الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نوح الحمامة بقلم: محمود حسونة

تاريخ النشر : 2020-04-01
نوح الحمامة بقلم: محمود حسونة
1- نتقاسم...
أتصل بكِ فتخبريني أنكِ منهمكة في قراءة رواية… أنا أتمشى
فيعجبني ندًى يتعلق بالأغصان، وحمامة خجلى تغضّ الطرف عن عاشقين!!
وحين يتيه بي عقلي وعمري أظنني صبيّا يلاحق فراشة ألامسها فتطير… يصيبني تعب فأجلس وأكتب على ورقة خضراء اسمي كاملًا وعنواني… أعلقها وأنتظر من يساعدني...
أتصل بك مرة أخرى فتخبريني أنّ الرواية حزينة، وأنّكِ لم تنتهِ من قراءتها؛ لأنّ الراوي يبحث عن شخص تاه فيها، وأنّكِ في انتظار النهاية!!
أفاجئك أنني أنا من كنت أتمشى في الرواية، وأنني تهت وأصابني التعب وجلست أستريح!!
أنت ما زلت تقرئين الرواية سنتقاسم الأشياء بيننا، لكِ أنفاسكِ المتقطعة وأثر أصابعكِ، ولي ماء عينيك النبيذي، وقبل أنْ انسى أخبركِ أنّ ماظنته الحمامة عاشقين، كانا غصنين تشابكا!!
الأهم من كل ذلك أنّني ما زلت أنتظركِ في آخر الرواية… لا تتأخري!!
ما فعلت كل هذا إلا لنلتقي من مسافة قصيرة!!

2- لا أستطيع حكّ أنفي!!
كخيط عنيد يلتف حول عنقه ويخنقه ببطء، كلجام حصان يُطبق على أنفه وفمه، و يحجز الهواء عنه… لا مذاق لهواء البحر، ولا لهواء التراب، لا مذاق للطعام أو للنبيذ، لا مذاق لشيء، ما فائدة أنفه؟! وما معنى هذا؟! وإلى متى ؟!
ثم هناك شيء ينتشر ويزحف على وجهه، ولا يستطيع هرْشَ وجهه، أو حتى لمس أنفه الصغير، ما فائدة يديه إذن؟!
وما فائدة عينيه إذا كان يمشي على أطراف أصابعه، يخشى شيئا لا يراه، إذا كانت لا ترى سوى البنايات العالية وهي تحجب الشمس؟! وهذه الشوارع الحلزونية، والجدران الملعونة وهي تعيق الحركة، أليس هو أحق بالأولوية من كل هذا؟!
لكن لماذا لا ينزع هذا اللجام ويركله بقدمه؟! لماذا لا ينزعها ولو لبرهة؟! وهل يجرؤ؟! وهل سينقذه من الموت؟! ماهذا الضعف والجبن؟! وما فائدة هذا الهواء؟!
وحين يدهسه الصراع ويحطم وعيه ويحوله لمعاناة فظة، المعاناة تصير مبررا لغضبه من عينيه، من أنفه، من الشوارع من الهواء ومن العالم!! وغضبه يزيد معاناته، الدائرة تنغلق عليه؛ ليسقط في دوامة مفرغة تعوي في أذنيه!!
ما فائدة الحوارات والاختراعات وهو يختنق الآن؟!
وما فائدة هؤلاء؟! من ظنّوا أنفسهم آلهة، ما فائدة سياراتهم الفارهة، وكروشهم المستفزة، ومكاتبهم التي كانت قبوًا للصوص؟! كم يرغب لو يصفعهم واحدا واحدا على أقفيتهم، على وجوههم السمينة، وينزع أقنعتهم وأسماءهم من الكتب ومن الميادين!!
السماء فوقه زرقاء صافية، وماذا يعنيه إذا كانت زرقاء أم بيضاء أو حتى حمراء، إذا كانت مربعة أو مستطيلة…
وأنت ياعقلي، أيها الكسيح الأحمق هات كلّ ما عندك لأنزع هذا اللجام، أنت مثلهم لا فائدة منك!!
ماذا لو ذهبت عني؛ لأتحول لمجنون، أسافر أينما شئت مع الريح ولا أشعر بكل هذا ربما استطعت أن أحطّ على كوكب آخر بعيد عن كل هذا الهراء والسخف الفادح!!
ما فائدة من كتبوا عن الجغرافيا والفن والفيزيا، كأني أعيش قبل ألف عام وهذا اللجام يخنقني؟!
لم تعد الأشياء حقيقية، لا شيء يعنيه، لا شيء يخصه حتى الهواء!! كل ما حوله صار مشوها تافها يراه بالمقلوب، إذا كان لا يستطيع التنفس، لا يستطيع لمس وجهه أو حكّ أنفه، لا يستطيع نزع هذا اللجام!! ثمّ ما فائدة هذا الغضب وهذه الثرثرة؟!
وقد صار هرما عاجزا، محبوسا في داخله وفي مكانه وينتظر، لكن ماذا ينتظر؟!
سأتلهى بهذه النملة، هذه الأحجية العجيبة، سأذهب إليكِ زخفا لنسهر سويا، ربما أتعلم منكِ ما لم أتعلمه من أحد!!
كوروووونا: ثرثرة، وحفرة، ونملة!!
يُروي أنّ الفيلسوف طاليس بينما كان يسير ذات يوم، وهو ينظر الي السّماء يحقق فيها، إذ به يقع في حفرة!!

3- سقاكَ الله...
وذات مرة، ولأن أبي سريع الخُطى، ولأن أبي كان ممسوسًا بالحذر وبالفراق؛ لا يترك أثرًا ولا ظلا، تُهت منه في الطريق…
وحين سألوني عنه… أبي له ملامح حزن قاسية لا تراها في أحد… عاش يتيما، رأى أبيه آخر مرّة يقطف عِنبّا، وأنه زمّ عينيه حين رأى الدم مسفوحًاعلى وجهه!!
وأنّه تاه عن أمه في زحمة التشريد، ولم يعثر عليها ولا على قبرها… كنّا إذا فقدناه نعثرعليه جالسا فوق تلةٍ أمام البحر يناجي ربّه، يعاتبنا: كنت أريد أن أبقى وحدي... ويقسِم أنه كان يمسك بثوب أمه، ويشم رائحتها وهي تُطعم الحمام في صحن الدار، وأنها كانت تغني له، و نادته باسمه!!
أبي لم يؤذِ يوما أحدا، لا بشرا ولا حتى حجرا، كان إذا اصطاد سمكا صغيرا يرده إلى البحر، أسمع ضحكته واضحة، وهو يُطعم القطط والطيور… يصاحب البسطاء ولا يتكبر!!
كان يغلي الشاي على نار الحطب، وهو يسرد لنا تفاصيل الحكاية… كم شجرة كان لهم، واسم جارتهم الصغيرة التي أحبها، ولم يلتقِ بها بعد ذلك أبدا!!
وحين تنطفئ النار أُنبهه: أين ذهبت النار يا أبي؟! يخطف ابتسامة ويُشير أنّ النار في قلبه!!
أبي مات فجرا بعد أن أطلق موالا هرب من جسم لم يعد فيه مكان للوجع... كان يملؤه كلام كثير لم يكتبه، كأن يلمس قبر أبيه ويغرس وردة في تراب أمه يسقيها ماء الله ولا يقطفها سارق… لا يشبه أمي أحد آخر!!
ترى أيهما أكثر عدلا الوباء الذي لا يفرّق بين أحد أم من يقتلون على اللون والعرق والهوية والمذهب؟!
كوووورونا: هناك جمال قبيح في المشهد!!

4-خجول!!!
مع كل شروق، مع نور الشمس الخجول، وبصحبة الندى كانت تنتظرني عند المنعطف…
هي مَن كانت تطاردني بين أزقة المخيم وتغازلني، تنثر على رأسي ريشا أبيضا … تغنّي لي ما شاءت من أغاني الغرام...
-ما اسمك يا أسمر؟! تكلم يا أكحل!!
يغمرني الخجل ويخنقني، تضيع منّي الكلمات، والأرض تموج تحتي، أتعثر في خطواتي كأبله!! وقلبي يكاد يقفز من صدري ويسقط بين أقدامي!!!
في إحدى المرات استنجدت بأمي، كيف أنجو؟!
ضحكت أمي ملء قلبها حتى كاد أن يُغمى عليها!!
مرة واحدة توقفت مطرقا، لتقترب مني… كان الزقاق فارغا... أنا وهي وحمامة ترفرف فوقي… لامست بإصبعها شامة على خدي…
لم أتكلم، لم أتحرك، لم أسمع ولم أفهم ما قالت!!
كل ما فعلته أنّي نظرت إلى عينيها… بعدها أنا متطاير كورقة ممزقة بعثرتها الريح!!
بقلم: محمود حسونة(أبو فيصل)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف