الأخبار
الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفح
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشيخ المجاهد عز الدين القسام "بيان نويهض الحوات" بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-03-21
الشيخ المجاهد عز الدين القسام "بيان نويهض الحوات" بقلم: رائد الحواري
الشيخ المجاهد عز الدين القسام
"بيان نويهض الحوات"
يعد عز الدين القسام نقطة تحول في مسار الثورة الفلسطينية، ليست الثورة على الاحتلال الإنجليزي والهجرة الصهيونية فسحب، بل ثورة على القيادات التقليدية أيضا، فبعد اتصاله مع مفتي القدس الحاج أمين الحسيني لإعلان الثورة المسلحة إلا أن المفتي رد عليه "لم يحين الوقت بعد لمثل هذا العمل، وأن الجهود السياسية التي تبذل تكفي" ص 72، قرر ممارسة قناعته بنفسه بعيدا عن الاحزاب السياسية والقيادات التقليدية، فكانت أول عملية لعصبة القسام "في ليلة 22كانون الأول/ديسمبر سنة 1932، ألقت قنبلة على منزل يوسف يعقوبي في مستعمرة محلال في مرج بن عامر، وقد أصيب يوسف يعقوبي وابنه بجروح خطيرة أدت إلى وفاتهما فيما بعد، ..وأعلنت الحكومة مكافأة قدرها خمسمئة جنيه فلسطيني لأي شخص يدلي بمعلومات عن الحادثة" ص55، أما لماذا تم ألقاء القنبلة على هذا الشخص تحديدا دونه غيره، فالجواب: "... مكانة الرجل لدى السلطات.. كان ردا على أعمال يعقوبي نفسه، فهو ـ بتعبيرهم ـ مدير سجن ظالم" وقد قضوا عليه ليريحوا اخوانهم في السجون منه" ص55، إذن يمكننا القول أن الفلسطينيين منذ الاحتلال الانجليزي وحتى الآن يفكرون بأسراهم، ويعملون لتحريرهم، أو للتخفيف عنهم، فالعمليات الفدائية مستمرة إلى غالية الآن، لإجبار المحتل على أطلاق سراح الأسرى، فهذا النهج (تحرير الأسرى) أسسه القسام.
... واستمرت العصبة في عملها المسلح: " في منتصف ليلة الخامس من نيسان/ابريل سنة 1936 هاجم ثلاثة من العرب قافلة يهودية على الطريق العام بالقرب من عنبتا في قضاء نابلس، وقد عرف فيما بعد أن المهاجمين الثلاثة كانوا من عصبة القسام السرية وبقيادة الشيخ فرحان السعدي" ص61، وهنا نتساءل ما هي الطريقة التي تبعها القسام في تجنيد المجاهدين؟، وما هي صفاتهم؟، وما هي المعايير التي حددها للانتساب للعصبة؟، ومن أين جاء اسم عصبة القسام؟، ومن هي الفئة/الطبقة التي اعتمد عليها القسام؟، وما هي الافكار التي اعتمدها لنشر دعوة الجهاد؟، ومن أين كان يأتي بالتمويل والتسليح؟، كل هذه الأسئلة نجدها في كتاب: "الشيخ المجاهد عز الدين القسام".
مكان وولادة القسام
بداية سنتحدث عن المكان والعام الذي ولد فيه القسام ونشأته العلمية والفكرية: "ولد عز الدين بن الشيخ عبد القادر مصطفى القسام سنة 1871 في جبلة من أعمال اللاذقية في شمال سوريا، وهو ينتمي لأسرة كريمة معروفة، عرف في طفولته ونشأته عذاب الفقر والحرمان، كما عُرف عنه في تلك المرحلة الأولى من حياته، حبه للعلم والتفكير، سافر القسام في شبابه إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف،... أنه كان من تلاميذ الشيخ محمد عبدة، كما أن الصلات الإسلامية والفكرية والشخصية قد كجعته، إلى مدى بعيد مع السيد رشيد رضا" ص 25، ولم يكتفي بالعلم الأزهري، فأخذ يقرأ "للأفغاني، وكان متابعا دقيقا للحركة الإصلاحية الدينية في عصره" ص26، ولم يكتفي بالقراءة بل نجده أخذ يفكر بحال العرب والمسلمين، فتوقف عند ثورة أحمد عربي في مصر، من هنا يمكننا القول أن القسام زاوج بين تحصيل العلم الأكاديمي والثقافية العامية، فتشكلت لدية معرفة وثقافية جعلته قادر على رؤية الأمور بموضوعية، وإذا ما أضفنا إلى هذه الثقافية والعلم، التنشئة الدينية والبيئة الريفية التي عاش فيها، نستنتج أن شخصية القسام منسجمة في سلوكها العملي وثقافتها وعلمها.
بعد عوته إلى جبلة: "برز رجلا مصلحا، وعالما دينينا، لا يكتفي بجانب الوعظ والإرشاد، بل يقرن الإرشاد بالعمل، والعمل بالدراسة" ص26، وهذا الانسجام هو ما يميز (القائد) عن العادي، وعالم الدين عن المدعي للدين، فعندما يقترن العلم مع الشخص الملتزم المؤمن/المبدئي، بالتأكيد سيكون هناك الأثر إيجابي عليه وعلى مجتمعه/الآخرين، وعندما يتعامل الإنسان مع الأفكار على أنها كائن حي، يرتقي باستمرار، وأن الفكر كالشجرة بحاجة إلى الري/السقي والتقنيب والحرث وازلت الاعشاب الضارة والرش بالمبيدات، وأن الفكر ليس صنم/تمثال جامد، سيفكر بما آلت إليه أحواله وأحوال أمته، لاستخلاص العبر وإيجاد الحلول، وهذا سيكون من خلال الاطلاع على أفكار الآخرين والقراءة وتثقيف الذات والتحليل، وعدم التوقف عن التحصيل العلمي فقط: "...وقد امتاز الأمام محمد عبدة بأنه كان من أكثر رجال الدين حماسة لتفهم القرآن الكريم عن صورة المستجدات الفكر المعاصر، وقد كان له الأثر الواضح على النهج التحرري في فكر القسام، كما كانت صلاته الأفغاني واضحة في سيرة حياته... نعرف أن الكواكبي ان أول من طرح العروبة بمفهومها المعاصر، وأول من قرع جرس الثورة في أول هذا القرن، حين طرح موضوع الاستبداد، ونادى بمقاومته، ونعرف أن القسام كان عربيا أصيلا، وكان المقاوم للاستبداد والظلم في سوريا وفي فلسطين" ص27، إذن نستطيع القول أننا أمام شخصية متنامية معرفيا وثقافيا، وفي ذات الوقت ملتزمة بفكرة مقاومة الاستبداد والظلم، وهذا ما جعل شخصية القسام متميزة، ليس لأنه مثقف وعالم فحسب، بل لأنه أقرن علمه بالعمل أيضا، فكان يقوم بدور الأنبياء، التنبيه وكشف العيوب، وتقديم الحلول، والثبات على الحق، ونشر الرسالة/الدعوة.
والقسام لم يمارس النضال في فلسطين فقط، بل سبقها أن شارك في: "المهمة الأولى كانت في أثر محاصرة الأسطول الإيطالي لطرابلس الغرب سنة 1911، وقد كان قراره سريعا بنصره العرب المسلمين ضد العدوا الأجنبي، فقاد القسام التظاهرات في بلدته الصغيرة، وهو يهتف مع الجموع ضد الطليان" ص 28، وواجه الاحتلال الفرنسي لسوريا أيضا: " وقد برز اسم القسام أول مرة، مجاهدا مقاتلا ضد الاحتلال الفرنسي لسوريا، ولما احتاج الجهاد إلى السلاح، والسلاح بحاجة إلى المال، ولما القسام لا يملك سوى بيته، فقد باع بيته واشترى أربعا وعشرين بندقية، وخرج مع صحبه ورفاقه معلنا الجهاد العام." ص31، وحكم عليه غيابيا بالإعدام، وعندما حاول الفرنسيون شراء القسام ، من خلال توليه القضاء: "فالسلطة العسكرية الفرنسية حاولت شراءه بتوليه على القضاء، فرفض، وما كان أمامه إلا أن يغادر البلاد" ص 32، مثل هذا التاريخ يشير إلى أننا أمام قائد لم يأتي صدفة، بل مارس الجهاد من أن وعي الحياة، ووجد فيها محتلين إن أكنوا طليان أم فرنسيين أم انجليز أو يهود.
استشهاد القسام في يعبد
ولكن الظرف إن كان من خلال الاحتلال الانجليزي، أو من خلال الهجرة الصهيونية، لم يكن يسمح للقسام ولا لغيره أن يعلن ويجاهر بدعوته مقاومة الظلم والاستبداد، فكان يعمل بسرية تامة، حتى أن فكرة استشهاده فاجأت الجميع: "...وفي العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر فوجئ العرب وهم يسمعون بذهول إلى النبأ الأول من نوعه، إلى نبأ استشهاد مجموعة من المجاهدين الأبطال، وهم يقاتلون البريطانيين، وبين ليلة وضحاها أصبح الشهيد القسام على كل لسان، وفي كل بيت، وأضحى علما من أعلام الجهاد، كانت معركة يعبد إعلانا لثورة، وكانت تجسيدا لنهج، وتلك أهميتها الكبرى... وكانت معركة يعبد الشهاب المضيء الذي رسم للنضال الفلسطيني طريقه الصحيح، من هنا أصبحت المعركة بتفاصيلها وأسمائها، تحتل المكان الأول في ذكريات الشعب المقهور" ص16و17، وقد يسأل أحدهم: ما هو المميز في أستشاهد مجموعة قليلة العدد ـ وقليلة التسليح، تواجه قوات كبيرة وبعتاد متطور، علما بأن خبر المعركة جاء حاسما لصلاح الانجليز؟: "في فجر اليوم أحاطت قوة من بوليس نابلس وطولكرم وجنين بقرية الشيخ زيد (شمال يعبد) وعلى بعد عشرة أميال غربي جنين حيث كان الاعتقاد أن العصابة متجمعة هناك، وقد أطلق الرصاص عليها من حرش قريب، وعندما تبادلت العصابة الطلقات، تبين للبوليس أنه أمام عصابة مسلحة، وفي أثناء المناوشات التي أخذت شكل عراك متنقل، انتهى حوالي الساعة العاشرة صباحا في أسفل الوادي، وقد قتل أربعة أو خمسة من أفراد العصابة، وقبض على خمسة أخرين، أحدهم مصاب بجروح خطيرة، والمعتقد أن هذا يشمل جميع أفراد العصابة، وقد استولى على تسع بنادق وبندقية صيد وبندقية سريعة الطلقات وكمية من الذخيرة، وقد قتل من أفراد البوليس الانكليزي ر س موط، وأصيب بوليس انكليزي بجروح خفيفة، وعرف من أفراد العصابة المقتولين الشيخ عز الدين القسام، والشيخ يوسف عبد الله، وأحمد الشيخ سعيد، سعيد عطية أحمد" ص18، نجيب: أن هذه المواجهة بشكلها المجرد، تؤكد على إيمان هؤلاء بالمقاومة ومواجهة المستبد/الظلم/المحتل، فالمعركة/المواجهة تتماثل مع مواجهة "الحسين" لجيش يزيد في كربلاء، فالحسين وجماعته والقسام وعصبته ـ رغم قلة عددهم وتسليحهم ـ قرروا المواجهة، علما بأنهم كانوا يعوا أن نتيجتها ستكون محسومة لصالح العدو، من هنا كانوا هم الشرارة التي انطلقت وما زالت منطلقة لمواجهة الظلم والظلام، فكانوا مثلا يحتذيه الأخرين ويسترشد بهم، فالمعركة أثارت مجموعة من التساؤلات عند الكثيرين من الشعب لفلسطيني، كيف للضعيف أن يواجه القوي، كيف لهذا الشيخ، والمعلم والذي تجاوز الستين عاما أن يكون مقاوم/مجاهد ويحمل السلاح، وفي وجه أعتى قوة في العلم؟، فإذا كانوا هؤلاء الضعفاء وكبار السن جاهدوا وقاموا، فلماذا وكيف يقف (الشباب) متفرجين/عاجزين؟، فكان الثورة الفلسطينية الكبرى، ثورة 1936.
أسم عصبة القسام
أما لماذا أطلق على جماعته "عصبة القسام": "يعود أولا إلى التسمية العفوية التي اشارت إليها الصحف غداة معركة يعبد، ثانيا، إلى كونها التسمية التي اعتمدها ثلاثة من المؤرخين العرب الذين عاصروا القسام وعرفوه، وهم : محمد عزة دروزة، وعجاج نويهض، وأكرم زعيتر" ص40، لكن القسام نفسه لم يسمي تنظيمه بأي اسم، وكل الاسماء الأخرى: "جماعة القسام، أو القساميون، أو عصبة القسام، جاءت بعد استشهاده، خصوصا عندما تكاثر المؤيدون والأنصار مع عنفوان الثورة في سنة 1937، فبات كل من استمع إلى خطبة أيام الجمعة في مسجد الاستقلال يقول باعتزاز: أنا قسامي، أما القساميون فلا فكانوا من أجل المحافظة على السرية، وعلى قدسية الجهاد، لا يقول الواحد منهم عن الآخر، وحتى بعد مرور عشرات الأعوام على ثورتهم" ص 40، من هنا ندخل إلى الثوار الحقيقيين الذين يترفعون عن الشهرة والظهور على المنابر، فبقوا محافظين على مصلحة الثورة، عازفون عن مجاراة (موضة الجهاد والنضال)، فمصلحة الثورة والوطن أكبر من ظهور هذا أو ذاك.
طبيعة العناصر في عصبة القسام
فالعناصر اختارها القسام بعناية فائقة، وحرص على تعليمهم وتثقيفهم ثقافة جهادية خالصة، بداية كانوا من: "جمعية الشباب المسلمين أرضا خصبة لاستقطاب الشباب والرجال... فالقسام يختار منهم في منهى الدقة والحذر الأعضاء ل "عصبته السرية" ص43، إذا كانوا هؤلاء الشباب من الفئة المثقفة والمتعلمة، فالقسام لم يهمل بقية أفراد المجتمع، حتى (المنحرفين) منهم استطاع أن يضمهم إلى عصبته، لكن بعد أن يعيد تأهيلهم اجتماعيا ووطنيا ودينيا: "قال حسن الباير أحد المجاهدين المشاركين في معركة يعبد، في إفادته الرسمية بعد استسلامه للبوليس:
أنا من قرية بلقيس وكنت من قبل أسرق وأرتكب المحرمات فجاءني المرحوم الشيخ عز الدين القسام وأخذ يهديني ويعلمني الصلاة وينهاني عن مخالفة الشرع الشريف وأوامر الله تعالى.
"قبل مدة أخذني المرحوم الشيخ عز الدين إلى أحد جبال بلقيس وهناك أعاطني بندقية فسألته لم هذه؟ فأجاب لأجل أن تتمرن عليها وتجاهد مع اخوانك في سبيل الله" ص46، في العمل المسلح، القسام لم يهتم بالنخب (المثقفة والمتعلمة) بقدر اهتمامه بالأشخاص العاديين، عامة الشعب، فهو العارف الذي خبر الناس وطبعاهم يعرف أين يمكن أن يجد (الخمير) الصالحة للثورة، فقد عرف أن الخطب والمنابر والمهرجانات وأصاحبها لا تسمن ولا تغني من جوع. يحدثنا "أحمد الشقيري" عن بقية أسرة معركة يعبد فيقول: "كان المتهمون في حالة نفسية عادية، لا يشوبهم القلق والجزع، وكانت سكينة الإيمان والتقوى ترتسم على وجوههم، وتتحكم في سلوكهم وتصرفهم، ولم يكن فيهم ما ينبئ أنهم خرجوا من المعركة بالأمس، ولا حرج عليهم أن يعودوا إليها غدا.
لقد كانوا أشخاصا عاديين، من الكادحين، من عامة الشعب، ليس لهم ثقافة عامة، ولا محدودة ولا غير محدودة، إلا ما تفقهوه من الدين على ي الشيخ عز الدين القسام.
وكانوا جميعا مقيمين في حيفا ... أحدهم حمال، والثاني بقال متجول، والثالث صاحب دكان أو بعض دكان، والرابع عامل يومي... ولم تكن بنا حاجة لأن نستدرجهم إلى الكلام/ فقد تحدثوا إلينا بطلاقة وسهولة، كما يتحدث الفلاح في المضافة، والعامل مع رفاقه، والحجار مع البنائين، لم تجري على ألسنتهم تعبير (الكفاح المسلح) والحركة الوطنية والاستعمار والصهيونية، فقد كانت تعابيرهم على بساطتها تنبع من ينبوع أروع وأرفع ...الإيمان والجهاد في سبيل الله" ص60، هذا اللقاء يؤكد على أن بساطة المجاهدين، وعلى أنهم من عامة الشعب، فهم من خلال كلامهم وأقولهم لا يبدو أنهم مجاهدين، وهذا يشير إلى حرص القسام على تعليم أفراد جماعته على السرية وعدم المفاخرة بالتلفظ بألفاظ تشير إليهم، أو جعلهم في محل الشبهة، فالاحتلال الانجليزي يراقب كل صغيرة وكبيرة.
وقد يسأل سائل: لماذا اعترفوا إذن؟، ونجيب أنهم كانوا في المعركة، ولا مجال لإخفاء ذلك ولا يفيد الإنكار، لهذا كانوا مسلمين بحكم بإعدامهم وبالموت، فلم يظهر عليهم أي خوف أو رهبة مما هو آت.
من خلال الحديث عن طبيعة أفراد عصبة القسام يمكننا القول أنه اعتمد على الكادحين في مقاومة الاحتلال الانجليزي والحركة الصهيونية، بمعنى أنه كان يعي دور طبقة (البروليتاريا) في العملية الثورة، رغم أنه لم يكن ماركسيا، لكن خبرته في النضال ومراقبته للأحداث، جعلته يعرف كيف يختار العناصر، والفئة التي تخلص لقضيتها، وهذا ما يؤكد على أن الثقافة التحررية التي تعلمها من محمد عبدة والأفغاني والكواكبي، نجد أثرها في تشكيله للتنظيم، والفئة التي اختارها لتقوم بالعمل المسلح، فهم لم يختار المثقفين، المتعلمين، بل ترك لهم مجال آخر يعملون فيه، وهذه الدقة في تحديد المهام تشير إلى عبقرية القسام وقدرته على صياغة تنظيم متكامل، ينسجم في الفرد مع المهمة المكلف بها، بحيث يكون متألق في أدائها.
القسام واضع اسس العمل الفدائي الفلسطيني
يعتبر القسام واضع اسس العمل الفدائي الفلسطيني، فما هي الأسس التي اعتمدها في هذا العمل؟: "لم تكن الخلية الجهادية السرية تضم أكثر من خمسة أشخاص، وقد كانت تتألف الخلايا على نمط حلقات الأرقم ابن أبي الأرقم، وقد كان لكل خلية نقيب مسؤول عن القيادة والتوجيه، وقد ارتفع عدد أفراد الخلية الواحدة، سنة 1938 إلى تسعة أشخاص. وعندما اكتملت البدايات، كانت العصبة تضم خمس وحدات منظمة مختلفة المهام، الوحدة الأولى خاصة بشراء السلاح، من قادتها الشيخ حسن الباير والشيخ نمر السعدي، والثانية خاصة بالتدريب وهي بإشراف ضابط سابق في الجيش العثماني، والثالثة خاصة بالاستخبارات ومراقبة خطط الانكليز واليهود السرية، ومن عناصرها الشيخ ناجي أبو زيد، وكان يحبذ في هذه الوحدة استخدام الأعضاء العمال الذين يعملون في المصالح الحكومية، وخصوصا في دوائر البوليس، والعمال الذين يعملون مع اليهود لمعرفة نشاط الأحزاب اليهودية السري، أما الوحدة الرابعة فكانت من العلماء، وأبرز أعمالها الدعوة إلى الجهاد الديني في المساجد والمجتمعات، وقد كان الشيخ القصاب موجها ومستشارا في الوحدة، وكانت مهمة الوحدة الخامسة الاتصالات السياسية" ص44، لهذا نقول أن عمل القسام لم يكن فوضوي، ردة فعل، بل عمل منظم دقيق ومتكامل، وهذا ما وجدنا أثره بعد استشهاده، فثورة 1936 ما كانت لتستمر دون وجود تلك العناصر المنظمة والتي تعرف وتحسن الاتصال والتواصل، وتمد المجاهدين بالسلاح والذخيرة وتأمين لهم التموين، وتنسق فيما بينهم.
تمويل العصبة
في ظل وجود حكم عسكري اختيار العناصر المجاهدة ليس بالأمر السهل، ويحتاج إلى التروي وأخذ الحيطة والحذر، كما أن تأمين التمويل المالي يخضع لهذه السرية، ويقتصر استخدام المال على تأمين السلاح وشرائه، وليس للمهرجانات أو الاحتفالات، فهي لم تكن ضمن نهج عصبة القسام، "وقد ربطت موضوع الحصول على المال بالمثالية والخلق المتناهي، فالشروط التي كانت تفرض على المؤازر المتبرع توازي الشروط التي يمكن لحزب أن يفرضها على عضو منتسب. ... فكانت العملية لا تتم إلا بعد الوثوق بالشخص المتبرع وثوقا تاما، وكان هناك ثلاثة مصادر تمويلية، للثورة، مصدر الاشتراك الشهري قدر المستطاع، ومصدر التبرع الطوعي، ومصدر الانتاج الزراعي، فقد كان للعصبة مزرعة خصبة ذات تربة حمراء قرب نحلال، كان يمتلكها اسماعيل البابا من صيدا، وقد تبرع الرجل بالأرض وزراعها القساميون وأخذوا ربع إنتاجها من بيع الدخان. وقد ساهم في تأمين التبرعات من المقتدرين الوطنيين في حياة القسام، بعض من أصدقائه الثقات، كرشيد الحاج إبراهيم، والمطران غريغوريس حجار، " ص 49، ومن يقارن هذه المصادر مع مصادر أي تنظيم/فصيل ثوري سيجدها متماثلة تماما، فالقسام كان يعي ويعلم كيف يبنى التنظيم، وكيف يمول وكيف يتم تأمين تسليحه، من هنا نقول أن القسام هو من واضع اسس العمل الفدائي الفلسطيني المسلح.
وعن التموين يقول الشيخ نمر حسن السعدي: "كنا نشتري غذائنا بالنقود ولا نلزم أحدا أن يقدم لنا غذاء بالقوة، وغايتنا تخليص البلاد فقط" ص22، رد حازم وحاسم لم يحاول أن يتطاول على العمل الثوري، ومن يحاول أن يشوهه، فالالتزام الأخلاقي يوجب على المقاتل أن يؤمن طعامه بنفسه وبطريقة مشروعة، بمعنى أن من ماله الخاص أو من التنظيم، فالسطو أو إجبار الآخرين على تقديم المال أو الغذاء يعد جريمة بحق الثورة والثائرين، هكذا علمنا القسام.
تسلح العصبة
أما السلاح فكان: " القنابل اليدوية البدائية الصنع" ص49، "كان يفرض على العضو أن يقتني سلاحه من ماله الخاص، وهذا يعني، بلغة الأمس، ؟أن يشتري بندقية أو مسدسا" ص50، ويقول أحد المجاهدين عن السلاح: "...ونحن نقضي الليل، ننقع الفرد (المسدس) بالكاز، حتى يحلحل عنه الصدا... في معركة، في سنة 37، وفي سنة 38، كان الواحد من يأخذ قنبلة واحدة، و35 فشكة ذخيرة، شوي يعملوا بالمعركة؟ والله لو كان في سلاح، ما صارت دولة إسرائيل.
كان عندنا مدفع هاون/ مدفع صغير، نحنا كنا نسمي هاون، كنا نصوب فيه، إشي ييجي بالجبل، إشي ييجي في الواد، كان عندنا رشاش اسمه هوشكز فرنساوي مع سيبه" ص50، عبقرية القسام أنه عمل ضمن ظروف صعبة وقاسية جدا، ورغم هذا استطاع يؤسس لعمل مسلح، يعتمد على السرية والخفاء، بعيدا عن أنظار الأعداء والأصدقاء.
ظروف عمل العصبة
خصائص العمل السري تتطلب مجموعة اجراءات، منها: "حريصين كل الحرص على الابتعاد عن الظهور جماعة مستقلة، لم يعملوا يوما من أجل الوصول إلى قيادة أو الاستئثار بالقرار السياسي أو العسكري، ... صلابة العقيدة والجهاد، وملاحقة الظالمين والمتهاونين " ص67، من هنا استطاعوا أن يكونوا مثلا في نكران الذات ومتفانيين في خدمة القضية الوطنية التحررية.
ورغم وجود الاحتلال الانجليزي وبطشه، ورغم طبيعة العمل السري، إلا أن القسام وعصبته وضعوا شروط وأسس لعملهم المسلح، فعندما تم محاصرتهم في يعبد من قبل الانجليزي، كان هذا الموقف: "تم وضع البوليس العربي في الخطوط الأمامية الثلاثة قبل البوليس الانكليزي، وذلك لمعرفة الانكليز جيدا أن "عصابة الأشقياء" كما دعتها لا تطلق النار على أبناء شعبها من البوليس العربي، ... وأكدت صحيفة "الفتح" أوامر الشيخ لجماعته بألا يطلقوا الرصاص على رجال البوليس العربي الذين كانوا في المقدمة وورائهم الجنود الانكليز...يجب أن لا يطلق عيار واحد على أحد من أهل البلاد، ولو كان هو البادئ بإطلاق النار علينا" ص20و21، مثل هذا الالتزام بالأخلاق يؤكد على أن القسام لم يكن قاتل مأجورا، أو يسعى للقتل، بل أنه مجاهد يعمل لصالح الشعب المحتل ليحرره من الاحتلال، فكان حرصا على عدم سقوط نقطة دم واحد من العرب، حتى وإن كانوا يعملون في البوليس الانجليزي.
لكن لماذا هذا الحرص على من يعمل مع الانجليز؟ نجيب، أن هناك عناصر من هذا البوليس كانت تعمل مع الثوار بالخفية، وكان القسام يعي ويعرف طبيعة أفراد البوليس، التي يجب أن يلتزم بما يطلب منه وتنفيذ الأوامر الصادرة له، فلا يريد القسام أن يكون هناك قتيل واحد من هؤلاء، وهذا ما أكدته لنا الباحثة "بيان نويهض الحوات" عندما اقتبست قول أحد المجاهدين الذي قال: "... كان عندنا مدفع هاون/ مدفع صغير، نحن كنا نسمي هاون، كنا نصوب فيه، إشي ييجي بالجبل، إشي ييجي في الواد، كان عندنا رشاش اسمه هوشكز فرنساوي مع سيبه، وهذا الرشاش أخذوه الانكليز لما طوق المنطقة (سنة 1935) لكن كان بالبوليس رستم من طنطورة وهاشم افندي يتعاطفون معنا ويردولنا أحيانا الساح" ص50، من هنا نجد أن القسام وعصبة كانوا حريصين عن أن لا يؤذوا أي مواطن، حتى لو تعرضوا للخطر والموت.
ومن الأمثلة الأخرى على حرص عصبة القسام على الدم الفلسطيني، يقول الشيخ نمر حن السعدي: "..خرجنا من حيفا منذ شهر بعد أن اتفقنا على نصرة الدين والوطن وقتل الانكليز واليهود لأنهم محتلين بلادنا، بوصولنا سهل بيسان قتلنا الجاويش اليهودي، وقد كان معه جنديان عربيان فلم نقتلهم" ص22.
التعامل مع العملاء
لكن هذا لا يعني أنهم كانوا يسمحون للعملاء أن يتحركوا كيفيا شاءوا، بل كانوا يعاقبون كل من يتعاون كع المحتل، لكن هذا العقاب كان يتم بعد التحذير والتنبيه ومحاولة اصلاح المتعاون: "كانوا ينذرون العميل أو الظالم إنذارا أول، كي يرتدع عن غيه، فإن لم يرتدع أنذروه ثانية بوجوب مغادرته البلاد، وإن لم يغادر يتخذ القرار باغتياله ـ لكن بعد توفر الشهود ضده، والعدد الأدنى شاهدان.
وفي مقدمة الذين اغتالهم القساميون حليم البسطة (مساعد مدير الأن العام البريطاني) ومساعده أحمد نليق جزاء على ملاحقتهما لهم، وعلى تعذيبهما اللإنسانس للقساميين والوطنيين، وكان البسطة لا يرعوي عن تعذيب الآباء وتعذيب أبنائهم، ولا يرعوي عن تعذيب الفتى تعذيبا وحشيا أمام عيني أمه، كي يعترف بتحركات "القساميين" ومثال واحد لهؤلاء: الفتى جميل محمد عطية، الذي لم يفه بكلمة عن أخواله وهو بين أدوات التعذيب، وأمه سعدى المرأة التي لم تصرخ لعذاب ابنها ولم تطلب من الجلاد رحمة" ص67، وتأكيدا على أن عصبة القسام كانت منسجمة مع الجماهير الفلسطينية في تصفيتها للعملاء: "...ومن أبلغ مظاهر الوعي الوطني أن المسلمين لم يكتفوا بالامتناع عن السير في جنازته بل أنهم أغلقوا أبواب المساجد وراحوا يحرسونها مقسمين إلا يسمحوا بالصلاة عليه، كما أبو أن يدفنوه في لمقبرة فأرجأت السلطة دفنه حتى الليل ثم عينت حارسا له لئلا ينبشه النابشون" ص68، بهذا يكون التنظيم الأداة التنفيذية التي تعمل لصالح الجماهير، وتحافظ عليها وتحميها من المخربين والعملاء.

القسام القائد
قلنا أن ميزة القسام أنه أقرن القول بالعمل، فكان قوله مطابق لعمله، وقلنا أنه يميل للفقراء الكادحين، لهذا: "...رضى... أن تتزوج ابنته من فران بسيط مجاهد مؤمن" ص ص44، كما أنه كان يحجب نفسه عن المظاهر العامة التي (تضخم العادي) ولا تقدم فائدة ملموسة على أرض الواقع: "...لم يحضر المؤتمر الإسلامي الذي عق للدفاع عن المسجد الأقصى سنة 1928، ولم يحضر المؤتمر الإسلامي العام الكبير سنة 1931 الذي أمه علماء المسلمين من أنحاء العالم الإسلامي" ص53، وهذا (التكتم/الانزواء) كان يبديه حتى أثناء اعتقال المناضلين، يقول "المحامي" حنا عصفور": " أنا من تلميذ القسام، أنا حضرت دروسا لمعلمنا الشيخ القسام، استمعت إليه يتحدث، وراقبته وهو يزورني في مكتبي، المرة تلو المرة، أثر اعتقال شباب عملية نحلال، كان كثير الصمت، قليل الكلام، ولم يقل مرة، هؤلاء المعتقلون، اعرفهم، أو أنهم معي، ولكني عرفت ذلك من تكرار زياراته....إن عظمة القسام في أنه أوحى إلى كل من حوله، في حديثه وسلوكه وتعاليمه بأن التعليم فرض كالعبادة" ص35، أن يقول "حنا عصفور: "أنا من تلميذ القسام" تأكيد على أنه تجاوز الطائفة والقبيلة، وعلى أنه وطني بالامتياز، وإذا ما أخذنا سيرة القسام ككل، نجدها عطرة على كل فم، فلم يذمه أحد، بل كان يُمدح ويُحمد من قبل الجميع، تحدث عنه حسن شبلاق وموسى حوراني: "
كان مع وضوحه وصراحته يوحي للسامع بأنه جبل من الأسرار.. كان القسام رجلا لا تفارق البسمة وجه فكانت بسمته تخطف قلب كل إنسان... يرفض التنعم بمظاهر الحياة، في زيه وبيته المتواضع، بيته غرفتان لا أكثر، وكان الشيخ القسام قادرا على السكن في بيت متسع ومريح، غير أنه كان متقشفا بطبعه، وكان مثلا أعلى للجميع، في اليل، كان يسهر طويلا في تهيئة محاضراته الدينية، ولو طاف الواحد منا في قرى حيفا يسأل عنه لقال عنه الفلاحون، أنه الشيخ الذي يزورنا كل أسبوع،.. كان الجار الذي يسأل عن جيرانه، والصديق الذي تعنيه الأمور الصغيرة في الصداقات، من يصدق أن شيخا عالما يطرب للغناء؟ من يصدق أن شيخا عالما يدرب الشباب على حمل السلاح... وكان رحمه اله يقول لنا ألف مرة: ألبس مرقع، الفقر مش عيب، لكن خللي لبسك نظيف...مشان ما تؤذي جارك، والجار هنا يعني جارك في الصلاة في المسجد" ص36و37.
وتحدثنا ابنته "ميمنة" عنه قائلة: "...كان يتغنى بالوطن وجماله، ويردد البيت التالي:
"قولوا لهم أن البلاد جميلة شهدت لها الأعداء أم لم تشهد"
وإذا قلت له انظر إلى الناس كيف يلهون/ لا يعبأون بما يجري حولهم، وجرب أن تكون مثلهم، لأنك فرد وحيد، واليد الواحدة لا تصفق، أجباني وهو يحرق الألم: ما هكذا تعودت أجدادنا العرب الكرام كانوا إذا عاد عدو يسقوه كأس الانتقام... فقلت له أن الطرق السلمية هي خير طريق يمكن أن يسلكه شعب أعزل كشعبنا: لأن القوة يجب أن تجاببها قوة مثلها ونحن لا قوة لدينا ولا مال، لكن الشهيد لم يتركني اتمم حديثي، بل صرخ في وجهي بصوته الجهوري, اصمتي يا ميمنة
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
ثم أطرق برهة، رفع بعدها رأسه وأنشد وهو ينظر إلي نظرة ذات معنى:
"متى يرى الكلب في أيام دولته
فأجعل لرجبيك أطواقا من الزرد
وأعلم بأن عليك العار تلبسه من عضة الكلب لا من عضة الأسد" ص38، وبعد وفاته نجده حاضرا عند كل التيارات والأحزاب الوطنية والقومية والدينية: "فهناك من رأى في القسام إسلامه، وهناك من رأـى نضاله، وهناك من رأى ماركسيته، وهناك من رأى القسام عضو في الحزب العربي، وهناك من رآه في حزب الاستقلال" ص68.
وتستخلص الباحثة "بيان نويهض الحوت" هذه النتيجة: "أن القسام لم يجعل من نفسه زعيما أو قائدا على رفاقه، حتى يخسروا بموته الزعيم أو القائد، فتنهار الثورة، لقد مات القسام واستمرت عصبة القسام من بعده، وتعاونت في كل مراحل الثورة، مع القيادة التي ما اجرى القسام معها حوارا جديا إلا بعد استشهاده.
فالقسام ما قاد ثورة. فقط، كان استشهاده إعلان ومقدمة لإمكان ثورة. ...ما قام به إخوانه، أنهم أشعلوا فتيل الثورة كلما خبت. وما فعلوه أيضا، أنهم نشروا الثورة في البلاد، لما احتاجت إليهم البلاد" ص77.
الكتاب من منشورات دار الاستقلال للدراسات والنشر، بيروت 1987، والطبعة الأولى، طبعة ثانية دار الأسوار عكا 1988.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف