من روايتي الجديدة
زْغُودة (الحلقة 02)
سافر يحي إلى العاصمة مع المرحوم عمي الشينوة طاكسيور أزيار، الذي تركه في المحطة للمجهول ، فقد سبق له و أن غادر تالة لفدور مرة واحدة حين سافر إلى قسنطينة لإجراء الفحص الطبي للخدمة الوطنية ، و منذ ذلك اليوم لم يبرح وادي النفادرية ، و لم يغب عن قطيع المعز للحظة من تلك اللحظات التي عاشها حالما بلقاء زغودة ، تلفت صوب الميناء و لم يكن يعتقد أن الدنيا تتسع لهذا الكم الهائل من البشر و السيارات ، و هذه البنايات العملاقة المتراصة بانتظام ، تساءل في نفسه هل هي جزء من الحلم الذي طالم راوده ،
ثم قال : لا اعتقد أن غبة حين نصحني بالسفر إلى العاصمة كان ينوي إبعادي كي يخلو له المكان للإستلاء عليها ، ثم هو ساذج و جبان ولن تخطر على باله الفكرة ، فقد قال لي مسلخ رويسو يستحوذ عليه أبناء الميلية و في مقدورهم تشغيلك في غسل الأحشاء أو السلخ فأنت لا تتطلب تعلم حرفة أو تكون عبء على أحد ، أغلبهم من بني محبوب و لا اعتقد أنهم يتخلون عنك ، أما المبروك فقد سافر إلى الخارج لإتمام دراسته هناك ، وقد قال والده سيدرس القانون ليصبح وزيرا ، و لا أعتقده يفكر فيها إذا عاد و انخرط في السياسة ، سينسى الميلية وأهلها و جبالها ، سينسانا جميعا بما في ذلك زغودة و غبة ، ثم حمل كيس ملابسه و اتجه صوب حديقة بور سعيد و أكمل مساره عبر شارع زيغود يوسف المطل على الميناء ، و بين الحين و الحين تصادفه العابرات في الإتجاه المعاكس لمساره فيذبل عينيه نحو الفراغ ، بعدها شارع العقيد عميروش و حسيبة و لما تجاوز معبر ساحة أول ماي ، انهار على المقعد الاسمنتي من شدة العياء ، و بجانبه مقعد آخر يشغله شابان ملامحهما توحي له أنهما من الشرق ، و ربما من الميلية ، فقد انتابه الشك في لكنة لهجتهما المتميزة باختصار نطق اللام نونا ، وهي عادة من عادات اولاد عيدون و بالخصوص النفادرية و اولاد علي بالتحديد ،
.../...
يتبع
شقيف الشقفاوي
زْغُودة (الحلقة 02)
سافر يحي إلى العاصمة مع المرحوم عمي الشينوة طاكسيور أزيار، الذي تركه في المحطة للمجهول ، فقد سبق له و أن غادر تالة لفدور مرة واحدة حين سافر إلى قسنطينة لإجراء الفحص الطبي للخدمة الوطنية ، و منذ ذلك اليوم لم يبرح وادي النفادرية ، و لم يغب عن قطيع المعز للحظة من تلك اللحظات التي عاشها حالما بلقاء زغودة ، تلفت صوب الميناء و لم يكن يعتقد أن الدنيا تتسع لهذا الكم الهائل من البشر و السيارات ، و هذه البنايات العملاقة المتراصة بانتظام ، تساءل في نفسه هل هي جزء من الحلم الذي طالم راوده ،
ثم قال : لا اعتقد أن غبة حين نصحني بالسفر إلى العاصمة كان ينوي إبعادي كي يخلو له المكان للإستلاء عليها ، ثم هو ساذج و جبان ولن تخطر على باله الفكرة ، فقد قال لي مسلخ رويسو يستحوذ عليه أبناء الميلية و في مقدورهم تشغيلك في غسل الأحشاء أو السلخ فأنت لا تتطلب تعلم حرفة أو تكون عبء على أحد ، أغلبهم من بني محبوب و لا اعتقد أنهم يتخلون عنك ، أما المبروك فقد سافر إلى الخارج لإتمام دراسته هناك ، وقد قال والده سيدرس القانون ليصبح وزيرا ، و لا أعتقده يفكر فيها إذا عاد و انخرط في السياسة ، سينسى الميلية وأهلها و جبالها ، سينسانا جميعا بما في ذلك زغودة و غبة ، ثم حمل كيس ملابسه و اتجه صوب حديقة بور سعيد و أكمل مساره عبر شارع زيغود يوسف المطل على الميناء ، و بين الحين و الحين تصادفه العابرات في الإتجاه المعاكس لمساره فيذبل عينيه نحو الفراغ ، بعدها شارع العقيد عميروش و حسيبة و لما تجاوز معبر ساحة أول ماي ، انهار على المقعد الاسمنتي من شدة العياء ، و بجانبه مقعد آخر يشغله شابان ملامحهما توحي له أنهما من الشرق ، و ربما من الميلية ، فقد انتابه الشك في لكنة لهجتهما المتميزة باختصار نطق اللام نونا ، وهي عادة من عادات اولاد عيدون و بالخصوص النفادرية و اولاد علي بالتحديد ،
.../...
يتبع
شقيف الشقفاوي