الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

صلاحية رئيس دولة فلسطين في اصدار المراسيم والقرارات الناظمة لحالة الطوارئ

تاريخ النشر : 2020-04-04
صلاحية رئيس دولة فلسطين في اصدار المراسيم والقرارات الناظمة لحالة الطوارئ  في ظل غياب المجلس التشريعي
المحامي مهند عمر الكببجي

صدر بتاريخ 5 اذار 2020 عن رئيس دولة فلسطين المرسوم الرئاسي رقم (1) لسنة 2020 بخصوص اعلان حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية لمواجهة خطر فيروس الكورونا ومنع تفشيه، وحاليا يدور الحديث حول توقيع السيد الرئيس مرسوما جديدا بتمديد حالة الطوارئ لمدة شهر اضافي، حيث تم تسريب نسخة عن المرسوم على مواقع التواصل الاعلامي يحمل توقيع رئيس دولة فلسطين ومؤرخ في 3/4/2020 وعلى ان يتم العمل بموجبه من تاريخ صدوره.
وقد اثار هذا المرسوم ( مرسوم التمديد) جدلا قانونيا حول الاساس القانوني الذي يستند اليه رئيس دولة فلسطين في صلاحياته باصداره دون الرجوع الى المجلس التشريعي للحصول على الموافقة المسبقة منه. وانقسمت الاراء ما بين من لا يرى بان الرئيس مخولا باجراء هذا التمديد دون الرجوع الى المجلس التشريعي وان هذا المرسوم يغدو غير دستوري، وما بين رأي مؤيد لصدوره.
وتكمن المعضلة الاساسية في ان هذا المرسوم يصدر في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني، اذ ان المجلس غير قائم او غير منعقد دستوريا، بعد صدور القرار الرئاسي التاريخي بتاريخ 22/12/2018 بحله بناءً على القرار التفسيري رقم 10/2018 الصادر عن المحكمة الدستورية العلية بتاريخ 12/12/2018 التي اوصت بحل المجلس التشريعي.
ويأتي المرسوم الاخير ( مرسوم التمديد) استكمالا للجهود الحكومية التي تبذلها دولة فلسطين في مواجهة الظروف الطارئة المتمثلة في انتشار جائحة فايروس كورونا على مستوى دول العالم وانتقال العدوى بهذا الفايروس الى مزيد من المواطنين والخشية من تفشي المرض واندلاعه بشكل وبائي، حيث عجزت الدول المتقدمة عن مواجهته، الامر الذي استدعى من دولة فلسطين بذل كامل استعدادها وجهوزيتها لمواجهة هذا الوباء ومن اجل تجنيب عموم افراد الشعب الفلسطيني من اثاره او الحد منه قدر الامكان.
وحتى يتسنى للقارئ الكريم من الحصول على فهم كامل للموضوع من الناحية القانونية، وقبل ابداء ملاحظاتي، فان الاصول المهنية تقتضي اولاً تحديد المسألة القانونية محل النقاش والمتمثلة في مدى دستورية المرسوم الرئاسي بتمديد حالة الطوارئ دون الرجوع الى المجلس التشريعي الفلسطيني، في ظل عدم انعقاد المجلس، وعلى ضوء الفقرة الثانية من المادة 110 من القانون الاساسي لسنة 2003 التي قيدت صلاحيات الرئيس بجواز تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً أخرى شريطة الحصول على الموافقة المسبقة من المجلس التشريعي الفلسطيني بأغلبية ثلثي أعضائه. والمسألة الاخرى وهي ماهي الحلول والخيارات الدستورية والقانونية المتاحة امام الرئيس في هذا الجانب من اجل مكافحة هذا الوباء. ان الاجابة على هذه التساؤلات هي نعم، يملك رئيس دولة فلسطين الصلاحية الدستورية والقانونية في اصدار مرسوم بتمديد فترة اعلان حالة الطوارئ في ظل غياب المجلس التشريعي.

من اللافت للنظر، بعد الرجوع الى ديباجة مرسوم التمديد، انه قد استند في اصداره الى جملة من الادوات والأسس الدستورية والقانونية على النحو التالي:
• القانون الاساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته ولاسيما احكام الباب السابع منه.
• المرسوم الرئاسي رقم (1) لسنة 2020 م بشأن اعلان حالة الطوارئ
• القرار بقانون رقم (7) لسنة 2020 م بشأن حالة الطوارئ.
• الواجبات الدستوري لرئيس دولة فلسطين في رعاية مصالح الشعب الفلسطيني رعاية كاملة.
وعلى ضوء ذلك اجد ان المرسوم المذكور سليم من الناحية الدستورية والقانونية ويقع من ضمن الاختصاصات الاصيلة لرئيس دولة فلسطين بل انه يعد من اهم واجباته الدستورية تجاه الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة، من عدة جوانب متناوبة:
اولا:
بالرجوع الى المرسوم الرئاسي الاول رقم (1) لسنة 2020 بشأن اعلان حالة الطوارئ نلاحظ انه قد صدر وفقا لاحكام القانون الاساسي لسنة 2003 وتعديلاته، وانه صدر بشكل ( مرسوم ) عملا بالفقرة (1) من المادة (110) والتي تنص على ما يلي:
"عند وجود تهديد للأمن القومي بسبب حرب أو غزو أو عصيان مسلح أو حدوث كارثة طبيعية يجوز إعلان حالة الطوارئ بمرسوم من رئيس السلطة الوطنية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً"
اما فيما يخص المرسوم اللاحق بالتمديد فانه صدر ايضا عن الرئيس الفلسطيني، دون الرجوع الى المجلس التشريعي، حيث ان هذا المجلس غير قائم حاليا، بالرغم من ان الفقرة الثانية من المادة 110 من القانون الاساسي تنص على مايلي:
"يجوز تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً أخرى بعد موافقة المجلس التشريعي الفلسطيني بأغلبية ثلثي أعضائه"
وفي هذا الصدد عالج القانون الاساسي مسألة غياب المجلس التشريعي وتعذر القيام بوظائفه الدستورية، فجاءت المادة (43) منه بمنح الصلاحية لرئيس دولة فلسطين في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، إصدار قرارات لها قوة القانون، وعليه يكون المرسوم الرئاسي قد صدر ضمن صلاحيات واختصاصات الرئيس المنصوص عليها في القانون الاساسي.
وهنا يمكن ان يثار تساؤل، وهو ان المادة 43 قد منحت الرئيس صلاحية اصدار قرارات بقوانين وليس اصدار مرسوم رئاسي بتمديد فترة الطوارئ بدون موافقة مسبقة من المجلس التشريعي. ان هذا الامر الذي يستدعي الوقوف عند هذه المادة وتبيان الفرق ما بين المرسوم الرئاسي والقرار بقانون. فالمرسوم الرئاسي، يقع في منزلة التشريع الفرعي ( أو الثانوي) في الهرم التشريعي باعتباره يصدر عن السلطة التنفيذية، في حين ان القرار بقانون يقع بمنزلة التشريع العادي ضمن الهرمية التشريعية، حيث تسمو احكام التشريع العادي على التشريع الفرعي.
وعليه، فاذا كان القانون الاساسي قد منح الرئيس (عند غياب المجلس التشريعي) صلاحية اصدار قرارات بقوانين (اي تشريعات عادية) بالرغم من انها تقع من ضمن الاختصاص الاصيل للمجلس التشريعي في الظروف الاعتيادية، فمن باب اولى ان الرئيس مفوض باصدار مرسوم رئاسي بتمديد مدة حالة طوارئ دون الرجوع على المجلس التشريعي غير المنعقد، عند الاقتضاء، كما هو في الحالة الماثلة وهي الحاجة الماسة لتمديد حالة الطوارى لمواجهة خطر داهم محدق لا يحتمل التاخير، تطبيقا للقاعدة الفقهية القائلة ان من يملك الاكثر فانه من باب اولى يملك الاقل.
ثانيا:
من ناحية اخرى وبالاضافة الى ما ذكر، ان المرسوم الرئاسي بتمديد فترة الطوارئ قد صدر سعيا الى تحقيق الهدف الدستوري الاسمى وهو رعاية كامل مصالح الشعب الفلسطيني التي نص القانون الاساسي عليها، مثلما فعلت معظم الدساتير الحديثة، كاحد اهم واجبات وصلاحيات رئيس الدولة على النحو الذي نصت عليه المادة 35 من القانون الاساسي. وان القول بغير ذلك يؤدي الى عرقلة اداء رئيس الدولة لواجباته الدستورية المتمثلة في رعاية مصالح الشعب الفلسطيني، ولا ينسجم مع روح الدستور ومقاصده.
ثالثا:
ان تجاهل الوضع السياسي الراهن المتمثل في غياب المجلس التشريعي، ووجود الخطر الداهم الذي من شأنه ان يمس الامن القومي والصحة والسلامة للشعب الفلسطيني، على سند من القول بان الرئيس الفلسطيني لا يملك صلاحية تمديد فترة الطوارئ بدون الحصول على الموافقة المسبقة من المجلس التشريعي، يجانب الصواب ويتعارض مع المبادئ القانونية، اذ ان القاعدة الفقهية التي نصت عليها المادة 28 من مجلة الاحكام العدلية تقضي انه "إذَا تَعَارَضَ مَفْسَدَتَانِ رُوعِي أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا". فالاصل ان يوضع في الميزان ايهما اشد ضررا على مصلحة الشعب الفلسطيني، اصدار مرسوما رئاسيا بدون الرجوع الى مجلس تشريعي (غير منعقد) وبالنتيجة حماية البلاد والعباد، ام تجنب اصدار المرسوم الرئاسي بتمديد حالة الطوارئ بسبب عدم وجود مجلس تشريعي وتعريض الشعب الفلسطيني لاخطار محققة من شأنها ان تمس الصحة والسلامة به وتؤدي به الى التهلكة.

أخيراً وليس اخراً، قد يذهب البعض، مع الاحترام، الى انه لا داعي لتمديد حالة الطوارئ، بل انه لا داعي لاعلان حالة الطوارئ من الاساس، على سند من القول انه كان بامكان الحكومة الرجوع الى الادوات القانونية في القوانين العادية كقانون الصحة العامة، وقانون الدفاع المدني، وقانون العقوبات. فمثلا قانون الصحة العامة يمنح وزير الصحة صلاحية فرض الحجر الصحي كليا او جزئيا. وفي هذا الصدد بداية لا بدن من توضيح مفهوم حالة الطوارئ واساسها ومرجعيتها القانونية، وكذلك التعرض لمحدداتها على المستوى التشريع الداخلي والدولي. والسؤال الذي يبرز بهذا الصدد، هل الادوات القانونية المنصوص عليها في التشريعيات الاعتيادية كافية لمواجهة هذه الجائحة، كيف يمكن مثلا فرض القيود على حرية التنقل في معظم ارجاء الوطن وبين المدن وفي داخلها وتقييد حرية السفر للخارج دون ان يكون هناك صداما مباشرة مع بعض الحقوق والحريات التي وضعها القانون الاساسي الفلسطيني والاتفاقيات والمواثيق الدولية الفلسطينية، وبدون ان يؤودي الى اشكاليات قانونية لها اول وليس لها اخر، يصعب على الجهات الحكومية والقضائية بحثها والتصدي لها ومعالجتها في ظل الازمة الراهنة؟
فحالة الطوارئ هي عبارة عن إعلان من الحكومة نتيجة ازمة تتعرض لها الدولة فتقوم باتخاذ تدابير معينة كوقف مؤقت او جزئي للسلطة القضائية، وتتوقف على أثرها الحياة الاجتماعية، والسياسية، إضافةً إلى تعليقها الحقوق المدنية العادية، والطلب من المواطنين القيام بإجراءٍ مُحدّد. أمّا الأزمة التي تمر بها البلاد أثناء حالة الطورائ فتكون عبارةً عن حدثٍ غير عادي، نتيجة كوارث طبيعية، أو أسباب غير طبيعية، وتتعرض على أثرها صحة، وسلامة، وموارد السكان إلى الخطر، وتكون على نطاقٍ واسع، وبحالةٍ غير اعتيادية، ممّا يصعب الأمر على الحكومة في اتخاذ الإجراءات الاعتيادية.
وفي ومواجهة جائحة كورونا العالمية، قامت العديد من الدول كالولايات المتحدة الامريكية والمملكة الاردنية الهاشمية ودولة فلسطين باعلان حالة الطوارئ سعيا من هذه الدول الى مكافحة هذه الجائحة بشكل فعّال.
وان القول بان اعلان حالة الطوارئ فيه تجنٍ على الحياة الدستورية ومساسا بحقوق الانسان، يجانب الصواب، اذ بالرجوع الى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليها من قبل دولة فلسطين فانها نصت في المادة (4) منه على انه في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي. وكذلك افردت قيود ومحددات اخرى بهدف عدم المساس بمجموعة من الحقوق الاساسية بهدف المحافظة على الحق في الحياة، وتحريم اخضاع اي احد الى للتعذيب او العقوبات، او المعاملة غير الانسانية او المُحطّة بالكرامة الانسانية، وتحريم الاسترقاق.
فاذا كان القانون الدولي يسمح ويتيح في حالة معينة للحكومات فرض حالة الطوارئ ضمن المعايير والمحددات المذكورة فان فكرة انتقاد اعلان حالة الطوارئ من جانب البعض، ويشكل مبدأي، لاسباب يعزونها الى انتهاك حقوق الانسان يغدو بدون اساس قانوني.

ختاماً، ان القرار الرئاسي القاضي يتمديد فترة حالة الطوارى يتفق مع نصوص القانون وروحه ويأتي ضمن تحقيق المصلحة الفضلى المتوخاة في القانون الاساسي وهي حماية ورعاية كافة مصالح الشعب الفلسطيني حفظه الله من كل سوء.
اعداد
المحامي مهند عمر الكببجي
ماجستير في القانون
3/4/2020
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف