الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية "الساخر العظيم" للروائي أمجد توفيق : قراءة خاصة بقلم:سامي مهدي

تاريخ النشر : 2020-04-03
رواية "الساخر العظيم" للروائي أمجد توفيق  : قراءة خاصة

***********************
سامي مهدي

رواية " الساخر العظيم " هي آخر ما صدر للروائي الصديق أمجد توفيق ، وهي رواية طويلة نسبياً ، تقع في 662 صفحة ، مقسمة إلى 58 فصلاً ، يضيف المؤلف في كل فصل من فصولها معلومات أو أحداثاً جديدة يفترض أن تشكل عموده الفقري . ويمكن القول إن هذه الرواية روايتان اثنتان متداخلتان عن أسرة موصلية ، في إحداهما يروي الجد ( سلمان الأصيل ) سيرته الخاصة في مخطوط يعثر عليه أحد أحفاده ، فيكشف ما تجهله أسرته عنه من خفايا وأسرار ، بينما يسرد راو عليم واحد مجمل أحداثها ، ولا سيما أوضاع أبني سلمان ( إبراهيم ، وشهاب ) وأحفاده منهما ومواقف هؤلاء وأحوالهم إبان الحقبة الداعشية التي مرت بها الموصل . فالرواية إذن بناء منظم مركب سهر المؤلف بجهد كبير واضح على التخطيط له وتنظيم أحداثه وتركيبها .

ولهذه الرواية شخصيتان رئيسيتان هما : سيف بن ابراهيم ، وسعد بن شهاب . وسيف شاب لامع وإعلامي ذكي وحاذق ويقظ يكلف في بغداد بإدارة قناة فضائية خاصة مشبوهة ، لقاء أجر عال وامتيازات خاصة مغرية ، لاستدراجه إلى مستنقع الشبهات ، والثاني ، سعد ، يقيم في الموصل ويبقى فيها مع أخيه الكبير جلال إبان الاحتلال الداعشي ، يبقيان لإدارة تجارة الأسرة ورعاية مصالحها بعد رحيل بقية أفرادها إلى تركيا خوفاً من داعش واتقاء لشرورها .

يمضي سيف أيامه بين عمل جاد مثابر من جانب ، ولهو وعبث من جانب آخر مع نساء غير بعيدات عن محيط العمل ( نور ، ندى ، ليلى ، آسيا ، ثم سوسن ) يحببنه ، أو يتظاهرن بحبه ، ولكنهن مكلفات ، بعضهن أو كلهن ، بإغرائه واستدراجه ليكون جزءاً من شبكة تخدم أمريكا ومصالحها في البلاد ، وهو يقظ على الدوام يعي ما يدبر له من مكائد ومن مصائد ، ويتجنب بكل حذر أن يقع فيها ، فيتملص المرة بعد المرة ، ويرفض العرض بعد العرض ، غير واثق من أحد ، أو متيقن من شيء ، وعدم اليقين هاجس ظل يلازمه لأنه يعمل في محيط موبوء بالكذابين والمنافقبن والمنتفعين من كتاب التقارير وناصبي الأفخاخ ، وفي مقدمتهم ( فهد ) مالك القناة وعرابها ، يحركهم من وراء ستار ، جميعاً وأولهم فهد ، ضابط أمريكي يدعى ستيوارت ، وهو ضابط مخابرات حتماً ، حتى يقرر بعد شهور ترك عمله المشبوه هذا والالتحاق بأسرته في تركيا .

أما سعد فيصادف ذات يوم في الموصل فتاة يزيدية هاربة من أسر الدواعش تدعى ( بهار ) فيعطف عليها ويرعاها ويؤويها في عمارة خالية من أملاك العائلة ، ثم ينقلها في ما بعد إلى بيت العائلة بموافقة أخيه جلال ، فيحبها وتحبه بمرور الأيام . وكانت بهار قد وجدت قبل ذلك صندوقاً من خشب الجوز في غرفة من غرف العمارة ووجدت في الصندوق مخطوطاً ، فيأخذ سعد الصندوق والمخطوط منها ، ثم يشرع بقراءة المخطوط ليكتشف أن جده سلمان هو من كتبه ، وأنه روى فيه سيرته الشخصية ، ويعترف في ما كتب بأنه يزيدي الأصل ، من قرية تدعى ( ساني ) وأن ( الأب ميخائيل ) أودع صندوقاً لدى جده ( إبراهيم إلياس ) وأخبره بأنه يعود إلى الكنيسة . وكان ذلك أيام تمرد الآثوريين على السلطة في ثلاثينيات القرن العشرين وقيام السلطة بشن الحرب عليهم والفتك بهم بلا رحمة ، وإذ يقتل الأب ميخائيل في خضم هذه الأحداث يدفن إيراهيم إلياس وابنه سلمان الصندوق في بستان في القرية حرصاً عليه .

غير أن أبا سلمان وأمه ما لبثا أن قتلا في ذيول هذه هذه الأحداث ، فيرحل سلمان إلى الموصل وهو يومئذ في الخامسة عشرة من عمره ، وإذ يتصوره الآخرون مسلماً ، يتقبل هو هذه الصفة ويتعايش معها وينسجم ، وبعد شهور من رحيله إلى الموصل آواه تاجر من أهل المدينة يدعى إسماعيل ، ورعاه هذا الرجل واعتمد عليه في عمله ، ولما لمس منه رغبة في التعلم أشار عليه بأن يتعلم على يدي شيخ الجامع ، فتعلم عند هذا الشيخ القراءة والكتابة وقراءة القرآن ، ثم زوجه إسماعيل من ابنته ( نجاة ) فرزق منها بإبنيه شهاب وإبراهيم . ولكن اسماعيل يتعرض إلى مصاعب مالية فيكاد يفلس لو لم يقف سلمان إلى جانبه ويساعده ، ولما توفي عمل سلمان بعده في التجارة ، وجدّ فيها واجتهد حتى اغتنى ، وبنى بيت العائلة الكبير ، واستعاد صندوق الأب ميخائيل المدفون في القرية وحفظه في مخزن سري ملحق بغرفته الخاصة في هذا البيت ، واشترى عقارات فأصبح من أهل الثراء والجاه ، ولكنه كان شهماً وكريماً وعطوفاً يساعد الفقراء والمحتاجين ، وكان زير نساء أيضاً ، كحفيده سيف ، وظل كذلك حتى وفاته ، وهذه كلها أسرار ظلت خافية على أفراد عائلته جميعاً إلى أن عثرت بهار على صندوق سلمان وقرأ سعد المخطوط واحتفظ بأسراره حتى حين .

عرض هذه الرواية عملية ليست سهلة لكثرة تفاصيلها وتشعبها ، وقد قفزت من فوق الكثير منها ، ولكن هناك أموراً أخرى أساسية ينبغي ألا نغفلها ، من أهمها :

• أن المخطوط يشير إلى ( كنز ) يحفظه سلمان في مخزنه السري ، ويبحث سعد عن مدخل لهذا المخزن حتى يعثر عليه ، ولكنه لا يجد فيه غير صندوق الأب ميخائيل ، أما ( الكنز ) نفسه فلا يجده ، وتبقى حكاية هذا الكنز أحجية معلقة يحاول أن يجد لها حلاً ولكن بلا جدوى .

• يكتشف سلمان في صندوق الأب ميخائيل رزماً من نقود ورقية وكثيراً من الليرات ذهبية ، ويجد تحت قاعدة الصندوق المتحركة صندوقاً آخر صغيراً فيه كيس جلدي عتيق ، وفي الكيس ورقة قديمة مطوية يعرف مما كتب عليها أن الليرات الذهبية تعود ملكيتها إلى شخص يهودي يدعى ( موشي حزقيل ساس أو ساسو ) . وبذلك تكون الوديعة قد انتقلت من يهودي (موشي) إلى مسيحي ( الأب ميخائيل ) فإلى يزيدي (إبراهيم إلياس) فإلى ابنه (سلمان) الذي أدركه الإسلام . فيتساءل سلمان ( أي سر تجمع هذه الأحجية ؟ ) .

• ظهور حركة مقاومة محلية ضد الدواعش تمتد من الموصل إلى خارجها ، فيتبرع لها سعد وجلال بالأموال ، ويستعينان بأحد شبابها ( بارق ) على تهريب ( بهار ) إلى أهلها في أربيل فتنجح المحاولة ، بعد فشل محاولة سابقة استعان فيها سعد بابن عمه سيف ، واستعان هذا بمعارفه من الأمريكان . ولكن ما يلبث الدواعش أن يقبضوا على ( بارق ) في مصادفة فيقضي قاضيها بإعدامه ، فيعدم ، وتشيع الناس جثمانه بتحد صارخ . أما سيف فيترك عمله في فضائية ( فهد ) المشبوهة ويقطع علاقته بها وينتقل بعد حين من اسطنبول حيث تقيم عائلته إلى أربيل . وعندئذ تعرض قيادة هذه الحركة عليه تولي قيادة العمل الإعلامي فيها فيقبل هذه المهمة ، ويستفيد من علاقته بها في تهريب ابني عمه سعد وجلال من الموصل إلى أربيل . وبهذا تدحض الرواية تهمة الرضوخ للاحتلال الداعشي التي حاول المتهاونون في الدفاع عن الموصل إلصاقها بالموصليين ، وتدين من هربوا منها وتخلوا عنها وهم مدججون بالسلاح .

• يستفيد سيف من علاقته بالمقاومة في تهريب ابني عمه سعد وجلال من الموصل إلى أربيل . ويتزوج سعد من بهار ، وفي فندق بأربيل يلتقي شاب يزيدي يدعى ( خضر جاسم ) بسعد وسيف وجلال مصادفة ، فيتعرف عليهم ، ونعلم منه أن عائلته كانت تقيم في بستان جدهم سلمان في قرية ( ساني ) وترعى البستان وتعيش من خيراته طوال السنوات الماضية بفضل منه ، وبذلك يعرف سيف وجلال هذا الجانب من الحقيقة ، ثم يكشف لهما سعد قصة المخطوط وما ينطوي عليه من أسرار ، وعندئذ يعقد اجتماع يضم جميع أفراد العائلة ويعرض سعد عليهم كافة ما توصل إليه من حقائق بشأن العائلة وأصولها ، فيتقبلها الجميع بوصفها أمراً واقعاً لا مفر منه .

يلوح لي مما تقدم أن الكاتب يربط بين ما حدث للآثوريين واليزيديين في ثلاثينيات القرن العشرين على أيدي السلطة الحاكمة يومئذ ، وما حدث للموصل وأهلها على أيدي الدواعش . ولا أدري كم يصح مثل هذا الربط من الناحيتين التاريخية والموضوعية ، رغم أن المؤلف ينبه القارئ في ملاحظة خاصة إلى أن روايته ( عمل إبداعي معني بالبناء الفني والقيمة الجمالية ، وليس معنياً بتوثيق تاريخي للأحداث والشخصيات ) . ( الرواية ص / 5 ) .

ثم أن الرواية تحاول أن ترينا ، على طريقتها ، أن أهل محافظة نينوى بسهولها وجبالها ومدنها وقراها وحدة بشرية واحدة ، مختلطة ومتداخلة ، وحدة إنسانية ، وأنهم جميعاً ينهلون من منهل ديني واحد ، هو كنزهم الإلاهي الخفي ، هو الوديعة التي تركها اليهودي لدى المسيحي واستودعها المسيحي لدى يزيدي ( ليستولي عليها ) ابنه الذي أدركه
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف