الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الرّمزيةّ والصّوفيَة في تجسيد كيانيّة العشق بقلم: مادونا عسكر

تاريخ النشر : 2020-03-29
الرّمزيةّ والصّوفيَة في تجسيد كيانيّة العشق

في قصيدة "خلايا الأربعة" للشّاعر الفلسطيني فراس حج محمد

مادونا عسكر/ لبنان

أولا: النّص

خلايا الأربعة

ثلاثةٌ وأربعُ نسوةٍ

فكيف يقتسمون ما زاد عن عدد الذّكور؟

لا بأس إن طمعوا في وجبة أخرى

على جسد جميل أبيضَ مثل الحرير مؤجّل لنهاية السّهرة؟

يتبادلون بمائهم بوردتها النّديّة

ويملؤون الكأس ثانية وثالثة ويخرقون المحبرةْ

ويخمدون على رماد محترقْ

ثلاثة وأربع نسوة غرقى بهذا اللّحم

منذ بداية الحضرةْ

يا ليتهم أكلوا على مهل خلايا الأربعة.

ثانيا: القراءة

يعتمد هذا النّص ببعديْه الأفقيّ والعموديّ على الرّمزية الّتي تخلص بالقارئ إلى عوالم الشّاعر الدّاخليّة العميقة. والمقصود بالرّمزيّة استخدام الشّاعر لمصطلحات تحتاج للتّفكيك كيما نتبيّن مقاصده أو نتلمّس بعضها.

يدلّ العنوان على حركة النّص الّذي تعمّد الشّاعر فراس حج محمد أن تكون مبهمة بعض الشّيء ليستفزّ القارئ إلى العلوّ والعمق في آن. (خلايا الأربعة). الخليّة جزء لا يتجزّأ من الحياة الإنسانيّة وينبغي أن تكون تامّة عاملة نشيطة كي لا ترهق الجسد، وبالتّالي فنحن أمام حركة نشيطة في كيان الشّاعر نفسه، بل حركة تامّة تؤمّن له السّعادة الكيانيّة. مع العلم أنّ (خلايا) منسوبة بالإضافة لـ (الأربعة) وليست للشّاعر. لكنّ ثمّة اتّحاداً بينه وبين هذا الرّقم الّذي له دلالة أرضية يدعمها الشّاعر بدلالة سماويّة (ثلاثة)، الرّقم الذي يرمز إلى العالم الإلهيّ (عالم الكمال). وهنا تتجلّى الحركة الأفقيّة باتّجاه العلوّ، والحركة العموديّة باتّجاه العمق.

(ثلاثةٌ وأربعُ نسوةٍ ) إذا اعتبرنا أنّ ثلاثة تعود إلى الذّكور مع أنّ الشّاعر لم يذكر هذا الأمر سنقع في الفخّ التّضليلي الّذي أراده الشّاعر. فثلاثة تساوي عالماً واحداً، ونجد أنفسنا أمام شخص واحد لا ثلاثة. وأمّا النّسوة الأربع فهي الخلايا الّتي ذكرها الشّاعر في العنوان. وهنا أيضاً سنكون أمام شخص واحد بدل الأربعة استناداً إلى الجملة التّالية (فكيف يقتسمون ما زاد عن عدد الذكور؟).

الاقتسام هنا معنويّ غير ماديّ، إذ يقصد الشّاعر كيفيّة اتّصال العلو الكامل بالعمق الأرضيّ. الخلايا الأربع تجتمع في جسد واحد، وهي ذاتها تحمل في داخلها ما هو إلهيّ. ولعلّ (الأربعة) ترمز ضمناً إلى جهات الأرض الأربعة، وبالتّالي ثمّة صراع بين السّماويّ والأرضيّ، أو بمعنى أتمّ جاذب إلى العلا وآخر إلى الأرض (لا بأس إن طمعوا في وجبة أخرى/ على جسد جميل أبيض مثل الحرير مؤجّل لنهاية السّهرة؟). الطّمع لا يسكن العلو، بل الأرض، وهو يرمز بشكل أو بآخر إلى الطّمع بالمزيد من الاحتراق والرّغبة. وأمّا الجسد الأبيض الجميل مثل الحرير فيرمز إلى العلو. فالكاتب يريد بالجسد الكيان كلّه وليس اللّحم والدّم. ما تؤكّده الجملة التّالية المتضادة مع الأولى (ثلاثة وأربع نسوة غرقى بهذا اللّحم). الوجبة الأخرى مؤجّلة إلى نهاية السّهرة أي إلى نهاية الحياة الواقعيّة بانتظار استكمال الحياة.  

سيمرّ الشّاعر بمراحل متصاعدة حتّى يبلغ المقام الأرفع (يتبادلون بمائهم بوردتها النّديّة/ ويملؤون الكأس ثانية وثالثة ويخرقون المحبرةْ) وما ملء الأكؤس إلّا تعبير عن هذه الحالة التّصاعديّة حتى بلوغ تمام النّشوة وذروة الحالة العشقيّة.

لا تخلو هذه القصيدة من المعاني الأيروسيّة إلّا أنّها تتخطّى الحدود البيولوجيّة إلى معنى الرّغبة بالحبّ. وهنا يدخل معنى الرّغبة إلى قسمين: الأوّل جسديّ يرتقي إلى الرّوحيّ ليلتزما معاً في رحلة النّشوة الصّوفيّة. (ثلاثة وأربع نسوة غرقى بهذا اللّحم / منذ بداية الحضرةْ). والخلايا تعمل معاً في جسد واحد، وهنا تتجلّى الحركة الصّوفيّة وتتراءى لنا سكرة صوفيّة يدور فيها الكاتب حول ذاته الكيانيّة، أشبه بدرويش يدور في حلقات الرّقصة الصّوفية، رافعاً يداً نحو العلوّ وممدّداً أخرى نحو العمق. يرغب بالمزيد من الانتشاء والاتّحاد (يا ليتهم أكلوا على مهل خلايا الأربعة).
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف