الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أزمة "كورونا" أثبتت أن النموذج التنموي الذي ابتكره الغرب لم يعد صالحا لبناء المستقبل

تاريخ النشر : 2020-04-04
أزمة "كورونا" أثبتت أن النموذج التنموي الذي ابتكره الغرب لم يعد صالحا لبناء المستقبل
أزمة "كورونا" أثبتت أن النموذج التنموي الذي ابتكره الغرب و ساد المعمورة شرقا و غربا، لم يعد صالحا لبناء المستقبل...

 د.طارق ليساوي 

  في مقال "هل ستنجح الصين في تحقيق مكاسب اقتصادية وتوسيع حصتها من السوق في ظل أزمة “كورونا” عملا بمبدأ “الطيور الأولى تأكل الديدان”؟ و لماذا نؤكد على أن المزاج السياسي الدولي لن يكون في صالح الصين مستقبلا؟" أعجبني تعليق أحد القراء الذي كتب مشكورا  : " تابعت أمس الخميس الإيجاز اليومي ل"ترامب و فريقه لمهمة مواجهة كورونا و لفت نظري تصريحات ل"بيتر نافارو" الأب الروحي ل"ترامب" في مسائل التجارة و كانت عبارة عن خطبة مطولة في حضور ترامب" و واضح أنه متفق على مضمونها و خلاصتها: أن أمريكا كانت قد بدأت تقوم بحماية اقتصادها و إعادة بعث صناعاتها التي قضت عليها العولمة و أن أزمة كورونا أثبتت صوابية هذه الاستراتيجية حيث وجدت أمريكا نفسها رهينة للخارج، و خاصة الصين في تلبية حاجاتها من المواد الطبية الخاصة بالوقاية من العدوى مثل الأقنعة و نقص فادح في أجهزة التنفس..و قبله بأيام كان "ماكرون" قد زار مصنعا لإنتاج الكمامات في فرنسا و ألقى خطبة في نفس السياق.. و لأن الغرب ليس كالعرب -يثورون ثم يخمدون- فإنه يستخلص الدروس و العبر و يعيد رسم الاستراتيجيات و السياسات، و خلاصتها أن عليه أن يعيد بعث الاقتصاد الحقيقي المبني على الاكتفاء الذاتي أقله في الضروريات و الأساسيات الذي لم يتوقع أحد يوما أن تكون مجرد قناع، هذا كله لا يصب إطلاقا في مصلحة الصين" و لعل هذا التعليق العميق  يدعم موقفنا القائل بأن ما سيحدث مستقبلا لن يكون في مصلحة الاقتصاد الصيني، خاصة و أن النمو الاقتصادي إعتمد على التصدير، إذ أصبحت الصين "مصنع العالم" فالصين هي أكبر مصدر للبضائع في العالم، بإجمالي قيمة صادرات يتجاوز تريليوني دولار أمريكي في عام 2018، و ذلك بفعل  توفرها على مزايا تنافسية لا تقاوم، من حيث وفرة اليد العاملة المؤهلة و منخفضة الكلفة، و جاذبية البلاد للاستثمار الأجنبي الذي رغب في الاستفادة من خصائص السوق الصيني الصاعد، إضافة إلى المناخ الاستثماري الجيد في الصين ، و كلها عوامل ساعدت في نهضة الصين و تمكنها من تحقيق معدلات نمو مرتفع و ممتد طيلة 3 عقود..  و غايتي من هذه المقالات هو محاولة إستشراف المستقبل، و قراءة طبيعة التحولات المستقبلة، و حينما أكتب  أو أتكلم أضع صوب عيني أولويات التنمية في العالم العربي و الإسلامي، و أهم عيوب التنمية التي تعانيها هذه البلدان هو ميلها أكثر نحو الاستيراد من "الإبرة إلى الصاروخ"، و انخراطها "المفرط" في اتفاقيات التبادل الحر و الاتفاقيات المتعددة الأطراف التي تمت تحث إطار "الغات " أو "منظمة التجارة العالمية" ، و هو من ضمن العناصر السلبية التي أعاقت عملية التنمية، و جعلت بلداننا مرتبطة أكثر بالخارج و صادراتها في الغالب من المواد الطاقية أو المواد الخام، و هامش السلع ذات القيمة المضافة العالية جد منخفض..  و بحكم أن هذه البلدان تعرف فائضا في القوى العاملة الشابة ، فهي في حاجة إلى خلق فرص عمل، و ذلك لن يتم دون التوسع في القطاعات الانتاجية المختلفة، وسياسة إحلال الواردات أحد المفاتيح الإيجابية، والتي تساعد في خلق اقتصاد منتج، و يمكننا تلخيص سياسة إحلال الواردات بأنها سياسة تهدف إلى إنشاء صناعات وطنية قادرة على إيقاف أو تقليل السلع المستوردة لصالحها ، و أغلب هذه السلع المستوردة يمكن تصنيعها محليا و من قبل رأسمال المحلي، فعندما أرى أغلب الأسواق العربية تغرقها السلع الصينية المنخفضة الجودة و الثمن، أتساءل هل الساسة و رجال الاقتصاد و المستهلكين في هذه المجتمعات يدركون خطورة ما يحدث ؟و هل من مصلحتنا الاعتماد - المفرط- على المنتجات المصنعة في الصين أو الهند أو غيرها؟ و هل صادراتنا بإتجاه الصين هي بنفس حجم وارداتنا منها؟ و للإجابة عن هذا السؤال يكفي نظرة موجزة  عن الميزان التجاري لأغلب البلدان العربية مع الصين، إذ أن الصين تحقق فائضا معتبرا مع أغلب هذه البلاد.. فحجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية وصل لنحو 224.3 مليار دولار عام 2018 ، و بلغ حجم عقود المقاولات الصينية في الدول العربية إلى 35.6 مليار دولار، هذا دون الاستثمارات الصينية المباشرة في الدول العربية، والتي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار..و قد عززت الصين وجودها الاقتصادي في العالم العربي بشكل كبير، فتمكنت من رفع حجم استثماراتها في المنطقة من 36.7 مليار دولار في عام 2004 إلى 224.3 مليار دولار في 2018.

وبخلاف التجارة، قدمت الصين في عام 2018 حزمة مساعدات للدول العربية بحوالي 23 مليار دولار، 20 مليارا منها في صورة قروض تخصص لتطوير مشروعات وخلق وظائف في الدول التي تحتاج دعما وإعادة إعمار، و طبعا الشركات التي تتولى مهمة الاعمار هي صينية،و حجم المساعدات الإنسانية لم تتعدى 90.6 مليون دولار ، و جاءت في صورة مساعدات إنسانية وإنشائية لكل من سوريا واليمن والأردن ولبنان...     و من دون شك، أن الصين بقدر ما إرتفعت صادراتها إرتفعت أيضا وارداتها من مختلف دول العالم، ففي عام 2018، تجاوزت قيمة الواردات الصينية 2.1 تريليون دولار، ما يمثل 10.9% من إجمالي الواردات في العالم، واحتلت المرتبة الثانية عالميا، بعد الولايات المتحدة..و تستورد الصين الكثير من المنتجات من مجموعة كبيرة من البلدان، كما يزداد عدد شركائها التجاريين الجدد يوما تلو الآخر..فقد استوردت الصين في ذات السنة  منتجات تكنولوجيا فائقة بقيمة تجاوزت 671 مليار دولار ، بزيادة 15% عن عام 2017. كما احتلت بعض المنتجات الأخرى مثل المعدات الكهربائية والمنتجات الزراعية والغاز الطبيعي والنفط الخام والسيارات حيزا كبيرا من الواردات الصينية...

وفي المقابل، يحتل النفط العربي أهمية كبرى بالنسبة للصين، وبلغ حجم صادرات النفط العربي إلى الصين في عام 2018 حوالي 107.7 مليار دولار، وتأتي ثلاث دول عربية ضمن قائمة الدول الخمسة الأولى التي استوردت منها الصين احتياجاتها النفطية و هذه البلدان هي : السعودية في المركز الثاني (بقيمة 29.7 مليار دولار)، والعراق في المركز الرابع (بقيمة 22.4 مليار دولار)، وسلطنة عمان في المركز الخامس (بقيمة 17.3 مليار دولار).. و الجدير بالذكر، لسنا ضد التجارة الدولية بشكل عام، و لكن ينبغي أن تعود على كل البلدان و المجتمعات بذات النفع، أما التوسع في الواردات فهو يقود بالتبعية  إلى تصدير فرص  العمل، و الحد من فرص تطور و توسع الصناعات المحلية، و بالنظر إلى الصين و غيرها من البلدان الصناعية الصاعدة، فإن الانفتاح عن التجارة الدولية كان انفتاحا متحكما فيه، و الغاية منه دعم و رفع الصادرات الصناعية و غيرها، و لذلك تم إعتماد سياسات نقدية و تحفيزات ضريبية، و قدر كبير من الحمائية الجمركية لدعم و حماية الصناعات الناشئة و تشجيعها على الولوج للأسواق الدولية.. و بنظرنا ، أن أغلب البلدان النامية تجد صعوبة في ولوج السوق الدولية ، و في التأسيس لبنية صناعية ، و السبب ليس ضعف الرأسمال الكافي أو ضعف الخبرات ، فحتى إن توافرت هذه العناصر فإن المنافسة الأجنبية و تدفق  البضائع و السلع من البلدان المتقدمة إقتصاديا، يقلص من فرص نجاح و توسع المشاريع المحلية، و التنمية لا يمكن أن تتحقق دون إنتاج محلي، و ما يولده من دورة إقتصادية تعم البلد بأكمله...لذلك، علينا أن ننظر إلى المتغيرات الحالية في الساحة الدولية، بطريقة أكثر إيجابية، و ينبغي استغلالها بذكاء و مسؤولية لتأسيس لاقتصاديات حقيقية تنتج الغداء و الدواء و الكساء و تلبي الاحتياجات الأساسية التي توسع خيارات الشعوب، بعيدا عن مجرد الوساطة أو القبول ببعض الأنشطة الهامشية أو الطفيلية، التي تنمي الفقر و التخلف أكثر مما تحقق التنمية الفعلية.. فالنموذج التنموي الذي ابتكره الغرب و ساد المعمورة شرقا و غربا،و تبنته مختلف الدول بما فيها الصين، لم يعد صالحا لبناء المستقبل، بمعنى بناء إقتصاديات قادرة على تحقيق النمو دون إضرار بالبيئة و تدميرها ، و تحقيق التوزيع العادل للثروة و الدخل محليا و دوليا، فهذا النموذج بلغ ذروته، و ما نراه اليوم من تدهور إقتصادي و تدمير بيئي و انحطاط ثقافي و تفشي الأوبئة و ترليونات الدولارات تتبخر و لا نراها  إلا على أسطح  الشاشات، و لو أنها فعلا أستثمرت في عمارة الأرض و توسيع خيارات الأفراد و الأمم لكان الوضع مغايرا على ما هو سائد اليوم ...و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لايعلمون...     أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية و السياسات العامة..

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف