الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لندع عمال الخط الأخضر وشأنهم اليوم.. فلا أمل بمساعدتهم في شيء بقلم:إياد الرجوب

تاريخ النشر : 2020-04-09
لندع عمال الخط الأخضر وشأنهم اليوم.. فلا أمل بمساعدتهم في شيء بقلم:إياد الرجوب
لندع عمال الخط الأخضر وشأنهم اليوم.. فلا أمل بمساعدتهم في شيء

إياد الرجوب

معظم الدول المتقدمة علميا واقتصاديا وطبيا تؤكد أن أزمة كورونا ستستمر لفترة طويلة وغير معروفة، فما هي رؤية دولة فلسطين وحكومتها واحتياطاتها وخططها لتدبير شؤون حوالي 150 ألف عامل يعيلون أسرًا في مجموعها لا تقل عن مليون نسمة؟ خاصة أن الحكومة نفسها بدأت تستجدي وتطلب المساعدة منذ اليوم الأول للأزمة، وبعد ثلاثة أسابيع صارت تلمّح إلى احتمالية عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها على الأقل، فما هو مصير العاملين من أبناء الضفة داخل الخط الأخضر؟

كل مؤشرات الإصابة بالكورونا بشريًّا تدعو الشعب الفلسطيني للتفاؤل كمجتمع شاب مقارنة بعديد من الشعوب الأخرى، نظرًا لأن الفيروس قاتل –أحيانا- لكبار السن ومرضى ضعف المناعة فقط، ولا تدعو تلك المؤشرات للقلق اقتصاديًا على الإطلاق لهذا الشعب الفلسطيني بالتحديد، فقد أصبحت أغلبيته العظمى ضمن الطبقة الدنيا ذات الدخل المحدود والتي لم تفكر يوما في مجرد النظر لأسهم البورصة، بعدما تلاشت الطبقة الوسطى وتفرّدت طبقة صغيرة برأس المال، وهذه الطبقة الصغيرة تستطيع تحمل بعض الخسائر الاقتصادية للمرحلة الحالية بعدما بنت أبراجها الاقتصادية العاجية على مدى أكثر من عقدين سابقين.

وارتكازا على هاتين القناعتين في مبدأ الخسارة بشريا واقتصاديا، وبإضافة قناعة ثالثة إليهما متمثلة بالتأكيدات العالمية أن نسبة الإصابة المتوقعة بالفيروس ستكون 70%، فإن دولتنا الفلسطينية ممثلة بحكومتنا –التي نكن لها كل احترام وتقدير في ظل هذه الأزمة وقبلها وإن شاء الله بعدها- لا بد لها أن تساير المرحلة بما تستوجبه الحالة بالتوازي ما بين الصحي والمعيشي والاقتصادي، خاصة أنها تقولها لنا يوميا، إنها غير قادرة على توفير العلاج، وهي معذورة في ذلك، كما أنها باتت غير قادرة على صرف مبالغ مالية لأسر العمال تكفيهم لشراء احتياجاتهم اليومية، في الوقت الذي أصبحت فيه عبارات مثل "يرجى عدم الإحراج، فالدين ممنوع قطعيا، والبيع نقدا" معلقة في جميع محلات الخضار والفواكه والملاحم والبقالات والمخابز، وفوق كل هذا وذاك تدعونا وزيرة الصحة لتقوية مناعتنا ضد الفيروس بـ"الإكثار من أكل اللحوم والخضار والفواكه".

كثير من العمال أرباب الأسر الكبيرة توقفوا عن الذهاب لعملهم داخل الخط الأخضر منذ اكتشاف أول 7 إصابات في بيت لحم وإعلان حالة الطوارئ، وما زالوا ملتزمين قراهم وبلداتهم وبيوتهم حتى اليوم، ولم يكن لديهم من المال ما يكفي معيشتهم أسبوعا واحدا، رغم حاجتهم لألفي شيكل شهريا كحد أدنى لتدبر شؤون معيشتهم من طحين وسكر وأرز وزيوت وخضار وفواكه ولحمة وغاز وكهرباء وحليب أطفال وحفاظات وعيادات أطباء، وكلها أصبحت نقدا، وها هم منذ 35 يوما لم يدخل جيوبهم شيكل واحد، ورئيس الوزراء يدعو العمال للعودة إلى بيوتهم ويقول بعد 25 يوما على حالة الطوارئ: "من المبكر جدا الحديث عن أزمة، ...، والعمال داخل أراضي عام 1948 سيعودون معهم رواتبهم"، علما أن ما يقارب نصف العمال لم يذهبوا لعملهم أصلا، ويمكن لكل قارئ أن يستعرض حجم توقف عمال بلده عن عملهم منذ اليوم الأول ليتأكد من النسبة.

السؤال الأهم الآن: من أين سيأتي العامل بكل هذه الاحتياجات –نقدا- في ظل انعدام الأفق بنهاية قريبة لهذه الجائحة؟ مع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة ما صرّحت به محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام: "أنا بقولش للعامل اقعد في دارك وموت من الجوع، مهو وهو يشتغل مش قادر يطعم أهله"؟ إذن فكيف بهذا العامل رب الأسرة وهو منذ 35 يوما لم ترحمه الحكومة ولم تتركه يذهب ليبحث عن رحمة ربه؟

العامل داخل الخط الأخضر يختلف كليا عن باقي أبناء الشعب الفلسطيني، فالموظفون الحكوميون لهم رواتب شهرية محفوظة وستصرف عاجلا أم آجلا، وموظفو وعمال القطاع الخاص أكدت الحكومة على وقفتها معهم بالضغط على مشغليهم لصرف نصف راتب شهريا كحد أدنى (بمعنى أن أي ديون تتراكم ستسدد عند صرف الرواتب)، وأسر الشهداء والجرحى تُصرف لهم المخصصات كأولوية، والأسر المستورة تصرف لهم الشؤون الاجتماعية مخصصات ومعونات وأسماؤهم مدرجة على قوائم الأسر التي توزّع عليها المساعدات إذا ما كانت هناك مساعدات.

أما العامل داخل الخط الأخضر فإن لم يعمل نهارا فإنه سيبيت ليلته دون عشاء، وقوت يومه معدود بالساعات، وقد تركته الحكومة -على مدى عقود- لقمة سائغة لمصيره المحتوم بالابتزاز والمخاطر يوميا، سواء في الإذعان لسمسار التصاريح وابتزازه 2500 شيكل شهريا من كل عامل، أم في التهرب للوصول إلى مكان عمله وحمل روحه على كفه، أم في الاضطرار للعمل في ورشات بناء المقاولين دون توفر وسائل السلامة وسقوط بعضهم ووفاتهم، وإصابة آخرين ونقل مقاوليهم إياهم للعلاج في مستشفيات فلسطينية لئلا يدفعوا تكلفة علاجهم للمستشفيات الإسرائيلية وتثبيت تعويضاتهم عن الإصابة.. في ظل كل ذلك ماذا فعلت الحكومة على الأقل في موضوع ابتزاز سماسرة التصاريح لهم شهريا؟ وها هي الحكومة اليوم تطلب منهم العودة لبيوتهم ولم تتطرق لموضوع الـ2500 شيكل التي سيدفعها العامل لسمسار التصريح شهريا سواء اشتغل أم جلس في بيته، وهذا بالطبع غير الالتزامات المالية الشهرية لمؤسسات الإقراض التي أطلق لها العنان رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض في إغراء الشعب الفلسطيني تحت سياسة "طوّر حياتك"، فغدا الشعب كله رهينة للبنوك وتلك المؤسسات، بصرف النظر إن كان موظفا أو عاملا، وجاء الموتورون بعد هذا كله ليقولوا: "الناس ورطوا حالها في القروض".

آن للحكومة أن تترك العمال وشأنهم يقررون ما يناسبهم بعيدا عن الإملاءات، فمن العمال من يحملون الشهادات العليا ونسبة كبيرة جدا يحملون البكالوريوس والدبلوم وآلاف منهم كانوا متفوقين وأذكياء وأوائل في صفوفهم المدرسية والتوجيهي لكن ظروفهم المادية لم تسعفهم في الالتحاق بالجامعات، وكفاءتهم الذهنية تؤهلهم لمعرفة ما يناسبهم للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر البشرية والمادية، أما الأسئلة البلهاء التي يرددها الموتورون من قبيل: لماذا لم يدخر العمال الذين يتلقون آلاف الشواكل شهريا أموالا ينفقون بها على أنفسهم في هذه الأزمة، فهذه الأسئلة اليوم هي نوع من التنصل من المسؤولية، لأن ما حصل حصل، وعمالنا اليوم في أزمة لا بد لها من حل، ومن الأولى أن تُوجه تلك الأسئلة للموظفين الحكوميين الذين لم يخسروا شيكلا واحدا منذ التحقوا بوظائفهم، على عكس العمال الذين يتنقلون من مقاول لمقاول ومن مهنة لأخرى ومن مشغّل لمشغّل بعد أن نصب عليهم هذا، وماطلهم ذاك وابتزهم، وخصم عليهم آخر نصف أجرتهم لأخطاء في العمل.

يكفي العامل أن جار الزمان عليه، فلا داعي لأن نجور عليه جورًا إضافيا، وهو الذي لم يكلف الحكومة -من قبل- شيكلا واحدا في حياته، وهو أيضا لا يطلب منها، ولا هي قادرة على ان تعطيه ولا أن تحميه، كل ما يريده أن يعيش بتعبه وعرق جبينه، وهو يتكفل بمواجهة مصيره مع الكورونا، لأن الحكومة أولا وأخيرا لن تفعل له شيئا حال إصابته، مع التأكيد على ضرورة أخذ كافة الاحتياطات للتقليل من خطر العدوى قدر الإمكان، وتجنب مخالطة المشتبهين، فإذا أصيب بالكورونا -وهذا وارد في أي لحظة- لا سمح الله، فاتركوه يكمل حياته كما هي، مع تجنب الاحتكاك بالناس لئلا ينقل العدوى لهم، أما بالنسبة لإصابته، فهي "شدة وبتزول، واللي عمره واحد بصيرش اثنين".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف