التعليم عن بعد(2)
بقلم : د. حسين المناصرة
(1)
مديرة المدرسة الابتدائية المعلمة فاطمة مسلم
شكرها وقدرها رئيس الوزراء الأردني الدكتور الرزاز، على جهودها في التعليم عن بعد في مدرسة ابتدائية. المعلمة فاطمة مديرة مدرسة، وهي مريضة باللوكيميا، تعالج في المشفى، وتدير التعليم عن بعد من سريرها في المشفى. بدت تجربة التعليم عن بعد ناجحة، لمعلمة لم يمنعها مرضها من إدارة هذا التعليم. كنت دعوت الله أن يشفيها ويعافيها، ويعيدها إلى بيتها ومدرستها سالمة غانمة، ويمد في عمرها بصحة وعافية. لكن مشيئة الله سبحانه وتعالى أخذت هذه المعلمة المديرة إلى جنان النعيم بإذن الله . رحمها الله وأسكنها فسيح جنانها، وعظم أجر ذويها. ما كان بإمكان هذه المرأة العظيمة أن تقوم بهذا الواجب التربوي التعليمي لو كان التعليم والإدارة في مثل حالتها عن قرب... كانت تشرف وتتابع وتغرس الأشجار المثمرة رقميًا إلى آخر لحظات حياتها!! نعم، إنه التعليم عن بعد؛ سقف عالمي في زمن الكورونا، وينبغي أن يكون لكل الأزمنة ما بعد الكورونا!!
(2)
قياس الجامعات
لا تقاس الجامعات بشهادات أساتذتها، أو عدد خريجها، أو تاريخ نشأتها، أو عدد طلابها، أو كثرة كلياتها وأقسامها، أو ميزانياتها، أو مقرراتها ومناهجها...إلخ. تقاس بأبحاثها وتجاربها...
فأي جامعة عربية تكتشف لقاحًا للكورونا مثالًا، فإن هذا كفيل بأن يضعها تصنيفًا أكاديميًا على قائمة أعلى الجامعات العالمية! ما فائدة الجامعات إذا كان هدفها الأول تعليميًا لا بحثيًا؟! ما فائدة مئات الآلاف من أعضاء هيئات التدريس، وملايين الطلبة، إذا كنا غير قادرين على أن نكون خلال أربع وعشرين ساعة فاعلين في منظومة التعليم عن بعد في الأزمات وغيرها؟!
(3)
منصة تعليم عربية واحدة؟!
ربما كان حلما...، وصار اليوم بإمكاننا أن نحقق هذا الحلم !!هل بإمكان العرب أن يتفقوا على أن تكون لديهم منصة تعليم مدرسية واحدة، تدرس موادها الموحدة في البلاد العربية كافة، وأيضًا للعرب في الشتات؟! ألا يتيح التعليم عن بعد لنا تحقيق هذا الحلم؟ !وكذلك، في المستقبل القريب، أليس من حقنا أن يكون لنا منصة موحدة لمقررات دراسية موحدة في التعليم الجامعي؟! حلم نستحق أن يتحقق، بما يدر على أمتنا خيرًا كثيرًا!
(4)
أخبار سارة!!
ما اطلعت عليه من آراء بشأن التعليم عن بعد، ومناقشة الرسائل العلمية عن بعد أيضًا، يؤكد أهمية هذا التعليم في مدارسنا وجامعاتنا، في الظروف الاستثنائية والعادية معًا! علينا الاقتناع بأن التعليم عن بعد هو تعليم نوعي لا كمي كحال التعليم التقليدي.. لا بد أنه سيخلصلنا من التعليم الاجتراري الكمي التلقيني المباشر! مع الكورونا، بدأنا ندرك جيدًا كم نحن بحاجة إلى هذا التعليم المعاصر، والاقتصادي المميز أيضًا!
(5)
خبير تربوي؟!
شاهدت في حوار تلفازي أجري عن بعد مع معلمة، ود. خبير تربوي؛ تحدثت المعلمة طويلًا بتلقائية عن فضائل التعليم عن بعد، وعن الجهود المدرسية المميزة التي تبذل في هذا المجال. ولما سألت المذيعة خبيرنا التربوي عن الفرق بين التعليمين؟ !بدأ حديثه متشنجًا، وهو يقرأ من ورقة، قائلًا: "نفقد في التعليم عن بعد ضبط الطلاب، ولا يتمكن المعلم والمعلمة من إيصال الحركات والإشارات الجسدية للطلاب والطالبات، و...، ثم كتمته المذيعة: شكرًا دكتور لضيق الوقت!! ربما هناك وقت... لكن بداية حديثه سوداوية تقليدية كئيبة!!
(٦)
تعليم ما بعد الكورونا؟!
إذا عدنا من التعليم عن بعد-ما بعد الكورونا- إلى التعليم عن قرب أو المباشر-ماقبل الكورونا- فهذا يعني في أية محصلة: " كأنك يا أبو زيد ما غزيت...". لا بد من إعطاء منصات التعليم عن بعد ما لا يقل عن ٧٥ بالمئة مما كان للتعليم عن قرب أو التعليم المباشر...
التعليم في المستقبل غير!! إنه التعليم المفتوح؛ أي التعليم عن بعد.
(7)
انتهى زمن الوصاية؟!
انتهى زمن "أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة". كلنا طلاب علم !الطالب هو أستاذ معلمه في حدود تفوقه المعرفي في مجالات لا يدركها ولا يعرفها المعلم. المعرفة بحر عميق، لا نملك أكثر من اللعب على شاطئه!! الكورونا اختبار معرفي... يظهر عجز البشرية عن إيجاد العلاج المناسب في الوقت المناسب!! اليوم في الحقل المعرفي كل شيء يخضع للتجريب على طريقة: "الميدان يا حميدان"!!
(8)
ميزة؟!
في التعليم عن بعد يرتفع عدد الطلاب ارتفاعًا لافتًا بدون أي أعباء ناتجة عن الفضاء أو المكان في المدارس والجامعات. أما عدد المدرسين وأعضاء هيئة التدريس والموظفين فيهوي إلى حدود ٢٥بالمئة. حينئذ يغدو التعليم إنتاجيًا لا خدماتيًا وعبئًا ثقيلاً على الميزانيات المالية النامية إن لم تكن المتخلفة في بلادنا. ثم يمكن استخدام ناتج التعليم التقليدي المرهق لمديونية الدول، في إثراء البحث العلمي، لتفعيل اقتصاد المعرفة، وخاصة الاقتصادين الافتراضي والمنزلي.
(9)
التخطيط والتشاؤم؟!
هناك فرق بين التخطيط والتشاؤم؟! فعندما ننظر إلى المستقبل من منظور الخوف على الصحة، والتعليم، والاقتصاد، إلخ، من أساليبنا التقليدية البليدة؛ لا يعني هذا التشاؤم، أو جلد الذات، أو اليأس، أو غير ذلك مما يعيب الهمم ويثبطها!! إنه البحث عن مخرج آمن وتخطيط سليم. فما قبل الكورونا لن يكون ما بعده h... قد يكون السم في العسل، عندما نتخدر بما كان في ماضينا من إيجابيات وعجائب!! اليوم، خذ نصيحة من يبكيك... لا من يُضحكك.. لأنّ من يضحكك يضحك عليك!!
(10)
مذهل؟!
في التعليم عن بعد لست بحاجة إلى إعداد كثير من الدروس! فقد استعلمت عن درس(جمع المؤنث السالم)، فوجدت عشرات المواقع، تشرحه بأساليب أفضل من أي تدريس في القاعات. ومن الأمثلة لبعض المواقع: لغتنا الجميلة، أكاديمية التحرير، نتعلم بالراحة، صوت ومعنى، مدرسة نت، الأستاذ الناجح، لغة الضاد، إثرائي، وغيرها كثير!!
(11)
انضباط؟!
تحدث كثير من التربويين عن فضيلة الانضباط في التعليم المباشر! انضباط ذاتي أو قمع؟ الطالب إذا لم ينضبط من تلقاء ذاته، فلا جدوى من أي انضباط شكلي يفرضه المعلم!! يمكن أن تكون القاعة أو غرفة الصف منضبطة شكلا...والعقول كلها مشتتة، وحينها يكون المحاضر في واد، والطلاب في واد آخر!! المصلحة العامة : تكمن في التعليم عن بعد في كل حين!!
(12)
أُعَلِّـمُهُ الرِّمَـايةَ كُلَّ يَـومٍ
فَلمَّـا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُـهُ نَظْمَ القَوَافي
فَلَـمَّـا قَالَ قَافِيةً هَجـانِي
(معن بن زائدة)
لا فضل للمعلم التقليدي ... لأنه لم يعلم الرماية، ولا نظم القوافي ...!!
جيل المدارس والجامعات اليوم أذكى ممن يعلمه... وذكاؤهم من ذكاء وسائط التواصل الاجتماعي في حياتهم عمومًا!!
بقلم : د. حسين المناصرة
(1)
مديرة المدرسة الابتدائية المعلمة فاطمة مسلم
شكرها وقدرها رئيس الوزراء الأردني الدكتور الرزاز، على جهودها في التعليم عن بعد في مدرسة ابتدائية. المعلمة فاطمة مديرة مدرسة، وهي مريضة باللوكيميا، تعالج في المشفى، وتدير التعليم عن بعد من سريرها في المشفى. بدت تجربة التعليم عن بعد ناجحة، لمعلمة لم يمنعها مرضها من إدارة هذا التعليم. كنت دعوت الله أن يشفيها ويعافيها، ويعيدها إلى بيتها ومدرستها سالمة غانمة، ويمد في عمرها بصحة وعافية. لكن مشيئة الله سبحانه وتعالى أخذت هذه المعلمة المديرة إلى جنان النعيم بإذن الله . رحمها الله وأسكنها فسيح جنانها، وعظم أجر ذويها. ما كان بإمكان هذه المرأة العظيمة أن تقوم بهذا الواجب التربوي التعليمي لو كان التعليم والإدارة في مثل حالتها عن قرب... كانت تشرف وتتابع وتغرس الأشجار المثمرة رقميًا إلى آخر لحظات حياتها!! نعم، إنه التعليم عن بعد؛ سقف عالمي في زمن الكورونا، وينبغي أن يكون لكل الأزمنة ما بعد الكورونا!!
(2)
قياس الجامعات
لا تقاس الجامعات بشهادات أساتذتها، أو عدد خريجها، أو تاريخ نشأتها، أو عدد طلابها، أو كثرة كلياتها وأقسامها، أو ميزانياتها، أو مقرراتها ومناهجها...إلخ. تقاس بأبحاثها وتجاربها...
فأي جامعة عربية تكتشف لقاحًا للكورونا مثالًا، فإن هذا كفيل بأن يضعها تصنيفًا أكاديميًا على قائمة أعلى الجامعات العالمية! ما فائدة الجامعات إذا كان هدفها الأول تعليميًا لا بحثيًا؟! ما فائدة مئات الآلاف من أعضاء هيئات التدريس، وملايين الطلبة، إذا كنا غير قادرين على أن نكون خلال أربع وعشرين ساعة فاعلين في منظومة التعليم عن بعد في الأزمات وغيرها؟!
(3)
منصة تعليم عربية واحدة؟!
ربما كان حلما...، وصار اليوم بإمكاننا أن نحقق هذا الحلم !!هل بإمكان العرب أن يتفقوا على أن تكون لديهم منصة تعليم مدرسية واحدة، تدرس موادها الموحدة في البلاد العربية كافة، وأيضًا للعرب في الشتات؟! ألا يتيح التعليم عن بعد لنا تحقيق هذا الحلم؟ !وكذلك، في المستقبل القريب، أليس من حقنا أن يكون لنا منصة موحدة لمقررات دراسية موحدة في التعليم الجامعي؟! حلم نستحق أن يتحقق، بما يدر على أمتنا خيرًا كثيرًا!
(4)
أخبار سارة!!
ما اطلعت عليه من آراء بشأن التعليم عن بعد، ومناقشة الرسائل العلمية عن بعد أيضًا، يؤكد أهمية هذا التعليم في مدارسنا وجامعاتنا، في الظروف الاستثنائية والعادية معًا! علينا الاقتناع بأن التعليم عن بعد هو تعليم نوعي لا كمي كحال التعليم التقليدي.. لا بد أنه سيخلصلنا من التعليم الاجتراري الكمي التلقيني المباشر! مع الكورونا، بدأنا ندرك جيدًا كم نحن بحاجة إلى هذا التعليم المعاصر، والاقتصادي المميز أيضًا!
(5)
خبير تربوي؟!
شاهدت في حوار تلفازي أجري عن بعد مع معلمة، ود. خبير تربوي؛ تحدثت المعلمة طويلًا بتلقائية عن فضائل التعليم عن بعد، وعن الجهود المدرسية المميزة التي تبذل في هذا المجال. ولما سألت المذيعة خبيرنا التربوي عن الفرق بين التعليمين؟ !بدأ حديثه متشنجًا، وهو يقرأ من ورقة، قائلًا: "نفقد في التعليم عن بعد ضبط الطلاب، ولا يتمكن المعلم والمعلمة من إيصال الحركات والإشارات الجسدية للطلاب والطالبات، و...، ثم كتمته المذيعة: شكرًا دكتور لضيق الوقت!! ربما هناك وقت... لكن بداية حديثه سوداوية تقليدية كئيبة!!
(٦)
تعليم ما بعد الكورونا؟!
إذا عدنا من التعليم عن بعد-ما بعد الكورونا- إلى التعليم عن قرب أو المباشر-ماقبل الكورونا- فهذا يعني في أية محصلة: " كأنك يا أبو زيد ما غزيت...". لا بد من إعطاء منصات التعليم عن بعد ما لا يقل عن ٧٥ بالمئة مما كان للتعليم عن قرب أو التعليم المباشر...
التعليم في المستقبل غير!! إنه التعليم المفتوح؛ أي التعليم عن بعد.
(7)
انتهى زمن الوصاية؟!
انتهى زمن "أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة". كلنا طلاب علم !الطالب هو أستاذ معلمه في حدود تفوقه المعرفي في مجالات لا يدركها ولا يعرفها المعلم. المعرفة بحر عميق، لا نملك أكثر من اللعب على شاطئه!! الكورونا اختبار معرفي... يظهر عجز البشرية عن إيجاد العلاج المناسب في الوقت المناسب!! اليوم في الحقل المعرفي كل شيء يخضع للتجريب على طريقة: "الميدان يا حميدان"!!
(8)
ميزة؟!
في التعليم عن بعد يرتفع عدد الطلاب ارتفاعًا لافتًا بدون أي أعباء ناتجة عن الفضاء أو المكان في المدارس والجامعات. أما عدد المدرسين وأعضاء هيئة التدريس والموظفين فيهوي إلى حدود ٢٥بالمئة. حينئذ يغدو التعليم إنتاجيًا لا خدماتيًا وعبئًا ثقيلاً على الميزانيات المالية النامية إن لم تكن المتخلفة في بلادنا. ثم يمكن استخدام ناتج التعليم التقليدي المرهق لمديونية الدول، في إثراء البحث العلمي، لتفعيل اقتصاد المعرفة، وخاصة الاقتصادين الافتراضي والمنزلي.
(9)
التخطيط والتشاؤم؟!
هناك فرق بين التخطيط والتشاؤم؟! فعندما ننظر إلى المستقبل من منظور الخوف على الصحة، والتعليم، والاقتصاد، إلخ، من أساليبنا التقليدية البليدة؛ لا يعني هذا التشاؤم، أو جلد الذات، أو اليأس، أو غير ذلك مما يعيب الهمم ويثبطها!! إنه البحث عن مخرج آمن وتخطيط سليم. فما قبل الكورونا لن يكون ما بعده h... قد يكون السم في العسل، عندما نتخدر بما كان في ماضينا من إيجابيات وعجائب!! اليوم، خذ نصيحة من يبكيك... لا من يُضحكك.. لأنّ من يضحكك يضحك عليك!!
(10)
مذهل؟!
في التعليم عن بعد لست بحاجة إلى إعداد كثير من الدروس! فقد استعلمت عن درس(جمع المؤنث السالم)، فوجدت عشرات المواقع، تشرحه بأساليب أفضل من أي تدريس في القاعات. ومن الأمثلة لبعض المواقع: لغتنا الجميلة، أكاديمية التحرير، نتعلم بالراحة، صوت ومعنى، مدرسة نت، الأستاذ الناجح، لغة الضاد، إثرائي، وغيرها كثير!!
(11)
انضباط؟!
تحدث كثير من التربويين عن فضيلة الانضباط في التعليم المباشر! انضباط ذاتي أو قمع؟ الطالب إذا لم ينضبط من تلقاء ذاته، فلا جدوى من أي انضباط شكلي يفرضه المعلم!! يمكن أن تكون القاعة أو غرفة الصف منضبطة شكلا...والعقول كلها مشتتة، وحينها يكون المحاضر في واد، والطلاب في واد آخر!! المصلحة العامة : تكمن في التعليم عن بعد في كل حين!!
(12)
أُعَلِّـمُهُ الرِّمَـايةَ كُلَّ يَـومٍ
فَلمَّـا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُـهُ نَظْمَ القَوَافي
فَلَـمَّـا قَالَ قَافِيةً هَجـانِي
(معن بن زائدة)
لا فضل للمعلم التقليدي ... لأنه لم يعلم الرماية، ولا نظم القوافي ...!!
جيل المدارس والجامعات اليوم أذكى ممن يعلمه... وذكاؤهم من ذكاء وسائط التواصل الاجتماعي في حياتهم عمومًا!!