الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

النمط الاستهلاكي المفرط بقلم:د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2020-04-05
النمط الاستهلاكي المفرط بقلم:د.عادل عامر
النمط الاستهلاكي المفرط

الدكتور عادل عامر

إن انتشار ثقـافة الاستهلاك عبر آلية الإعـلان ، وحب التملك , والمحاكاة ، وتقليد الآخرين , تتجسد في الكثير من المجتمعات, وهو الأمر الذي ترتب عليه تشكل منظومة قيمية استهلاكية تتماشي وقيم الثقافة الغربية عموما , حيث تظهر رغبـات، واحتياجات مصطنعة , وغير ضرورية , إلا أنها تتحـول عبر آلية الإعـلان ، وتفشى قيم الاستهلاك , والرغبة في تقليد الآخرين إلى احتياجات .

والمشكلة هي أن النهم الاستهلاكي لا نهاية له ، وبالتالي فإنه يخلق ضغوطاً اقتصادية مستمرة على الأسرة ، والمجتمع ككل ، وهو الأمر الذي يؤدي في النهاية إلي مزيد من الضغوط علي الظروف الاقتصادية لتلك المجتمعات .

وزيادة على ذلك فإن الإعلانات تشغل معظم الناس وخاصة في أوقات فراغهم ، مما أدت بطبيعة الحال إلى تزايد القدرة الاستهلاكية من خلال اقتناء ، أو رغبات في منتجات جديدة تخلق باستمرار عن طريق الإعلانات بزيادة الوقت الذي يقضى في مشاهدة برامج التلفزيون ، خاصة النساء , والأطفال يقضون وقتاً طويلاً وهم يشاهدون برامج التلفزيون أكثر مما يفعل الرجال والشباب ،

وبالتالي ينعكس هذا على المجتمع ككل :- المحاكاة والتقليد , في ضوء ذلك يقول العالم " لينيت باليرت : أن معظم المستهلكين غالباُ ما يكونون من النساء , فهو يرى أن النسـاء يتأثرن أكثر من غيرهم بالإعلانات، فضـلاً عن أنهن تقمن بالخدمة في المنزل ، ويحتفظن بالبضائع، والطعام ، ويرعين الأطفال .

ويلاحظ أن دور النسـاء دور خدمي منتقد ويتحدى الاستهلاك في المجتمع الحديث ، من خلال أنواع من السـلوك ناتج عن احتياجات في تشكيل اتجاهات المـرأة وسلوكها ، مما يؤدى إلى تعميق اتجاه النساء والشباب والأطفال نحو زيادة الاستهلاك ويرجع ذلك إلى الإعلانات وبرامج التلفزيون.

إن النمط الاستهلاكي الذي ساد المجتمعات العربية لن يزيدها إلا فقراً وتخلفاً بين الهوة الحاصلة بين المجتمعات المتطورة (المنتجة)، والمجتمعات النامية (المستهلكة)، أن 92 مليون عربي من جملة سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر؛ أي ما يعادل 22% من إجمالي السكان العرب يعيشون على دولار واحد فقط في اليوم، و140 مليون عربي، أي قرابة 52% من تعداد السكان العرب يعيشون على دخل يومي يتراوح ما بين 2 - 5 دولارات.

وأخطر من ذلك يأتي الزحف الاستهلاكي لكي يدفع بأعضاء الطبقات الفقيرة والمتوسطة لكي ينفقوا ما يفوق طاقتهم في مجالات الاستهلاك الكمالي‏،‏ مما أحدث خللاً واضحاً في ميزانية الأسر، ويكفي أن نعرف أن مئات‏ المليارات تصرف سنوياً على مكالمات الهاتف المحمول‏،‏ الذي أصبح يستخدم للوجاهة الاجتماعية

وليس لتلبية الحاجات الضرورية للاتصال نحن ندمن الاستهلاك؛ لأن جزءاً كبيراً من معنى الحياة في أعماقنا لم يحل، والذي يجد معنى حقيقياً لحياته لا يتقلب في متاهات رغبته، لأنه استطاع أن يقودها إلى ما يشبعها بحق، ولهذا فقاعدة النمط الاستهلاكي الأصيلة: كلما زاد ما أملكه زاد معنى حياتي، وهو صميم النموذج المادي، ونقيضه: كلما ارتفعت كينونتي (قيمة ذاتي الحقيقية) دون النظر إلى ما أملك، زادت سعادتي.

والمؤسف أيضاً أن بعض بلداننا العربية التي تعاني مشاكل اقتصادية وجيوسياسية تزداد فيها معدلات الاستهلاك التفاخري أكثر من غيرها من البلدان قياساً بمستوى المعيشة والدخل. كما يؤثر الاستهلاك المسبق للشباب بشكل مباشر على وضع عناية كبار السن في المجتمع ككل. ويبين "تقرير آفاق التقاعد في الصين 2018"، أن 56٪ من الشباب تحت سن 35 عاما في الصين لم يبدأوا الادخار لحياتهم بعد التقاعد، و44٪ منهم يدخرون 1339 يوان فقط كل شهر. وأن بعض الشباب في حالة " انعدام المدخرات، وارتفاع الدين "

لقد سيطرت النظرة الاقتصادية في تعريف الاستهلاك إلي حد كبير علي التعريفات التي قدمت للمفهوم حتي وقت قريب , وربما يرجع ذلك _ كما سلف الإشارة إلي أن المفهوم يعبر عن عملية اقتصادية في المقام الأول ,

ففي الماضي كان ينظر إلى الاستهلاك من الناحية الاقتصادية البحتة , وكانت مسائله في عزلة عن غيرها من المسائل الاجتماعية الأخرى , غير أن علماء الاقتصاد المحدثين يرون أهميـة العوامل الاجتماعية في تأثيرها على نمط الاستهلاك ، إذ تقوم بدورا مهماً، ومؤثر في تشكيل نمط الاستهلاك على المدى البعيد , وإن كان الدخل هو الذي يؤثر في النمط على المدى القصير.

لقد كان تركيز علماء الاقتصاد في تناولهم لظاهرة الاستهلاك , منصبا علي علاقته بعدد من الموضوعات ذات الطابع الاقتصادي البحث , مثل الادخار، والصادرات ، والواردات ، وميزان المدفوعات ، والتضخم وغيرها ، حيث يعتبر الهدف النهائي للنشاط الاقتصادي هو إشباع حاجات الفرد من السلع والخدمات ,

كما ربط آخرون الاستهلاك بالعملية الإنتاجية في حد ذاتها . لقد بدأت العملية الاستهلاكية في ظل العولمة تأخذ أبعادا جديدة لم تكن تعهدها من قبل , فلم يعد الأمر يقتصر علي مجرد بعض السلع التي يأتي بها المستوردون من هنا وهناك , ولكن في ظل الآليات الإعلامية الرهيبة التي تملكها العولمة

,وفي ظل التنامي الرهيب لقدرة الشركات المتعدية للجنسيات في النفاذ إلي الأسواق الوطنية والسيطرة عليها ,أصبح الإنسان محاصر بهالة ضخمة ومتنوعة من الآليات الداعمة لنشر الثقافة الاستهلاكية للنظام المسيطرة علي العولمة ,

وتصبح هذه العملية أكثر خطورة بالنسبة لأوضاع البلدان النامية أو الفقيرة عموما ,تلك التي لم تعد قادر علي الصمود أمام هذا الطوفان الهائل من السلع المدعمة بقوة ونفوذ العولمة

وإذا كانت العولمة تعتمد علي آليات بعضها تقليدي تم تطويره مثل الشركات المتعدية الجنسيات ,وبعضها حديث مثل الآلة الإعلامية الضخمة , فإن الاستهلاك كعملية في حد ذاتها تلعب دور هام في إتمام أو اكتمال حلقة العولمة , وعليه فمن الطبيعي أن تحتل ثقافة الاستهلاك مكانة مهمة في آليات عملية اقتصاديات العولمة .

لذلك فقد انتقل اقتصاد العولمة من الإنتاج الصناعي التقليدي إلى إنتاج السلع ، والخدمات الاستهلاكيـة الصلبة بالتكنولوجيـا اللبنة وثيقة الصلة بالمعلومـات والترفيه وأسلوب الحيـاة , وهي أمور تفوقت فيها الدول المتقدمة , خاصة الولايات المتحدة الأمريكية , والتي يصفها البعض بأنها " صانعة ثقافة العولمة ,

والمعنية بنشرها في كافة أرجاء العالم , إذ أن العولمة تعني في جانب من جوانبها العديدة , تنميط العالم علي الشكل الأمريكي , ونشر الثقافة الأمريكية , وهي ثقافة يحتل الاستهلاك جزءا كبيرا من تكوينها .

وعلى ضوء ما تقدم فإن ثقافة الاستهلاك قد ارتبطت برموز وصور ومعان للتفوق والرفاهية والمتعة , وقد لعبت وسائل الإعلام دوراً بالغ الأهمية وخاصة من خلال الإعلانات في نشر وتدوين ثقافة الاستهلاك الغربية , وإعلاء قيم الفردية ، والبحث عن المتعة من خلال الاستهلاك , وهي القيم التي تؤكد عليها ثقافة الاستهلاك الغربي ذاتها .

إن هذه الإعلانات تؤدى إلى استنزاف دخول الأفراد ,حيث تلعب هذه الإعلانات دوراً هاماً في اقتنـاء الفرد السلع بخـلق نوع من اللهفـة في نفوس النـاس للاستهلاك ، وهكـذا نجح الإعلان الذي اعتمد على قوة ونفوذ وسائل الإعلام المعلوم في الوصول إلى أغلبية سكان العـالم في مختلف الطبقات ، والثقـافات ، وصارت السـلع الاستهلاكية وأسمـاء وعلامات الشركات الكبرى متعـدية الجنسيات جـزء من الثقافة المتداولة بين البشر رغم اختلاف اللغات , والثقافات .

لقد فرض الإعلان نوعاً من الهيمنة على الأسواق العالمية , وعلى المستهلكين من خـلال توحيد وتنميط الأذواق ، وخـلق إجماع زائف على استهلاك سلع وخدمات قد لا يكون الفرد أو المجتمع في حاجة إليها ، أو قد لا تتفق مع احتياجاته ، وأوضاعه المعيشية بل

ولا تتفق , وأولويات المجتمع في الوقت نفسه أدت ثقـافة الاستهلاك وبريق الإعلانات إلى تسليع القيم والأفـكار والمعاني والمشاعر من خلال الاختفاء المبـالغ فيه بأهمية الرموز ، والعلامات المـادية ، وخلق الأشياء الزائفة بين الحصول على سلعة واستهلاك سلعة ، أو خدمة وبين تحقيق السعادة أو الحرية .

فالإعلان وسيلة من وسائل التأثير في السلوك ، فهو يقتحم المجـال النفسي للإنسان بدون استئذان ، فهو عبارة عن نشر معلومات البيانات عن الأفكار أو السلع أو الخدمات والتعريف بها في وسائل الإعلام المختلفة ، لخلق حالة من الرضا النفسي في الجهود بقصد بيعها أو المساعدة في بيعهـا أو تعليها أو الترويج لها ،

نظير دفع مقابل لذلك أصبح الإعـلان الآن وسيلة هـامة من وسائل العلاقات العـامة من أجـل التسويق وترويج المنتجات مثل الرسوم على الجـدران ، واللوحات الإعلانية , أو لوحات الدعاية , أو الملصقات , أو اللافتات الضوئية , والعادية في الطرق , أو وسائل المواصلات . فأن نمط الاستهلاك الغربي بدأ في الانتشار في مختلف دول العـالم وخاصة العالم الثالث, وهذا مرتبط بالتطورات التي طرأت علي وسائل الاتصال الجماهيري, أو الثورة في مجال الاتصالات عموما ,

خاصة فيما يتعلق بالمادة الإعلانية التي تبثها وسائل الإعلام مما أدت إلى زيادة الاستهلاك بشكل كبير أكثر من انخفـاض الأسعار وساهمت في خلق نوع من الفجـوة الاستهلاكية " بين الأفراد مما زاد الإنفـاق الاستهلاكي على مختلف السلع والمنتجات عبر البرامج التي تطرحهـا المؤسسات العالمية من خـلال هذه الإعـلانات وخاصة على شبكة الإنترنت التي أدت إلى زيادة الوعي لدى المتصفحين للبرامج عبر الشبكات بشراء المنتجـات التي يودون الحصـول عليها دون أي عنـاء .

في إطار كل ذلك يصبح التساؤل حول قيم الاستهلاك في ظل الثورة الكونية في مجال تكنولوجيا المعلومات , سؤال طبيعي , تفرضه الظروف التي تمر بها المجتمعات سواء علي المستوي الدولي أو المحلي , تلك القيم التي ترتبط بشكل وثيق بالمجتمع الذي تتشكل من خلاله , فإذا كان هذا المجتمع هو بذاته في حالة تغير وتطور وتحول كبير , في ظل التحولات العالمية , تفرض نفسها وبقوة , فإن البناء القيمي الخاص بالاستهلاك , يصبح هو الآخر عرضه للتحول والتبدل
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف