رسالةٌ منَ المُعتقل
إلى طفلتي الحبيبة
أعلم أن رسالتي هذه ستُصيبُ عقلكِ بالصدمةِ والدهشة وأُدرك ما معنى أن تصلَ رسالةٌ من رجلٍ ميّتٍ منذُ سنينَ طويلة
انتظرتُ طويلًا حتى حصلتُ على فرصةٍ ذهيبة استطعتُ من خلالها إرسالَ رسالتي هذه والتي كلّفتني ما لا يتخيّلُهُ عقلٌ من التعب والجهد والمخاطرة
لا أعلم كيفَ قضيتِ حياتك وأنا بعيدٌ عنكِ منذ أن كنتِ في أيامكِ الاولى ولا أعلمُ كمْ عانيتِ أنتِ وأُمُّك في ظلِّ غيابي
يا يتيمةَ الأبِ الذي لم يمُت
يا حبيبةَ الرجل الذي لم تقابليه يومًا
يا من كنت سببَ صبرهِ على تحمُّل الحياة
يا أميرتي التي لم أرآها
طيفكِ لا يفارقُ خيالي و صوتك الذي لم أسمعه إلا باكية يُرافقني حينَ تشتدُّ السّياطُ على ظهري
سبعَ عشرةَ سنةٍ سُرقتْ من حياتي بعيدًا عنكِ
سبعَ عشرة سنة وأنا قابعٌ خلفَ قضبانِ الظلام
في غَيَاهبِ السّجون أو رُبَّما القبور
سبعةَ عشرَ عامًا في الغربة داخلَ قضبانِ القهر
حبيبتي
إنَّ كلَّ ما أتمناهُ في حياتي أن أرى وجهكِ أو أسمع صوتك فكم جالَ في خيالي صوتك يُنادي بابا
كم أتمنى احتضانكٍ ولو لمرةٍ واحدة أنسى فيها ما مرّ عليّ في سنين المعاناة
لو أنني أستطيع أن أطبعَ قبلةً على جبينكِ تشفي روحي من آلامها
لو أنني أستطيع أن أُقبّل يديك الناعمتين
أو على الأقل أن أبقى في ذاكرتكِ وأن أعودَ إلى تلافيف دماغك بعد أن مِتُّ قبلَ أن أحيا بها أصلا
كم أخشى أن أغادرَ الحياةَ دون تحقيق رغبتي بلقائك ودون أن أشتمَّ رائحتكِ و دونَ أن أتأمّلَ وجهكِ
حبيبتي الصغيرة التي أصبحتِ كبيرة
لا شيء يُغريني في الحياة إلا أنتِ وكأنَّ الحياةَ أنتِ
الحزنُ ينهشُ جسدي والهمُّ يُذيب قلبي ولا راحةَ لي إلا بلقائك يا جميلتي الصغيرة
بقلم: رامز بركات
إلى طفلتي الحبيبة
أعلم أن رسالتي هذه ستُصيبُ عقلكِ بالصدمةِ والدهشة وأُدرك ما معنى أن تصلَ رسالةٌ من رجلٍ ميّتٍ منذُ سنينَ طويلة
انتظرتُ طويلًا حتى حصلتُ على فرصةٍ ذهيبة استطعتُ من خلالها إرسالَ رسالتي هذه والتي كلّفتني ما لا يتخيّلُهُ عقلٌ من التعب والجهد والمخاطرة
لا أعلم كيفَ قضيتِ حياتك وأنا بعيدٌ عنكِ منذ أن كنتِ في أيامكِ الاولى ولا أعلمُ كمْ عانيتِ أنتِ وأُمُّك في ظلِّ غيابي
يا يتيمةَ الأبِ الذي لم يمُت
يا حبيبةَ الرجل الذي لم تقابليه يومًا
يا من كنت سببَ صبرهِ على تحمُّل الحياة
يا أميرتي التي لم أرآها
طيفكِ لا يفارقُ خيالي و صوتك الذي لم أسمعه إلا باكية يُرافقني حينَ تشتدُّ السّياطُ على ظهري
سبعَ عشرةَ سنةٍ سُرقتْ من حياتي بعيدًا عنكِ
سبعَ عشرة سنة وأنا قابعٌ خلفَ قضبانِ الظلام
في غَيَاهبِ السّجون أو رُبَّما القبور
سبعةَ عشرَ عامًا في الغربة داخلَ قضبانِ القهر
حبيبتي
إنَّ كلَّ ما أتمناهُ في حياتي أن أرى وجهكِ أو أسمع صوتك فكم جالَ في خيالي صوتك يُنادي بابا
كم أتمنى احتضانكٍ ولو لمرةٍ واحدة أنسى فيها ما مرّ عليّ في سنين المعاناة
لو أنني أستطيع أن أطبعَ قبلةً على جبينكِ تشفي روحي من آلامها
لو أنني أستطيع أن أُقبّل يديك الناعمتين
أو على الأقل أن أبقى في ذاكرتكِ وأن أعودَ إلى تلافيف دماغك بعد أن مِتُّ قبلَ أن أحيا بها أصلا
كم أخشى أن أغادرَ الحياةَ دون تحقيق رغبتي بلقائك ودون أن أشتمَّ رائحتكِ و دونَ أن أتأمّلَ وجهكِ
حبيبتي الصغيرة التي أصبحتِ كبيرة
لا شيء يُغريني في الحياة إلا أنتِ وكأنَّ الحياةَ أنتِ
الحزنُ ينهشُ جسدي والهمُّ يُذيب قلبي ولا راحةَ لي إلا بلقائك يا جميلتي الصغيرة
بقلم: رامز بركات