الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ما بين شروق وغروب بقلم: محمود حسونة

تاريخ النشر : 2020-04-09
ما بين شروق وغروب بقلم: محمود حسونة
1- هواء صار ساخنا!!
وذات مساء التقينا أنا وأنتِ و قميص لكِ يشبه زبد البحر، له رائحة المانجو ونكهة نبيذ التفاح …
لم نكن نمشي سرًا، وكعبك العالي ينقر بلاط الشارع كطبل أفريقي عنيف!!
نسافر إلى آخر المدينة تحت أضواء باردة… أنا أحدّثك عن مذاق حبة كستناء، وعن ضحايا قد يسقطون في حادث طريق!! وأنت تشعلين نارا بكعبك العالي!!
لن يحميك أحد غيري من نظرات سائق متهور ومندهش!! يحاول اكتشاف اللون الذي عذّبه، لقد تاه بين لون عينيك الأزرق، ولون زبد البحر الذي يبدو عليك جميلا جدا!!
كنت أرعنًا وأنا أحاول أن أبعده عن طريقي؛ لئلا يسقط قتلى وجرحى آخرون!!
جميل جدا عليك قميص يشبه زبد البحر!! لكن لماذا يحبس في صدرك كل هذا الماء المعتّق مع هواء صار ساخنا؟!
لا أجد تفسيرا لهذا القميص، أهو مخمور أم مسحور؟!

2- من يحمل النار؟!
يُشهر معلم التاريخ إصبعه في وجهي كفوهة بندقية ويسألني من القائد الذي انتصر في هذه المعركة ويشير للخريطة؟!
يجحظ عينيه ويرفع حاجبيه، ويكتم أنفاسه وأنفاسي!! كأن اسمه يدهشه، ينقل الدهشة لنا فنصفق ونهتف، ونردده كترتيل ديني!!
يكتب اسمه بخط رديء وكبير على السبورة وينسي أسماء آلاف الضحايا!! نسمع صراخ المعلم، ولا نسمع صرخاتهم!! لم نكن نعرف أن صرخاتهم كانت أعلى من صراخ المعلم، لكنها كانت وحيدة!!
هل نسي المؤرخون أن وراء كل واحدٍ من آلاف الضحايا أحبة ينتظرونه، أحبة لهم أحلام صغيرة، لم يبقَ منها سوى حسرة وصورة للفقيد بهتت، معلقة على جدار بارد متصدع!!
هل كان لديه - قبل أن يحتفل ويتشبه بالآلهة- وقتا ليضمد جراح أحدهم ، أو يسمع كلامه وهو يحتضر؟! وهل اعتذرت أرواحهم لذويهم قبل أن تهرب للفضاء؟!
لا وقت لترميم التاريخ والصور، سألبس كمامة، يبدو أن بطل الأبطال كان ضعيفا أمام لفحة هواء باردة، ولا يستطيع أن يسترد حصة من دمه سرقتها بعوضة وهو غافل!!
سأغسل يدي وعقلي وأعقم الهواء والكتب، وأغلق الأبواب والنوافذ وأنتظر بطلا حقيقيا، يفتح الباب، ويصير نصا في كتاب المدرسة، يتحدث المعلم عنه بشغف، ويسأل عن اسمه، وينتظر الإجابة بلهفة وهو جاحظ العينين…

3- عصفور الريح!!
مَنْ يُخبرك أنه ينتظر، ويتفقد رسائله، وأنّه قد يسقط بضربة شمس؟! وما ضير المسافات، لو وصله شيء من صوتك البعيد، لِفّيه بمنديل له لون النار وتوخي الحذر!!
من يخبركِ أن عيناك تأخذه -حين يذكركِ- في رحلة بحرية في بحر يموج، وريح عاصفة، ثم تتركه وحيدا بلا حيلة كأنه أمام خط قتال!!
كان عليك أن تأتي قبل أن يهبط الليل؛ ليكتشف سرالأُحجية في عينيكِ، ويقرأ منها قصيدة الله!!
من يخبركِ أنّ مدينتنا جميلة، فيها كنائس عريقة ومحراب للعاشقين، وعشبًا سقاه الله، وأن الحروب فيها دامية لكنها قصيرة، وقبل أيّ انفجار سيحملكِ ويهرب بكِ، ولن يترككِ ولو سقط آخر مبنى وآخر جدار!!
من يخبركِ أن مدينتنا خالية من الوباء، فيها بحّارة وقليل من اللصوض، ومخرج للطوارئ!! يُمكن فقط أن تتعثري وتتعلقي بثيابه وتلتقي عيناكِ بعيناه، ويسألك أهذا نبيذ أم ماء عينيك أم خط نار؟!
لا تتكبدي مشقة السفر، سأطير إليكِ كعصفور الريح؛ لا تتفاجئي حين أنقر بابكم … سنلتقط صورة وأنا ألتفت لعينيكِ، ونتخيّل أننا في ساحة مدينتنا!!
أيمكن أن يكون الحنين إلى عينيك كفرًا ؟!
كان يحبكِ!!

4- أُنادي اسمي!!
أنت في الربيع تجلس تحت شجرة ليمون مزهرة، تشتاق لأغنية قديمة غنيتها وأنت صغير!!
تختبئ أكثر من ثلاثين عاما في عمق رأسك، كرسالة نسيتها في شقّ جدار، تقفز فجأة بين عينيك فتتماهى معها، لتصير كسراب يلمع في البعيد!!
حفرت مرة على دفتري بئرا بقلم الرصاص؛ لأسقي شجيرات برتقال صغيرة غرسها أبي، لكني نسيت أن أرسم دلوا!!
غطّيت البئر بإحكام؛ خشيت أن يسقط فيها أحد؛ كانت عميقة جدا بعمق خمسين مترا!! أبقيت شجيرات أبي عطشى!! لها ربُّ السماء.

حين صعدت أول مرة بناية عالية ، كان بحر واسع يحيطها، يكاد يطبق عليها فيغرقها، أصابني الخوف، كنت سأجرب العوم؛ فأوشكت أن أسقط من فوق البناية العالية!! لم يكن هناك بحر ولا شاطئ كانت سماء زرقاء مفتوحة!!

حين اكتشفت نافذة صغيرة في غرفتنا، ظننتها طاقة في جدار نهايةالعالم !! تسلقتها بجهد، رأيت حمامة تحطّ ثم تطير!! كيف تطير، ولماذا تطير؟!
أتفقّد جسمي!! أيمكن أن أطير مثلها؟! أجمع قطرات مطر بكفي وأبتسم ابتسامة مبللة!! تنهرني أمي، سوف تسقط يا شقي… وتسألني من أين لك حبات المطر؟!

كان بلبل رمادي يحطُّ على شجرة تين في بيتنا و ينقر حبة ناضجة… أتحسس وجهي أيمكن أن يكون لي منقار؟!
أتسلق الشجرة وأحاول أن أقلّد البلبل!! أبي يراقبني ويدخن الغليون، وأمي تدندن و تطرز على ثوبها عنقود عنب أخضر،
أطلب من أمي خَصلة، تضحك أمي... مازال حامضا!!
ألوّح لطفولتي الآن، لا أعرف من هرب من الآخر أنا أم عيون طفولتي؟!

5- أشتِمُ الليل!!
ما بين شروقٍ وغروب، يأتي نهار، ويروح النهار، ثمّ يأتي الليل ويطول!! لا يشبهني أحد حين يصير الليل خصمي، فكيف أجتاز هذا الليل؟! وليس في خيالي أحد سواكِ، كأن هذا الليل يخصكِ أنتِ!!
أفرش أوراقي فلا أقرأ سوى اسمكِ… تنامين بين السطور وصوتكِ يفاجئني من بين الحروف، وتسافرين حلمًا في الكلمات!! كم مرّة سأردُّ شالك حين يطير ويلامس وجهي، وكيف أتحمل هذا العبير؟! كيف أفسر هذا الخيال، وكيف يهون عليكِ هذا الفراق الثقيل؟!
ليس لي إلّا أن أنتشلك من خيالي وأوراقي أمام دهشة الليل والقرّاء... نتجوّل ونتهامس بكلمات الهوى بكل اللغات واللهجات، لا يهمنا نميمة ولا غيبة ولا حسد في بيوت الجيران!!
عندي كلام كثير كثير أكتبه لك، كلام لا يُحصى في الحب والغرام، لكنها لا تغني عن رسالة واحدة منكِ؛ تبرد لها أطرافي ويهدأ قلبي ، تأخذني لنعاس طارئ وأستطيع أن أنام!!
طويل لأجلكِ هذا الليل…

6- اللئيمة!!
يفتش، يلتمس نافذة أو ثقبا ولو صغير، يبحث عن معنى مغاير، عن مطرقة ليخرج من بيضة سميكة كالجليد!! يخطو بعيداً، مُبهج هذا الطريق؛ تأخذه خطواته وتمضي وقد تجاوزت به أعواما كثيرة ... كيف يعلو واحد ويهبط آخر، والكائنات تمشي بالمقلوب، وكيف يصير الحبّ صعبا ؟! وهل يمكن أن يصير الحبّ شفقة؟!
ليس هنا سوى كومة رماد وريح وهو الغريق !! فكيف العودة يا لئيمة؟! أكثير أن يعود كما كان؟!
صار يبحث عن مكانه القديم!!
***
قصير!!
وجد نفسه هكذا واقفا على المنصة بين الجموع… في زحمة التصفيق والزغاريد؛ إنه متفوق ، حصل على الترتيب الأول، بعد انتهاء عام طويل، استلم المكافأة... ثم همد كل شيء، التصفيق، الزغاريد، الانتظار وصوت العصافير التي نقلت له السلام!!
هل سأله أحد لماذا اختنق بالكلمات؟! وما الرائحة التي علقت به و يشمها الآن؟!
كفكف أبوه دموعه؛ فلم يسأله أحد: هل جفّت ثيابه قبل أن يلبسها؟! ومن سيحرس له الفرح فلا يطير؟! ومن نهش فرحا خزّنه عاما كاملا في قلبه كقطعة سكر؟! وأنه يراها كلما مرّت أمامه امرأة على رأسها منديل معقوص!! أمه لم تكن بين الحضور…أمه شهيدة!!
مبتور هذا الفرح، كمطر مفاجئ وقصير…

7- كأنّ… كأنّ!!
أمسك بالقلم لأكتب إليكِ… تزدحم وتنهال فوق رأسي الكلمات والأفكار والصور والأشعار دفعة واحدة، أقذف بالقلم وأُمزّق الأوراق، وأهرب من المكان... أشرب خمسة أكواب ماء وأكثر منها قهوة ونبيذا، أدخن عشرة سجائر، أقرأ قصائدا لنزار قباني، بابلو نيرودا، ولوركا، وابن زيدون، ومجانين شعر الغزل العربي وآخرين لا أتذكّر أسماءهم…
أجلس لمشاهدة فيلما ملونا، أراقب بطلا يجري مسرعا لينقذ حبيبته قتتقطع منّي أنفاسي، تتهشّم ساقه ويسقط، فأتحسّس ساقي!! يزحف ويزحف ويتحسس جرحا أصابها، فأرى دمًا وأنا أتفقد أصابعي، أنهض مفزوعا وأسرع لأوراقي، أكتب بخط سريع: انتهى المشهد، ساقي مازالت تؤلمني لكنّي بخير، طمنيني عنكِ، كيف جرحكِ هل أنت بخير؟! أخاف عليّ وعليكِ مما يخبئه خيالي!!
كأنّي أحلم، وأنا مسترخيا فوق فراشي كأني نائم!!
إن كنت وحدي، وإن كنت لا أراكِ، فأنتِ أمامي كأنّي أراكِ، تعاتبيني بأنّي لا أذكركِ، فكيف أذكركِ وأنا لا أنساكِ؟!
كتبت كل هذا لأُثني على ( كأنّ) لولا كأنّ ما كنت كأنّي أراكِ!!
بقلم: محمود حسونة( أبو فيصل)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف