الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

آسف لإزعاجكم..ولكن التحدي كبير بقلم:صائب خليل

تاريخ النشر : 2020-03-31
آسف لإزعاجكم..ولكن التحدي كبير بقلم:صائب خليل
آسف لإزعاجكم ...ولكن التحدي كبير
صائب  خليل

25 آذار 2020

اغضبت مقالتاي الاخيرتان عن السيد مقتدى الصدر وممثلي المرجعية اتباعهما الى درجة شديدة، وعدا من تناولني من الطرفين بالشتائم والتعبير عن خيبة الأمل والاتهامات بالعمالة والذيلية والقلم المأجور، فأن هناك من قام بإلغاء متابعة صفحتي هذه أو حتى قام بالتحريض على اغلاقها بالتبليغات. (1) (2)

هذا بالتأكيد ليس ما اريده من جهدي في كتابة مقالاتي، ولا لأصدقائي من القراء والمتابعين، لكن، ما لم أكن أستطيع ان أقول الحقيقة، فمن الأفضل لي ان اسكت، والحقيقة لا تأتي دائما لطيفة وودية.

إنني افهم أهمية إبقاء هذه الأسماء فوق الشبهات بالنسبة للإنسان ليكون له عروة يتمسك بها في الوقت العسير، وهذا طبع عام في كل البشر، وخسارة هذه العروة النفسية خسارة كبيرة قد لا يتحملها الكثير من الناس. لكن الصمت عن الحقائق الخطيرة تهدد أيضا بخسائر قد تكون الأكبر، والصدمة ستكون أكبر واشد كلما طال تجاهل الحقائق وتراكم الخلل.

فنحن نعلم أيضاً إن السلطة مفسدة والمال مفسدة.. هذا معروف في ثقافات جميع الشعوب وفي الإسلام أيضا. ولو كان "النسب" الشريف كافياً لحماية أصحابه من فساد السلطة والمال لكان حمى أبو لهب منهما.

وإذا كان الامر كذلك، فلا يمكن معرفة الحق بالرجال، ولا مناص من معرفة الرجال بالحق، كما أوصى الإمام علي. وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد من فتح الاعين والأسئلة فبدونهما لن يعرف الحق.

نعم، لقد قامت المرجعية بإنقاذ العراق من داعش يوما، ولم نقصر في امتداح هذا العمل العظيم الذي مازلنا ندافع عنه وعمن استجاب للنداء وعن المبدأ الصادق فيه. ونعم أيضا لقد قام الصدريون بجزء أساسي من العمل العظيم بطرد قوات  الاحتلال نهاية 2010 وكانت مواقفهم كلها تقريبا مبدئية سليمة حتى عام 2009 .. حيث بدا أن الأمور بدأت بالتغير، وانقلبت تماما في توقيت خروج القوات الامريكية. فلا ما يفعله ممثلي المرجعية اليوم يشبه مواقفها تلك، ولا مواقف مقتدى الصدر تشبه مواقفه تلك.
بعيداً عن كل النقاط التي قد تقبل النقاش والتأويل، لدينا قضية يمكننا ان نتفق عليها جميعا لتكون مقياساً لما نختلف عليه، وهي قضية ابتزاز قادة كردستان. فلا أظن ان هناك عراقياً لا يدرك ان قادة كردستان تنهب العراق نهباً مدمراً يكفي وحده ليصيبه بالفقر. وهو وإن لم يكن النهب الوحيد بالتأكيد، لكنه من الصلافة والحجم بحيث لا يمكن تغطيته او الاختلاف عليه، وبالتالي فالموقف منه يصلح "حقاً" نعرف به الرجال، كما قال الإمام علي، بدلا من ان نقيس الحق بالرجال، كما يفعل معظمكم اليوم في هذا الأمر.

هذا الفساد الرهيب، والذي انتهى بميزانية 2019 التي قدم لكردستان فيها رواتب ضعف عدد موظفيها مجاناً، وترك للصوصها ان يحولوا بكل حرية، ثروة ما يزيد عن 600 ألف برميل نفط في اليوم الى جيوبهم وجيوب اسيادهم الامريكان والإسرائيليين، بينما اطفالكم ومستقبلكم يتم تضييعه وقتله بكل برودة دم! وقام عبد المهدي بإصدار هذا القرار وتنفيذه مدعياً بأنه جزء من الميزانية لكنه لم يكن كذلك وكان تزويراً اوضحته في مقالة في حينها بشكل لا يقبل الجدل. وتشير الدلائل ان ميزانية 2020 ستكون أسوأ بكثير وإنها قد تكون بداية نهاية العراق!

لقد كتبت أنا وكتب غيري عدداً كبيراً من المقالات عن الأرقام المخيفة المتضخمة في كل عام، من الابتزاز الكردستاني، حتى صار الوحش مهولا لا يجرؤ أحد على تحديه، والقادة والنواب صامتون، يطلق بعضهم بين الحين والآخر صرخات احتجاج باهتة. ومع الوقت خفتت الأصوات وصارت اقل واقل حتى كاد الصمت يسود. ففي المدة الأخيرة تم تصفية كل من كان يعترض على هذا الظلم في الحكومة او مجلس النواب (بتزوير التصويت كما اعتقد)، ولم نعد ندري لمن نشكو تزايده، ولم نعد ندري هل نكتب ام لا، لأننا شعرنا أن لا أحد بريء من التواطؤ مع هذا الفساد او الصمت عنه.
وإن كنا لا نعرف بين مجاميع الشعب العراقي من لم يصبه اليأس التام من ساسته وقياداته معاً سوى جماعة مقتدى واتباع المرجعية. لذلك فالسؤال موجه إليهم بشكل خاص:

أين صوت السيد مقتدى وأين صوت المرجعية بوجه هذا الفساد؟ إذا كان ممثلا المرجعية، او السيد مقتدى، حريصون على الشعب العراقي، او حتى على اتباعهما فقط، وان كانا كما يقولان عدوان للفساد وغاضبين مما يصيب العراق من تدمير بسببه، فما الذي فعلاه بوجه هذا الظلم الصريح؟

بالنسبة للسيد مقتدى، فلديه قوة نيابية مؤثرة وقوة شعبية مؤثرة جدا، وبالنسبة للمرجعية فهي لا تملك القوة السياسية لكنها كانت مؤثرة جداً أيضا في توجيه الناس. ولو انها اشارت الى هذا الظلم الشديد، لدفع ذلك الساسة الشيعة الى التصدي له، على الأقل من اجل كسب أصوات اتباع المرجعية. لكن لا مقتدى حرك شعرة واحدة ولا المرجعية، وترك الظلم ينمو ويسيطر على البلد حتى صار اشد ادواته تخريبا!

يمكنكم ان تبدأوا بطرح الحجج المعتادة عن "عدم التدخل" وعن "تعقيد الوضع" وعن "الظرف غير المناسب للمواجهة"، ولكن متى كان هناك "وضع مناسب" لمواجهة الظلم؟

تذكروا إنها اموالكم أنتم وليست اموالي انا.. انه مستقبلكم أنتم واولادكم وليس اولادي الذين يعيشون في الخارج ولن يصيبهم شيء إذا أثرى العراق او أصابه القحط.. انها ثروتكم وليست ثروتي التي تنهب. لذلك المراوغات لا تضرني أنا بقدر ما تضركم أنتم يا من في العراق. فلماذا انا البعيد الذي لا علاقة لي بالأمر، غاضب من اجلكم على من يبددها وأنتم تقدسون وتبجلون من يسهم بتلك السرقة بصمته او تعاونه، وتوجهون نظرات الغضب الي حين اكشف الخلل فيه؟ لماذا اضع هؤلاء على محك الأسئلة والمحاسبة، وتجهدون في المراوغة والبحث عن الحجج لتبرئته من تقصيره بحقكم، وتشجيعه على الاستمرار؟  

حين كنا نكشف ان مقتدى وممثلي المرجعية كانا يتصرفان بشكل يناقض موقفهما المعلن من بقاء قوات الاحتلال، كانت الحجة الأشد شيوعاً لأتباعهما هي أن العراق ليست مستعد "للحرب" مع اميركا! وكأن الضغط من اجل اخراج قوات احتلال ترتكب الاغتيالات علنا وصراحة، هو اعلان حرب على أميركا! لقد بلغت المسكنة بالبعض انهم يتخيلون أية كلمة "لا" كإعلان حرب، وان الحكمة تتطلب تلقي الصفعات والاهانات بلا حتى اعتراض!

وقبل ان تبدأ نفس سلسلة الحجج والتبريرات، أقول: انا لا أطالب ممثلي المرجعية او مقتدى الصدر او نوابه بالبرلمان، لا بشن حرب على كردستان، بل ولا حتى نطالبهم بما هو فوق طاقتهم السياسية السلمية والدبلوماسية والدستورية. وحتى إن تبين ان وقف هذا الابتزاز فوق طاقتهم، فإني لا أطالبهم بإنهائه! انا اطالبهم فقط بأن "يحاولوا".. بأن "يفهموا الناس" انهم يعيشون في ظلم شديد وخطر جداً.. اطالبهم بأن يبينوا لنا أين محاولاتهم ومن الذي اوقفها؟ أين تحذيرهم لاتباعهم؟ أين سعيهم لتشكيل خطاب محتج لإنهاء هذه المهزلة؟ أين محاولتهم لإحراج المتخاذلين من بقية العراقيين؟ اريد محاولة حقيقية تمثل كتلة تدين بالولاء لمقتدى أو تعتبر المرجعية مرجعها، لا ان يكتفي نائب بفضح سرقات كردستان، ثم تقوم كتلته بدعم اشد ذيول كردستان طاعة وولاءاً ليكون رئيساً للحكومة. فهل هذه المطالب كثيرة وغير واقعية؟

ما الذي فعله السيد مقتدى بوجه ظلم كردستان؟ لا أذكر له سوى وقفته المؤسفة في باب مسكنه ينتظر اللص الكردستاني الأكبر، الذي كان قد فقد حتى منصبه بعد محاولته تقسيم العراق، وقد فرش له البساط الأحمر، ويحيطه بضعة من توابعه منهم طاووس الحزب الشيوعي. ولا اذكر له سوى قيادته للعملية السياسية والتي أدت الى تنصيب ذيل كردستان الأبشع عبد المهدي على العراق، وتبريره لعمله بأنه كان "مستقلا ومستقيلا من الفساد" وبرر انتهاك الدستور من أجل تنصيبه بأن "الشعب أكبر من الكتلة الأكبر"!

أما المرجعية، فقد أكد الجميع انها كانت هي من رشحت عبد المهدي وتحدثت وراء الكواليس مع اتباعها من قادة الكتل. وقد انكرت المرجعية ذلك لاحقاً، لكنها لم تتهم اية جهة بالكذب في هذا الادعاء وتحاسبها، بل استمرت علاقتها مع الجميع ومعه بأفضل شكل كان، حتى انه حصل على المديح في صلاة جمعة حضرها هذا المحتال.

ولو فرضنا بالفعل أن المرجعية لم تسهم في تنصيبه، فإننا بالتأكيد لم نسمع صوتها يقف بوجه الظلم الكردستاني ولا الظلم الذي كان يديره عبد المهدي لحساب كردستان، واستمر ينخر العراق ويأكله حتى وصل الى هذا الحال، ولم تعترض حتى على تصدير كردستان النفط الى إسرائيل، وكردستان جزء من العراق ومحسوبة على العراق وسمعته. فهل هذا شيء لا علاقة للمرجعية به أيضا؟

لقد قرأت أن الله يحاسب من كان له وجاهة أو مكانة او سلطة او كلمة مسموعة، ويسأله أين استخدمها في نصرة الحق والوقوف بوجه الظلم، فهل ان السيد مقتدى وممثلي المرجعية لم يمتلكا من المكانة والكلمة ما يمكنهما من نصرة الحق بأكثر من "أضعف الإيمان"... "بقلبه.."؟

ما العمل إذن؟ الثقة مطلوبة والأمانة والشجاعة في طرح الأسئلة مطلوبة أيضا لوقف الخلل المتراكم في القيادات أو ممثليها. لم يعد بإمكاننا في هذا الوضع الصعب الاستغناء، لا عن الثقة بالقيادات والمرجعيات، ولا عن شجاعة طرح الرأي المخالف لها. فهل لنا بـ "ثقة امينة" لا تتورع عن طرح الأسئلة؟ ثقة لا تذهب الى المراوغة لتقديم حماية كاذبة لمن تحبه، بل تضعه أمام الأسئلة وتطالبه بالإجابة، وهي واثقة من أنه سيستطيع الإجابة عنها. إجابة مقنعة للجميع وليس فقط لاتباعه المتحيزين له أصلا. علاقة ثقة من نوع آخر، واسئلة تساعد القائد والمرجعية على أن تقرأ بصدق ما يدور في رؤوس اتباعها وتجيب عنه. علاقة تساعدها حتى في تصحيح مواقفها إن كان فيها ما يحتاج للتصحيح فهي ليست معصومة من الخطأ وتحتاج إلى آراء الناس لتصحح مسارها. علاقة ثقة مطمئنة ان القيادة والمرجعية تمتلك فضيلة الاعتراف بالخطأ، عندما يكون هناك خطا، والصبر والقدرة على التوضيح لمن لم يفهم موقفها، عندما ترى انها على حق. علاقة لا تشترط الثقة العمياء، بل تسعد أن يكون الاتباع مفتحين وقادرين على التفكير ولهم شجاعة السؤال الصريح المتشكك بموقف معين.

إلى ان يمتلك الغالبية مثل هذه “الثقة الامينة”، هل لنا على الأقل ان لا نغضب ممن يطرح الأسئلة المعقولة؟ ان لا نشتمه او نعامله كعدو، بل كصديق خشن ربما، لكن في خشونته صراحة نحتاج اليها لتعديل الخطأ قبل استفحاله؟ 

لا شك انها أسئلة كبيرة.. وآسف لإزعاجكم بها، لكن التحدي كبير أيضا.

 (1) مقتدى يتبع نفس أساليب خصومه الهابطة لدعم مرشح الأمريكان
 (2) بعد قرص اذنها بقصف المطار - المرجعية تأمر الحشد بترك الاحتلال يفعل ما يشاء!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف