الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحب الصاخب عشوائيات في الحب – العشوائية 25 بقلم:د.سمير محمد أيوب

تاريخ النشر : 2020-04-10
كتب الدكتور سمير محمد ايوب
الحب الصاخب
عشوائيات في الحب – العشوائية 25 غ
فجأة ظهر أمامي وبتلقائية . بسبب وباء الكورونا ، كان احد المحجور عليهم . وكنت مديرة الاستقبال المناوبة في واحد من اشهر فنادق البحر الميت ، حين وصل مباشرة من مطار عمان الدولي بحافلات الجيش ، برفقة العشرات مثله . خلال اجراءات الاستقبال ، شعرت بأني اعرفه . إنجذبت اليه بشدة . شعرت دون سبب مقنع ، بأن شخصا مهما دخل حياتي و سيغيرها ، بطريقة لم استطع ادراكها في حينها . ولكن حدسي أكد لي ، بأنها ستكون رائعة ، توقظ جوانب كثيرة في نفسي .
كان نصيبه في غرف الفندق ،جناحا ارضيا مطلا على البحر . بعد العشاء تمشينا معا لساعات على الشاطئ المضاء . شعورعميق بالالفة تدفق بداخلي ، وانا بصراحة واندفاع كنت أحاوره . بدأتُ بعدها بلا وعي ، ودون اعتبارات مجتمعية ، ألاحِقه . حتى تدفق تجاهي . كنتُ اشعر بسعادة طاغية ، كلما ازددنا دراية ببعض .سرعان ما أدركت أنه ليس نصفي الافضل . ولكني تيقنت بأنه النصف المُكمِّل الذي أنتظره .
مع مرور الايام ، توالت اللقاءات في الكثير من مرافق الفندق . أخذ قانون الجذب والاندماج وضعه بشدة ، ارتفعت كثيرا درجات التخاطر الذهني بيننا . صرتُ اكثر صخبا ، منفتحة أمامه بشكل صريح وأمين . أنضجَ ما كنتُ أتجنبُ التحدّثَ عنه مع غَيرِه . فقفزت الكثير من الحواجز رغم اشكالية السن وأنا في منتصف الستين من عمري ، لأنصهر دون حذر ولا روية ، في حُبٍّ غير مشروط سريع الحركة . كان قد تبلور بيننا ، رغم قصر الفترة الزمنية لتعارفنا .
ساعدني بالطريقة التي يفكر بها ، على رؤية الأشياء في ضوء مختلف عن ذي قبل . إكتشفتُ أشياء لم أكن أعرفها عن نفسي . بِتُّ أقف أمام نفسي وأقابلها فيه ، فأرى في عينيه ، إجابات على اسئلة تدور حولي . لم يحدث أن كنتُ مع شخص يؤمن بصحة الكثير من الاشياء التي لدي . ضمَّدَ المكسورَ ، عزَّزَني وعزَّزَ الكثير مما كنت اعتقد . أيقظ فيَّ الشعور بالأمان . أطلق العنان لأفكاري ومعتقداتي ، بِتُّ أتحدث دون خشية من تعقيد الكلمات وفهمها الخاطئ ، تفاعله معي وتقبله لبعض اختلافاتنا ، زودني بشعور أقل من الكمال ، ولكنه أكثر كثافة من الحب والتوجس في آن .
تابَعَتْ حديثها معي عن بعد ، عبر شاشة حاسوبي ، وانا مُنصتٌ صامت ، قائلة : لم أكن في أي وقت مضى امرأة تطارد الرجال يا شيخي ، قبل أن ألتقيه كنت متميزة بقدر كبير من العقلانيّة . أظنّ نفسي صعبة المِراس ، لا يستطيع أحد تحريك عاطفتي . لكن كلما التقيته ، أصير اكثر رقة ، تستيقظ لدي عواطفُ صاخبة . وتبدأ الارض بالدوران من تحت قدمي . ولا أعود قادرة على التنبؤ بمسلكي في حضرته .
قلتُ بحذر شديد : مردُّ ذلك يا سيدتي ، أنّك كنتِ تقمعين هذه المشاعر والطاقة القويّة التي تميّزها . وأخيرا أتى الشخص المناسب ليُساعدك على ادراكها ، والشفاء من الكبت و القمع . إنه يدفعك إلى اكتشاف مزايا كامنة فيك ، لم تكوني تعرفينها من قبل . ألا يمكن القول ، أنه كاشف لاخفاقك في التعرف على ما تمتلكه نفسك ، ولم تكوني ترينه قبل مجيئه ؟! إنه ملهم يا سيدتي ، ومحفز للتغيير .
قالت بصوت مكسو بشيء من الحزن : ما تقوله صحيح . ولكن المشكلة أنه جاء في الوقت الخطأ غير المناسب . اقتحم مشاعري وانا غير مستعدة . ما ازال أعيش غمارعاطفتي مع زوجي يرحمه الله . بعد خمس سنين من رحيله ، كنت منغلقة عن الحب ، غير راغبة فيه . كنت اظن نفسي ناضجة وعلى قدر عال من الاتزان . ولكن تبين لي أني كنت أهجس بشخص يشبهه . وحين جاء شعرت بانجذاب قوي . حرر مشاعري بشدة . صرت اكثر عاطفية . استيقظت حواسي . وصرت غريبة الاطوار . صحيح أنني منبهرة بجنوني ، الا ان هناك صوتا في مؤخرة رأسي يحذر من شيء غير صحيح يعترض الطريق . يستجوب مشاعري باستمرار ويسألها ، فيما اذا كان حبنا حقيقيا . فأشعر بارباك يفرض علي أسئلة عديدة : لماذا الآن ، لما لم يأت قبل أن تتعقد الامور بهذه الكيفية ؟ ما هي الحكمة في ذلك ؟ اخبرني بالله عليك يا شيخي ، كيف أتخلص من هذا الشعور و من هذه الدوامة ؟
قلت : أمرك الى هنا عاديّ يا سيدتي . فاذا ما كان التوقيت خاطئا كما يبدو لك ، عليك قبل استشعار ألم ، الاختيار سريعا بين الانصياع لعلاقتك الجديدة ، او الهرب منها ومواصلة الاستغراق في علاقتك الهادئة مع المرحوم . رغم مواجع ارتطام هذه المواصلة بالفطرة. ولكن ، لا ينبغي الخلط بين الألم هنا ، والحب هناك . فالحب في العادة ليس مؤلمًا. و لكن كل ما يقف في طريقه ، يمكن أن يكون كذلك.
قالت : ليس هذا هو أسوأ ما في علاقتنا ، ولا السنين العشر التي أكبره فيها ، فعلى الرغم من خيوط التشابة بينا ،غير المرئية للعامة ، فإن علاقتنا ليست وردية وليست دائما سلمية . تحمل في أرحامها شيئا من الاختلاف المؤلم . تمرُّ بأوقات شاقة من الكر والفر ، تنقطع وتعود . رغم عمق الشغف الذي يجمعنا ، والعديد من التجارب المشتركة ، فإني أشعر بالحيرة وأنا احاور نفسي فيما اذا كان هذا الشخص هو من أريد ان اتابع معه ما تبقى لي من حياة . لا انكرك أني ممتلئة به ، والثقة وعدم الثقة به متشاطئان . كلما فارقته أحاول نسيانه فلا اقدر مهما كانت الاسباب ، بل اجد نفسي مطالبة دائما ، بتسويات موجعة لارجع اليه ، ونلتئم من جديد .
قلت : تمر مثل هكذا علاقة بالكثير مما يرهقها . أشدها ، محاولات الانسحاب والخروج ، الدخول والاندماج المتكررة . ليس لغياب الحب ، وانما عظمة الترابط ، تضعكما في علاقة مترددة ، يحتاج التخلص منها لجلسات استشفاء مركزة .
وجدير بالذكر ،وبغض النظر عن مكان تواجدكما في الحياة ، فأنتما لستما مجرد عشاق ، تجمعهم علاقة رومانسية او حميمية ، بل مُعلِّمان مُستنيران ، لمساعدة النفس على النمو . ولكن من المحبط أن تجدان نفسيكما في بعض الاحيان متكاملين وأحيانا مختلفين اكثر مما ترغبان ، ومطالبين بتسويات مستمرة لالتئام العلاقة واستدامتها .
قلت متابعا وانا انفث دخان اول لفافة لي : أنتما مثال حي رائع وحقيقي لثنائية الوجود . فعلى الرغم من حقيقة حبكما لبعض ، وتفهمكم لظروف الحياة ومتطلباتها ، وتقبلكم المرن لما يطرأ على علاقتكما ، تضيقون ذرعا بالشريك ، لقدرته على كشف اسوأ مخاوفكم ورغباتكم الخاصة ، فهو يعرف عنكم اشياء لا تعرفونها ، كأنكم روح واحدة في جسدين . بينكم حبل طاقيٌّ قوي تشعرون به وتعرفونه . ينبؤكم بمشاعر بعضكما ويبقي التخاطر الذهني قويا جدا بينكما .
قالت وهي تتناول فنجال قهوتها : كنت أظن أننا بمجرد العثور على توأم الروح ، نشعر بالتفاهم معه ، وبالراحة والأمان والاستقرار ، لانه يطابقنا بشكل مثالي .
قلت مقاطعا وانا اداعب الشيب فوق جبهتي : يرتكب الناس خطأ كبيرا يا سيدتي ، حين يعتقدون بأن شريكهم الموازي الصاخب ، هو توأم روحهم . هذا خلط وسوء فهم . علامات كل منهما ووظيفته ، تختلف اختلافا كبيرا .
توأم الروح انعكاس مثالي لروح متوافق معها حد التطابق . تشتركان في الكثير من النظرات الى الحياة . تشعر بالتفاهم والراحة معهم . ليس شرطا ان تجمع بينهما علاقة عاطفية . ويمكن أن يكون لشخص واحد عدة توائم روح . على عكس التوأم الموازي الصاخب ، فهو واحد فقط في كل الحياة . يرتبطان بعلاقة عاطفية غير مشروطة ، اساسها الشغف والالم . ومبنية على الكر والفر . يتقبلان الاختلاف بينهما مهما كان غريبا ، ولكن هذا الشريك في المحصلة ، ملهم لنا في اكتشاف جوانب نجهلها عن أنفسنا . ولعلمك ، إنتهاء مثل هذه العلاقة شبه مستحيل .
اطرقت راسها مبحرة في فنجال قهوتها ، وسرعان ما رفعته وهي تقول : والساعة تقارب السادسة في منطقة البحر الميت ، وقبل ان يعلن بدء الحظر عندكم في عمان ، من فضلك ، قل لي ما العمل يا شيخنا ؟
قلت وبسمة تتسع فوق وجهي : الحياة والموت يا سيدتي قدر ، والسعادة قرار . علينا ان نثق أننا لسنا وحدنا . فينا ومن حولنا ما يستحق العيش من اجله ، يتسع لنا وللتوأم معا ، يكفينا لنتوافق على اتقان عيشه ، بالمشاركة الايجابية الناضجة . فليس بالصراع وحده يحيا الانسان ، وبالقطع ليس بالحيرة العدمية ولا بالندية الساذجة .
الاردن – 8/4/2020
..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف