الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التَّـدَاوِي بِالـرُّقَى بقلم: الحبيب خميس بوخريص

تاريخ النشر : 2020-04-05
التَّـدَاوِي بِالـرُّقَى بقلم: الحبيب خميس بوخريص
التَّدَاوِي بِالرُّقَى

إنّ الله عزّ وجلّ هو الذي خلق الصحة والمرض وخلق أسبابهما، وهو الشافي المُعافى، يشفي بسبب خلقه وقدره، أو يشفى بغير سبب، له الأمر من قبل ومن بعد، له الحكمة البالغة، لا مُعقِّب لحُكمه ولا رادّ لقضائه، ولا ملجأ ولا منجا منه إلّا إليه، هو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه شفاءً لا يغادر سقمًا.

- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه مسلم.     

- عَنْ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً، إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ) ابن ماجه. 

- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ، خَلَقَ الدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا) رواه أحمد.

إنَّ الرُقَى جمع رُقْية، وهي كلمات يقولها الناس لدفعِ شرٍّ أو رفعه، أي يُحصّنون بها أنفسهم حتى لا يُصيبهم مكروه، أو يُعالجون بها مريضًا حتى يبرأ من مرضه، وكان العرب قبل الإسلام يعتقدون أنّها مُؤثرة بنفسها دون تدخّل لقدرة أخرى غيرها، واختيار كلماتها مبنى على اعتقادات قد يرفضها الدين، ولذلك كان موقف الإسلام منها هو تصحيح الخطأ في الاعتقاد، وتقرير أنّه لا تأثير لها إلا بإرادة اللَّه تعالى، وكذلك رفض الكلمات التي تتنافى مع العقيدة الإسلامية الصحيحة، فإن كانت كلماتها مقبولة مع اعتقاد أنّ أثرها هو بإرادة اللَّه سبحانه كان مسموحًا بها، مثلها مثل الدعاء أو الدواء.

 ومعنى الرُقية في اللّغة والشّرع: هي طلب الشفاء للمريض بالدعاء من القرآن والسُّنّة وبالكلام الطيّب والأدعية التي يُفهم معناها، و يجب ألّا يكون في الرقية كلام شرك أو معصية، وأن تكون الرقية الشرعيّة باللّغة العربيّة ولها معنى مفهوم.  

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ      - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ) رواه مسلم.

وباستقراء السُّنَّة، نجد أنَّ الأمراض التي عولجت بالرُّقية في عهد الرسول - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - كانت من الأمراض العُضويَّة، وما كانوا يعرفون النفسيَّة المعهودة في عصرنَا.

عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زوج النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّها قالت: (كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَاهُ جِبْرِيلُ، قَالَ: بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ) أخرجه مسلم.

وعن الشّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: دَخَلَ عَلَيّ النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فقال لِي: (ألاَ تُعَلّمِينَ هَذِهِ – يعني حفصة – رُقْيَةَ النّمْلَةِ كَمَا عَلّمْتِيها الْكِتَابَةَ) رواه أحمد وغيره.

والنَّمْلَة: قُروح تخرج فى الجَنبين، وقيل: هو داءٌ معروف، وسُمِّى نملةً، لأنَّ صاحِبَه يحس فى مكانه كأنَّ نملة تَدِبُّ عليه وَتعضُّه. ويصفها أطبّاء العصر الحديث بأنّها مرضٌ جلدي أو نوع من أنواع التقرُّحات التي تُصيب الجلد، يشبه نوعًا من أنواع الأكزيما.

ويُقال أنّ الصحابيّة (الشّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنْهَا) اسمها (ليلى) ولكنّها اشتهرت باسم (الشفاء) لشُهرتها بالنجاح فى رُقية المرضى وعلاجهم من مرض (النَّمْلَة).

وقال صاحب فتح المنعم لشرح صحيح مسلم: (وها هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يرقي لديغًا من حيَّةٍ أو عقربٍ بقراءته فاتحة الكتاب على مكان اللدغ مرّات، فيبرأ المريض، ويشفى من سمِّ العقرب بإذن الله. ولله أسرارٌ في كلامه، ولله أسرارٌ في خَلْقِه، ولله أسرارٌ في الأمراض، ولله أسرارٌ في الشِّفاء، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" الأنعام 18) اهـ.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ شيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ، فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا برَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا به قَلَبَةٌ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الذي صَالَحُوهُمْ عَلَيْه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الذِّي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الذِّي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقالَ: (وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟) ثُمَّ قالَ: (قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا، فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) رواه البخاري.

وفي الحديثِ: الرُّقيةُ بِشَيْءٍ مِن كتابِ الله تعالى، وأنَّ سُورةَ الفاتِحَةِ فيها شِفَاءٌ؛ ولِهَذا مِن أسمائِها (الشَّافية)، وفيه: جواز أخْذُ الأُجرَةِ على الرُّقيةِ.

قال ابن القيّم في مدارج السالكين 1/77- بيان اشتمال الفاتحة على الشفاءين، شفاء القلوب وشفاء الأبدان -: (تضمّن هذا الحديث حصولُ شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه، فأغنته عن الدواء، ورُبّما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء. هذا مع كَونِ المحل غير قابل، إمّا لكون هؤلاء الحي غير مسلمين، أو أهل بُخل ولُؤم، فكيف إذا كان المحل قابلًا) اهـ.

وهذا دليلٌ على شُمول الرُّقية لجميع أنواع الأمراض النفسيَّة والعضويَّة، والأمراض الروحانية التي تكون بسبب الأرواح الشيطانية عن طريق (العين والحسد والسحر والمس)، والتي لا علاج لها إلا الرقية الشرعية وليس عند الأطبّاء علاجها إلا تسكين الآلام والأعراض الناتجة عنها.

قال ابن القيّم رحمه الله في زاد المعاد 4/36: (إنّ طبَّ النبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم مُتيقّن قطعيٌّ صادرٌ عن الوحي ومشكاة النبوّة وكمال العقل، وطبَّ غيره أكثره حدسٌ وظنونٌ وتجاربٌ، ولا يُنكر عدم انتفاع كثيرٍ من المرضى بطبِّ النبوّة فإنّه إنّما يُنتفع به من تلقّاه بالقبول واعتقاد الشفاء .. وليس ذلك لقصورٍ في الدواء ولكن لخُبث الطبيعة وفساد المحل وعدم قبوله والله المُوفِّق) اهـ.

وفي زاد المعاد 4/183 : (واعلم أنّ الأدوية الطبيعية الإلهية تنفع من الدّاء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يقع وقوعًا مُضرًّا وإن كان مُؤذيًا، والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصولها الداء، فالتعوّذات والأذكار إمّا أن تمنع وقوع هذه الأسباب، وإمّا أن تحول بينهما وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوّذ وقُوّته وضعفه، فالرُّقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة ولإزالة المرض) اهـ.

والرّاقي الشّرعي هو الذي يقرأ القرآن والأدعية النبويّة والأذكار على المُصاب بالمرض بنيّة الاستشفاء، ولابد أن يكون من أهل الخير والصلاح والاستقامة، ولديه معرفة بالرُقى الجائزة من الآيات القرآنية كالفاتحة والمُعَوذتين وسورة الإخلاص وغيرها، ومن الأدعية الواردة عن النبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، ويتفاوت الناس في رُقيتهم، لاختلاف قلوبهم ودرجة صفائها، وقبول الله لهم وإجابته سبحانه وتعالى لدُعائهم.

عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (لَدَغَتْ رَجُلًا مِنَّا عَقْرَبٌ وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْقِي؟ قَالَ: مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ) رواه مسلم. 

وَعَنْ أَبَى بَكْرِ بنِ سُلَيمَان القُرَشِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً مِن الأَنصَارِ خَرَجَتْ بهِ نَمْلَةٌ، فَدُلَّ أَنَّ الشِّفَاءَ بنتَ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَرْقِي مِنَ النَّمْلَةِ، فَجَاءَهَا فَسَأَلَهَا أَن تَرْقِيَهُ فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا رَقَيْتُ مُنذُ أَسْلَمْتُ، فَذَهَبَ الأَنْصَارِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بالَّذِي قَالَتِ الشِّفَاءُ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّفَاءَ فَقَالَ: (اعْرضِي عَلَيَّ)، فَأعرضتهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: (ارْقِيهِ وَعَلِّمِيهَا حَفْصَةَ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الكِتَابَ) رواه الحاكم وفي السلسلة الصحيحة للألباني.

وفي هذين الحديثين بيّن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل، وبالتالي لكي تكون راقيًّا فلا بد أن تتوفّر فيك الاستطاعة أوّلا، ولا بد أن تُقدّم النفع للناس ما استطعت.

اللّهمّ اشف مَرضانا وارحم موتانا واختم بالصالحات أعمالنا، اللّهمّ اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمد وعلى آله، والحمد لله ربِّ العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم.

الحبيب خميس محمد بوخريص.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف