الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

زمن كورونا.. العقل يسمو على النقل بقلم: المحامي محمد عبدربه أبو معيلق

تاريخ النشر : 2020-04-09
أعذروا قناعاتي.. أعذروا قلمي.. أعذروا هذياني.. لطالما كان الزمان تائهاً. لا.. بل نحن في زمن التائهين..

ينطلق العقل والفكر الديني المتزمت في تفسيراته من خارج دائرة العقل والمنطق والعلم.. ويعتمد في تفسيره للظواهر على الخوارق..
أستطاع فيروس كورونا المستجد اليوم ان يكشف عجز العقلية الدينية في تعاملها مع الظواهر كالاوبئة والكوارث الطبيعية، سيما اليوم مع تفشي جائحة فيروس كورونا..

اولا بادئ ذي بدء لنعد الى الوراء وتحديدا الى القرن الرابع عشر حيث ضرب وباء الموت الأسود مناطق واسعة من اوروبا وحصد اعدادا هائلة من الارواح ما يقارب ثلث سكانها، كما حصد ارواح الكثير من القساوسة والرهبان ورجال الإكليروس نتيجة الصلاوات التي كانوا يؤدونها على الموتى، والادوار والممارسات العلاجية التي قامت بها الكنيسة بروما مما ادى الى خروج الكنيسة منهكة من مهلكة الوباء، والذي مهَّد للثورة البروتستانتية، التي وأدت الأصولية والتطرف والتزمت والخرافات والاساطير التي كانت تنتهجها الكنيسة الكاثوليكية أيام قرونها الوسطى الظلامية.

اجتاح الفيروس التاجي كورونا اليوم معظم أرجاء العالم، حيث وضع هذا الفيروس العالم بأسره من دول وحكومات وشعوب واهل العلم والخبراء والمتخصصون في حيرة من امرهم حول كيفية ايجاد لقاح او علاج له.. مع تعزيز الأخذ بإجراءات التدابير الاحترازية والوقاية كالنصح والارشاد وصولاً الى اعلان معظم الدول لحالة الطوارئ وفرض حظر التجوال.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف تعامل رجال الدين مع ظاهرة فيروس كورونا المستجد؟؟
بالرغم من التحذيرات والنداءات المتكررة التي اطلقتها حكومات الدول لشعوبهم بالنصح والارشاد الطبي وصولاً الى اعلان معظم الحكومات حالة الطوارئ واتخاذ كافة التدابير الاحترازية والوقاية وفرض حظر التجوال، واغلاق دور العبادة..الخ الا ان معظم رجال الدين لم يلتزموا بهذه القرارات، وتحدوا تلك الدعوات والقرارات في بداية الامر، وتحدى معظمهم قرارات الغلق انطلاقاً من مبدأ "للبيت رب يحميه"!! وان دور العبادة محصنة كونها اماكن مقدسة!! ولكن في نهاية المطاف استسلم رجال الدين للأمر الواقع والذي فرضه الفيروس التاجي.
 يُفسر معظم رجال الدين هذه الظاهرة من زاويتين متناقضتين
الزاوية الأولى: بإنه عقاب انزله الله للذين لا يؤمنون والمقصرون والمذنبون..!! وان الوباء هو تحذير ورسالة إلهية للتنبيه، ووسيلة لتصحيح سلوك المؤمنين. على حد تعبيرهم..
الزاوية الثانية: بإنه اختبار وابتلاء للمؤمنين.. وان الله إذا احب مؤمنا ابتلاه..
ذهب معظم رجال الدين الاسلاميين الى تقديم تفسيرات دينية مفادها ان سبب ظهور فيروس كورونا المستجد في الصين هو غضب وعقاب إلهي على الصينيين بسبب ارتكابها المجازر ضد الاقلية المسلمة في الايغوار. وحينما انتقل الفيروس الى الغرب اعتبر معظم رجال الدين بانه عقاب وغضب من الله على بلاد الكفار والملاحدة.. ولكن سرعان ما انتشر هذا الوباء في معظم بقاع العالم بما فيها البلاد الاسلامية حينها اعتبروه بانه بلاء وابتلاء واختبار من الله للمؤمنين..!!!
يعتري الفكر والخطاب الديني المُفسر لظاهرة فيروس كورونا حالة من الإزدواجية والتناقض والانفصام.. فإذا اصاب مؤمناً فهو إبتلاء واختبار إلهي للمؤمنين الصابرين، وبهذا التفسير لا يمكن للانسان ان يعترض ويقاوم المرض، للخروج من ازمته، لان هذا التفسير مرهون بفكرة قدر الله ومشيئته، والا فقد كفر على حد تعبيرهم، وان رضخ واستسلم للمصيبة فقد حياته.. وإذا أصاب غير المؤمنين فهو غضب ونقمة وعقاب إلهي للذين لا يؤمنون..
"قل لا يصيبنا الا ما كتب الله لنا" آية قرآنية رائعة وعظيمة تحمل عمق إيماني حقيقي بمغزاها، ولكن يتم ترديدها كالببغاوات لتعطي نتائج كارثية.. من خلال تقييد الناس عن مجابهة الابتلاء، والاستسلام للابتلاء، يذهب هذا الخطاب الديني الى تبرير الابتلاء الذي يصيب المؤمنين من خلال توظيف النصوص القرآنية والاحاديث النبوية على سبيل المثال "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط.. ليتصور المؤمن ان هذا الابتلاء هو محبة ورضا الله عنه، رغم ان المنطق وبداهة العقل الانساني هو أن يُنجي الله المؤمنين ومحبيه من هذا الوباء.. اعتقد ان مثل هذا الخطاب يعزز ثقافة الانسجام وقبول الابتلاءات والمصائب دون مجابهة، وتقييد قدرات الانسان عن الارادة والعزيمة والتفكير والمجابهة والابداع في كيفية دفع البلاء والمصيبة.. مما يؤدي في النهاية الى تحويل الانسان الى كيان سلبي..
المشكلة انه لا يمكن فصل الخطاب الديني فيما يتعلق بظاهرة وباء كورونا عن المشروع الايديولوجي العام، فهي ظاهرة يستثمرها المتزمتون داخل المجتمع لإعادة تذكير المجتمع بالعودة الى الله.. وتكون المعادلة لديهم كالآتي ارجعوا الى الله وتوبوا اليه يرفع عنكم البلاء، وابتعادكم عن الدين هو الذي يعرضكم لهذه الجوائح والمصائب والاوبئة!!!
وبالتالي فإن رؤية العقل الديني المتزمت نحو المجتمع هي رؤية دينية بامتياز لا يقبل ادخال اي عنصر من عناصر الحداثة في طريقة التفكير في المجتمع وتحولاته وتغيراته..

واخيرا.. في كل الاحوال فإن كل ظاهرة او حدث طارئ يُحدِث صدمة وتعرية، هذه سنة كونية، فالصدمة والتعرية التي جاء بها فيروس كورونا، كشفت حالة التناقض والازدواجية والانفصام في تفسيراتهم الدينية للظاهرة.. ولعل أهم احدى ايجابيات الصدمة والتعرية ان الفكر متى اصطدم بالواقع وأثبت الواقع بطلان هذا الفكر فإن ذلك سيؤدي الى عقلنة ومنطقة هذا الفكر.. واعتقد ان الظاهرة الكورونية ستدفع الى طرح أسئلة جديدة وستفتح زاويا أخرى، لتطرحها على الطاولة واعادة دراستها وقراءتها قراءة عقلانية جديدة تناسب القرن الواحد والعشرين. إذن ليكن حضور كورونا هي الفرصة للاستفاقة والتنبه من براثن هذا التناقض والانفصام والازدواجية.. فقد آن الآوان ان نتجاوز القشور ذات الفكر الرجعي، وتقديم الصورة الصحيحة لجوهر ديننا العظيم السمح من خلال تجديد الخطاب الديني..
وأخيرا.. فإن الكلمة الفصل ستكون للمختبرات الطبية والابحاث العلمية وللعلماء وللعلم وليس الى الابتهالات والتعاويذ.

وبقسم أبقراط تحيا وتسمو الانسانية وتتجلى.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف