الأخبار
الأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويا
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ومضات من على بلكونة البيت في زمن أيام الكورونا بقلم: منجد صالح

تاريخ النشر : 2020-04-06
ومضات من على بلكونة البيت  في زمن أيام الكورونا بقلم: منجد صالح
ومضات من على بلكونة البيت  في زمن أيام الكورونا

الإلتزام بالبيت "مقدّس" والخروج من المنزل ولبس المداس "موسوس"، إلا في حالة الضرورة القصوى ولشراء "العدس"، لا لشراء عصير الخروّب ولا السوس.

درهما وقاية خير من قنطاري علاج. يفضّل في هذه الأيام الإستغناء عن لحم العجل والضان، وبدلا منها أكل السمك والدجاج. إبق سيّارتك في الكراج، من رام الله الى عمّان الى إم درمان وحتى سوهاج. وحتى السعودية تحدثت عن ربما إلغاء هذا العام وصول الحجّاج.

تقيّد بتعليمات الجهات المُختصّة، ولا تحمل في نفسك غصّة، ولا تُجادل ولا  "تبقّ البحصة"، فالاجراءات كلّها من أجلك وأجل عائلتك والمحافظة عليك ودوام الصحّة.

في أيام بداية الربيع المشمسة أو شبه المُشمسة أصبحت شرفة البيت أو "البلكونة" أو "الفيرندة" الملعب الداخلي المُفضّل وربما الوحيد. يُطل على الشارع الطويل "المُزركش" بالأشجار الباسقة، على الجانبين. ويُطلّ على الفضاء الرحب الفسيح.

في الشارع عصر اليوم مرّت شابتان، تحمل إحداهما بين ذراعيها في حضنها طفلا صغيرا. تلبسان ملابس رياضية مريحة وتمشيان الهوينا ببطئ وتؤدة وتأنّي. إحداهما ترخي "طربوش" سترتها على رأسها. تتسامران وتتناجيان بصوت خفيض. لا صوت مطلقا لدبيبهما على الأرض وكأنهما تُركّبان في حذائيهما الرياضية كاتما صوت ذي جودة عالية.

إنتبهت لهما فقط عندما توقّفتا في الشارع بقرب باب عمارتنا. وتوجّهت إحداهما إلي سائلة إذا ما كان بإمكانها قطف حبات من اللوز الأخضر، من على شجرة اللوز السائرة افقيّا من فناء أرض الشقة التي تمطيها شقّتنا لتصل فروعها "المدبوزة" بثمار حبّات اللوز إلى ما بعد موازاة الشارع وفوقه.

إبتسمت وأجبتها تفضّلي خذي ما شئت من اللوز الاخضر. فقطفت حبّتين أو ثلاث بصعوبة بادية لبُعد فروع الشجرة عن الطريق، ونظرت اليّ بابتسامة شكر. تمتمت في داخلي: "صحتين وعافية". وضمرت في نفسي، من أجل الحلال والحرام، أن أخبر جاري بالحادثة، وأنني قد مُنت عليه غيابيّا، من باب التكافل والتضامن في زمن الكوروبا، ببعض حبات لوز من لوزته، فشجرة اللوز ليست لي وإنما له.

بدا لي اليوم عصرا أن الحركة في الشارع بالمركبات أو برقم 11 أي مشيا على الأقدام، أقل من أيام سابقة، ربما بسبب التشديد على الحركة الضرورية من العاشرة صباحا وحتى الخامسة عصرا. حتى أماكن التزوّد بالمؤن والغذاء تُقفل الساعة الخامسة، وفقط يُسمح للصيدليات بالإستمرار في تقديم خدماتها.

لكنني لاحظت أن معظم هؤلاء القلائل الذارعين الشارع من شقق عماراتهم الى الفضاء الفسيح المُقنّن، يحملون في أيديهم أكياس مُنتفخة سوداء أو زرقاء كبيرة أو متوسطة ويتّجهون نحو وجهة واحدة، يُهرولون حتى يصلوا حاوية النفايات ويقذفون الأكياس في داخلها. الأكياس "سمينة" ومتخمة بالبقايا. واضح أن العائلات في زمن إلتزام البيوت في زمن الكورونا أصبحت تعتمد على الطبخ المنزلي البيتي الصحّي، والأكل في البيت ربما بنسبة مئة بالمئة. لا "فاست فود" ولا بيتزا ولا "كي أف سي" ولا "تيك أواي" ولا وجبات خارج البيت، فالمطاعم مقفلة ومحلات الشاورما والفلافل مقفلة.

ومضة "معلّبة"، ليست "طازجة" أسوقها لكم من برلين، حيث وصلني على الواتس آب من صديق فيديو مصوّر في أحد شوارع برلين عاصمة ألمانيا. محتوى الفيديو غاية في الروعة وربما الغرابة وسبحان مُغيّر الأحوال، لا يبقى على ما هو إلا هو العلي القدير. يبدو أن الفيديو صوّرته سيدة شامية، أي من بلاد الشام، من فلسطين أو الاردن أو سوريا أو لبنان، بحسب كلامها ولهجتها، لان صوتها يُسمع ولا تظهر صورتها مطلقا.

في أحد شوارع برلين المكتظّة في وضح النهار يصدح عاليا صوت المؤذّن لاول مرّة من إحدى المساجد القريبة. صوت المؤذّن جهوري وكأنه صادر عن مئذنة جامع في القاهرة او دمشق أو عمّان أو القدس او إسطنبول. الناس يتجمهرون في الشارع وعلى الارصفة وهواتفهم النقّالة في أيديهم يوثّقون "الحدث". السيارات والمركبات شبه متوقّفة. الشرطة الألمانية تنظّم السير والتجمّهر بكل أدب ولياقة.

صوت السيدة يمشي مع فقرات الآذان مترافقة مع بعض تعليقاتها وأدعيتها، وصوتها المُتهدّج والمنفعل من جمال هول الموقف، وكأنها لا تكاد تصدّق أن هذا يحدث نهارا جهارا في عقر دار برلين. وعندما إنتهى المؤذن من قول: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" أجهشت السيدة ببكاء الفرح والدهشة. وتصاعد في جنبات الشارع وفي كل مكان صيحات: الله أكبر، الله أكبر".

هذه الصيحة الجلية المُحببة المطلوبة الآن كانت كفيلة بأن يُطلق على قائلها النار ليُردى صريعا، من قبل الشرطة ورجال الأمن، في اي عاصمة أوروبية أو مدينة أمريكية.

كان الغرب يربطها "بالإرهاب". أمّا الآن فأصبح الكل يربطها بالرحمة وبفرج الله القريب والمؤمّل.            
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف