بمشيئة الملاح للكاتب، والأسير الفلسطيني السابق،محمد أسعد كناعنة,
صدر للتوِّ عن دار فضاءات الأردنية للنشر والتوزيع.
بمشيئة الملاح الصادر مؤخراً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع ، ليس مجرد كتاب يمارس ترف الكلمة، فهو بشكل أو بأخر ذاكرة أسير كان يخبئ اللحظات في ثنايا الحروف. ويهرب أفراح رفاقه وأحزانهم من خلال نصوصه، وكان كما كل الأسرى الفلسطينيين يخلق من كل شيء ومن كل مناسبة حالة من التحدي للأسر والجلاد والقضبان العالية.
نصوص تميل إلى شعرية الجملة حينا، وتغرق في حدية المواجهة حينا آخر. وتفتش عن ملامح الإنسان في زمن اغتالت فيه آلة العنجهية الصهيونية وجلاديها كل معنى للإنسانية.
"بمشيئة الملاح
أنا الإمام في كلِّ ساح
بمشيئة الملاح
تجري سفننا والرياح
بمشيئة الملاح
لا صوت يعلو فوق صوت السلاح"
وهو الأسير القابع خلف الجدران, لم يسمح المناضل الفلسطيني محمد كناعنة لرطوبة المكان أنْ تزيح عبق الليمون والبرتقال من رئتيه, ولا لعتمة سجني (هشارون, وجلبوع) بأن تشوّه جمال صور وألوان وطن يعيش بأدق تفصيلة من تفاصيله, يرى فيه وهو المبدع ما لا يمكن لغيره أن يراه, وهو ابن سواحل كنعان, يترنم الدم في جسده على إيقاع أمواج البحر الأبيض, وهو الرُبَّان, صنع سفينته من حروف وكلمات وأوزان, وشق بها عباب الخيال رافضاً أن ينحني للرياح, فالسفينة تسير كما شاء لها الربَّان, صامدة مهما اشتدت العاصفة, لا تأبه ولا تذعن للرياح, لا تنحني ولا تتنازل, يمخر بسفينته أرجاء الوطن, يحكيه امرأة وعشقاً, وماض ومستقبل, مع غصة الحاضر الذي يحرمه مننه, غصة سجن هو لا يوقن أنه منتصر عليه, فهو حين يكتب, هو على قيد الانتصار, وبكلماته يهزم البرد يركع العتمة ويحيل عفونة السجن عبقاً لزهر البرتقال.
"مدينتي
أُقسم لكِ بماء السماء
بزيتون الجليل وجبال الخليل
بنيل مصر وفرات بغداد
أُقسِمُ..
أنِّي لن أفك الحداد
ولن أخلع عني السواد
لن ألبس عباءة المرحلة
أو أشارك بالمهزلة
فليس في الحياة موقفٌ
اسمهُ الحياد"
يقول محمد كناعنة في مقدمة ديوانه: "في قلب تلك العتمة شديدة السواد, انتشيت وانتشت كلماتي, لتبوح بعشقها لزوايا زنزانة عفنة, إلّا من روح من صمد هنا, من روى سراجَ عتمتها بدمه وعرقه بعد كل جولة تحقيق وتعذيب, وفي ليلة من ليالي العزلة في تلك الزاوية المظلمة شعرت بحاجتي لقلم وورقة, هذه الحاجة دفعتني للمحاولة لتهريب أو سرقة قلم من أمام المحقق, أو من المحامي الزائر..., كنت منتشياً بالقلم وسيلتي للهرب وللمقاومة, وما أن استقريت حتى فاض الفرح في قلبي فملاٌ المكان."
"صبراً..
صبراً أيَّتُها المدينة
فزهر البيلسان
لم يوجد ليؤخذ رهينة
وما زال للبيلسان
موعدٌ آخر
مع الجروح الدفينة"
هكذا نجد في كلماته روح الحياة التي تقهر القيد, فتتدفق الكلمات من بين ثنايا الروح, لبيقى الحلم حياً أبداً ويبقى الحب والأمل, يستوطن اللّغَة يبني من الكلمات صرحا يطل منه على عالمه (وطنه) الذي يحب أن يراه.
صدر للتوِّ عن دار فضاءات الأردنية للنشر والتوزيع.
بمشيئة الملاح الصادر مؤخراً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع ، ليس مجرد كتاب يمارس ترف الكلمة، فهو بشكل أو بأخر ذاكرة أسير كان يخبئ اللحظات في ثنايا الحروف. ويهرب أفراح رفاقه وأحزانهم من خلال نصوصه، وكان كما كل الأسرى الفلسطينيين يخلق من كل شيء ومن كل مناسبة حالة من التحدي للأسر والجلاد والقضبان العالية.
نصوص تميل إلى شعرية الجملة حينا، وتغرق في حدية المواجهة حينا آخر. وتفتش عن ملامح الإنسان في زمن اغتالت فيه آلة العنجهية الصهيونية وجلاديها كل معنى للإنسانية.
"بمشيئة الملاح
أنا الإمام في كلِّ ساح
بمشيئة الملاح
تجري سفننا والرياح
بمشيئة الملاح
لا صوت يعلو فوق صوت السلاح"
وهو الأسير القابع خلف الجدران, لم يسمح المناضل الفلسطيني محمد كناعنة لرطوبة المكان أنْ تزيح عبق الليمون والبرتقال من رئتيه, ولا لعتمة سجني (هشارون, وجلبوع) بأن تشوّه جمال صور وألوان وطن يعيش بأدق تفصيلة من تفاصيله, يرى فيه وهو المبدع ما لا يمكن لغيره أن يراه, وهو ابن سواحل كنعان, يترنم الدم في جسده على إيقاع أمواج البحر الأبيض, وهو الرُبَّان, صنع سفينته من حروف وكلمات وأوزان, وشق بها عباب الخيال رافضاً أن ينحني للرياح, فالسفينة تسير كما شاء لها الربَّان, صامدة مهما اشتدت العاصفة, لا تأبه ولا تذعن للرياح, لا تنحني ولا تتنازل, يمخر بسفينته أرجاء الوطن, يحكيه امرأة وعشقاً, وماض ومستقبل, مع غصة الحاضر الذي يحرمه مننه, غصة سجن هو لا يوقن أنه منتصر عليه, فهو حين يكتب, هو على قيد الانتصار, وبكلماته يهزم البرد يركع العتمة ويحيل عفونة السجن عبقاً لزهر البرتقال.
"مدينتي
أُقسم لكِ بماء السماء
بزيتون الجليل وجبال الخليل
بنيل مصر وفرات بغداد
أُقسِمُ..
أنِّي لن أفك الحداد
ولن أخلع عني السواد
لن ألبس عباءة المرحلة
أو أشارك بالمهزلة
فليس في الحياة موقفٌ
اسمهُ الحياد"
يقول محمد كناعنة في مقدمة ديوانه: "في قلب تلك العتمة شديدة السواد, انتشيت وانتشت كلماتي, لتبوح بعشقها لزوايا زنزانة عفنة, إلّا من روح من صمد هنا, من روى سراجَ عتمتها بدمه وعرقه بعد كل جولة تحقيق وتعذيب, وفي ليلة من ليالي العزلة في تلك الزاوية المظلمة شعرت بحاجتي لقلم وورقة, هذه الحاجة دفعتني للمحاولة لتهريب أو سرقة قلم من أمام المحقق, أو من المحامي الزائر..., كنت منتشياً بالقلم وسيلتي للهرب وللمقاومة, وما أن استقريت حتى فاض الفرح في قلبي فملاٌ المكان."
"صبراً..
صبراً أيَّتُها المدينة
فزهر البيلسان
لم يوجد ليؤخذ رهينة
وما زال للبيلسان
موعدٌ آخر
مع الجروح الدفينة"
هكذا نجد في كلماته روح الحياة التي تقهر القيد, فتتدفق الكلمات من بين ثنايا الروح, لبيقى الحلم حياً أبداً ويبقى الحب والأمل, يستوطن اللّغَة يبني من الكلمات صرحا يطل منه على عالمه (وطنه) الذي يحب أن يراه.