تطوير أسس المعلومات: ويتم عن طريق بناء أو تأسيس بنك المعلومات وإقامة وتأسيس شبكة Arpanetوهي عبارة عن عملية لربط الجامعات ومراكز الابحاث ببعضها البعض عن طريق الانترنت.

3- التنظيم: يتم ذلك عن طريق قوانين خاصة بحقوق المؤلف، وايضا خاصة بتوزيع المعلومات وقانون انتاجها ونشرها.

4- توزيع المعلومات بشكل عادل: ويتم ذلك عن طريق مساعدة الطلاب لإكمال دراستهم.

وحيث يلاحظ ان المشرع البحريني في قانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات، قد تبنى تفرقة بين المعلومات والبيانات، حيث جرى على تعريف كل منهما على ان المعلومات، كل ما يمكن تخزينه ومعالجته وتوليده ونقله باستخدام وسائل تقنية المعلومات وبوجه خاص الكتابة والصور الثابتة والمتحركة والصوت والارقام والحروف والرموز والاشارات وغيرها.

وبمناسبة تعريفه التشفير هي عملية تحويل المعلومات أو نظم أو وسائل تقنية المعلومات أو الاتصالات إلى رموز غير مفهومة أو مبعثرة بحيث يصعب قراءتها أو معرفتها دون إعادتها إلى هيئتها الاصلية باستخدام كلمة سرية معينة أو أداة التشفير المستخدمة.

كما ان بيانات وسيلة تقنية المعلومات هي تمثيل لحقائق أو لوقائع أو لمعلومات أو لمفاهيم في صورة مناسبة تسمح لنظام تقنية المعلومات بمعالجتها.

بيانات خط السير: بيانات وسيلة تقنية المعلومات ينتجها نظام تقنية المعلومات خاصة بالاتصال بواسطة نظام تقنية المعلومات تشكل جزءاً من سلسلة هذا الاتصال.

بيانات المحتوى: بيانات وسيلة تقنية المعلومات، خلافاً لبيانات خط السير، يتم إرسالها كجزء من اتصال.

تلف: تعييب أو تعطيل أو إلغاء أو حذف أو تدمير أو تغيير أو تعديل أو تحريف أو حجب بيانات وسيلة تقنية المعلومات، أو تعييب أو إعاقة نظام تقنية المعلومات.

اما المشرع السعودي فى المرسوم الملكي رقم (م/17) وتاريخ 8/3/1428هـ بالموافقة على نظام مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فلم يتطرق الى تلك التفرقة، حينما ادرج المعلومات ضمن البيانات، بنصه في الفقرة الرابعة من المادة الاولى من المرسوم المذكور، على ان:

"البيانات: المعلومات، أو الاوامر، أو الرسائل، أو الاصوات، أو الصور التي تعد، أو التي سبق إعدادها، لاستخدامها في الحاسب الآلي، وكل ما يمكن تخزينه، ومعالجته، ونقله، وإنشاؤه بوساطة الحاسب الآلي، كالأرقام والحروف والرموز وغيرها".

وذات الخلط وقع به كل من المشرع السوري والمشرع العماني، ذلك ان المشرع السوري لدى اصداره المرسوم التشريعي رقم 17 بتاريخ 8/2/2012 بشأن تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث لم يفرق بين المعلومات والبيانات ضمن ما ورد النص عليه من تعريفات بالمادة الاولى من المرسوم المذكور.

وايضا المشرع العماني قد وقع في ذات الخلط في عدم التفرقة بين المعلومات والبيانات لدى اصداره المرسوم السلطاني رقم 12 لسنة 2011 بإصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حينما نص فى المادة الاولى منه على ان:

البيانات والمعلومات الالكترونية : كل ما يمكن تخزينه ومعالجته وتوليده ونقله بوسائل تقنية المعلومات أيا كان شكله كالكتابة والصور والاصوات والرموز والاشارات.

البيانات والمعلومات الحكومية : البيانات والمعلومات الالكترونية الخاصة بوحدات الجهاز الإداري للدولة.

اما المشرع الكويتي فقد اجرى تفرقة بين المعلومات والبيانات، فى المادة الاولى من الفصل الاول من قانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بالنص على ان:

"البيانات الالكترونية: بيانات ذات خصائص إلكترونية في شكل نصوص أو رموز أو أصوات أو رسوم أو صور أو برامج حاسب آلي أو قواعد للبيانات .

نظام المعالجة الالكترونية للبيانات : نظام الكتروني لإنشاء أو إدخال أو استرجاع أو إرسال أو استلام أو استخراج أو تخزين أو عرض أو معالجة المعلومات أو الرسائل إلكترونياً.

الشبكة المعلوماتية: ارتباط بين أكثر من منظومة اتصالات لتقنية المعلومات للحصول على المعلومات وتبادلها.

المستند أو السجل الالكتروني : مجموعة بيانات أو معلومات يتم إنشاؤها أو تخزينها أو استخراجها أو نسخها أو إرسالها أو إبلاغها أو استقبالها كلياً أو جزئياً بوسيلة الكترونية، على وسيط ملموس أو على وسيط الكتروني آخر، وتكون قابلة للاسترجاع بشكل يمكن فهمه.

مما يتضح معه ان المشرع الكويتي قد مايز ما بين البيانات والمعلومات على نحو ما سبق بيانه اما المشرع الإماراتي فقد جرى على نهج نظيره البحريني والكويتي، بان نص في المادة الاولى من المرسوم بقانون 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على ان:

المعلومات الالكترونية : أي معلومات يمكن تخزينها ومعالجتها وتوليدها ونقلها بوسائل تقنية المعلومات وبوجه خاص الكتابة والصور والصوت والارقام والحروف والرموز والاشارات وغيرها .

البيانات الحكومية : هي البيانات أو المعلومات الالكترونية الخاصة أو العائدة إلى الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية لإمارات الدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة الاتحادية أو المحلية.

ورغم ما قد يؤخذ على تلك التفرقة من ناحية تمييزها بين المعلومات والبيانات فى ان الثانية تلك التى تتعلق بالجهات الحكومية، نفيا لصفة عن الاولى، الا انه لم يتركها مبهمة على اطلاقها، الامر الذى ينفى ويقطع اى ابهام بين المعلومات والبيانات على ما سبق بيانه، وهو تمييز مطلوب، كان يجب على المشرع المصري ان يتبناه في قانونه الجديد بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

ويلاحظ ما يحمد للمشرع الأردني، باعتباره اوضح التشريعات العربية، والذى نجح فى تبنى التفرقة بين مفهوم البيانات ومفهوم المعلومات، اذ نص فى قانون رقم 27 لسنة 2015 بشأن الجرائم الالكترونية، فى المادة الثانية منه، على ان " البيانات هى الارقام او الحروف او الرموز او الاشكال او الاصوات او الصور او الرسومات التى ليس لها دلالة بذاتها" بينما عرف المعلومات على انها "البيانات التي تمت معالجتها واصبح لها دلالة"

نتائج البحث انتهي الي ان :-

الجرائم الالكترونية

ظهور الجرائم الإلكترونية احتلّ التقدّم في مجال المعلومات والاتّصالات جانباً كبيراً ومُهمّاً في حياة النّاس وتعاملاتهم؛ فصار الحاسوب أساس التّعامل بين الأشخاص والشّركات والمؤسسات، وقد ازداد التوجّه لاستخدام شبكات المعلومات الإلكترونيّة في الفترة الأخيرة بصِفَتها أداة اتّصال دولية في مُختلف مناحي الحياة، مُوفِّرةً بذلك الكثير من السّرعة والمسافات والجهد على الإنسان. • إنّ الاستخدام الكبير لِلأنظمة التكنولوجية قاد إلى الكثير من المشاكل والمَخاطر، وقدّم أصنافاً من الجرائم لم تكن مُتداولةً سابقاً، سُميّت بالجرائم الإلكترونية[1]،

فما هي الجرائم الإلكترونية؟ وما هي أنواعها؟ مفهوم الجرائم الإلكترونية تُعرّف الجرائم الإلكترونية (بالإنجليزية: Electronic crime or e-crime) بأنّها المُمارسات التي تُوقَع ضدّ فرد أو مجموعةٍ مع توفِّر باعثٍ إجراميّ بهدفِ التَّسبُّبِ بالأذى لسمعة الضحيّة عمداً، أو إلحاق الضَّرر النفسيّ والبدنيّ به سواءً أكان ذلك بأسلوبٍ مباشر أو غير مباشر بالاستعانة بشبكات الاتّصال الحديثة كالإنترنت وما تتبعها من أدوات كالبريد الإلكتروني وغرف المُحادثة، والهواتف المحمولة وما تتبعها من أدوات كرسائل الوسائط المُتعدّدة.

تحملُ الجرائم الإلكترونيّة مُسمّياتٍ عدّة، منها:

• جرائم الكمبيوتر والإنترنت.

• جرائم أصحاب الياقات البيضاء (بالإنجليزية: white collar crime).

• الجرائم السايبيرية (بالإنجليزية: Cyper crime).

• جرائم التقنية العالية (بالإنجليزية: High Tech Crime).

أنواع الجرائم الإلكترونية

للجرائم الإلكترونية أنواعٌ كثيرةٌ، منها:

جرائمٌ إلكترونية ضدّ الأفراد: هي الجَرائم التي يتمّ الوصول فيها إلى الهويّة الإلكترونية للأفراد بطرقٍ غير مشروعة؛ كحسابات البريد الإلكتروني وكلمات السِّر التي تخصُّهم، وقد تصل إلى انتحالِ شخصيّاتهم وأخذ الملفّات والصّور المُهمّة من أجهزتهم، بهدفِ تهديدهم بها ليمتَثلوا لأوامرهم، وتُسمّى أيضاً بجرائم الإنترنت الشّخصية.

جرائم إلكترونية ضدّ الحكومات: هي جرائمٌ تُهاجم المواقع الرّسمية للحكومات وأنظمة شبكاتها وتُركّز على تدمير البنى التحتيّة لهذه المواقع أو الأنظمة الشّبكية بشكلٍ كاملٍ، ويُسمّى الأشخاص المرتكبون لهذه الجريمة بالقراصنة، وغالباً ما تكون أهدافُهم سياسيّة.

جرائم إلكترونية ضدّ الملكية: هي جرائمٌ تستهدف المؤسسات الشخصيّة والحكومية والخاصّة، وتهدف لإتلاف الوثائق المُهمّة أو البرامج الخاصة، وتتمُّ هذه الجرائم عن طريق نقل برامج ضارّة لأجهزة هذه المؤسسات باستخدام الكثير من الطُّرق كالرسائل الإلكترونية (بالإنجليزية:E-mail).

الجرائم السّياسية الإلكترونية:

هي جرائم تستهدفُ المواقع العسكرية للدول بهدف سرقة معلومات تتعلّق بالدّولة وأمنها. سرقة المعلومات: تَشمل المَعلومات المحفوظة إلكترونياً وتوزيعها بأساليب غير مشروعة.

الإرهاب الإلكتروني: (بالإنجليزية:Cyber terrorism)

هي اختراقاتٌ للأنظمةِ الأمنيّة الحيوية على مواقع الإنترنت، تكونُ جُزءاً من مجهودٍ مُنظّم لمجوعةٍ من الإرهابيين الإلكترونيين أو وكالات مخابراتٍ دوليّة، أو أيّ جماعات تَسعى للاستفادة من ثغرات هذه المواقع والأنظمة.

الوصول للمواقع المُشفّرة والمحجوبة.

جرائم الاحتيال والاعتداء على الأموال: (بالإنجليزية:Fraud and financial crimes) تشملُ هذه الجرائم الكثير من الممارسات منها:

إدخال بيانات غير صحيحة أو تعليمات من غير المشروع التصّريح بها، أو استعمالُ بياناتٍ وعمليّاتٍ غير مسموح الوصول إليها بغيةَ السّرقة من قِبل موظفّين فاسدين في الشّركات والمؤسسات المالية.

حذف أو تعديل المعلومات المحفوظة، أو إساءة استعمال أدوات الأنظمة المُتوافرة وحزم البرامج.

الهندسة الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Engineering). التصيُّد (بالإنجليزية: Phishing) الجرائم الإلكترونية المُتعلّقة بالجنس. جرائم الابتزاز الإلكتروني: (بالإنجليزية:Cyber extortion crime) هي أن يتعرّض نظامٌ حاسوبيّ او موقعٌ إلكترونيّ ما لهجماتِ حرمانٍ من خدمات مُعيّنة؛ حيثُ يشنّ هذه الهجمات ويُكرّرها قراصنة محترفون، بهدفِ تحصيلِ مُقابلٍ ماديّ لوقف هذه الهجمات.

جرائم التّشهير، بهدف تشويه سُمعة الأفراد.

جرائم السبّ والشتم والقدح.

المطاردة الإلكترونية: هي الجرائم المُتعلّقة بتعقّب أو مطاردة الأفراد عن طريق الوسائل الإلكترونيّة لغاية تعريضهم للمضايقات الشّخصية أو الإحراج العام أو السّرقة المالية، وتهديدهم بذلك؛ حيث يجمع مرتكبو هذه الجرائم معلوماتِ الضّحية الشخصية عبر مواقع الشّبكات الاجتماعي وغرف المحادثة وغيرها.

مخاطر الجرائم الالكترونية

يُؤدّي انتشار الجرائم الإلكترونية في المُجتمعات إلى الكثير من المخاطر والتهديدات، ومنها: المساس بالاقتصاد والأمن الوطني وتهديده.

المساس بالعلاقات الأسرية وتشكيل الخلافات بين أفراد الأسرة ممّا يؤدّي إلى التفكك الأسري، وذلك بسبب الكثير من النتائج التي تُسبّبها بعض أنواع الجرائم الإلكترونية كالتّشهير ببعض الأفراد ونشر الأخبار الكاذبة والإشاعات.

خصائص الجرائم الإلكترونية

تتميّز الجرائم الإلكترونية بعدّة خصائص، منها:

• صعوبة معرفة مرتكب الجريمة، إلّا باستخدام وسائل أمنيّة ذات تقنية عالية.

• صعوبة قياس الضّرر المُترتِّب عليها، كونه ضرراً يمسّ الكيانات المعنوية ذات القيم المعنوية أو القيم الماديّة أو كلاهما سويّةً.

• سهولة الوقوع فيها؛ بسبب غياب الرّقابة الأمنية.

• سهولة إخفاء وطمس مَعالم الجريمة وآثارها والدّلائل التي تُدلّ على مرتكبها.

• هي أقلْ جهداً وعُنفاً جسديّاً من الجرائم التّقليدية.

• سلوكٌ غير أخلاقيّ في المجتمع.

جريمةٌ لا تتقيّد بمكانٍ أو زمانٍ مُحدّدين

الخاتمة

تناولت الدراسة الجريمة الالكترونية من منظور المبدأ الدستوري المستقر في مصر وكل الدول المتحضرة وهو مبدأ الشرعية الجنائية، الذي يقرر أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص .ونظرا لحداثة عهد الجريمة الالكترونية على مستوى العالم وسرعة تطورها لسرعة تطور التقنيات المستخدمة فيها، والتي تتم عبرها، واجهت بعض الدول المتقدمة ذلك بتشريعات تحدد الجرائم بركنيها المادي والمعنوي والعقوبة،

وهي الدول التي ظهرت التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في تلك الجرائم في كنفها، وتحت سمعها وبصرها، أما أغلب الدول التي استوردت تلك التكنولوجيا ومنها مصر فلا زالت تتخبط في طريقها فلم تضع تشريعا جامعا شاملا ينص على كافة صور الجرائم الالكترونية الحالية، كما سيسمح في المستقبل بإدراج أي صور جديدة تظهر تحت مظلته،

فكل ما قامت به مصر حتى الآن إصدار مجموعة من النصوص العقابية المتناثرة في عدد من القوانين المختلفة، الأمر الذي يجعل القضاء المصري في حيرة من أمره، متسائلاً كيف سيتثنى له التعامل مع مرتكب الجريمة الالكترونية في ظل غياب النص العقابي الذي يعاقبه صراحة عليها في ظل ما يقتضيه تطبيق المبدأ الدستوري الخاص بالشرعية الجنائية؟

وفي النهاية يري الباحث أنه يجب على القاضي الجنائي الذي يتصدى للحكم في الجرائم الالكترونية، في محاولة منه لتفسير النصوص العقابية التقليدية بما يساعد في إدراج هذه الجرائم تحت عباءة تلك النصوص أن يكون على علم واسع بالتقنيات الحديثة وأنظمة المعلومات وذلك من خلال تلقيه دورات تدريبية تنظمها وزارة العدل لهم بشكل نصف سنوي يطلعون.

من خلالها على أحدث ما جاء به العلم في هذه التقنيات حتى يستطيعون فهم طبيعة الجرائم المرتكبة من خلال هذه التقنيات المستحدثة ، وهو ما سينعكس أثره بالطبع علي تفسيرهم للنصوص العقابية التقليدية، أضف الى ذلك إنشاء دوائر جنائية متخصصة في هذه الجرائم.

وإنا لنرى أنه ليس أمام القاضي سوى إجابتان لهذا التساؤل، إجابة سهلة تكفيه العناء والبحث، و تتمثل في القضاء ببراءة المتهم في الجريمة الالكترونية لعدم وجود النص العقابي الذي يجرم فعله، وهذه الإجابة بالطبع سيكون لها أسوء الأثر على المجتمع لأنها ستساعد على انتشار الجريمة الالكترونية في المجتمع كالنار في الهشيم،

أما الإجابة الثانية فهي تعني الذهاب بمحض اختياره للعناء والبحث عن حل قضائي لمواجهة المجرم الالكتروني ومحاكمته وذلك عن طريق محاولة تفسير النصوص التقليدية بما يسمح له بإدراج الفعل الإجرامي المرتكب من المجرم الالكتروني تحت سلطانها وهو ما سيساعد مؤقتا في مواجهة تلك الجرائم، حتى صدور تشريع ينظم هذه النوعية من الجرائم،

والباحث من جانبه يؤيد هذا الحل الأخير لكونه الحل المتاح حاليا ولكون تاريخ القضاء الجنائي قد قام بفعل ذلك مسبقا عندما ظهرت جرائم لم ينص عليها قانون العقوبات، حتى تنبه المشرع ونظمها بقوانين مستقلة مثل جرائم سرقة التيار الكهرباء، وجرائم دخول المطاعم للأكل والشراب دون سداد الثمن، وغير ذلك من الجرائم ،

إلا أنه على القاضي أن يتدخل بالتفسير طبقا للضوابط المقررة من الفقه لذلك حمن أجل ألا يتحول من قاضي إلى مشرع، فيجمع بين سلطتين تم الفصل بينهما حماية للحريات الفردية، كما يجب علي الجهاز القضائي في الدولة أن ينظموا دورات تدريبية للقضاة بصفة دورية منتظمة تساعدهم في فهم التقنيات الحديثة وكيفية استخدامها في ارتكاب الجرائم،

مع استحداث دوائر جنائية متخصصة في هذه النوعية من الجرائم ، وكل ذلك سيساعد في بناء مبادئ قضائية تسهم في مواجهة هذه الجرائم.

ثبت المراجع

أولاً: المراجع العربية:

د. إبراهيم حامد طنطاوي، د. علي محمود حمودة: شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات الجزء الأول النظرية العامة للجريمة، دار النهضة العربية، دت.

د. أحمد فتحي سرور: القانون الجنائي الدستوري، دار الشروق، ط2، 2002.

د. أيمن عبد الحفيظ: الاتجاهات الفنية والأمنية لمواجهة الجرائم المعلوماتية، دن، 2005.

د. حسنى الجندي: شرح قانون العقوبات، دن، 1999.

د. حسين بن سعيد الغافري: السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الإنترنت دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2009.

د. خالد عبد الله الشافي: المبادئ الجنائية الدستورية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2010.

د. خالد ممدوح إبراهيم: الجرائم المعلوماتية، دار الفكر الجامعي، 2009.

د. رامي متولي القاضي: مكافحة الجرائم المعلوماتية في التشريعات المقارنة وفي ضوء الاتفاقيات والمواثيق الدولية، دار النهضة العربية، ط1، 2011.

أ. شمسان ناجى صالح ألخيلي: الجرائم المستخدمة بطرق غير مشروعة لشبكة الإنترنت دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2009.

أ. عثامنية لخميسي : التفسير في المادة الجزائية وأثره علي حركة التشريع، مجلة العلوم الانسانية، جامعة محمد خضيرة بسكره، العدد السابع، فبراير 2005، بحث متاح علي شبكة الإنترنت علي موقع:


د. عمر سالم: شرح قانون العقوبات المصري، دار النهضة العربية، 2010،

د. عبد العظيم مرسي وزير: شرح قانون العقوبات ، دار النهضة العربية ، دت.

د. عبد المهدى” محمد سعيد” أحمد العجلونى: قواعد تفسير النصوص وتطبيقاتها في الاجتهاد القضائي الأردنى دراسة أصولية مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية، 2005.

د. مصطفي محمد موسي: التحقيق الجنائي في الجرائم الالكترونية، ط1، دن، 2008

أ. محمد محمد شتات: فكرة الحماية الجنائية لبرامج الحاسب الآلي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2001

د. محمود علي أحمد مدنى: دور المحكمة الدستورية العليا في استجلاء المفاهيم الأساسية التى يقوم عليها النظام القانوني المصري ” دراسة مقارنة” رسالة دكتوراه، حقوق حلوان، 2015.

د.نائلة عادل محمد فريد قورة: جرائم الحاسب الاقتصادية” دراسة نظرية وتطبيقية”، دار النهضة العربية، 2003-2004.

د. هدى حامد قشقوش: شرح قانون العقوبات، دار النهضة العربية، 2010.

أ. هلال بن محمد بن حارب البوسعيدى: الحماية القانونية والفنية لقواعد المعلومات المحوسبة” دراسة قانونية وفنية مقارنة”، دار النهضة العربية، 2009.

د. هلال عبد الله أحمد: الجوانب الموضوعية والإجرائية لجرائم المعلوماتية علي ضوء اتفاقية بودابست الموقعة 23 نوفمبر 2001، دار النهضة العربية، 2002.

المراجع الأجنبية:

BECCARIA:”Traité des délits et des peines”.Nouvelle Traduction jrançaise,Introduction de ANCEL et STEFANI,Paris,Cujas 1966.

BERNA RDINI(R.),Droit Pénal general,Paris,2003,No193.

Cohen Frederick: Protection and security on the information super high way,Wiley&sons,Inc,1995.

D.B Parker,combattre la crimipin alite informatique,1985.

DRADEL(J.),Droit penal général ,CuJus,2002-2003,No181.

J.P.Delms saint hilair: un probleme qui évolue, le principe de la léqali –té en matiére d’attante ? la liberté de l’ass.inter.de droit penal-bordeaux 1984.

________________

([1]) يقصد بنطاق cyberبأنه هو نطاق ذو دلالة علي شبكة الإنترنت يحدد بأن الكلمة التى ستلي هذا النطاق لها علاقة بشبكة الإنترنت مثل cyber cafe مقهى الالكترونى الإرهاب الالكترونى cyber terrorism، النقود الالكترونىة cyber cashومن هنا cyber crimeهى الجرائم التى لها علاقة بالحاسب وشبكة الإنترنت.راجع د. مصطفي محمد موسي: التحقيق الجنائي في الجرائم الالكترونية، ط1، دن، 2008، ص111.

([2]) أ. هلال بن محمد بن حارب البوسعيدى: الحماية القانونية والفنية لقواعد المعلومات المحوسبة” دراسة قانونية وفنية مقارنة”، دار النهضة العربية، 2009، ص15، وما بعدها.

([3]) راجع: D.B Parker,combattre la crimipin alite informatique,1985,p18.

([4]) د.نائلة عادل محمد فريد قورة: جرائم الحاسب الاقتصادية” دراسة نظرية وتطبيقية”، دار النهضة العربية، 2003-2004، ص21.

([5]) د. خالد ممدوح إبراهيم: الجرائم المعلوماتية، دار الفكر الجامعي، 2009، ص74.

([6])د. مصطفي محمد موسي، مرجع سابق، ص112.

([7])د. مصطفي محمد موسي، مرجع سابق، ص134، 135.د. حسين بن سعيد الغافري: السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الإنترنت دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2009، ص53، وما بعدها، د. رامى متولي القاضي: مكافحة الجرائم المعلوماتية في التشريعات المقارنة وفي ضوء الاتفاقيات والمواثيق الدولية، دار النهضة العربية، ط1، 2011، ص52، ومابعدها.

([8]) د. أيمن عبد الحفيظ: الاتجاهات الفنية والأمنية لمواجهة الجرائم المعلوماتية، دن، 2005، ص13، وما بعدها، د. رامى متولي القاضي، مرجع سابق، ص54، وما بعدها.

، راجع:

Cohen Frederick: Protection and security on the information super high way,Wiley&sons,Inc,1995,p66.ets.

([9]) د. هلال عبد الله أحمد: الجوانب الموضوعية والإجرائية لجرائم المعلوماتية علي ضوء اتفاقية بودابست الموقعة 23 نوفمبر 2001، دار النهضة العربية، 2002، ص67، وما بعدها.

([10]) أ. محمد محمد شتات: فكرة الحماية الجنائية لبرامج الحاسب الآلي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2001، ص79، وما بعدها.

([11]) د. رامى متولي القاضي، مرجع سابق، ص29.

([12]) د. مصطفي محمد موسي، مرجع سابق، ص112.

([13]) راجع في تفاصيل هذا التقسيم د. رامى متولي القاضي، مرجع سابق، ص31، وما بعدها.

([14]) د. نائلة عادل محمد فريد قورة ، مرجع سابق، ص25.

([15]) د. محمود علي أحمد مدنى: دور المحكمة الدستورية العليا في استجلاء المفاهيم الأساسية التى يقوم عليها النظام القانونى المصري ” دراسة مقارنة” رسالة دكتوراه، حقوق حلوان، 2015، ص349.

([16]) د. خالد عبد الله الشافي: المبادىء الجنائية الدستورية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، السعودية 2010، ص58، 59.

([17]) د. عمر سالم: شرح قانون العقوبات المصري، دار النهضة العربية، 2010، ص30.

([18]) د. عبد العظيم مرسي وزير: شرح قانون العقوبات ، دار النهضة العربية ، دت، ص33.

، راجع ايضا:

BECCARIA:”Traité des délits et des peines”.Nouvelle Traduction jrançaise,Introduction de ANCEL et STEFANI,Paris,Cujas 1966,p.67.

([19]) د. حسنى الجندى: شرح قانون العقوبات، دن، 1999، ص76، د.هدى حامد قشقوش، مرجع سابق، ص30.

([20]) ويرجع تاريخ الفصل بين السلطات في آوربا إلي العصور الوسطى حيث كان ملوكها يتمتعون بصلاحيات واسعة ويحكمون حكما مطلقا، ووصل الاستبداد ذروته في عهد الأمير : لويس الرابع عشر الذي قال مقولته الشهيرة ” أنا الدولة”، وكرد فعل لتلك السلطة المطلقة التى يتمتع بها الملوك نادى الكثير من المفكرين في آوربا بمبدأ الفصل بين السلطات، منهم لوك وجان جاك روسو وغيرهم، راجع د. خالد عبد الله الشافي، مرجع سابق، ص102.

([21])راجع د. أحمد فتحى سرور: القانون الجنائي الدستورى، دار الشروق، ط2، 2002، ص31، د. هدى حامد قشقوش: شرح قانون العقوبات، دار النهضة العربية، 2010، ص30، 31.

، راجع:

J.P.Delms saint hilair: un probleme qui évolue, le principe de la léqali –té en matiére d’attante ? la liberté de l’ass.inter.de droit penal-bordeaux 1984.p12.etss.

([22]) راجع في تفاصيل دور المحكمة الدستورية في إرساء مبدأ الشرعية الجنائية د. محمود علي أحمد مدنى، مرجع سابق، ص348، وما بعدها.

([23]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في القضية رقم 48 لسنة 17 قضاء دستوري جلسة 22/2/1997.

([24]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في القضية رقم 114 لسنة 21 قضاء دستوري جلسة 2/6/2001.

([25]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في القضية رقم 49 لسنة 17 قضاء دستوري جلسة 15/6/1996.

([26]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في القضية رقم 48 لسنة 17 قضاء دستوري جلسة 22/2/1997.

([27]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في القضية رقم 48 لسنة 17 قضاء دستوري جلسة 22/2/1997، حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في القضية رقم 58 لسنة 18 قضاء دستوري جلسة 5/7/1997.

([28])راجع د. إبراهيم حامد طنطاوي، د. علي محمود حمودة: شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات الجزء الأول النظرية العامة للجريمة، دار النهضة العربية، دت، ص17، 18.

([29]) د. عمر سالم، مرجع سابق، ص35، 36.

([30]) د.هدى حامد قشقوش، مرجع سابق، ص35، 36.

([31]) راجع: BERNA RDINI(R.),Droit Pénal general,Paris,2003,No193,p171.

([32])د. عمر سالم، مرجع سابق، ص39، وما بعدها.

([33]) وتنص المادة 19 من القانون علي أن” لا تجوز مزاولة نشاط إصدار شهادات التصديق الالكتروني الا بترخيص من الهيئة ، وذلك نظير مقابل يحدده مجلس إدارتها وفقا للإجراءات والقواعد والضمانات التي تقررها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ودون التقيد بأحكام القانون رقم 129 لسنة 1947 بالتزامات المرافق العامة، مع مراعاة ما يأتي :

(أ‌) أن يتم اختيار المرخص له في إطار من المنافسة و العلانية. (ب‌) أن يحدد مجلس إدارة الهيئة مدة الترخيص بحيث لا تزيد على تسعة وتسعين عاما.

(ج) أن تحدد وسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية التي تكفل حسن سير المرفق بانتظام واطّراد.

و لا يجوز التوقف عن مزاولة النشاط المرخص به أو الاندماج في جهة أخرى أو التنازل عن الترخيص للغير إلا بعد الحصول على موافقة كتابية مسبقة من الهيئة”، وتنص المادة 21 من القانون علي أن” بيانات التوقيع الالكتروني والوسائط الالكترونية والمعلومات التي تقدم إلى الجهة المرخص لها بإصدار شهادات التصديق الالكتروني سرية ، ولا يجوز لمن قدمت إليه أو اتصل بها بحكم عمله إفشاؤها للغير أو استخدامها في غير الغرض الذي قدمت من أجله”.

([34]) وتنص المادة 13 من القانون علي أن” تلتزم جميع الجهات والشركات العاملة في مجال المعاملات الالكترونية وتكنولوجيا المعلومات بموافاة الهيئة بما تطلبه من تقارير أو إحصاءات أو معلومات تتصل بنشاط الهيئة”.

([35]) أ. هلال بن محمد بن محارب البوسعيدي: الحماية القانونية والفنية لقواعد المعلومات المحوسبة ” دراسة قانونية فنية مقارنة” دار النهضة العربية، 2009، ص136.

([36]) أ. شمسان ناجى صالح ألخيلي: الجرائم المستخدمة بطرق غير مشروعة لشبكة الإنترنت دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2009، ص44، وما بعدها.

([37]) وهو ما يعد أحد أوجه النقض التي وجهت لمبدأ الشرعية الجنائية حيث قيل أن هذا المبدأ يقف عقبة في سبيل تطور المجتمع ورقيه لأن المشرع عندما يضع نصوص التجريم والعقاب فإنما يضعها لكي تحمى المصالح والحقوق التي تكون قائمة وقت التشريع

وإذا كانت هذه المصالح بحكم طبيعتها قابلة للتطور قد يكون هذا التطور عن أفعال تمثل خطرا عليها، مما يؤدي إلي عدم خضوع الكثير من الأفعال الضارة بمصالح المجتمع للعقاب لعدم وجود نص يجرمها ويعاقب عليها؛

ولعل ذلك ما يجعل المشرع يستخدم عند وضعه لنصوص التجريم والعقاب عبارات ذات أفكار قانونية عامة بحيث يمكن عن طريق تفسيرها التفسير السليم تحقيق التوازن بين المحافظة علي مبدأ الشرعية وبين الحاجة إلي تمكين القاضي من حماية المجتمع إزاء الأفعال الضارة التي تهدد مصالحه، راجع د. إبراهيم حامد طنطاوي، د. علي محمود حمودة، مرجع سابق، ص21.

([38]) راجع في ذلك أ. شمسان ناجى صالح ألخيلي، مرجع سابق، ص47، وما بعدها.

([39]) د. عبد العظيم مرسي وزير، مرجع سابق، ص35، 36.

([40]) راجع في ذلك أ. شمسان ناجى صالح ألخيلي، مرجع سابق، ص56، وما بعدها.

([41]) د. عبد العظيم مرسي وزير، مرجع سابق، ص54.

([42]) راجع د. حسنى الجندي، مرجع سابق، ص 96.

([43]) أ. عثامنية لخميسي : التفسير في المادة الجزائية وأثره علي حركة التشريع، مجلة العلوم الانسانية، جامعة محمد خضيرة بسكره، العدد السابع، فبراير 2005، ص3، بحث متاح علي شبكة الإنترنت علي موقع:


([44]) د. عبد المهدى” محمد سعيد” أحمد العجلونى: قواعد تفسير النصوص وتطبيقاتها في الاجتهاد القضائي الأردنى دراسة أصولية مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية، 2005، ص58.

([45]) د. إبراهيم حامد طنطاوى، د. علي محمود حمودة، مرجع سابق، ص33، 34، أ. عثامنية لخميسي، مرجع سابق، ص8، وما بعدها.

([46]) د. إبراهيم حامد طنطاوي، د. علي محمود حمودة، مرجع سابق، ص35، 36.

([47])راجع د. حسنى الجندي، مرجع سابق، ص 96.

([48]) د. أحمد فتحي سرور، مرجع سابق، ص95، وما بعدها.

([49]) راجع في ذلك د. عبد العظيم مرسي وزير، مرجع سابق، ص58، وما بعدها، د. حسنى الجندي، مرجع سابق، ص98.

([50]) د. حسنى الجندي، مرجع سابق، ص99، د. عمر سالم، مرجع سابق، ص63، وما بعدها.

مثال لذلك المادة 318 من قانون العقوبات جاء نصها” يعاقب علي جريمة انتهاك ملك الغير في المادة 370 من ذات القانون، ثم جاء نص المادة 317 لينص علي السرقة من محل مسكون باعتبارها سرقة مشددة، وفي هذه الحالة يكون نص المادة 317 قد استغرق نصي المادتين 318، 370 ويلزم تطبيقه.

([51]) د. أحمد فتحي سرور، مرجع سابق، ص101، وما بعدها، د. عمر سالم، مرجع سابق، ص59.

الاجتهاد القضائي تبنى كقاعدة عامـة مبـدأ التفسـير الضـيق للنصـوص العقابية الموضوعية، وهناك العديد من الأحكام القضائية التي أكدت هذا التوجه بالنص علـى أن النصوص الجنائية تفسر تفسيرا صارما والقضاة لا يستطيعوا في هذا المجـال التفسـير الواسع أو المنطقي ، والقانون الجنائي الفرنسي الجديد لسنة 1994 أكـد هـذا الاجتهـاد بالمادة 4/111 تنص على “القانون الجنائي يفسر تفسيرا صارماً”،

إلا انـه مـن الناحيـة التطبيقية عرف مبدأ التفسير الصارم للنصوص الجنائية صعوبات تختلف باختلاف طبيعة النص فيما إذا كان النص واضحاً أو غامضاً؛ أما التفسير في القواعد الشكلية على خلاف القواعد الموضوعية يعطي مجال أوسـع للقضاة لاعتماد طريقة التفسير المنطقي من منطلق أن البعض يـرى أن مبـدأ الشـرعية يشمل فقط الجرائم والعقوبات ولا يشمل النصوص الإجرائية التي تحكـم سـير الـدعوة العمومية

وعليه فان القضاة لا يجب أن يتقيدوا في تفسير النصوص الإجرائيـة بالطريقـة الضيقة أو الصارمة وإنما يمكنهم اعتماد أسلوب المنطق في التفسير أي اعتمـاد التفسـير الواسع شريطة أن لا يؤدي هذا التفسير للنصوص الإجرائية إلى الأضرار بالمتهمين، راجع أ. عثامنية لخميسي، مرجع سابق، ص13، وما بعدها.

([52]) د. عبد العظيم مرسي وزير، مرجع سابق، ص63، وما بعدها، د. حسنى الجندي، مرجع سابق، ص100، د. إبراهيم حامد طنطاوي، د. علي محمود حمودة، مرجع سابق، ص38، وما بعدها.

([53])د. إبراهيم حامد طنطاوي، د. علي محمود حمودة، مرجع سابق، ص35، د. عمر سالم، مرجع سابق، ص52، 53.

([54]) راجع: DRADEL(J.),Droit penal général ,CuJus,2002-2003,No181,p.175.

([55]) فنص الدستور المصري الصادر عام 2014 في المادة 192 منه علي أن” تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين، واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وفى تنازع الاختصاص بين جهات القضاء، والهيئات ذات الاختصاص القضائي،

والفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والقرارات الصادرة منها. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها”.

وقد نصت المادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 بأن” تتولي المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور

وذلك إذا أثارت خلافا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها”، وقد نصت المادة 33 من ذات القانون علي أنه” يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء علي طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية . ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره وما أثاره من خلاف في التطبيق ومدى أهميته التي تستدعى تفسيره تحقيقا لوحدة تطبيقه”، وقد نصت المادة 49 من ذات القانون علي أن يصبح هذا التفسير ملزما لجميع سلطات الدولة وللكافة بعد نشره في الجريدة الرسمية”

([56]) د. أحمد فتحي سرور، مرجع سابق، ص97، وما بعدها.

([57]) راجع قرار المحكمة الدستورية العليا المصرية في طلب التفسير رقم 1 لسنة 2 قضائية الصادر بتاريخ 17/1/1981.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف