الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سنة الكرونا بقلم: عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2020-03-29
سنة الكرونا بقلم: عادل بن مليح الأنصاري
سنة الكرونا

( عادل بن مليح الأنصاري)

لا شك أن الكثير منا أصبح مؤمنا أن كرونا استحوذت على مميزات نادرة عبر تاريخ الأمراض من عدة صور , ربما من أهمها هذا الزخم الإعلامي العالمي الذي حظي به , والذي لا تخفى علينا مبرراته , فهو الفيروس الذي ظهر في مرحلة نعايشها جميعا في ظل هذا التواصل الإعلامي المتفجر , وأصبح حديث العامة والخاصة , بدءا من زعماء العالم ومرورا بالبسطاء وحتى الأطفال وربات البيوت , سواء أكانوا مثقفين أو أنصاف مثقفين أو عديمي الثقافة , وكذلك استحواذه على شبكات التواصل والتلفزة ومواقع الشبكة العنكبويتة بما لم يحظ به مرض أخر عبر التاريخ , فهو مولود في عصر التكنولوجيا والإعلام والقرية العالمية الواحدة , لا يكاد طفل أو شيخ عبر الكرة الأرضية لم يسمع به , ربما يكون ضحاياه لا يقارنون بضحايا أجداده من الفيروسات والتي تجاوزت عشرات الملايين , ولكن ولادته في أحضان القرية الكونية وربما المنزل الكوني الواحد للبشر , أسبغ عليه هالات من الرهبة التاريخية المميزة , ربما هو الفيروس الوحيد عبر التاريخ الذي لم يكبحه شجاعته عن التغلغل في صدور الرؤساء وزوجاتهم وأبنائهم وكبار القادة والعسكريين كما تغلغل في صدور المتسولين والمشردين , وربما هو الفيروس التاريخي الذي أرعب زعماء الدول الذين لم يترددوا يوما في إبادة الجموع البشرية وهم يبتسمون أمام كاميرات التلفزيون ويتناولون السجائر والمشروبات , وهو الفيروس الذي لا يُرى وسحق كبرياءهم وعنجهيتهم بكل ثقة وتحدٍ , سلب النوم والهدوء من رؤوسهم , وجعلهم يتخبطون أمام شعوبهم , وهم بالأمس القريب يملاؤن شاشات التلفزة بخطاباتهم النارية والمزلزلة ويتوعدون الشعوب بالويل والثبور وعظائم الأمور , جعلهم يشكون عجزهم في مواجهة هذا المخلوق الذي لا يُرى لرب السماء الذي لم يخافوه يوما .

من المؤكد أن العالم إذا ما خرج من هذه المحنة قريبا أو بعيدا , لن ينسى هذه التجربة بكل مرارتها ورعبها , وستجد مكانا لها آمنا في ذاكرة البشر والحكومات , وستنبعث كالعنقاء دوما عند أي بادرة مشابهة ذات زمن , وسُتفتح دفاتر الذاكرة وملفات التواصل المركونة في ذاكرة الآلات , وملفات التغطية الإعلامية التي ثقلت بها السماء الإعلامية ذات وقت , ويقولون تذكروا , ونتذكر , واحتاطوا , وخذوا العبرة , ويتسابق الجميع من اصغر الناس مقاما وحتى كبار المؤرخين والكتاب والسياسيين والإعلاميين في بعث تلك الملفات والصور والأفلام والرسائل التي تحدثت ذات يوم عن مرحلة تسمى "كرونا" .

هنا يعود التاريخ ليعيد دورته لمن يلقي السمع وهو شهيد , عن ماضي الأجداد الذين مروا بمراحل مشابهة , ولكننا للأسف لم نستفد من حكايا تلك الفترة ولا قصصهم التي مازالت في ذاكرة التاريخ , والتي كانت من الممكن لو وُضعت في مكانها الصحيح وخضعت لدراسات علمية حديثة لأمكن أخذ بعض العبر والتجارب منها لنتّعض , ولكنه الغرور البشري بمرحلتنا التكنولجية والعصرية العظيمة التي جعلت تلك التجارب حكايا تاريخية لا تصلح إلا لسرد الحكايا والقصص عن تلك الحقب البائدة المتخلفة التي تفتقر لقدرتنا الحديثة في التعاطي مع العلم والمعامل والتجارب والتقدم الخلاق .

ستظل هذه المرحلة عالقة لأجيال في عقول أبناء اليوم , وسيتذكرونها لأنهم عايشوا رعبها وخصوصيتها رأي العين , هي ليست قصص مصلوبة على رفوف التاريخ لم تعد تصلح حتى للتسلية , بل قصة رعب عايشها جيل اليوم , ورأى بأم العين كيف تهاوت دول وأنظمة , وكيف سقط الناس في شوارع الدول المتحضرة علميا وثقافيا وملأت عقولنا بعجزنا أمام قدرتهم العلمية والبحثية والعسكرية , شاهدوا أعتى زعماء العالم وهم يهتزون خوفا وتتساقط الثقة التي أسقونا مرارتها دوما أمام فيروس لا يُرى .

ستكون (سنة الكرونا) قصة الإنسان الذي يسقط دوما في اختبار السماء , فكلما عتى وتجبر وداس على الآخرين , أرسل الله له عودا لا يُرى لكي يدوس عليه , وهنا قد لا يُفرق الله بين مسلم وكافر أو ملحد , فالبلاء يعم الجميع ليعرف الجميع أن الله يذكرنا ان جنوده لا غالب لهم إلا هو , سواء أكانوا غضب الأرض أو البحر أو السماء أو حتى مخلوق لا تراه الأعين .
مازالت صفحات التاريخ تحتضن بعض تلك الذكريات التي تناساها الناس وأصبحت حبيسة الحكايا أو الكتب أو ذاكرة المسنين , وبدون الدخول في تفاصيلها , في نجد أرخوا ب(سنة الرحمة) وسنة (الصخونة) , وهي في العام 1337هـ , فمات الكثير من الأطفال والنساء والرجال , وكذلك سمت سنوات القحط والجفاف بأسماء تخلدها مثل عام 1208هـ بسنة (الموّاسي) , وعام 1211هـ ب(سنة الفرقة) بعد غرق العديد من البيوت والقرى في نجد , و(قحط مخلص) في عام 1250هـ , وبسبب داء الصفراء سميت (سنة موت الشيوخ) في العام 1321هـ , كما يُسمى عام 1324هـ بسنة (الرحى) , ثم سنة (التسعاوي) , لأن الربيع والمطر والخيرات استمرت تسعة اشهر , ثم سنة ( البابور) وهي سنة افتتاح القطار العثماني في المدينة المنورة سنة 1326هـ , وجاءت بعدها سنة ( الساحوت ) , لظهور القحط والمجاعة , ثم سنة (الهدية) , ثم سنة (بعاج) , لزيادة شحم الإبل والغنم , وكذلك عام (حرب العموم) , والمقصود زمن الحرب العالمية الأولى , كما سُمي العام 1336هـ ب(سنة البركة) , ثم تلتها سنة (الرحمة) في العام 1337هـ , وهناك سنة ( 1336هـ) والتي يسميها البعض سنة(كسرة القطار) , حيث حطمت بعض القبائل القطار العثماني , وعام 1339هـ عُرف بسنة(الجهراء) , حيث دارت معركة الجهراء , وسُمي عام1342هـ بسنة(القبة) , لنبات عشبي كسى الجبال في بوادي الحجاز , أما سنة 1344هـ فسُميت بسنة(الرغامة) , وفيها تم تسليم جدة للملك عبدالعزيز , ثم سنة(الزبيدي) , ثم سنة(الطيارات) , ثم سنة(السبلة) , وتلتها سنة(الدبدبة) , ثم سنة(مويقة) , ثم سنة (الصّرّة) , وسنة(الشقال) , وسنة(الدبا) , ثم سنة(الجموم) , و سنة(الظلمة) , حيث كسفت الشمس , وهكذا .

من المؤكد أن البشرية توقفت عن استخدام الأحداث لتذكر تواريخ معينة كنتيجة طبيعية لتطور البشرية واستخدام التقاويم الحديثة وتواريخ الأعوام الدقيقة والسهلة في وضع الأحداث التاريخية في مجراها الزمني الصحيح , ولكن لن ابالغ لو قلت أن (سنة كرونا) هذه ستكون فريدة تاريخيا للبشرية , ولن تُنسى بسهولة من حيث ارتباطها بمسمى هذا الفيروس الذي هيمن على وقتنا ومدننا وعقولنا وتغيير طريقة حياتنا , كما لن تنسى البيئة الأرضية هذه الاستراحة الباذخة التي حضيت بها من عبث البشر , وربما نحن كشهداء على العصر لم ولن نحظى بهذه الصورة الفريدة لمدننا وشوارعنا وشواطئنا وأسواقنا وحتى طرقاتنا وهي تغرق في هذا الهدوء والسكينة الخيالية التي كان من الصعب وربما من المستحيل أن نراها أو حتى نتخيلها بهذه الصورة .

(سنة الكرونا) ستكون مختلفة ونحن مازلنا في دوامة الشكوك كيف تنتهي , أو حتى هل ستنتهي كما نحب ؟

والسؤال الأصعب والمرعب , من يقبع في صفحات ضحاياها في قادم الأيام .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف