الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

النقد .. عامل بناء لا هدم!بقلم:محمد عمر المصري

تاريخ النشر : 2020-04-04
النقد .. عامل بناء لا هدم!
محمد عمر المصري

"هل كل أشكال النقد تصلح في وقت الأزمات. أم يتكاتف الجميع للخروج من الأزمة؟" هذا التساؤل طرحه أحد الأصدقاء على الفيبسبوك وهو تساؤل وجيه يستلزم الوقوف من خلاله على ثلاث نقاط أساسية وهي: النقد، الأزمة، التكاتف.

فالأزمة باعتبارها هي المتغير الأساسي المؤثر على كلمتي النقد والتكاتف، كحالة استثنائية عن الأمور الطبيعية، لها مراحل ثلاث يتم دراستها من خلالها؛ المرحلة الاولى: مرحلة ما قبل الأزمة، والمرحلة الثانية: مرحلة أثناء الأزمة، والمرحلة الثالثة: مرحلة ما بعد الأزمة.

وتلك المراحل هي أيضا مربط الفرس في تفسير العلاقة الاجتماعية بين الناس أو بمعنى أكثر دقة بين الشعوب والحكومات، فمن وجد خيرا سابقا ورخاء محققا قبل وقوع الأزمة فإنه بلا شك يسارع إلى تعظيم الجهود التي أحدثت هذا الخير، والعكس صحيح وإن كان مضمرا في النفوس المغلوبة على أمرها، ولسان الحال في الأمرين معا أن: "عين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عيب السخط تبدي المساويا".

ففي مرحلة ما قبل الأزمة ينعكس بطبيعة الحال، حال الناس وأوضاعهم على المراحل التالية، وهي أمور قتلت بحثا من قبل علماء النفس والاجتماع، يقول ابن خلدون: "إذا رأيت الناس تكثر الكلام المضحك وقت الكوارث فاعلم أن الفقر قد أقبع عليهم وهم قوم بهم غفلة واستعباد ومهانة كمن يساق للموت وهو مخمور". وربما يقصد الفقر بمعناه الواسع وليس بمعناه المادي فقط، فقصور الرؤية فقر، وإساءة التصرف فقر، والآراء المتميعة فقر، وكذلك النفاق فقر، وهذا الفقر المعنوي أشد خطرا وفتكا من الفقر المادي. وإنك لن تستطيع حملي على التصفيق لك نفاقا، وإن فعلت أنا وأنت، فكأنما نخرق في سفينة نجاتنا خرقا يتسع شيئا فشيئا، مالم تضرب يد الإصلاح على سفاهتنا تلك فنكف ونردتع!

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينة، فصار بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إذا اسْتَقَوْا من الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا".

فالنقد أو بالأحرى النصيحة كما يحلو لي أن أسميه، هو أسلوب طبيعي لتصحيح الأخطاء والتوجيه السليم نحو الرخاء والتقدم، ويجب على الجميع تقبله حتى لا تسود عين السخط دائما، وكما يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير: "الطريقة الوحيدة لحمل الناس على أن يقولوا فينا خيرا هي أن نعمل الخير!" فأزمة الإنسانية الممتدة بأذرعها حول مبادرات الإصلاح ودعاته، هي أنها لا تعبأ بالحكمة ولا تدع لتصرفاتها أن تحل محل تلك السفاهة المتجولة في حواري الناس وأزقتها كنسيم عليل وهي في حقيقتها لا تقل خطورة عن فيروس كورونا!

وفي مرحلة الأزمة، وهي المرحلة الأشد بطبيعة الحال، إذ الجميع تحت سطوة موقف متأزم وكارثة محدقة، فلا مجال لعاقل أن ينافق، ولا مجال لمجتهد أن يتقاعس، ولا مجال لضغائن أن تسود، ومن الأولى أن يتصرف الجميع كمعاوية رضى الله عنه فيما يعرف بشعرة معاوية، وهي سياسة، وإيم الله، لو اتبعها الحكام لأراحوا واستراحوا! سئل رضي الله عنه: كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟ فقال: "إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها".

وكم يتعاظم أمر النقد البناء، والنصيحة الراشدة في مثل تلك الظروف الحرجة عند وقوع الأزمات والكوارث، والتصفيق في اتجاه واحد لا يريك مشاهدة ممتعة للمباراة، وكم هو عظيم ذلك القائد أو المسئول الذي ينحني إجلالا واحتراما لشعبه، ولا نقول أنه يذكرهم بقول أبي بكر الصديق أو عمر رضي الله عنهما، بل على أقل تقدير يحترم العقول ويتقبل النقد والنصيحة ممن هم أهل لإسدائها، ويعلم أن النصيحة وتوجيه النقد لسياسة ما لا يخرج صاحبه من الوطنية إلى الخيانة، ويعلم أن هناك من ينفخ في النار كي تأتي على الأخضر واليابس، وأن هناك أيضا من ينفخ فيها كي تنير درب الحياة بشعلتها الوقادة!

هناك يا سادة من يتغنون في عيون الوطن ويتأهبون للتضحية في سبيله بكل غال ونفيس، كما أن هناك، والحال جلية، من يتغنى للوطن من أجل المال والسلطة والجاه والشهرة، وما أكثرهم!

إن العالم يتغير بعد الأزمات، ومن لم تغيره الأزمة إلى سبل ناجحة وطرق سديدة فهو والأموات سواء، فالدعاة يقولون: إن شر السيئات تلك التي ترتكب أثناء البلاء، والسياسيون يقولون: إن كتم الأفواه هو خير سبيل لمواجهة الأزمات، لكن الحكماء وأهل الإصلاح لابد أن تنطلق من أفواههم كلمة الحق التي تنادي دائما بمبدأ واحد لا حياد عنه ولا تبديل؛ مبدأ "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت". فهل من دواعي الوطنية أن أمدح سياسة خاطئة أو قرار ظالم أو تصرف غير مسؤول، والله إنها الخيانة بعينها تلك التي تجعلنا نغض الطرف خوفا وطمعا!

وأما مرحلة ما بعد الأزمة فهي تقود إلى مسارين لا ثالث لهما، إما أن ينحدر مؤشر الحياة والإنجاز نتيجة تلك التصرفات البلهاء والقرارات المدمرة فتهوى به الريح في مكان سحيق، أو يرتفع المؤشر عاليا في سماء المجد والرقي والتقدم.

وفي هذه المرحلة لابد من مواثيق جديدة وأساليب مغايرة ووسائل حديثة تغير التفكير فلا ينصب إلا نحو الإصلاح والتقدم، وتغير النفوس فلا تدع لمعاول الهدم والتردي إلى الأوطان سبيلا، وتغير الأخلاق نحو مسارات جديدة من الصدق والإخلاص وإتقان العمل والوفاء بالوعود وعدم الظلم وغيرها من محاسن الأخلاق. وربما الغضب الذي يبدو تجاه بعض القرارات هو غضب محمود، لتجنب تفاقم الأزمة واستفحالها.

ولعل قول زهير بن أبي سلمى، يقرب المعنى إذ يقول:

 إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره ... لكن وقائعه في الحرب تنتظر

 فابن ورقاء هذا، لا يُخاف منه -عند غضبه وحدته-؛ لأنه يملك نفسه عند الغضب، فلا يغدر ولا يخون؛ ولكن فتكه بأعدائه في الحرب، يرتقب ويخشى منه.

فلا بد إذن في مراحل الأزمة الثلاث أن يتكاتف الجميع متعاونين ومتآزرين نحو بناء وطنهم ولابد أن يعوا نداء الدهر فيهم أن لا أحد يبني لكم وطنكم سواكم، لكنِ الهدامون كُثر، وأولهم أنتم!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف