الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الطابور السابع بقلم: عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2020-04-11
الطابور السابع بقلم: عادل بن مليح الأنصاري
الطابور السابع

( عادل بن مليح الأنصاري)

ربما لا نحتاج أن نتحدث عن مصطلح الطابور الخامس أو الطابور السادس , ففي صفحات الشبكة ما يغني عن ذلك , ولكن هل هناك مزيد من الطوابير التي تؤثر على سير الأحداث في أي بلد ؟ ولأي قوة تصل قدرتها على تغيير مجرى الأحداث ؟ .

الطابور الخامس كمصطلح " رغم ظهوره المبكر في التاريخ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي نشبت عام 1936 م " , قد يقتصر عمله السري غالبا أو الجاسوسي على مساعدة القوى الخارجية في تحقيق خططها لتتمكن من ضرب الداخل , أو ربما يعمل أحيانا بطريقة مكشوفة حسب قوة تنظيمه وكثرة أفراده , كما يتضح في بعض البلدان التي تمكن فيها هذا الطابور من إحداث القلاقل والفتن داخل بعض تلك الدول بشكل علني ومكشوف , ومن الغباء أن نشكك أو نتردد في ذكر البحرين واليمن كمثال على ذلك , ففي ذلك البلدان تحاول مجموعة لها توجه خاص من فرض هيمنتها ولو لحساب بلد خارجي (إيران) , لتغير النظام الشرعي والقائم في بلادهم بشتى الوسائل السرية والعسكرية وربما أحيانا التخريبية , هذا بالنسبة للطابور الخامس والذي غالبا ما يخضع لتنظيم معين وإرشادات خارجية وخطط مدروسة , وهذا الطابور يكون فاعلا على أكثر من صعيد , بدءا من إثارة البلبلة والإشاعات , ومرورا بزرع الفتن وإنشاء التنظيمات , وحتى تجهيز وحدات مقاتلة سرية انتظارا لتطور الأحداث وتصاعدها إذا لزم الأمر " كما حدث في اليمن " .

أما الطابور السادس فربما كانت ولادته ومكمن قوته وتطور فتوته , ظهر مع تفجر التقنية الحديثة وما أفرزته من وسائل التواصل التي غزت كل بيت في هذه الأرض , وتميزت برضوخها لكل أطياف المجتمع , رجالا ونساء , صغرا وكبارا , مثقفين ومعدومي الثقافة , عقلاء ومجانين , خبثاء وطيبين , ومن مميزاتهم أنهم ينقسمون بين مدرك لما يقوم به من تخريب لمجتمعه الداخلي لصالح أعدائه , أو ممن يسايرون الموجة الهائجة من المعلومات والتفاعلات دون قصد أو ربما جهلا منهم , أو هرولة خلف الإثارات والشهرة أو حتى إشغالا للفراغ بما لا يعرف نتائجه , ومن أهم الصور التي يساهم فيها هذا الطابور سواء من حيث يعلم أو لا يعلم , نشر الشائعات أو المساهمة في نشرها ولو من باب التسلية , خاصة تلك التي تمس القوة المعنوية للمجتمع أو ما فيها تقديم لمعلومات للعدو لم تكن لتصلهم لولا تلك الوسائل الاجتماعية , وكذلك نشر الرسائل والمقاطع المصورة التي تمس الحالة الأمنية أو السخرية من النظام أو المسئولين , أو بعض الأحداث التي قد يجد فيها العدو ثغرة قد يستخدمها بطريقة ما وفي وقت ما .
ربما كان هذا الطابور هو الأكثر زخما في وقتنا الحالي , ولكن مما يضعف من تأثيراته السلبية تنبه الأنظمة له ووضع الوسائل التي تحد من خطورته , سواء بتجهيز لجان مضادة , أو سن القوانين التي تجرم بعض تلك الممارسات , فكونت له الأنظمة في مختلف دول العالم مؤسسات مختصة زُودت بأحدث ما توصلت إليه أساليب السيطرة والاختراق والمتابعة الحديثة , كما رفعت الدول من مستويات الوعي الوطني والأمني لمواطنيها بشتى الوسائل الممكنة من تحذيرات ونشرات توعوية وعروض وثائقية تستهدف مرتادي تلك الوسائل , ولم تتردد كل الأنظمة من توجيه التهم المختلفة حسب مدى خطورة العبث بتلك الوسائل والزج لمن يتسبب بأضرار أمنية أو اجتماعية أو التعرض للعقائد وحتى الطائفية أحيانا في السجون , وليست قصة " جوليان أسانج " منا ببعيد .

ولكن هل هناك طابور سابع ؟

نعم وهو الطابور الوحيد الذي تكون له الكلمة الفصل , وهو الطابور الوحيد الذي إذا أشعل فتيله لن تنطفئ حتى تحقق ما أرادت , هو الطابور الذي قال عنه أبو القاسم الشابي :

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

إنه طابور الشعب , الذي يمسك زمام المبادرة الأخيرة وكما يقال هو من يضع النقاط على الحروف , إنه الطابور السابع الذي ظهر في تونس العام 2011 , والذي اشتعل مع البوعزيزي ولم ينطفئ حتى رحل النظام , وهو ذاته الذي أسقط مبارك في 25يناير في مصر , ثم اسقط القذافي في ثورة 17 فبراير , فاليمن والتي أجبرت علي صالح على التنحي , ثم السودان في 2019 حيث أسقطت البشير , ثم سوريا والتي لم يقمعها إلا التدخل الأجنبي , وربما يُعزى الفشل لبعض الثورات العربية كون الطابور السابع لم يكتمل نصابه كما حدث مع الثورات الكاملة في تونس ومصر والسودان واليمن وليبيا كما تابعنا وقتها , فقد كان الطابور السابع في تلك الدول متناغما مع بعضه في بوتقة واحدة وبروح واحدة ومطالب واحدة , حتى أن بعضها صاغ وقفته وكأنها لوحة فنية هادرة وقفت الأجهزة الأمنية الرسمية أمامها عاجزة تماما ولم تجد بدا من الرضوخ لهذا الطابور السابع .

إن الدرس الملهم الذي صاغه ذلك الطابور السابع أن الكلمة للشعب , ولكن الشعب الذي تعبر أطيافه بمختلف تنوعاتها عن رغبة واحدة , ومطالب محددة , وبصوت واحد بعيدا عن التخريب والاعتداء على حقوق المواطن والوطن .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف