الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ذكريات من السيرة النبوية في شهر شعبان بقلم:د.تيسير رجب التميمي

تاريخ النشر : 2020-04-09
ذكريات من السيرة النبوية في شهر شعبان بقلم:د.تيسير رجب التميمي
هذا هو الإسلام
ذكريات من السيرة النبوية في شهر شعبان
الشيخ الدكتور تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس
مع مطلع كل هلال للقمر يأتي شهر ويرحل آخر ، وها قد أظلنا شهر شعبان بعد انقضاء شهر الإسراء والمعراج ، وقبل حلول شهر الصيام والقيام وصلة الأرحام ، نفحةٌ مباركة من نفحات الله وفرصة عظيمة للتقرب إليه ، لكنه يأتي اليوم على البشرية وقد اجتاحها وباء خطير ، وانتشر فيها واحد من الأسقام الفتاكة ، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرفعها وينجي الناس جميعاً منها .
سمي شهر شعبان من التشعُّب لأن العرب كانوا يتشعَّبون وينتشرون في جميع الأنحاء لطلب الماء ، فهو شهرٌ تشعَّبت فيه أبواب الخير وتنوَّعت مجالاته وتعددت فيه القُرُبات والطاعات ، جعله الله تعالى موسماً من مواسم الخير التي اختصها ببعض العباداتِ ووصلها ببعضها ليدومَ اتصال العبد بربه ، فينيرَ بالإيمان قلبه ويحرسَه من كل آفة تعرض له .
وأعظم العبادات في شعبان الصيام ، وأفضل الصيام ما كان قريباً من رمضان ، فمنزلته منه بمنزلة السنن الرواتب من الفرائض قبلها وبعدها ؛ حيث إنها تكملة لنقص الفرائض ، وهي أفضل من التطوع المطلق بالصلاة ، فصيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه ، برهان ذلك ما ورد أنَّ { أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه كان شعبان ثم يصله برمضان } رواه أبو داود ، فكان يكثر الصيام فيه ، قالت عائشة رضي الله عنها { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم ، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان } رواه البخاري .
في الحديث إشارةٌ تحضُّنا على حسن التأسِّي ، ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان ، حتى يستكمل نوافله بالصوم قبل دخول رمضان ، يضاف إلى ذلك أن شعبان شهر توبة ومغفرة ، ومِنْ تكريم الله له أن الأعمال تُرفَعُ فيه إلى الله عز وجل ، قال أسامة رضي الله عنه : يا رسول الله لم أرك تصوم من شهرٍ من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال { ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم } رواه النسائي ، يدل الحديث على أن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وعلى فضيلة التطوع بالعبادة عند استيلاء الغفلة على الناس ، ففي قيام الليل مثلاً يتوجه المؤمن إلى ربه بالقيام والذكر والدعاء والناس نيام ، فالعمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس لانفرادها بالطاعة ، ولصدق إقبالها على ربها سبحانه ، ولأنها في هذه الساعات أبعد ما تكون عن الرياء ، فالصوم أكثر العبادات بعداً عن الرياء لأنه سر بين العبد وربه فلا اطِّلاع لأحد عليه إلا الله ، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي { كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به } رواه البخاري .
وشهر شعبان مقدمة لرمضان ، فيستحب فيه التعبد بما يستحب في رمضان بالصيام وقراءة القرآن والدعاء والاستغفار وصلة الأرحام ، ليحصل التأهب والاستعداد لاستقبال رمضان ، والتدرُّب على طاعة الرحمن ، والتخفيف من المشقة عند البدء بالصيام ، فيكون الصائم قد روَّض نفسه على الصبر وقوة الإرادة ، ووطَّنها عليه واعتاده ، ووجد له في روحه وقلبه لذة وحلاوة ، فقد { سئل صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل بعد رمضان ؟ فقال شعبان لتعظيم رمضان } رواه الترمذي
والأفضل ترك الصيام في آخر شهر شعبان ، لقوله صلى الله عليه وسلم { لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين إلاَّ من كان يصوم صوماً فليصمه } رواه البخاري . ولقوله صلى الله عليه وسلم { إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا } رواه الترمذي . والنهي إنما هو لمن يتعمد الصيام في آخره ، فالسنة المقررة صيام شهر شعبان أو أكثره من مبتدئه إلى منتهاه ، أما من لم يصمه من أوله ثم أراد الصيام بعد منتصفه فهذا هو الذي يتناوله النهي .
وشهر شعبان أيضاً شهر المناسبات العظيمة في تاريخ رسالة الإسلام الماجدة ودعوته الخالدة :
* ففيه بدأت هجرة المسلمين سراً من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة حتى توَّجت بهجرته صلى الله عليه وسلم ، فكان هذا الحدث العظيم مولد دولة الإسلام وقيام أول مجتمع مسلم على ظهر الأرض .
* وفيه تم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة ، فبعد أكثر من ستة عشر شهراً من الصلاة إلى بيت المقدس أمر الله سبحانه نبيه بالتوجه في الصلاة إلى البيت العتيق ، نزل الأمر بهذا التحويل ورسول الله قد صلى من الظهر ركعتين في مسجد بني سلمة ، فتحول بالناس إلى الكعبة في الركعتين الباقيتين وتحوّل الناس ، قال تعالى { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } البقرة 144 .
لم يكن تحويل القبلة إلى مكة تغييراً لمنزلة المسجد الأقصى المبارك والقدس في الإسلام ، فإن كانت الأفضلية الدينية لمكة المكرمة والبيت العتيق ، فإن للمسجد الأقصى المبارك أفضلية أيضاً ، قال تعالى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } الإسراء 1
* وفي شعبان من السنة الثانية للهجرة فرض الصيام على الأمة ، قال تعالى { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 183-184
* وفي هذا الشهر ذاته من السنة الثانية للهجرة أيضاً فرضت زكاة الفطر ، قال ابن عمر رضي الله عنهما { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة } رواه البخاري .
وفي شهر شعبان كانت بطولاتٌ وانتصارات تاريخية قوَّضت عروش الظلم ودكَّت أركان العدوان :
* ففي شعبان من السنة الرابعة للهجرة ، كانت غزوة بدر الثالثة ، وقصتها أن أبا سفيان في نهاية غزوة أُحد صاح على مسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد موعدنا معكم العام القادم في بدر ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة أن يجيبه : نعم موعدنا معكم العام القادم إن شاء الله ، وفعلاً جاء صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة على رأس ألف وخمس مئةٍ من المسلمين المجاهدين ، يحمل لواءهم عليٌّ رضي الله عنه ، وجاء أبو سفيان ومعه ألفان من المشركين ، لكن دبَّ الرعب في قلوب المشركين فعادوا خائبين مدحورين بغير قتال .
* وفي الثالث من شعبان من العام الخامس للهجرة كانت غزوة بني المصطلق التي قتل وأسر فيها عدد كبير منهم ، وانتصر فيها المسلمون ، ولم يقتل منهم إلا رجل واحد ، وفيما بعد أطلق صلى الله عليه وسلم سراح معظم الأسرى .
وهنا كشف الله المنافقين وغدرهم وحنقهم على الإسلام وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وتحريضهم الأنصار على ترك نصرة ومؤازرة المهاجرين لإخراجهم من المدينة ، قال تعالى فيهم { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } المنافقون 8-9 .
* وفي شعبان كانت سرايا أخرى للمسلمين بعثها صلى الله عليه وسلم في أرض الجزيرة ، تحقق فيها النصر للمسلمين منها سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في السنة السادسة للهجرة .
وأخيراً ؛ فإننا نتضرع إلى المولى عز وجلَّ بقلوب موقنة بالإجابة أن يسلم الجميع من كل شر ، وأن يعود الناس جميعاً إلى ممارسة حياتهم الإيجابية منيبين إليه قائمين على شرعه وطاعة أمره ، إنه سميع الدعاء ، قال تعالى { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... } غافر 60 .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف