الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إبراهيم ملحم ومكالمة الرئيس بقلم: منجد صالح

تاريخ النشر : 2020-04-09
إبراهيم ملحم ومكالمة الرئيس بقلم: منجد صالح
إبراهيم ملحم ومكالمة الرئيس ... وحسن المقام والمقال

أستطيع أن أقول أنني أعرف الأستاذ إبراهيم ملحم قليلا، معرفة عن بعد، من على سطح زرقة المياه العذبة، لم أغص في معرفته عميقا في البحر. لا أدّعي معرفة قوية أو صداقة معه، لكنني "خبرته"، "من وراء ظهره"، دون أن يدري، في موقف متكرر، شدّ إنتباهي، وأعجبني، وأكبرت فيه التواضع وحسن التصرّف والخُلق.

بعد أن أصبح ناطقا بإسم مجلس الوزراء، عن جدارة وإقتدار، صادفته عدة مرّات يدخل إلى مكتبة صغيرة، صغيرة جدّا ومتواضعة، لكنّها "كخابية" أيام زمان تجد فيها كُلّ ما تحتاج من تقديم خدمات متعدّدة، مكتبة أبي هادي في قرية أبو قش، الملاصقة لبلدة سردا، في الطريق الشريان الرئيس "المدبوز" دائما بالمركبات المسافرة من رام الله الى بير زيت وشمالا حتى جنين وبالعكس.  

يدخل إلى المكتبة وأنا جالس بجانب ابي هادي بحكم القرابة، يُلقي السلام بصورة لبقة وغاية في التهذيب ويطلب "حزمة" لتعبئة رصيد في جوّاله، ربما جوّاله الشخصي. يحصل على الحُزمة  الخدمة السريعة من أبي هادي، يدفع ثمن الحُزمة بإبتسامة لطيفة، ثم يسلّم ويغادر.

ربما يعتقد البعض أن الموضوع بسيط وعادي، وهو بالفعل بسيط وعادي ولكن على شخص بتواضع ودماثة خلق الأستاذ إبراهيم، الذي من الواضح أن المنصب الهام الذي تبوّأه لم يغيّره ولم يُغيّر من عاداته وطباعه ومعتقداته الصحيحة النزيهة مئة بالمئة.

الساحة الفلسطينية "تعجّ" بالمسؤولين، أصحاب الياقات البيضاء وربطات العنق الحمراء والزرقاء والوردية، قيادات وصلوا الى مناصبهم بالجد والعمل والمثابرة، لكننا نحتاج لمزيد من "الإبراهيم" في مؤسساتنا الوطنية وعلى شاشة تلفزيون فلسطين وغيرها من شاشات تلفزيونات الوطن. مسؤولون يُعبّئون بذاتهم جوّالاتهم الشخصية بحُزم ورصيد على حسابهم ويدفعون ثمنها من جيوبهم، من حرّ مالهم، من رواتبهم.

في الأسابيع القليلة الماضية أصبح الاستاذ إبراهيم ملحم "نجما" تلفزيونيا. طلّته المُحبّبة، صباحا ومساء، تبعث التفاؤل في نفوس المواطنين المشاهدين المُتلهّفين المُتأهّبين لمعرفة المزيد وكل ما هو جديد، مع أنّه يتحدّث في طلّاته عن موضوع فيروس الكورونا، وتطوّراته ومدى إنتشاره أو إنحساره. لكن هل لدى المواطنين القابعين في بيوتهم، الملتزمين فيها شيء أهم من ذلك؟؟!! بناء على تعليمات الحكومة وبناء على وازعهم وحرصهم على سلامتهم وسلامة احبّتهم ورغبة في محاصرة الفيروس. فكورونا فيروس "إجتماعي حميم" يحب التجمّعات والتجمّهرات والمصافحة والعناق والقُبل.

ومن اجل مكافحته والتغلّب عليه يجب حرمانه مما يحب و"يعشق". إلغاء التجمّعات والإجتماعات والإكتظاظ. وإلغاء السلامات الحميمة والمودّة المُضطردة حين اللقاء. والإكتفاء بالسلام برفع اليد أو ضم اليدين والإيماءة على الطريقة الهندية أو الإنحناء على الطريقة الصينية أو السلام غمزا بالعيون وتحريك الحواجب والجفون.

تلقّى الأستاذ إبراهيم ملحم مكالمة هاتفية لطيفة من الرئيس أبو مازن. الرئيس يُتابع ويطمئّن على احوال الرعيّة. الرئيس والدُنا جميعا. يتدثّر بحق بعباءة الوالد الحنون الحاني على بناته وأولاده، يُراعيهم ويطمئّن على صحّتهم وسلامتهم وأحوالهم في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها شعبنا، جرّاء ضائقة فيروس الكورونا، الذي "يكتسح" نواة وجنبات الكرة الارضيّة، عالمها القديم والجديد، طولا شمالا، متعامدا مع خط غرينيتش، من كندا وبريطانيا وشمال أوروبا وسيبيريا وشمال الجزر اليابانية، وحتّى جنوبا جنوب التشيلي والارجنتين وجنوب جنوب أفريقيا ورأس الرجاء الصالح وجنوب شرق آسيا وأستراليا وأقيانوسيا. وعرضا موازيا لخط الإستواء، شرقا من الجزر اليابانية وحتى الغرب الأمريكي المتوحّش في كاليفورنيا وتكساس وسان فرنسيسكو ولوس أنجيلوس.

أمّا سفينة أبي إبراهيم، بربّانها الماهر الهمام الكريم، د. محمّد أشتيّه، فتمخر عباب البحر، منذ ربيع العام الماضي، بسلاسة وقيافة، تحرسها عناية الرب وحفظه. وعندما واجهتها صخرة وباء الكورونا، قرعت الجرس مبكرا وعدّلت من خط سيرها معلنة حالة الطواريء وفردت أشرعة أذرعها الصحيّة والأمنية، منذ أكثر من خمسة أسابيع، في ربوع الوطن، لمجابهة الفيروس ومحاصرته، كي تمرّ هذه "الزوبعة" بأمان وبالله المُستعان.

خلّية نحل تعمل ليل نهار، على مدار اليوم والأسبوع والشهر، جنود معلومون ومجهولون يعملون في صمت لخدمة شعبنا لا للإشهار ولا للإبهار، وإنما لحماية الأخ والصديق والجار. مستعينيين بالمُتوفّر والموجود وبتكافل شعبهم وقدرة العزيز الجبّار. هذا أمر الله لا مهرب منه ولا مفرّ، إلا بالوقاية وإلتزام الدار، وبقدرتك يا إلهي ستنقشع عنّا الغمّة وستتدفّق علينا السعادة كالأنهار.

الدولة تعمل بكامل طاقتها وطاقمها لحماية شعبنا من هذا الوباء. "الجيش الأبيض" متأهّب في كل المستشفيات والمواقع الصحيّة لتقديم التطبيب الواجب. حمام أبيض يرفرف في سماء وعلى حواري الوطن وينثر ياسمينا وزنبقا وطمأنينة وشجن، جاهز للفحص والحجر وتقديم العلاج والإستشارة ومتابعة الحالات في المراكز وفي البيوت، ولإنقاذ بعض من عُمّالنا يصيبهم المسّ على يدي المحتل الغاصب اللئيم المعتدي، فيحذفونهم على حصى أرضية الحواجز لمجرّد شبهة إصابتهم بالفيروس.

وشباب الأمن الوطني والشرطة والمخابرات والأمن الوقائي وكافة الأذرع الأمنية الوطنية بذلت الجهد وراء الجهد المُقدّر المشكور، وأبلت بلاء حسنا، منذ البداية، تحت زخّات المطر وزمهرير ليالي الشتاء الباردة القارصة، في بيت ساحور وبيت جالا وبيت لحم، مهد سيدنا عيسى المسيح، يسوع الناصري الفلسطيني، أوّل المُعذّبين والمصلوبين على هذه الأرض المباركة، التي بقيت شامخة بتينها وزيتزنها وعنبها. تزيّن جبالها، من جبال الكرمل وجبال عيبال وجرزيم و"جبال النار" الى جبال الخليل، خليل الرحمن.

وبحر عطر بيّارات ساحلها، بيّارات البرتقال والليمون والمندرينا والكلامنتينا والجريب فروت، في يافا وحيفا وعكّا وصفد، إمتدادا الى غزّة ودير البلح ورفح. وغور نهر الأردن واريحا، الواحة الخضراء الغنّاء وتربتها السمراء الخصبة، بموزها وبلحها والأناناس، اقدم مدينة في التاريخ، مدينة القمر. كان قد إكتسحها يوشع بن نون بجنوده وأعمل السكين في اهلها فذبحهم عن بكرة ابيهم كبيرههم وصغيرهم شيوخهم ورجالهم ونسائهم ولم بُيق منهم حيّا حتى رضيعا "مُقمّطا" بالسرير. وفوق ذلك أعلنوا عن أريحا "مدينة ملعونة".

أعتقد أننا نسير في الطريق الصحيح في مجابهتنا لهذا الفيروس الطارئ الذي لا يُرى بالعين المجرّدة. وقد حازت إجراءات الحكومة الوقائية على إعجاب وحمد منظّمة الصحة العالمية وعلى إستحسان ودعم المواطنين والتكافل والتكامل والتضامن. وهذه من ضروريّات وأساسيّات "المعركة" ضد هذا "العدوّ" غير المرئي.

لكن مكامن الحذر والخطر تأتي من الإحتلال البغيض، الإحتلال المرئي الجاثم على صدورنا، المُخترق لقمحنا ودقيقنا، يُقنن الهواء المار أمام أنوفنا ويحجز عنّا مياهنا. لا يُعطينا "هدنة" ولا فسحة لإلتقاط أنفاسنا حتّى في هذه الظروف العصيبة والمشحونة على مستوى العالم اجمع، فتارة يعتقل وزير القدس وتارة يعتقل محافظ القدس وأخرى يعتقل شبابنا في القدس لمجرّد مبادرتهم بتعقيم شوارعهم وساحاتهم وملاعب اطفالهم. "المحتل لا يرحم ولا يُريد أن تنزل علينا رحمة ربّنا".

نتكاتف ونتكامل ونتضامن من أجل هزيمة فيروس الكورونا، لكن الخطوة التالية، وبمزيد من التكاتف والتضامن والتكامل والوحدة، يتوجّب توجيهها لمجابهة فيروس المحتل الغاصب حتى دحره وتحقيق حقوقنا المشروعة ونيل السيادة والإستقلال.        
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف