الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مَخَاطِرُ الفَسَادِ من مَنْظُورٍ دَوْلِّيّ بقلم: د. عذاب العزيز الهاشمي

تاريخ النشر : 2020-04-05
مَخَاطِرُ الفَسَادِ من مَنْظُورٍ دَوْلِّيّ بقلم: د. عذاب العزيز الهاشمي
مَخَاطِرُ الفَسَادِ من مَنْظُورٍ دَوْلِّيّ
بقلم: د. عذاب العزيز الهاشمي

إنّ الفسادَ يمكن ملاحقتهُ بعد وقوعه، ولكنه وقبل كل شيء يتطلب الوقاية، وبموجب المادة رَقْم (5) من الاتفاقية الدولية فإن كل دولة يجب عليها:

أن تقوم وفقًا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بوضع وتنفيذ وترسيخ سياسات فعالة ومنسقة لمكافحة الفساد، وأن تُعزز مشاركة المجتمع، وتجسد مبادئ سيادة القانون، والإدارة السليمة للشؤون العامة والممتلكات العامة، والنزاهة، والشفافية، والمساءلة؛ لان المعايير الدولية لحقوق الإنسان المُنْشأَة بموجب العهود والاتفاقيات الدولية تستجوب التزام الدول بتلك المعايير، وهو الأمر الذي يؤدي إلى احترام وحماية حقوق الانسان وتحملها المسؤولية القانونية والأخلاقية، مما يتيح قدر الإمكان متابعة انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن ممارسة الفساد، وذلك من خلال الآليات الوطنية والإقليمية والدولية المتاحة بموجب العهود والمواثيق الدولية، والاحتكام إلى هذه العهود والمواثيق الدولية في المحاكم الوطنية.

ولا بد من التذكير في هذا المقام، أنّ كافة إجراءات مكافحة الفساد يجب أن تلتزم كذلك بمبادئ حقوق الإنسان الخاصة بالاتجار بالبشر، والاتجار الجنسّي بالنساء والأطفال وعمالة الأطفال. 

فقد أصبح ارتباط الفساد بالجريمة المنظمة غير الحكومية واضحًا وجليًا وخاصًة في هذه المجالات.

إنّ الإتجار بالبشر، وعمالة الأطفال التي غالبًا ما تنطوي على أفعال فساد، تنتهك العديد من الحقوق، منها الحق في الحياة وفي السلامة الجسدية والحق في العدل والمساواة والحق في الصحة والحق في الحماية من الاستغلال الجنسي والاختطاف والحق في التعليم لكل فئات المجتمع.

وللفسادِ آثارًا كارثية بالنسبة للطبقات الفقيرة بالمقارنة مع غيرهم من فئات المجتمع، فالفساد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية، مما يؤثر على هذه الطبقة المهمشة بشكل غير مباشر، كما أنه يؤثر بشكل مباشر على مداخلهم عندما يضطرون لدفع الرشاوى من أجل الحصول على الخدمات المقررة لهم قانونًا.

كما أنّ الفساد السياسي يؤدي إلى تشويه السياسات التنموية، التي تهدف لمساعدة الفقراء والأقل حظًا، عن طريق توجيه الاستثمارات والإنفاق على مجالات تخدم المستفيدين والتي غالبًا ما تكون على حساب مصالح الفئات الأكثر حاجة للخدمات.

من ناحية أخرى، نجد الدول العربية تتمتع بالكثير من الموارد الطبيعية والزراعية والصناعية، ناهيك عن أراضيها الغنية بالبترول والغاز الطبيعي والمعادن الطبيعية، والتي يتم تصديرها إلى كثير من بلدان العالم، فضلًا عن تنوع محاصيلها الزراعية المميزة للتصدير.

ولا ننسى ذلك الموقع الجغرافي الفريد الذي يجعلها من أكثر الدول في العالم نشاطًا في الحركة الملاحية والجوية وجذبًا للسياحة، وهو ما يؤكد أنّ هناك عوائد مالية طائلة تدرها تلك الموارد.

وهو الأمر الذي كان من المفترض أن يرفع من الدخل القومي للبلاد العربية ومستوى معيشة الفرد بها، إلّا وأننا نجد الحال معكوسًا، وهذا وإن دلّ فإنه يدلّ على وجود إساءة في استغلال تلك الموارد؛ نتيجة إهمالٍ أو تعمدٍ وكلاهما يعبر عن وجود فساد متنوع في تلك الدول.

أمّا فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية، فمن المعروف أنّ بعض الحقوق أصبحت على علاقة مباشرة مع الفساد، ومن هذه الحقوق على سبيل المثال الحق في حرية التعبير، الحق في التجمع والتنظيم، الحق في المشاركة السياسية والعامة، الحق في الحصول على المعلومات. 

فضمان الحق في التعبير والحق في التجمع والتنظيم وحمايتهما، يتيحان للأفراد فضح ممارسات الفساد والاحتجاج عليها ورفع الوعي بمخاطرها.

وكذلك الحق في المشاركة السياسية واتخاذ القرار، يُفسح المجال أمام رسم سياسات عامة حساسة للاحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع عامة وللفئات الأكثر عرضة للانتهاك خاصة، كالنساء والأطفال والمهاجرين والمعاقين والعمالة الأجنبية.

بالإضافة إلى الحصول على المعلومات، والتي بدورها تُفسح المجال للوصول إلى المعلومات التي تستند إليها الحكومة والسلطات الحاكمة على وجه الخصوص في صنع القرارات الحكومية، والتي تؤثر على حياتهم، خاصًة وأنّ عددًا من المحاكم الدولية أقرّت أن هذا الحق لا يقتصر على وصول الأفراد إلى المعلومات فحسب، بل يشمل أيضًا واجب الدولة في نشر المعلومات والوثائق العامة التي تتعلق بالسياسات والقرارات الحكومية.

وعلى الرغم من أنّ هناك حاجًة إلى التكيُّف القانوني اللازم، الذي يجْرم الفساد، كانتهاكات لحقوق الإنسان؛ ليصبح بالإمكان مقاضاة الفاسدين بموجب المعايير الدولية لحقوق الإنسان. 

ولهذا السبب فإنه بدأ يستقر في الأذهان أنَّ أي تحليل للفساد في علاقته مع حقوق الإنسان يجب أن يُؤخذ في الحسبان الأضرار التي يُلحقها بالأفراد والمجتمعات.

 فمن هذا المنظور تحديدًا؛ فإن القول بأنّ الفسادَ يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان أصبح من المعتقدات المُسَلًّم بها.

وهذا يعني في دلالته أنه عندما ينتشر الفساد، فإن حقوق الأفراد في العدل والأمان والحياة الكريمة تصبح غير مضمونة، ويصبح هدف المسؤولين السعي لتحقيق مصالحهم الشخصية، أكثر من حمايتهم للقانون وتطبيقه، كما يتم تجيير الخدمات العامة لمن يستطيع الدفع للموظفين الفاسدين وليس للعامة. 

وتكون المُحصِّلَة العامة لكل ذلك في النهاية أنّ الفساد يصبح مُشجعًا على التمييز، ويزيد في حرمان الفئات المهمشة، ويمنع الأفراد من التمتع بحقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تلك الحقوق التي ضمنها الدستور والعهود والمواثيق الدولية. 

وهنا تبدو الرابطة بين الفساد وحقوق الإنسان أمرًا بديهيًّا عند الكثيرين، فحينما تكون القوانين قابلة للبيع، وللعدالة سعر، تتحدد معاملة الحكومة للمواطنين أكثر فأكثر على أساس قدرتهم على الدفع، لا على أسس النزاهة والإنصاف واحترام سيادة القانون.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف