الخروج من الظلام
في طفولتي نشأتُ في مجتمع وعائلة متدينة ومحافظة، وكثيرا ما تربّيتُ على الخوف. الخوف من نار جهنّم، من غضب الله وعقابه، من الشيطان اللعين وشر أفعاله، من الجنّ التي تخرج للأولاد عند المساء الخ...
الخوف كان جزءًا لا يتجزّأ من كياني.
كنت أخاف من أمي، جدتي، عمتي، معلماتي، من الله... وحتى من بقرات أبرغ، صديق جدي، التي كانت تمرّ من حارتنا كل يوم، في طريق عودتها إلى بيتها، عند حلول المساء. كنتُ أخاف ألا أفلح في أن أكون كما يجب.
أحيانا، كانت تراودني الكوابيس في الليل، عن بقرات أبرغ التي تريد افتراسي، عن الجنّ المخيفة التي تريد الانقضاض عليّ، عن أمي الغاضبة لأني فعلتُ شيئا ما أو لم أفعل.
ولكن، رغم كل ذلك، كنتُ أحلم أحيانا كثيرة في طفولتي أنني أطير! أرفع يدي إلى جانبي ببساطة، وأرتفع عن الأرض وأحلّق في السماء، أتأمّل الجميع من الأعالي فيداخلني شعور رائع.
مرّت الأيام، وانقضت السنون.
بدأتُ أهتمّ خلال صباي بقراءة الكتب، وبداخلي نبت طموحٌ للتعلّم، للعمل، للنجاح ولأكون امرأة ذكيّة وجميلة، مثيرة للإعجاب.
أذكر مرة، خلال تلك الفترة، سألتني صديقتي التي كانت مقربة: بأي عمر أريد الزواج؟
أجبتها: ربما بعمر 24 تقريبا.
تعجّبت، فقد كان ذلك العمر متأخرا كي تتزوج المرأة في تلك الأيام في قريتنا. لكنني في ذهني رأيتُ نفسي منذ ذلك الوقت، أدرس في الجامعة، أبدأ العمل ثم أفكّر في الزواج.
وكذلك كان فعلا.
هل كان ذلك تصرّفا صائبا؟ ذلك ما لا أستطيع أن أعرف، فقد وجدتُ نفسي في عمر العشرين، قبل دخولي الجامعة مباشرة، وجها لوجه أمام إمكانية الزواج بشاب ممتاز من القرية، أبدى الاهتمام بي. لكنني كنت منشغلة عنه بأمور أخرى حتى سرعان ما وجدته ينسحب.
الحياة تمنحنا الفرصة مرةً واحدة، إن لم نأخذها لن تعود، فالحياة لا تعدنا أن تمنحنا الفرصة ذاتها مرةً ثانية.
ولكننا نستطيع دائما أن نبحث عن الفرص بأنفسنا، دون أن ننتظر الحياة ولا أي أحد في العالم أن يعرضها علينا.
أؤمن بذلك اليوم. لكنني لم أكن دائما خلال سنوات حياتي أفكّر وأتصرّف وفق ذلك.
سنوات طويلة كنتُ أخاف من التغيير.
كنتُ أظنّ أن عليّ أن أكمل الطريق الذي عُيّن لي وعليه نشأتُ.
كنتُ أريد أن أثبت لنفسي أولا، وللجميع أيضا، أن لا شيء يمكنه أن يغيّرني ويخرجني من الطريقة التي تربّيتُ عليها.
ولكن، مع السنين تعلّمتُ أن التغيير ليس شيئا سلبيا دائما. أحيانا يدلّ التغيير على النضج والتقدم.
خلال السنين، تعلمتُ بنفسي أشياء كثيرة ومختلفة عما علّموني في صغري. لم أعد أؤمن بأشياء كثيرة تعلّمتُها ولم أعد أفكّر في العديد من الأمور التي كانوا يقولونها لي أو يقصّونها عليّ.
خرجتُ بذهني من ذلك العالم الذي أراد استعبادي لأفكاره ومعتقداته التي انتقلت من جيل إلى آخر دون أي جهد للتفكير المختلف، أو لتغيير شيء.
تحرّرتُ من ذلك العالم الذي يحدّد طريقا واحدا للتفكير والفعل، من ذلك العالم الذي أراد منعي من التفكير، ربما، بوجود طريق آخر.
تعلّمتُ أنني لا ينبغي أن أقبل الأمور كمسلّمات، وتعلّمتُ أن أؤمن بإعمال العقل، بالمنطق والإحساس.
ما زلتُ إلى اليوم أعيش في العالم الذي ولدتُ وترعرعتُ فيه، لكنّني بنيتُ لنفسي عالمي الخاص، الذي يختلف عن العالم المحيط بي، عالمي الذي لا يعرف عنه أحد، أفكّر فيه وأتصرّف حسب معتقداتي، أفكاري وأحاسيسي.
تعلّمتُ أن أفضل طريقة لفعل الأشياء هي المحبة، وليس التخويف والترهيب، فإن لم نكن نحبّ ما نفعل فلا جدوى إذن من فعلها.
في طفولتي نشأتُ في مجتمع وعائلة متدينة ومحافظة، وكثيرا ما تربّيتُ على الخوف. الخوف من نار جهنّم، من غضب الله وعقابه، من الشيطان اللعين وشر أفعاله، من الجنّ التي تخرج للأولاد عند المساء الخ...
الخوف كان جزءًا لا يتجزّأ من كياني.
كنت أخاف من أمي، جدتي، عمتي، معلماتي، من الله... وحتى من بقرات أبرغ، صديق جدي، التي كانت تمرّ من حارتنا كل يوم، في طريق عودتها إلى بيتها، عند حلول المساء. كنتُ أخاف ألا أفلح في أن أكون كما يجب.
أحيانا، كانت تراودني الكوابيس في الليل، عن بقرات أبرغ التي تريد افتراسي، عن الجنّ المخيفة التي تريد الانقضاض عليّ، عن أمي الغاضبة لأني فعلتُ شيئا ما أو لم أفعل.
ولكن، رغم كل ذلك، كنتُ أحلم أحيانا كثيرة في طفولتي أنني أطير! أرفع يدي إلى جانبي ببساطة، وأرتفع عن الأرض وأحلّق في السماء، أتأمّل الجميع من الأعالي فيداخلني شعور رائع.
مرّت الأيام، وانقضت السنون.
بدأتُ أهتمّ خلال صباي بقراءة الكتب، وبداخلي نبت طموحٌ للتعلّم، للعمل، للنجاح ولأكون امرأة ذكيّة وجميلة، مثيرة للإعجاب.
أذكر مرة، خلال تلك الفترة، سألتني صديقتي التي كانت مقربة: بأي عمر أريد الزواج؟
أجبتها: ربما بعمر 24 تقريبا.
تعجّبت، فقد كان ذلك العمر متأخرا كي تتزوج المرأة في تلك الأيام في قريتنا. لكنني في ذهني رأيتُ نفسي منذ ذلك الوقت، أدرس في الجامعة، أبدأ العمل ثم أفكّر في الزواج.
وكذلك كان فعلا.
هل كان ذلك تصرّفا صائبا؟ ذلك ما لا أستطيع أن أعرف، فقد وجدتُ نفسي في عمر العشرين، قبل دخولي الجامعة مباشرة، وجها لوجه أمام إمكانية الزواج بشاب ممتاز من القرية، أبدى الاهتمام بي. لكنني كنت منشغلة عنه بأمور أخرى حتى سرعان ما وجدته ينسحب.
الحياة تمنحنا الفرصة مرةً واحدة، إن لم نأخذها لن تعود، فالحياة لا تعدنا أن تمنحنا الفرصة ذاتها مرةً ثانية.
ولكننا نستطيع دائما أن نبحث عن الفرص بأنفسنا، دون أن ننتظر الحياة ولا أي أحد في العالم أن يعرضها علينا.
أؤمن بذلك اليوم. لكنني لم أكن دائما خلال سنوات حياتي أفكّر وأتصرّف وفق ذلك.
سنوات طويلة كنتُ أخاف من التغيير.
كنتُ أظنّ أن عليّ أن أكمل الطريق الذي عُيّن لي وعليه نشأتُ.
كنتُ أريد أن أثبت لنفسي أولا، وللجميع أيضا، أن لا شيء يمكنه أن يغيّرني ويخرجني من الطريقة التي تربّيتُ عليها.
ولكن، مع السنين تعلّمتُ أن التغيير ليس شيئا سلبيا دائما. أحيانا يدلّ التغيير على النضج والتقدم.
خلال السنين، تعلمتُ بنفسي أشياء كثيرة ومختلفة عما علّموني في صغري. لم أعد أؤمن بأشياء كثيرة تعلّمتُها ولم أعد أفكّر في العديد من الأمور التي كانوا يقولونها لي أو يقصّونها عليّ.
خرجتُ بذهني من ذلك العالم الذي أراد استعبادي لأفكاره ومعتقداته التي انتقلت من جيل إلى آخر دون أي جهد للتفكير المختلف، أو لتغيير شيء.
تحرّرتُ من ذلك العالم الذي يحدّد طريقا واحدا للتفكير والفعل، من ذلك العالم الذي أراد منعي من التفكير، ربما، بوجود طريق آخر.
تعلّمتُ أنني لا ينبغي أن أقبل الأمور كمسلّمات، وتعلّمتُ أن أؤمن بإعمال العقل، بالمنطق والإحساس.
ما زلتُ إلى اليوم أعيش في العالم الذي ولدتُ وترعرعتُ فيه، لكنّني بنيتُ لنفسي عالمي الخاص، الذي يختلف عن العالم المحيط بي، عالمي الذي لا يعرف عنه أحد، أفكّر فيه وأتصرّف حسب معتقداتي، أفكاري وأحاسيسي.
تعلّمتُ أن أفضل طريقة لفعل الأشياء هي المحبة، وليس التخويف والترهيب، فإن لم نكن نحبّ ما نفعل فلا جدوى إذن من فعلها.