الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الاقتباس القرآني في رواية "قد شغفها حبا" بقلم:خليل محمود الصمادي

تاريخ النشر : 2020-04-11
الاقتباس القرآني في رواية "قد شغفها حبا" بقلم:خليل محمود الصمادي
الاقتباس القرآني في رواية نردين أبو نبعة " قد شغفها حبا "*
خليل محمود الصمادي / الرياض
الاقتباس المباشر هو النقل الحرفي من المصدر ويكون من خلال استعمال علامتي التنصيص يضعها الكاتب خلال اقتباسه ولا بد أن يشير في الهامش إلى المصدر الذي اقتبس منه.
أما الاقتباس القرآني هو أخذ كلمات أو عبارات قرآنية مع التغيير فيها دون خروجها عن السياق المفهوم للآية الكريمة ، أو تضمين النص شيئا من القرآن الكريم لا على أنه منه ويجوز أن يُغيَّر في الأثر المقتبس قليلاً على أن يفهم القارئ أن الأصل آية قرآنية او جزء منها "
وقد عرف الاقتباس قديما وشاع في الشعر والنثر وقد أباح العلماء الاقتباس لا سيما في النثر إن كان لغرض نبيل وصحيح .
" قد شغفها حبا " وهي رواية إنسانية جمعت بين وداد وهيام وهما زوجتين لمقاومين فلسطينيين من رموز المقاومة وقادتها أحدهما الشهيد يحيى عياش الذي دوخ العدو الصهيوني في بداية الانتفاضة الأولى. وتأتي الرواية في ذكريات خطتها زوجتا شهيدين صورتا فيهما همجية المحتل الذي أذاق الناس البأس والهوان خلال الانتفاضة الأولى وفي الوقت نفسه مقارعة هذا المحتل عن طريق أبطال المقاومة. وقد حفلت الرواية بعدد من الفنون النثرية أهمها الاقتباس القرآني .
وهو في هذه الرواية يبدأ من العنوان " قد شغفها حبا " الذي يشير إلى قصة امرأة العزيز ويوسف عليه السلام في قوله تعالى : وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ يوسف (3) فامرأة العزيز قد شُغفت حبا بالنبي يوسف عليه السلام كما ردد نسوة المدينة .
وأما الفصل الأول من الرواية فجاء تحت عنوان " وداد ، يوسف الصديق " واستهلته بقولها : قد شغفني حبا .. غير أني لم أراود يوسف ، لم أقد قميصه من دبر ، لم أعط صويحباتي سكينا وأقل ليوسفي اخرج عليهن !" فمن الواضح أننا من خلال هذا الاقتباس القرآني الكريم نتهيأ أننا أمام رواية لامرأة عشقت يوسفها ولكن ليس عشقا كما عرفته امرأة العزيز؛ صحيح أنهما تشتركان في شغف يوسف ولكن شغف وداد بطلة القصة من العشق المباح لذا تجدها بعد ستة أسطر تقول : " أنا ويوسف نطوف حول كعبة العشق .. نسعى بين الصفا والمودة.." ولا شك أن هذه التراكيب بالإضافة إلى اقتباسها من القرآن الكريم تعطينا شفافية وروحانية في عشق البطل الذي نذر نفسه فداء لفلسطين والجهاد .
وأخير صارت وداد زوجة لحبيبها يوسف فهناك من استرق السمع عندما قالت أمها أمام جمع من الناس خلال إعجابها بهذا البطل ـ والله لو يطلب بنت من بناتي لأعطيه . فقد عزم يوسف على خطبتها والزواج منها لما عرف عن خصائل هذه العائلة التي ربت أولادها على التدين وحب فلسطين والمقاومة.
وتتابع وداد سيرتها مع حبيبها المقاوم يوسف وتقول في فصل " سدرة الحب " رسوت على شاطئه وأحرقت سفني ورميت نفسي في بحره الذي يصنع الأمواج عندما رأيته قلت :
" جاء الحب وزهق الحزن إن الحزن كان زهوقا " ولا شك أن القاري يدرك تماما أن الكاتبة اقتبست ذلك من قوله تعالى : { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }الإسراء 81. ففي اقتباسها هذا تصوير لحالتها النفسية التي خرجت من الحزن إلى الفرح ، الحزن الذي نشره المحتل في كل البلاد وأما الحب فهو يوسف الذي صار زوجها والذي يمثل رمز المقاومة وهو تشبيه موفق إذ شبه المحتل بالحزن والمقاومة بالفرح وأي فرح هذا الذي يكون يوسف رأس حربته؟ .
وفي الصفحة التالية من الفصل نفسه يقول يوسف لحبيبته وداد : " ياوداد عندي أمل بأن يسجد سحرة قومي ..لذلك لا بد أن ألقي عصاي، وعندي يقين بأن لي قدرة على شق بحر الوهن حتى يعبر شعبنا بسلام "
ولا شك أن هذا القول هو اقتباس من قصة موسى وفرعون كما صورها القرآن الكريم في أكثر من موضع ولكن الكاتبة وظفته في غاية الدقة ليعطي القارئ فصلا مختصرا عن الحالة الفلسطينية يومئذ فيوسف يعرف المشكلة والحل، فالمشكلة لبست في المحتل وحده بل في أعوانه أيضا ؛ أي سحرة قومي الذين رموا شباكهم مع المحتل وظنوا عن حسن نية أو سوئها أنهم يحسنون صنعا فأضحوا متعاونين ومخبرين ومنسقين أمنيين يسحرون الناس بخطاباتهم النارية الفارغة ، وأما الحل عند يوسف فهي العصا أي القوة والمقاومة وأما اليقين فهو النصر على العدو كما انتصر موسى على فرعون وجنوده .
وتتابع نردين روايتها وتصف حرب 2008 على غزة وتصور العدوان الوحشي هناك وتصف حالة الذعر والخوف الذي انتاب الأطفال والنساء والشيوخ تقول على لسان وداد " أرى الناس سكارى وما هم بسكارى ، هذا المشهد ليس غريبا علي .. قرأت عنه قبل ذلك ، إنه يوم القيامة " وجاء هذا التصوير في سورة الحج
{ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } "2"
ولعل نردين مولعة بقصة سيدنا يوسف ففي فصل القمصان الستة وهو تصوير العدوان الصهيوني الثاني على غزة فتصف امرأة غزاوية فقدت صغارها الستة بقذيفة لئيمة " تطاير أطفالها أمام عينيها .. رأت أحدهم والصاروخ يقسم جسده إلى قسمين ليصبح فتاتا كحبات القمح على أرض تحترق ! فأي اعتذار يليق بامرأة ابيضت عيناها من الحزن ؟" وتتابع سيرة الأم المكلومة والتي أصيبت بحالة نفسية فصارت كل يوم تنشر قمصان أولادها الستة على حبل قبالة البحر فتقول عنها " كيف استطاعت أن تنزع القمصان من جب يوسف وتنشرهم على الملأ ؟ كانت أما .. ولم تصدق رواية الذئب!! بل صدقت إحساس امومتها بأنهم أحياء عند ربهم .."
وفي منتصف الرواية وخلال تصويرها للشهيد يحيى تقول : " وعندما ضاقت الأرض على يحيى توجه إلى غزة والتقى بيوسف وصارا يعملان معا ..." فضاقت الأرض مقتبس من سورة التوبة بقوله تعالى :
{ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } (118)
وفي تصويرها لولادة وداد تكثف نردين استعاراتها القرآنية في أكثر من موضع :
" كل فلسطينية هي هاجر وستلد في واد غير ذي زرع .. ولكن زمزم ستنفجر تحت أقدامها" .
" عندما أجاءني المخاض إلى جذع المقصلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا "
" وبإصرار تحدى ظلمة الرحم ناداني من تحتي ألا تخافي وتحزني إنا رادوه إليك "
ولا شك أن القارئ سرعان ما يكتشف الآيات القرآنية التي تقصدها الكاتبة فخير الكلام كلام الله وغرض الاقتباس مفهوم معلوم يزيد النص رونقا وجمالا.
وكثيرة هي الاقتباسات القرآنية التي امتلأت بها رواية " قد شغفها حبا " ونكتفي بهذه الاستدلالات ، واللافت للنظر أن توظيف الكاتبة لهذا الاقتباس جاء في محله تماما ، فهو يعبر عن مواضيع كبيرة وأغلبها معروفة للقراء لأن معظم استدلالها مأخوذ من قصص قرآنية كقصة يوسف عليه السلام وقصة موسى وفرعون وقصة مريم عليها السلام .
وأما الغرض من الاقتباس القرآني عند نردين هو تجميل المعنى، فكأنه بذلك يكتسب صِدقية ما يقول، ثم لتنبيه المتلقي إلى ثقافة تسمد منها الكاتبة ثقافتها ألا وهي ثقافة الأمة الوسطية التي تتخذ من القرآن الكريم منهجا ، ولا شك أن هذا الأسلوب يقوي النص ويجعله يتداخل مع النص القرآني الشبيه بل يحببه إلى جمال الصياغة من خلال تشرب النص بالأصداء القرآنية .
خليل محمود الصمادي / الرياض
الكاتبة في سطور
وُلدت نردين عبّاس أبو نبعة 1971 في عمّان، أنهت الثانوية في الرياض/ السعودية سنة 1988، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الأردنية سنة 1992.
شغلت عضوية لجان التحكيم في عدد من مسابقات الأطفال، وشاركت في ورشات لتدريب الأطفال على كتابة القصص، إلى جانب ورشات لتدريب المعلمين في إمارة دُبَيّ بالإمارات لتفعيل حصة التعبير وتعليم كتابة القصة والمقالة عبر اللعب.
نالت جائزة تقديرية في مسابقة العودة التي نظمتها مؤسسة "بديل" برام الله سنة 2011 عن قصتها "سر الدراجة". صدر لها " قد شغفها حبا " و " رب إني وضعتها أنثى " ،
وهي عضوة في رابطة الكتّاب الأردنيين، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية/ مكتب الأردن .
* نشرت في مجلة رابطة الأدب الإسلامي عدد 106
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف