السادس من سبتمبر
وسط البلد
-
عزيزي،
كيف حالك؟
مررتُ من الشارع الذي اعتاد رؤيتنا، والتنغّم بنبرات حبّنا في زواياه، بعيدًا عن كل الضجة والناس المزعجة التي غالبًا ما تفسد لحظاتنا المؤقتة.
تذكرتك، تذكرت وجهك، عيناك، نظراتك التي لم تفارقني حتى بعد خمس أعوام مرّت، تحدّثني نفسي.. تحدّثني كم أن الوقت ثمين لكنه رغم ذلك ساذج، خمس سنين مرّت على أول خيبة عُمر، على أول فراق، خمس سنين مرت على دمعة وغصة ما زالت برئتيّ تناديني أي ابكيني.. تخلصي مني، وأنا لا أنهزمُ ولا أتنازل، -بحجة أنني قوية- وأنا يا عزيز رُوحي ما زلت كما عهدتني، مثل الصخرة لا أتفتّت، لا أتشقق، ولا أتنازل أو أُهزم أمام ريح الشوق العاتية.
لتعلم أنني ما خنتك يومًا، وما خنت البُعد ولا المسافة، ما زال قلبي يخبرني أنّ هناك شيءٌ ما يربطني بك، شيء مقدّسٌ مثل الصّلاة لا يمكنني تجاوزه، ولنكن على وضوحٍ كسماء صيفيّة، ما زلتَ بداخلي مثل دعاء السجين ظلمًا، ثابتٌ كحرقة أمٍّ ثكلت ابنها الوحيد، وأنني لا زلتُ أنتظرك وأنتظر ساعة تأتني فيها تقول ضمّيني، دثّري روحي، وتنسى أنّنا افترقنا ذاتَ بُعد، وما نسيتُكَ أنا من قبلُ، ولا من بَعد.
أعترف لك أن المسافة والوقت لم يكونا كفيلين بإعطائي القوة الكافية لأتخلص من ذكرياتك، لنسيان عباراتك المذهلة أو حتى العاديّ من كلامك، حاولت! كنت أُناهزُ إدراكي بتجاوزك ولوهلةٍ كاذبة من الزمن ظننتُ أنّي نسيتك، لكن الحقيقة المُرّة هي أنك شخصٌ لا يُهمل ولا يُمحى، وملامحك عصيّة على النسيان كما أنت، كنا قد اتفقنا على أن الزمن كفيل بكل شيء إلا أنه ما استطاع إخراجك مني، الوقت ولأول مرّة انهزم أمامَ نسيانك أنت.
أنا يا سُطوري الحزينة و كلّ كلماتي، بعد خمس سنين من المحاولات المُجهدة، بعد سهر ليالٍ مُرهق وتعب نفسيّ شديد.. ما نسيتُ أنك تفضّل النعنع على القهوة، وتَهوى البُعد وقصصَ الفراق والنهايات الحزينة والمُوسيقى المؤلمة، أنك تبرّر للشرير فعله، وتسخر من الخير وتنسى مغزى الحكاية.. أنكَ مُرَهَّقُ الأحلام، مُرهف الدّواخل رغم قسوتك، وأنّك كالسحاب الفارقِ في سماء الحنين.
أنا يابن قلبي بعد خمس سنين من الأشواق المزدحمة، أجزم لك بأن الدراسات التي تقنعك بقدرتك على نسيان من أحببت بعد فترة من الزمن ما هي إلا كتلة كذبات، وتمزيق الصور لن يمح ما هو محفور في ذاكرتك، وتجنب الجلوس وحيدًا كي تتناسى حتى تنسى، ما هو إلا خيالٌ علميّ باهت ونظريات لا تمت للحُب بصلة.
أنا يا أغنياتي الحزينة وأشعاري الذابلة.. بعد خمس سنين من الحنين المُفرط، أقول لك أنك كنت وما زلت تُوردني مُرّ الأيام، وما مَرّ شبيهك ولن يمر، ما زلتَ حشرجةً ينقبض بها صدري كلما ذُكر اسمك.
أنتَ تيهي و أفكاري المقلقة، ووقتي المُربك وليلي الضائع في محاولات وضعِك عن قلبي، أنتَ ساحات التّوق ومعاني الشوق، ومسارح الصّبابة جميعها في داخلي نارٌ لا يطفئها لقاء أو حَديث.
أخيرًا.. أسيرُ أنا وخيبتي جنبًا إلى جنب، أرحلُ من ذات المكان وأنا أعلم أن كل ما يحيط بي أنت، وأنّ لعنةَ مسافة ستظلُّ ترافقني كجلدي تحت مسمّى الأبدية، هي أنت.
- ورود عبداللّه.
وسط البلد
-
عزيزي،
كيف حالك؟
مررتُ من الشارع الذي اعتاد رؤيتنا، والتنغّم بنبرات حبّنا في زواياه، بعيدًا عن كل الضجة والناس المزعجة التي غالبًا ما تفسد لحظاتنا المؤقتة.
تذكرتك، تذكرت وجهك، عيناك، نظراتك التي لم تفارقني حتى بعد خمس أعوام مرّت، تحدّثني نفسي.. تحدّثني كم أن الوقت ثمين لكنه رغم ذلك ساذج، خمس سنين مرّت على أول خيبة عُمر، على أول فراق، خمس سنين مرت على دمعة وغصة ما زالت برئتيّ تناديني أي ابكيني.. تخلصي مني، وأنا لا أنهزمُ ولا أتنازل، -بحجة أنني قوية- وأنا يا عزيز رُوحي ما زلت كما عهدتني، مثل الصخرة لا أتفتّت، لا أتشقق، ولا أتنازل أو أُهزم أمام ريح الشوق العاتية.
لتعلم أنني ما خنتك يومًا، وما خنت البُعد ولا المسافة، ما زال قلبي يخبرني أنّ هناك شيءٌ ما يربطني بك، شيء مقدّسٌ مثل الصّلاة لا يمكنني تجاوزه، ولنكن على وضوحٍ كسماء صيفيّة، ما زلتَ بداخلي مثل دعاء السجين ظلمًا، ثابتٌ كحرقة أمٍّ ثكلت ابنها الوحيد، وأنني لا زلتُ أنتظرك وأنتظر ساعة تأتني فيها تقول ضمّيني، دثّري روحي، وتنسى أنّنا افترقنا ذاتَ بُعد، وما نسيتُكَ أنا من قبلُ، ولا من بَعد.
أعترف لك أن المسافة والوقت لم يكونا كفيلين بإعطائي القوة الكافية لأتخلص من ذكرياتك، لنسيان عباراتك المذهلة أو حتى العاديّ من كلامك، حاولت! كنت أُناهزُ إدراكي بتجاوزك ولوهلةٍ كاذبة من الزمن ظننتُ أنّي نسيتك، لكن الحقيقة المُرّة هي أنك شخصٌ لا يُهمل ولا يُمحى، وملامحك عصيّة على النسيان كما أنت، كنا قد اتفقنا على أن الزمن كفيل بكل شيء إلا أنه ما استطاع إخراجك مني، الوقت ولأول مرّة انهزم أمامَ نسيانك أنت.
أنا يا سُطوري الحزينة و كلّ كلماتي، بعد خمس سنين من المحاولات المُجهدة، بعد سهر ليالٍ مُرهق وتعب نفسيّ شديد.. ما نسيتُ أنك تفضّل النعنع على القهوة، وتَهوى البُعد وقصصَ الفراق والنهايات الحزينة والمُوسيقى المؤلمة، أنك تبرّر للشرير فعله، وتسخر من الخير وتنسى مغزى الحكاية.. أنكَ مُرَهَّقُ الأحلام، مُرهف الدّواخل رغم قسوتك، وأنّك كالسحاب الفارقِ في سماء الحنين.
أنا يابن قلبي بعد خمس سنين من الأشواق المزدحمة، أجزم لك بأن الدراسات التي تقنعك بقدرتك على نسيان من أحببت بعد فترة من الزمن ما هي إلا كتلة كذبات، وتمزيق الصور لن يمح ما هو محفور في ذاكرتك، وتجنب الجلوس وحيدًا كي تتناسى حتى تنسى، ما هو إلا خيالٌ علميّ باهت ونظريات لا تمت للحُب بصلة.
أنا يا أغنياتي الحزينة وأشعاري الذابلة.. بعد خمس سنين من الحنين المُفرط، أقول لك أنك كنت وما زلت تُوردني مُرّ الأيام، وما مَرّ شبيهك ولن يمر، ما زلتَ حشرجةً ينقبض بها صدري كلما ذُكر اسمك.
أنتَ تيهي و أفكاري المقلقة، ووقتي المُربك وليلي الضائع في محاولات وضعِك عن قلبي، أنتَ ساحات التّوق ومعاني الشوق، ومسارح الصّبابة جميعها في داخلي نارٌ لا يطفئها لقاء أو حَديث.
أخيرًا.. أسيرُ أنا وخيبتي جنبًا إلى جنب، أرحلُ من ذات المكان وأنا أعلم أن كل ما يحيط بي أنت، وأنّ لعنةَ مسافة ستظلُّ ترافقني كجلدي تحت مسمّى الأبدية، هي أنت.
- ورود عبداللّه.