الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كورونا..النظام الرأسمالي غير جدير بالاحترام بقلم:د. سمير الددا

تاريخ النشر : 2020-04-09
كورونا..النظام الرأسمالي غير جدير بالاحترام بقلم:د. سمير الددا
كورونا.....النظام الرأسمالي غير جدير بالاحترام

يواجه العالم كله تقريبا ما يمكن تسميته حربا عالمية ثالثة يشنها بلا هوادة على البشرية فيروس كورونا, فجندت الدول والحكومات كافة امكانياتها للتصدي لهذا الفيروس الذي هاجم العالم بلا رحمة ولا شفقة مخلفا ضحايا بالالاف ومصابين بمئات الالاف من بني الانسان, ناهيك عن اثا ره الاقتصادية والاجتماعية المدمرة.
الدول الغربية, التي كانت شعوبها هي الضحية الاكثر تضررا ومعاناة من تبعات هذا الهجوم الفيروسي المرعب, والذي وضع تلك الدول على المحك عندما اجبرها على الخيار ما بين الحرص على صحة مواطنيها باغلاق المنشات ومنع الاكتظاظ والاختلاط بين الناس او استمرارية عجلة اقتصادياتها في الدوران مع ما يقتضيه ذلك من التحاق الناس بالعمل بما يحمله ذلك من مخاطر كبيرة على صحتهم وصحة المجتمع بصفة عامة.
كشفت هذه الازمة بوضوح عن وجه الدول الراسمالية البشع والقبيح بإيلائها الاولوية القصوى لاقتصادها ونظامها الراسمالي قبل مواطنيها الذين اصبحوا بدون مقدمات كالايتام بلا راعي حقيقي وفعال.
الولايات المتحدة التي تتصدر المنظومة الراسمالية العالمية, حاول رئيسها دونالد ترامب مرارا ان يحابي المؤسسات الاقتصادية ويسمح لها بالاستمرار في العمل على الرغم من ادراكه التام بمخاطر الاكتظاظ في هذه المؤسسات وما قد يسببه من انتقال للفيروس بين الموظفين والعمال ومن ثم نقل هؤلاء الفيروس لبيوتهم وعائلاتهم ومحيطهم الاجتماعي مما ينتج عنه انتشار كبير للفيروس بين طبقات المجتمع, ولكنها معتقداته المتوحشة التي تهتم فقط بتحقيق الربح المادي وان كان على حساب حياة البشر, انها الرأسمالية التي لا ترحم.
في هذا السياق, بلغت ميزانية الولايات المتحدة الامريكية لهذا العام حوالي 3.5 تريليون دولار كايرادات و4.5 تريليون كنفقات اي انها تعاني من عجز وصل الى تريليون دولار, ورغم ذلك اعلنت الادارة الامريكية عن تخصيصها مبلغ 2.2 تريليون دولار للتصدي لفيروس كورونا, فأصبح اجمالي العجز في الميزانية يقارب 100% من ايراداتها المتوقعة, وكيفية توزيع الادارة الاملاريكية لهذا المبلغ يعكس بجلاء اولويات هذه الادارة التي ترعى النظام الراسمالي القائم.
خصصت الولايات المتحدة معظم المبلغ المذكور (حوالي 1.5 تريليون دولار) لانقاذ وول ستريت رمز الراسمالية الامريكية التي تقود بدورها الرأسمالية الغربية, وخصصت اقل من ربع هذا المبلغ للقطاع الصحي الذي يشكل رأس الحربة ضد الفيروس في هذه الاونة, والذي يعاني نقصا هائلا في المعدات والمستلزمات الطبية, مما دعا الولايات المتحدة بجلالة قدرها للاستغاثة بدول العالم لمساعدتها بما في ذلك طلب الرئيس ترامب شخصيا المساعدة من الرئيس الصيني شي جين بنغ خلال اتصال هاتفي جرى بينهما قبل ايام.
اما ما تبقى من المبلغ فقد تم نخصيصه لمساعدة القطاع الخاص الذي يعتبر بمثابة الرافعة الرئيسية للاقتصاد الامريكي ويشكل اكثر من 90% من اجمالي حجم هذا الاقتصاد الاكبر عالميا, ورغم ضخامة المبلغ فلن يساعد كثيرا في مساعدة الاقتصاد لان القطاع الخاص سيفقد حوالي 20 مليون وظيفة بحلول نهاية الشهر الجاري وفقا لتوقعات معظم المحللين الاقتصاديين, اي ان حوالي 20 مليون امريكي سيجدوا انفسهم بعد حوالي ثلاثة اسابيع بدون وظائف وبلا دخل, هذا مع العلم ان 75% من الامريكيين قد انخفضت اجورهم بنسب متفاوتة خلال شهر مارس الماضي والاسبوع الاول من هذا الشهر.
هذه الارقام تعتبر بمثابة كارثة اجتماعية, قبل ان تكون ازمة اقتصادية او صحية, لاسيما اذا علمنا ان 45% من الامريكيين يملكون مدخرات اقل من دولار واحد, حيث يعمل هؤلاء في وظائف متواضعة وفقا لنظام الاجر بالساعة تدر عليهم مبالغ بسيطة بالكاد تكفي لاحتياجاتهم الحياتية اليومية, فاغلاق المؤسسات التي يعمل بها هؤلاء يعني انقطاع دخلهم وبالتالي عدم قدرتهم على تأمين قوت يومهم, هؤلاء هم الشريحة الاكبر في المجتمع ويشكلون ما يقارب من نصف الامريكيين, والذي يزيد الطين بلة, ان 75% من هؤلاء مدينون بطريقة او باخرى وتوقفهم عن العمل يعني عدم قدرتهم على الوفاء بالتزماتهم وهذا يخلف كوارث اجتماعية في ظل نظام رأسمالي في منتهى القسوة لا يعرف الرحمة ولا الشفقة على هذه الطبقة الاجتماعية الهشة, بما في ذلك خسارتهم لبيوتهم وسياراتهم وغيرها من ممتلكاتهم لعدم قدرتهم على دفع الايجارات او الاقساط, مع ما قد يترتب على ذلك من تفكك الاسر وتشرد افرادها في الشوارع وارتفاع معدلات الجريمة.
هذا من جانب, ومن جانب اخر, هناك حوالي ربع الامريكيين او 24% منهم يملكون او يدخرون اقل من 1000 دولار, منهم 60 مليون امريكي عليهم دفعات والتزامات تستوجب الدفع شهريا وتشكل النسبة الاكبر من دخل هؤلاء ونسبة عالية من تلك الالتزامات تذهب لتسديد فواتير العلاج الصحي المكلف جدا في الولايات المتحدة, فزيارة واحدة لغرفة الطوارئ على سبيل المثال قد تصل تكلفتها الى ما يقارب 10 الاف دولار وقد تكون كفيلة بالاتهام اي مدخرات قد يجهد الامريكي العادي في توفيرها خلال عام كامل.
جريدة فايننشال تايمز نشرت تقريرا نقلا عن بيان لوزارة العمل الامريكية الخميس 2 ابريل الجاري, اوردت فيه ان اكثر من 10 ملايين امريكي تقدموا بطلبات للحصول على اعانة اجتماعية لغاية ذلك اليوم, وهذا رقم رقما غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة علما بأن المتقدمين لمثل هذه المساعدة ابان الكساد الكبير بلغ حينها حوالي 8.7 مليون شخص, وعدد المتقدمين خلال الازمة المالية في عام 2008 بلغ حوالي 660 الف شخص وفقا لتقرير الفايننشال تايمز.
ولاضافة بعدا اخر على المشهد بهدف مزيدا من التوضيح, عندما كنت اجمع مادة هذا المقال صادفت معلومة ملفتة, ان هناك 22 مليون طفل امريكي يقصدون المدارس العامة لانهم يعتمدون في غذائهم بصورة رئيسية على الوجبات اليومية التي تقدمها هذه المدارس وان هناك حوالي 1.2 مليون شخصا يعملون في هذا المجال, ما بين من يعد هذه الوجبات ومن يقوم يتوصيلها ومن يوزعها ويقدمها وغيرذلك, الغريب ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب يخطط لطرد 700 الف شخص من هؤلاء من عملهم خلال شهر ابريل الجاري, وهذا ما من شأنه ان يؤدي الى نقص كبير في عدد الوجبات المقدمة للطلاب والتي هي سبب رئيسي في جذب اكثر من 30% من هؤلاء الى تلك المدارس وفقا لتوقعات الكثير من علماء الاجتماع الذين يبدون مخاوف حقيقية من ان طرد هؤلاء الموظفين في هذه الظروف الصعبة قد يتسبب في تشرد نسبة كبيرة من الاطفال لينضموا الى حوالي 2.5 مليون طفلا مشردا ينشترون في شوارع وميادين المدن الامريكية المختلفة بدون مأوى وبالتالي هم الاكثر عرضة لالتقاط الفيروسات والاوبئة ونشرها في ارجاء البلاد.
وفي سياق غير منفصل, يشير تقرير الفايننشال تايمز التي سبقت الاشارة اليه, ان هناك 48% مليون امريكي ليس لديهم اجازات مرضية مدفوعة الاجر, ويورد التقرير أن شريحة مهمة من كبار العاملين في قطاع الفنادق والمطاعم, (45% من هؤلاء) يملكون الحق في اجازة مرضية مدفوعة, اما النسبة الباقية (55%) من العاملين في هذه القطاعات الحيوية وهم الشريحة العمالية الادنى اجرا فيمكنهم نظريا طلب اجازة مرضية ولكن بدون اجر, مما يعني عمليا حرمانهم من هذه الاجازة المرضية, لانهم مجبرون على الحضور الى اماكن اعمالهم كونهم لا يستطيعون تحمل خصم اجر يوم او اكثر من رواتبهم, ناهيك عن احتمال تعرضهم للطرد من العمل, فتراهم مضطرين للحضور للعمل حتى وهم مرضى, مما يترتب عليه نقل العدوى لزملائهم او العملاء الذين قد يختلطوا بهم اثناء العمل او العكس قد يلتقطوا العدوى من هؤلاء وينقلوها لبيوتهم واسرهم ومن حولهم في المجتمع.
هذا مع العلم ان هناك حوالي 30 مليون امريكي لا يمتلكون تأمينات صحية ولك ان تتخيل كيف يكون حال من يضطر من بين هؤلاء لزيارة طبيب او مستشفى او غرفة طوارئ....!!!!.

على الطرف الاخر, الصين التي شهدت انفجار الفيروس على اراضيها, سخرت ما يقارب 27 ترليون دولار لمواجهة الفيروس على كافة الصعد وفي المقدمة القطاع الصحي بما في ذلك انشاء 14 مستشفى جديد للمصابين بالفيروس في مقاطعة هوبي بما في مستشفى بسعة 2500 سرير استغرق انشاؤه 10 ايام فقط مما يعكس بجلاء ما هي أهم اولويات الدولة وما هي اول اهتماماتها, وطوال مدة محاربة السلطات الصينية للفيروس لم نسمع انها عانت من اي نقص كان في المواد والمعدات الطبية, بل العكس ها الصين تشحن اطنان من هذه المواد للعديد من دول العالم وفي مقدمتها الدول الغربية الرأسمالية.
الصين التي باغتها الفيروس في اواخر شهر ديسمبر الماضي استطاعت السيطرة على انتشار الفيروس (رغم عنصر المفاجأة) في مدة زمنية لم تتعد الشهرين واقتصرت اضراره الصحية بأن أصاب حوالي نصف العشر في المئة (% 0.058) من اجمالي عدد السكان الذي بلغ حوالي 1.4 مليار نسمة في احصاءات عام 2019 اي أقل من 82000 مصاب تعافى منهم اكثر من 77000 شخص وتوفي 3331 في حين مازال أقل من 1700 تحت العلاج.
وبالمقارنة مع الولايات المتحدة التي لم تتفاجا بل علمت بانتشار بالفيروس حول العديد من دول العالم فبل حوالي شهر او اكثر ولم تقم بما كان يجب عليها القيام به على الرغم انه لم يكن يفصلها عن الفيروس الا الاطلسي.
فشلت الرأسمالية وراعيتها الكبرى الولايات المتحدة وتوابعها في غرب اوروبا بكل وضوح في الوقت الذي نجحت فيه الصين, فها هي الولايات المتحدة بعد حوالي شهرين من بدء تفشي الفيروس في اراضيها تسجل اعلى نسبة اصابات في العالم, بأكثر من 400 الف اصابة, اي حوالي واحد من الف من عدد الامريكيين, توفي منهم حوالي 13 ألفا, في حين تعافى حوالي 22 الف شخص, وذلك حتى وقت كتابة هذا المقال عصر الاربعاء, وللمصادفة العجيبة ان أكثر ولاية تضررت هي ولاية نيويورك واكثر مدينة تعاني من تبعات الفيروس هي مدينة نيويورك معقل الراسمالية العالمية ومقر ادارة النظام العالمي اي وول ستريت ومنظمة الامم المتحدة...!!!!
أخر الكلام:
لسنا بصدد اجراء مقارنة بين النظامين الراسمالي والاشتراكي (لكل منهما ما له وما عليه) ولكنها قراءة مقتضبة لوقائع اداء كلا من النظامين في التعاطي مع اخطر ازمة تواجهها البشرية في العصر الحديث.
بدوره النظام العالمي القائم لم ينجح في التصدي لهذه الازمة كما يرى الكثير من المختصين, هنري كيسنجر من اشهر الساسة الامريكيين في العصر الحديث نشر مقالا في صحيفة الوول ستريت جورنال في الخامس من الشهر الجاري قال فيه "تحتاج الولايات المتحدة في ظل الانقسام السياسي الذي تعيشه اليوم إلى حكومة تتحلى بالكفاءة وبعد النظر للتغلب على العقبات غير المسبوقة من حيث الحجم والنطاق العالمي المترتبة على تفشي الوباء" واضاف كيسنجر إلى أن قادة العالم الحالي يتعاطون مع الأزمة الناجمة عن الوباء على أساس وطني بحت، في حين أن تداعيات تفشي الفيروس لا تعترف بالحدود" وتايع بقوله " أنه لا يمكن لأي دولة، حتى وإن كانت بحجم الولايات المتحدة، أن تتغلب على الفيروس بجهد وطني محض، وأن الوضع المستجد الآن تقضي وضع رؤية وبرنامج لتعاون دولي لمواجهة الأزمة, وجهد جماعي متعدد الجنسيات وهذا ما أفتقده العالم في هذه الازمة مما ضاعف من حجم الاضرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفها الفيروس والتي قد تستمر لأجيال عديدة, ولم ينحج العالم في التعاطي معها بفاعلية اعتمادا على الاليات التي يوفرها النظام العالمي القائم لذا يجب على هذا العالم الاستعداد لنظام ما بعد كورونا.
اضحى وباء كورونا كرمال متحركة فشل النظام العالم الحالي حتى الان من التصدي لها بفاعيلة, وتتحرك باستمرار بدون توقف وستخفي بلا شك الكثير من معالم هذا النظام.
لست متأكدا ان تلك الرمال المتحركة ستبتلع العالم اليوم او غدا, وأن النظام العالمي سينهار خلال أيام, فدوله الرئيسية ذات سطوة هائلة وتمتلك امكانيات غير محدودة مما سيمكنها بالضرورة من الصمود, ولكن لا احد يعرف الى متى؟ ولكن ما هو في حكم المؤكد هو أن العالم سيكون بعد كورونا مختلفا عما كان قبله.

د. سمير الددا
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف